مهرجان «السجادة الحمراء» السينمائي... هكذا يدوس أبناء غزة على آلامهم ويعلنون الفرح

حفل افتتاح الموسم الخامس عُقد أمام سينما «عامر» المهجورة

فرد السجادة الحمراء الخاصة بالمهرجان (الشرق الأوسط)
فرد السجادة الحمراء الخاصة بالمهرجان (الشرق الأوسط)
TT

مهرجان «السجادة الحمراء» السينمائي... هكذا يدوس أبناء غزة على آلامهم ويعلنون الفرح

فرد السجادة الحمراء الخاصة بالمهرجان (الشرق الأوسط)
فرد السجادة الحمراء الخاصة بالمهرجان (الشرق الأوسط)

مع حلول ساعات ليل الأربعاء الماضي، بدأ مئات من المواطنين الذين يسكنون مناطق قطاع غزة، بالتوافد إلى مبنى «سينما السامر» المهجور منذ أكثر من 25 سنة، وسط مدينة غزة، للمشاركة في افتتاح فعاليات مهرجان «السجادة الحمراء» السينمائي في موسمه الخامس.
دقائقٌ مضت ترقب فيها الجميع بشغفٍ لحظات البدء بفرد «السجادة الحمراء» على أرض الشارع المقابل للسينما التي اجتهد المنظمون كثيراً خلال الأيام السابقة للافتتاح، في ترميمها لتكون جاهزة لاستقبال المواطنين، لكنّ الظروف حالت دون إتمام ذلك، فاضطروا لعقد حفل الانطلاق في الهواء الطّلق على أبواب «السينما».
«السجادة الحمراء التي اعتاد الناس على متابعة سير كبار الفنانين والنجوم عليها في افتتاح أكبر مهرجانات الأفلام العالمية والعربية، كسرت اليوم نمطيتها في غزة، حين سار عليها الناس البسطاء المتعطشون للفرح والحياة»، يقول رمزي الأسطل (34 سنة) لـ«الشرق الأوسط»، وقد قدم من مدينة خانيونس جنوب القطاع، للمشاركة في الفعاليات السينمائية.
وفي الافتتاح الذي تزيّن باليافطات الحمراء والإضاءة اللافتة، عُرض فيلم «غزة» الوثائقي المُرشح لنيل جائزة أوسكار العالمية، ويعالج مضمونه الحياة اليومية لأهالي القطاع المحاصر، ويتناول السُّبُل التي يسلكونها لنيل الرزق، كما أنّه يسلّط الضوء على جانبي الأمل والفرح الذين يظهران في كلّ التفاصيل رغم قسوة الحياة وضنك العيش.
وحمل المهرجان الذي يخصّص القائمون عليه مساحة كبيرة للحديث عن حقوق الإنسان وأوضاعها في فلسطين بشكلٍ عام، اسم «أنا إنسان»؛ وذلك كون جميع الأفلام التي تعرض هذا الموسم تتناول تفاصيل الحياة وما يحيط بها، وتربط بينها وبين الأشخاص بطريقة درامية ووثائقية فنية عالية.
وسيعرض خلال الأيام السينمائية التي يبلغ عددها سبعة، (45 فيلماً) من إنتاج صحافيين ومخرجين عالميين، وستتنوع أماكن العرض بين المؤسسات التعليمية ومراكز المجتمع المدني والجمعيات التنموية الواقعة في المناطق المهمشة كذلك، وستشمل تلك العروض أفلام تحمل أسماء: «هم، وتشبيك نقاط، والغربية، وأمبيانس، وبركي اليوم، وديبلو، ومن أجل سما، ومرآة الملائكة، والحليب، وزيارة، والمدفأة، وغيرها الكثير».
وسط حفل افتتاح المهرجان جلست الشابّة هيام الجيار (25 سنة)، إلى جانب مجموعة من صديقاتها اللواتي أممن أرض الافتتاح، تتحدث لـ«الشرق الأوسط»: «مثل هكذا فعاليات، هي بوابة الأمل والفرح لنا، ورسائلها المحملة بالحب والحياة يجب أن تصل لكلّ العالم»، مضيفة: «طوال حياتي كنت أمر من جانب سينما عامر، وأتألم من داخلي على حالها، كلّما تأمّلت الغبار الذي أكل جدرانها».
