أميركا «ترد» على استهداف قاعدتها في العراق بقصف «مجمع إيراني» في شرق سوريا

مصادر إسرائيلية تشير إلى قصف البوكمال بثلاثة صواريخ الثلاثاء الماضي

TT

أميركا «ترد» على استهداف قاعدتها في العراق بقصف «مجمع إيراني» في شرق سوريا

أفادت مصادر استخباراتية إسرائيلية بأن أميركا استهدفت «مجمعاً إيرانياً» في البوكمال شرق سوريا، رداً على قاعدة «عين الأسد» الأميركية غرب العراق بخمسة صواريخ في 3 الشهر الجاري.
وقال موقع «دبكا» أمس: «تراجعت القوات الأميركية بصورة مباشرة بعدما أطلقت الميليشيات العراقية خمسة صواريخ على قاعدة عين الأسد الجوية الكبيرة في غرب العراق. ويوم الثلاثاء الماضي، شنت المقاتلات الأميركية الغارات على قاعدتهم في المجمع العسكري الإيراني الخاص بألوية القدس بالقرب من البوكمال على الحدود السورية – العراقية، وتمكنت من تدمير 3 منصات لإطلاق الصواريخ».
وعبر هذه العملية، بعثت واشنطن برسالة إلى طهران مفادها أن موقف عدم الرد على العدوان الإيراني، الذي صعد إلى مستوى واشتمل على صاروخ كروز الإيراني وهجمات طائرات مسيرة في المنطقة «قد ولى وانتهى. ومن الآن فصاعداً، سترد الولايات المتحدة بكل قوة على كل هجوم تشنه القوات الإيرانية أو الميليشيات الموالية لإيران على الأهداف الأميركية أو أهداف حلفاء الولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط»، حسب الموقع. وأضاف: «للمرة الأولى، تشن مقاتلات أميركية غارات على واحدة من منشآت ألوية القدس العسكرية في سوريا، التي كانت غير مستهدفة إلا من جانب القوات الجوية الإسرائيلية حتى وقت قريب».
في غضون ذلك، عملت إيران على تعزيز مواقعها وتواجدها العسكري داخل سوريا. وأفادت مصادر بأن طهران «نشرت نظام الدفاع الجوي المتطور طراز «بافار - 373»، في قاعدة «تي 4» الجوية الكبيرة في شرق حمص وسط سوريا، حيث يعمل هذا النظام بمدى يبلغ 250 كيلومتراً، في حين يوجه الرادار الملحق الأوامر بالقصف على نصف قطر يبلغ 350 كيلومتراً. وتغطي مظلة الدفاع الجوي الإيرانية الجديدة سماء الشرق السوري بأكملها حاليا، بما في ذلك الحدود المشتركة مع العراق، ومحافظة دير الزور، وقواعد ألوية القدس، والميليشيات العراقية الموالية لإيران المتمركزة هناك.
وتقول مصادر دبلوماسية غربية، سحب الموقع، إن نظام الدفاع الجوي المتطور طراز «بافار - 373» بأنه نظام هجين جرى تطويره من واقع منظومة الدفاع الجوي الروسية المتطورة طراز «إس - 300» و«إس - 400». والنظام الإيراني قادر على كشف واعتراض صواريخ كروز، والطائرات الشبح المتقدمة مثل «إف - 35» و«إف - 22» الأميركيتين اللتين تخدمان لدى القوات الجوية الأميركية والإسرائيلية.
وأشارت المصادر العسكرية المطلعة أنه نظراً لأن قاعدة «تي 4» الجوية ذات أهمية حيوية بالنسبة للمقاتلات والمروحيات الروسية العاملة في سوريا كان لزاماً على طهران الحصول على تصريح من القيادة الروسية أولا قبل تحديد مواقع انتشار بطاريات ورادارات نظام الدفاع الجوي الإيراني «بافار – 373» هناك. وليست هناك تأكيدات متاحة من قبل موسكو بشأن هذه التطورات».
إلى ذلك، أفاد موقع «ستاتفور» بأنه رغم الانقسام السياسي في إسرائيل «لا تزال الاستراتيجية الإسرائيلية المعادية لإيران على منوالها المعهود من دون تغيير أو تعديل. فلم يواصل جيش الدفاع الإسرائيلي شن الهجمات على المواقع الإيرانية في سوريا خلال العام الماضي فحسب، وإنما توسع رقعة الهجمات لتشمل أراضي العراق في الوقت الذي تتجدد فيه الإجراءات بشأن لبنان». وكانت القرارات الخاصة بتكثيف الجهود والعمل في العراق ولبنان، على وجه التحديد «اتخذت خلال الصيف الماضي، عندما كانت هناك حكومة انتقالية لتصريف الأعمال في إسرائيل من دون وزير مستقل للدفاع، مما يؤكد على مقدرة جيش الدفاع الإسرائيلي على مواصلة إرهاق طهران برغم الفوضى السياسية في داخل إسرائيل».
وتابع: «من شأن الحكومة الإسرائيلية المقبلة، وإن كانت تتسم بقدر لا بأس به من الضعف السياسي، أن تحظى بالتفويض القوي اللازم لتوجيه الضربات ضد إيران وحلفائها في المنطقة كلما ارتأى ساستها مناسبة الظروف لذلك، حيث أبدى الناخبون الإسرائيليون مراراً وتكراراً استعدادهم على استيعاب أي رد فعل ديناميكي يتصل بتنفيذ هذه الاستراتيجية المتشددة إزاء إيران من دون معاقبة الحكومة التي تسيّر دفة الأمور في إسرائيل».
وأشار إلى أن الداخل الإسرائيلي «يؤيد وعلى نطاق كبير، استراتيجية العقوبات الاقتصادية الأميركية ضد إيران، فضلاً عن خيار توجيه الضربات العسكرية الأميركية ضدها في حالة اقترابها من تأمين الحصول على السلاح النووي. ومع التراجع المستمر للالتزامات الإيرانية فيما يتعلق بخطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي الإيراني)، لا تزال هناك فرصة كبيرة أمام إسرائيل لأن تتحرك على مسار توجيه هذه الضربة بنفسها».
ومن شأن وتيرة تطوير الأسلحة النووية في إيران «أن تحدد شكل وحدود التصرفات الإسرائيلية اللاحقة في عام 2020 المقبل»، حسب المركز. وأضاف: «أعربت واشنطن عن اعتراض واضح وصريح لتصعيد درجات التوتر مع إيران حتى مستوى شن العمل العسكري المباشر. وهذا بدوره يترك للحكومة الإسرائيلية المقبلة حرية اتخاذ القرار بشأن متى ستظل مكتوفة الأيدي أثناء مواصلة إيران التطوير التدريجي لأنشطتها وبرنامجها النووي. وسيراقب زعماء إسرائيل عن كثب ما تتمخض عنه الانتخابات الرئاسية الأميركية المقبلة في نوفمبر (تشرين الثاني)».



