«Immigrant food» يتحدى ويفتح أبوابه قرب البيت الأبيض

شيف فنزويلي وأكلات تمزج آيرلندا ولبنان والسويد في طبق واحد

مطعم عالمي يعتمد على مطابخ عدة يشتهر بها المهاجرون في الولايات المتحدة
مطعم عالمي يعتمد على مطابخ عدة يشتهر بها المهاجرون في الولايات المتحدة
TT

«Immigrant food» يتحدى ويفتح أبوابه قرب البيت الأبيض

مطعم عالمي يعتمد على مطابخ عدة يشتهر بها المهاجرون في الولايات المتحدة
مطعم عالمي يعتمد على مطابخ عدة يشتهر بها المهاجرون في الولايات المتحدة

افتتح الشيف الفنزويلي أينريكي ليماردو، الذي يعتبر من بين أشهر الطهاة في واشنطن، مطعمه الجديد على مقربة من البيت الأبيض، واختار اسم «أكل المهاجر» أو Immigrant Food، وهذا الاسم قد يستفز الرئيس ترمب المعروف بموقفه المعادي للمهاجرين في الولايات المتحدة.
وأراد الشيف من خلال هذا المطعم أن ينشر ثقافة طعام المهاجرين ومطابخهم المتنوعة، فابتكر لائحة طعام على طريقة الدمج أو Fusion، وهذا التعبير في عالم الطعام يعني خلط أكثر من مطبخ في طبق واحد، مع المحافظة على أصول النكهات لكل مطبخ على حدة.
واختار الطاهي ثقافات عدة لكي تنصهر في أطباقه التي تقدم على شكل طاسات، من بينها السويدية، الصينية، البيروفية، السلفادورية، والآيرلندية، واللبنانية.
وربما لم يكن يوم الافتتاح يوماً مناسباً لزيارة المطعم؛ لأنه صادف يوم نظر المحكمة العليا في قانونية دستور قانون «داكا» (تأخير إجراءات أطفال دخلوا الولايات المتحدة). هذا قانون أصدره الرئيس السابق باراك أوباما لصالح قرابة مليون شخص كانوا دخلوا الولايات المتحدة بصورة غير شرعية عندما كانت أعمارهم أقل من 16 عاماً، ويريد الرئيس دونالد ترمب إلغاء القانون. ورغم أنه قال إنه يستبعد إبعاد كل هذا العدد، يريد أن تثبت المحكمة العليا أن قانون أوباما لم يكن دستورياً. وغرد في «تويتر»: «بعد ذلك يمكنني أن أتفق مع الديمقراطيين على حل وسط».
أول ما يقدم الطهاة للزائر، بعد أن يجلس وسط الزحام، قائمتي طعام، في الأولى: أنواع مختلفة من أطعمة من حول العالم. في كل صحن، يختلط طعام من دولتين (أو أكثر).
في الأخرى: قائمة الخدمات التي يساهم فيها المطعم؛ بهدف خدمة المهاجرين واللاجئين. ويطلب من الزبون ملء بيانات «وتقديم تبرعات» عن مواضيع، مثل: الدفاع عن المهاجرين في محاكم الهجرة. التحضير لاختبار التجنس. اللغة الإنجليزية كلغة ثانية، والتدريب على كيفية التعامل مع مقابلات الهجرة والجمارك الأميركية.
القائمة الأولى فيها أطعمة «متشاركة»:
- «فاصوليا بيكين»: فاصوليا من بيرو، مطبوخة وكأنها «سشوان» من الصين.
- «فيات فايبز» (احاسيس فيتنام، والبحر الكاريبي): دجاج مشوي على الطريقة الجمايكية (جيرك تشيكين)، ثم يوضع في شوربة فيتنامية (فو).
- «كولمبيا رود»: يجمع بين دجاج «وات» (أو «زغني») من إثيوبيا، لكن، بدلاً عن الدجاج، قطعة لحم بقري «ستيك» مطبوخة على طريقة السلفادور.
- «بيوند بيروت» (ما وراء بيروت): يجمع بين سلطة «فتوش» اللبنانية وخضراوات من المغرب، بالإضافة إلى شطة «الهريسة» المغربية.
- «من استوكهولم إلى دبلن»: مستوحاة من أكلات مفضلة في آيرلندا والدول الاسكندنافية. ويطبخ «سويدش ميتبولز» (كرات اللحم السويدية) بالبيرة الآيرلندية «غينيس».
مع وجود عدد كبير من الزبائن الذين اشتركوا في المظاهرة أمام المحكمة العليا، ومناقشات سياسية بأصوات عالية، رحب بهم الرجال الثلاثة الذين أسسوا المشروع. وقال واحد منهم، بيتر شيشتر: «هذا المشروع لا يتعلق بالرئيس ترمب. لكنه واحد من ردود فعل سياساته وتصريحاته المتطرفة عن الأجانب والمهاجرين». وقال أينريكي ليماردو، أحد المؤسسين: «في البداية، قلت إن هذا سيكون مستحيلاً. أقصد دمج كل هذه الأطعمة من حول العالم في قائمة واحدة فقط. يشبه هذا وجود 20 مطعماً داخل مطعم واحد».
ومثل زميله شيشتر، تحاشى ليماردو الربط بين المطعم وترمب. وقال: «إذا أراد شخص أن يأتي ويأكل فقط، هذا جيد. لكننا نعتقد أن الناس يستيقظون في الصباح ويقرأون عناوين الصحف حول الهجرة ويقولون (هذا أمر فظيع). لكنهم لا يعرفون ماذا يفعلون حيال ذلك. لهذا؛ نحن نريد إشراكهم، وأن نقول لهم إن هناك أشياء يمكنهم القيام بها. هؤلاء يقدرون على أن يأتوا إلى هنا ليملأوا بطونهم، ولينشطوا عقولهم».
انتقل الشيف ليماردو (44 عاماً) إلى الولايات المتحدة قبل خمس سنوات فقط من فنزويلا. وقال إن التطورات هناك جعلت من المستحيل أن «يعيش الإنسان حياة حرة ومريحة». وكان يملك مطاعم في كراكاس، عاصمة فنزويلا.
أما شريكه إيزيغيال غير (32 عاماً)، فهو من الأرجنتين. وكان شارك ليماردو في مطعم في إحدى ضواحي واشنطن قبل أن يشتركا في هذا المطعم. وكان تخرج في الجامعة الكاثوليكية في بيونس آيرس.
أما ثالثهما، شيشتير (60 عاماً) فهو أكبرهم، وأكثرهم تجارب. يتكلم ست لغات. ولد في إيطاليا لأبوين مهاجرين هناك، ثم هاجروا إلى الولايات المتحدة. هكذا، أصوله إيطالية (حيث ولد)، وألمانية (حيث ولدت والدته)، ونمساوية (حيث ولد والده).
قال: «مطعمنا موزايك عالمي، ليس فقط ليتذوق الناس مختلف الأطعمة، لكن، أيضاً، ليفكروا، وينشطوا ويساهموا في بناء وتطور المجتمع».