وتذكر أنّ إقامة المهرجان إلى جانب السينما المهجورة، شكّل بصمة خاصّة، وقد يكون بوابة مستقبلية للمرور نحو إنشاء سينمات ودور عرض في قطاع غزة، لافتة إلى أنّها تحلم بأن تكون متمكنة دائماً من زيارة السينما، كونها تعشق الأفلام المنتجة بجودة عالية وتحمل أفكار ذات قيمة.
وفي السياق ذاته، قال الناطق باسم المهرجان سعود أبو رمضان، إن «الفعاليات السينمائية تُنظم للسنة الخامسة على التوالي، بشكلٍ جديد وطابع مختلف، يحمل دلالات ورسائل مليئة بالحياة والحرية»، مشيراً إلى أنّ مليوني إنسان ملّوا من الحصار والفقر والبطالة في غزة، وهم يطمحون لحياة أفضل، ويتطلعون لكلّ جديد في عالم الفن والثقافة، كما أنّهم يحرصون على إنجاح كلّ نشاط من خلال المشاركة الفاعلة والحضور.
وخلال فترة التجهيز، استقبلت لجنة المهرجان أكثر من 300 فيلم مرشح للعرض، واختارت اللجنة 45 فيلما، بعضها من إنتاج أوروبي وأخرى من إنتاجٍ عربي، وفقاً لحديث أبو رمضان، الذي نبّه إلى أنّ اختيار مكان الافتتاح جاء بعد تفكيرٍ طويل خاضته الإدارة التي اجتهدت كثيراً لترتيب أدق التفاصيل، ونسّقت مع الجهات الرسمية لإعادة ترميم السينما المهجورة في غزة، لجعلها جاهزة لاستقبال الزوار، «لكنّ الظروف كانت أقوى منهم». ويزيد: «لمسنا خلال السنوات الماضية تجاوباً من الناس مع أنشطة المهرجان بطريقة حفزتنا جداً للحفاظ على دوريته ونوعيته، من خلال انتقاء أفلام العرض بعناية شديدة وضمن معايير محدّدة من قبل لجان مختصة، لأنّنا نعتبر أنّ الشعب الفلسطيني بطبعه ذوّاق للفن ويستطيع التمييز بين ما هو جيد وما هو عكس ذلك».
على جانبٍ آخر داخل المهرجان، كانت الفتاة فرح الريس (17 سنة)، وعلى ألحان الأغاني الوطنية التي سبق عرضها في افتتاح المهرجان، تحكي لـ«الشرق الأوسط»: «حضرت المهرجان خلال العامين الماضين، لكنّي أشعر بأنّ هذه المرة مختلفة، ففكرة إحياء السينما في قطاع غزة غريبة علينا، وظلت لسنوات طويلة خارج آمالنا وطموحاتنا».
وتبيّن أنّها جاءت اليوم متشوقة لمشاهدة العرض الأول لفيلم «غزة»، كونها طالعت تفاصيل ترشحه للأوسكار عبر مواقع التواصل الاجتماعي خلال الفترة الماضية، منوهة إلى أنّ غزة تعيش معاناة من نوعٍ مختلف، والفيلم يسلّط الضوء عليها، لذلك هو مهم، «ويستحق الفوز وأن يكون في المراتب الأولى في أي مكانٍ يأتي ذكر الأعمال الوثائقية والسينمائية فيه».
والجدير ذكره أنّ المهرجان عُقد في سنته الأولى عام 2015، على أنقاض حي الشجاعية شرق مدينة غزة، الذي دمرته إسرائيل خلال عدوانها عام 2014، وفي الموسم التالي عُقدت الفعاليات داخل قاعة رشاد الشوا وسط المدينة، وفي الثالث افتتحت الأيام السينمائية على أرض ميناء غزة، وأمّا الموسم المنصرم فعُقد المهرجان داخل قاعة الهلال الأحمر.