غارات في الحديدة مع نهاية الأسبوع الأول من حملة ترمب ضد الحوثيين

دخان يتصاعد جراء ضربات أميركية استهدفت الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
دخان يتصاعد جراء ضربات أميركية استهدفت الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

غارات في الحديدة مع نهاية الأسبوع الأول من حملة ترمب ضد الحوثيين

دخان يتصاعد جراء ضربات أميركية استهدفت الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
دخان يتصاعد جراء ضربات أميركية استهدفت الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

فيما حذّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني من خطورة تنامي الدعم الإيراني للجماعة الحوثية، مع تدفق موالين لطهران إلى صنعاء، واصل الجيش الأميركي، الجمعة، حملته التي أمر بها ترمب ضد الجماعة مستهدفاً في ختام الأسبوع الأول من الحملة مواقع في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر.

ومع توعد الجيش الأميركي باستمرار الحملة دون سقف زمني، لم تتحدث الجماعة الحوثية عن طبيعة الأهداف المقصوفة بـ6 غارات في منطقة الفازة التابعة لمديرية التحيتا، إلا أن تكهنات تشير إلى استهداف مخابئ للصواريخ والمسيّرات ومراكز للقيادة.

وجاءت الضربات غداة غارات كانت استهدفت، مساء الخميس، منطقة الكثيب في مدينة الحديدة، وأخرى ضربت موقعاً في مديرية زبيد في المحافظة نفسها، إلى جانب غارات استهدفت مديرية الصفراء في محافظة صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويوم الخميس، كانت الجماعة قد تبنّت إطلاق صاروخين باليستيين باتجاه إسرائيل، وأعلنت الأخيرة اعتراضهما دون أضرار، وذلك بعد صاروخ ثالث كانت الجماعة أطلقته الثلاثاء الماضي، منذ عودتها للتصعيد عقب عودة العمليات الإسرائيلية في غزة، وتعثر تنفيذ المرحلة الثانية من اتفاق الهدنة.

وكان الرئيس الأميركي دونالد ترمب أمر جيش بلاده بشنّ حملة ضد الحوثيين وتوعدهم بـ«القوة المميتة»، قبل أن يعزز تلك التصريحات بالتهديد بـ«القضاء عليهم تماماً»، في سياق سعي إدارته لتأمين الملاحة في البحر الأحمر وخليج عدن.

وخلال أول يوم من الضربات التي استهدفت صنعاء، و6 محافظات أخرى، السبت الماضي، أقرّت الجماعة الحوثية باستقبال أكثر من 40 غارة، وادّعت سقوط العشرات من المدنيين بين قتيل وجريح، في حين قال مسؤولون أميركيون إن الضربات شملت قادة أساسيين في الجماعة المدعومة من إيران.