مقالات ذات صلة

يوميات الشرق التفوُّق هو الأثر أيضاً (أ.ف.ب)

الشيف دانييل هوم... أرقى الأطباق قد تكون حليفة في حماية كوكبنا

دانييل هوم أكثر من مجرّد كونه واحداً من أكثر الطهاة الموهوبين في العالم، فهو أيضاً من المدافعين المتحمّسين عن التغذية المستدامة، وراهن بمسيرته على معتقداته.

«الشرق الأوسط» (باريس)
صحتك المستهلك يمكنه تجنب فقدان العناصر الغذائية والنكهة عن طريق اختيار لحوم البقر والدجاج المجمدة (رويترز)

6 أطعمة من الأفضل تناولها مجمدة وغير طازجة

خبيرة التغذية البريطانية ريانون لامبرت، كشفت هذا الأسبوع عن أن وجهة نظرنا السلبية تجاه الأطعمة المجمدة قد تحرمنا عناصر غذائية قيّمة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك العناصر الغذائية الدقيقة تؤدي أدواراً بالغة الأهمية في وظائف الخلايا والمناعة (رويترز)

7 عناصر غذائية أساسية لا نتناول ما يكفي منها

أكثر من 5 مليارات شخص لا يستهلكون ما يكفي من اليود أو فيتامين «E» أو الكالسيوم... وأكثر من 4 مليارات شخص لا يتناولون كمية كافية من الحديد والريبوفلافين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق سمكة السمّ القاتل (أ.ف.ب)

طفلة يابانية تصبح أصغر المؤهَّلين لإعداد سمكة سامّة تُهدِّد بالموت

أصبحت يابانية، تبلغ العاشرة، أصغر شخص يحصل على تصريح لإعداد سمكة «فوغو» المنتفخة؛ وهي من الأطعمة الشهية التي قد تقتل الإنسان إذا لم تُزَل أجزاؤها السامّة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«الحواوشي» يتكيّف مع الغلاء في مصر