مقالات ذات صلة

انطلاق «بيروت للأفلام الفنية» تحت عنوان «أوقفوا الحرب»

يوميات الشرق انطلاق مهرجان بيروت للأفلام الفنية (المهرجان)

انطلاق «بيروت للأفلام الفنية» تحت عنوان «أوقفوا الحرب»

تقع أهمية النسخة الـ10 من المهرجان بتعزيزها لدور الصورة الفوتوغرافية ويحمل افتتاحه إشارة واضحة لها.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق المخرج المصري بسام مرتضى يرفع بجوائز فيلمه «أبو زعبل 89» (إدارة المهرجان)

«القاهرة السينمائي» يوزّع جوائزه: رومانيا وروسيا والبرازيل تحصد «الأهرامات الثلاثة»

أثار الغياب المفاجئ لمدير المهرجان الناقد عصام زكريا عن حضور الحفل تساؤلات، لا سيما في ظلّ حضوره جميع فعاليات المهرجان.

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق عمرو سعد يتحدث عن مشواره الفني (إدارة المهرجان)

عمرو سعد: أعود للشاشة بفيلم «الغربان»... وأحل ضيفاً على «الست»

قال الفنان المصري عمرو سعد إن غيابه عن السينما في السنوات الأخيرة جاء لحرصه على تقديم أعمال قوية بإمكانات مادية وفنية مناسبة.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق مشهد من الفيلم السعودي «ثقوب» (القاهرة السينمائي)

المخرج السعودي عبد المحسن الضبعان: تُرعبني فكرة «العنف المكبوت»

تدور الأحداث حول «راكان» الذي خرج إلى العالم بعد فترة قضاها في السجن على خلفية تورّطه في قضية مرتبطة بالتطرُّف الديني، ليحاول بدء حياة جديدة.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق حفل ختام مهرجان شرم الشيخ المسرحي شهد غياب مشاهير الفن (شرم الشيخ المسرحي)

«شرم الشيخ المسرحي» يُختتم بعيداً عن «صخب المشاهير»

اختتم مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي فعاليات دورته التاسعة، مساء الأربعاء، بعيداً عن صخب المشاهير.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
TT

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)

في السنوات الأخيرة، أثّر الذكاء الصناعي على المجتمع البشري، وأتاح إمكانية أتمتة كثير من المهام الشاقة التي كانت ذات يوم مجالاً حصرياً للبشر، ومع كل ظهور لمهام وظيفية مبدعةً، تأتي أنظمة الذكاء الصناعي لتزيحها وتختصر بذلك المال والعمال.
وسيؤدي عصر الذكاء الصناعي إلى تغيير كبير في الطريقة التي نعمل بها والمهن التي نمارسها. وحسب الباحث في تقنية المعلومات، المهندس خالد أبو إبراهيم، فإنه من المتوقع أن تتأثر 5 مهن بشكل كبير في المستقبل القريب.