تصعيد مستمر

رداً على الحملة الأميركية وانهيار وقف النار بين إسرائيل وحركة «حماس»، توعد زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي بالتصعيد إلى «أعلى المستويات» باتجاه إسرائيل، وزعمت جماعته أنها هاجمت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» والقطع الحربية المرافقة لها 5 مرات خلال أسبوع بالصواريخ والمسيرات، دون أن يعلن الجيش الأميركي عن أي آثار لهذه الهجمات.

ومع استئناف الجماعة الحوثية هجماتها باتجاه إسرائيل، على الرغم من عدم فاعليتها على مستوى التأثير القتالي، يتخوف اليمنيون من عودة تل أبيب إلى ضرباتها الانتقامية ضد المنشآت الحيوية الخاضعة للجماعة، كما حدث خلال 5 موجات سابقة ابتداء من يونيو (حزيران) الماضي.

صواريخ ومسيرات وهمية يعرضها الحوثيون في أحد شوارع صنعاء (إ.ب.أ)

ويزعم الحوثيون أن تصعيدهم البحري والإقليمي هو من أجْل مناصرة الفلسطينيين في غزة، إذ تبنوا منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 حتى هدنة غزة بين إسرائيل وحركة «حماس» مهاجمة 211 سفينة.

وأطلقت الجماعة خلال 14 شهراً نحو 200 صاروخ وطائرة مُسيَّرة باتجاه إسرائيل، دون أن تكون لها نتائج عسكرية مؤثرة، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

وشنّت إسرائيل 5 موجات من ضرباتها الجوية، ابتداء من 20 يونيو الماضي رداً على الهجمات الحوثية، مستهدفة بنية تحتية، بما فيها ميناءا الحديدة ورأس عيسى على البحر الأحمر، وخزانات للوقود ومطار صنعاء، وكان آخر هذه الغارات في 10 يناير (كانون الثاني) الماضي.

وأدّت هجمات الحوثيين البحرية إلى غرق سفينتين، وقرصنة السفينة «غالاكسي ليدر»، ومقتل 4 بحارة، في حين استقبلوا نحو ألف غارة أميركية وبريطانية منذ 12 يناير 2024 حتى سريان الهدنة في غزة، دون أن يؤدي ذلك إلى وقف هجماتهم التي تقول واشنطن إنها مدعومة من إيران.

تحذير يمني

على وقع هذه التطورات، حذّر معمر الإرياني، وهو وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية، مما وصفه بـ«تصعيد إيراني خطير» على خلفية وصول قيادات من «الحشد الشعبي» العراقي، و«حزب الله» اللبناني، وخبراء إيرانيين إلى العاصمة المختطفة صنعاء، تحت غطاء «المؤتمر الثالث لفلسطين» بهدف تعزيز التنسيق بين قيادات ما يسمى «محور المقاومة».

وقال الإرياني إن هذا التصعيد «يكشف بوضوح نوايا إيران في تصعيد الأوضاع في اليمن، وتحويل الأراضي اليمنية إلى منصة لتصفية الحسابات الإقليمية وتهديد المصالح الدولية، في تحدٍّ سافر للقرارات الدولية، واستمرار لمشروعها التخريبي في المنطقة والعالم»، وفق تعبيره.

مقاتلة أميركية تنطلق من على متن الحاملة «هاري ترومان» لضرب الحوثيين (رويترز)

واتهم الوزير اليمني إيران بأنها تدفع بمزيد من الأسلحة والخبراء العسكريين إلى صنعاء، مستفيدة من مطار صنعاء والمنافذ البحرية التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية لتغذية الحرب.

وجدّد الوزير التحذير من تنامي الدعم المباشر من إيران والميليشيات التابعة لها لتعزيز العمليات العسكرية للحوثيين، وتحويل اليمن إلى ساحة صراع إقليمية وخط إمداد جديد لما يُعرف بـ«محور المقاومة».

وأضاف الإرياني، في تصريح رسمي، الجمعة، القول إن «التوسع العسكري الإيراني في اليمن لا يهدد أمن البلد فحسب، بل يشكل خطراً مباشراً على أمن المنطقة والملاحة الدولية، فالحوثيون ليسوا سوى أداة إيرانية لضرب استقرار المنطقة وفرض أجندة طهران في البحر الأحمر وباب المندب».

ودعا الوزير اليمني إلى اتخاذ إجراءات صارمة لمنع تحول اليمن إلى نقطة ارتكاز عسكرية لإيران وحلفائها، وذلك عبر منع سفر قادة الحوثيين وحظر دخول عناصر «الحشد الشعبي» والخبراء الإيرانيين واللبنانيين إلى بلاده، وتشديد الرقابة على الرحلات الجوية والمنافذ البحرية، وفرض رقابة دولية على مطار صنعاء، لمنع استغلاله كمعبر عسكري بدلاً من منفذ إنساني.