سارة أول روبوت سعودي يتحدث باللهجة العامية

ومن أكثر المهن، التي كانت وما زالت تخضع لأنظمة الذكاء الصناعي لتوفير الجهد والمال، مهن العمالة اليدوية. وحسب أبو إبراهيم، فإنه في الفترة المقبلة ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير آلات وروبوتات قادرة على تنفيذ مهام مثل البناء والتنظيف بدلاً من العمالة اليدوية.
ولفت أبو إبراهيم إلى أن مهنة المحاسبة والمالية ستتأثر أيضاً، فالمهن التي تتطلب الحسابات والتحليل المالي ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير برامج حاسوبية قادرة على إجراء التحليل المالي وإعداد التقارير المالية بدلاً من البشر، وكذلك في مجال القانون، فقد تتأثر المهن التي تتطلب العمل القانوني بشكل كبير في المستقبل.
إذ قد تتمكن التقنيات الحديثة من إجراء البحوث القانونية وتحليل الوثائق القانونية بشكل أكثر فاعلية من البشر.
ولم تنجُ مهنة الصحافة والإعلام من تأثير تطور الذكاء الصناعي. فحسب أبو إبراهيم، قد تتمكن التقنيات الحديثة من إنتاج الأخبار والمعلومات بشكل أكثر فاعلية وسرعة من البشر، كذلك التسويق والإعلان، الذي من المتوقع له أن يتأثر بشكل كبير في المستقبل. وقد تتمكن أيضاً من تحديد احتياجات المستهلكين ورغباتهم وتوجيه الإعلانات إليهم بشكل أكثر فاعلية من البشر.
وأوضح أبو إبراهيم أنه على الرغم من تأثر المهن بشكل كبير في العصر الحالي، فإنه قد يكون من الممكن تطوير مهارات جديدة وتكنولوجيات جديدة، تمكن البشر من العمل بشكل أكثر فاعلية وكفاءة في مهن أخرى.

الروبوت السعودية سارة

وفي الفترة الأخيرة، تغير عالم الإعلان مع ظهور التقنيات الجديدة، وبرز الإعلان الآلي بديلاً عملياً لنموذج تأييد المشاهير التقليدي الذي سيطر لفترة طويلة على المشهد الإعلاني. ومن المرجح أن يستمر هذا الاتجاه مع تقدم تكنولوجيا الروبوتات، ما يلغي بشكل فعال الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير.
وأتاحت تقنية الروبوتات للمعلنين إنشاء عروض واقعية لعلاماتهم التجارية ومنتجاتهم. ويمكن برمجة هذه الإعلانات الآلية باستخدام خوارزميات معقدة لاستهداف جماهير معينة، ما يتيح للمعلنين تقديم رسائل مخصصة للغاية إلى السوق المستهدفة.
علاوة على ذلك، تلغي تقنية الروبوتات الحاجة إلى موافقات المشاهير باهظة الثمن، وعندما تصبح الروبوتات أكثر واقعية وكفاءة، سيجري التخلص تدريجياً من الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير، وقد يؤدي ذلك إلى حملات إعلانية أكثر كفاءة وفاعلية، ما يسمح للشركات بالاستثمار بشكل أكبر في الرسائل الإبداعية والمحتوى.
يقول أبو إبراهيم: «يقدم الذكاء الصناعي اليوم إعلانات مستهدفة وفعالة بشكل كبير، إذ يمكنه تحليل بيانات المستخدمين وتحديد احتياجاتهم ورغباتهم بشكل أفضل. وكلما ازداد تحليل الذكاء الصناعي للبيانات، كلما ازدادت دقة الإعلانات وفاعليتها».
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الصناعي تحليل سجلات المتصفحين على الإنترنت لتحديد الإعلانات المناسبة وعرضها لهم. ويمكن أن يعمل أيضاً على تحليل النصوص والصور والفيديوهات لتحديد الإعلانات المناسبة للمستخدمين.
ويمكن أن تكون شركات التسويق والإعلان وأصحاب العلامات التجارية هم أبطال الإعلانات التي يقدمها الذكاء الصناعي، بحيث يستخدمون تقنياته لتحليل البيانات والعثور على العملاء المناسبين وعرض الإعلانات المناسبة لهم. كما يمكن للشركات المتخصصة في تطوير البرمجيات والتقنيات المرتبطة به أن تلعب دوراً مهماً في تطوير الإعلانات التي يقدمها.