الحواوشي حافظ على جودته وصموده بسعر مناسب لسنوات طويلة (حواوشي الرفاعي)
الحواوشي حافظ على جودته وصموده بسعر مناسب لسنوات طويلة (حواوشي الرفاعي)
TT

«الحواوشي» يتكيّف مع الغلاء في مصر

الحواوشي حافظ على جودته وصموده بسعر مناسب لسنوات طويلة (حواوشي الرفاعي)
الحواوشي حافظ على جودته وصموده بسعر مناسب لسنوات طويلة (حواوشي الرفاعي)

«لحمة وعليها خلطة خاصة»؛ جملة سينمائية وردت على لسان بطل فيلم «خلي الدماغ صاحي»، الفنان المصري مصطفى شعبان، مُحدثاً بها مرافقه «العفريت»، شارحاً له مكونات ساندويتش الحواوشي.

وكما تروي أحداث الفيلم، فبعدما راق الساندويتش لـ«العفريت»، حاول أن يعده بنفسه، ورغم اجتهاده فإنه لم يتمكن من إتقانه، لأنه برأيه ثمة «تكة» ناقصة، و«التكة» هي «التكنيك» الخاص في لغة المصريين الدارجة.

الحواوشي حافظ على جودته وصموده بسعر مناسب لسنوات طويلة (حواوشي الرفاعي)

ولا تزال تلك «التكة» هي الرهان الذي يحجز بها ساندويتش الحواوشي موقعه المميز بين المأكولات الشعبية المصرية، ورغم أنه مكون في الأساس من اللحم، مرتفع الثمن، فإن ذلك لم يمنع هذا الرغيف من الحضور على مائدة الفقير والغني، غير متأثر بزيادات الأسعار، فإذا كان في جيبك 10 جنيهات فقط (الدولار يساوي 48.45 جنيه مصري بالبنوك) ويمكنك شراؤه والتهامه سريعاً.

أينما حللت في مصر يصادفك رغيف الحواوشي، فمع التجول في الحارات والمناطق الشعبية تتسلل الروائح الشهية من أفران طهيه، أو تتطاير أدخنة شوائه فوق الفحم المشتعل، فيميزه عشاقه، ويجدونه بتلك الجنيهات البسيطة، بينما يزيد ثمنه جنيهاً وراء آخر كلما اتجهوا ناحية المناطق الراقية والمطاعم الفاخرة التي تتخصص في طهيه، حيث يتخطى ثمنه 200 جنيه.

ساندويتش الحواوشي له مكانة خاصة في مصر (حواوشي الرفاعي)

بين هذه المنطقة وتلك، ما عليك إلا أن تغمض عينيك، وأن تلتهمه لمزيد من الاستمتاع بنكهته، من دون التفكير بسعر كيلوغرام اللحم الذي يصل إلى 450 جنيهاً، فكيف يحافظ رغيف الحواوشي على صموده، وكيف تختلف مكوناته بحسب سعره والمكان الذي يقدمه؟

في سوق المنيرة الشعبية بوسط القاهرة، وداخل مطعم «الأمير»، المتخصص في بيع الحواوشي والفطائر، يقول نور الدين أنور، أحد العاملين: «نبيع الرغيف بـ10 جنيهات فقط، ونعتمد على اللحوم المستوردة، التي تكون أرخص من نظيرتها المصرية، فنجلبها من أحد المصانع، ونخلطها مع البصل والفلفل الأخضر، وتكون بكمية أكبر من اللحم بالطبع، حتى تعطي كمية حشو تناسب حجم الرغيف».

«مع ارتفاع سعر اللحوم، وكذلك البصل مؤخراً، أصبحت الدهون مكوناً أساسياً حالياً في خلطة الرغيف، التي تكاد تصل إلى نصف كمية الخلطة»، بحسب ما يضيف أنور لـ«الشرق الأوسط»، مشيراً إلى اللجوء لتقليل حجم الرغيف كثيراً للمحافظة على الثمن بما يناسب الزبائن.

يقطع حديثنا مع العامل أحد الزبائن، الذي جاء لشراء رغيفين من الحواوشي، والذي تداخل في الحديث، مُبيناً أنه زبون دائم التردد على المطعم منذ 3 سنوات لشراء الحواوشي، الذي وصفه بـ«أحلى رغيف بسعر خفيف»، لافتاً إلى أن «الرغيف قبل سنوات كان يباع بـ5 جنيهات»، مؤكداً أن المطعم يحافظ على جودة الساندويتش رغم غلاء اللحوم.

مطاعم الحواوشي تخلق توازناً بين المذاق والثمن (الشيف خالد عبد الفتاح)

في أحياء أخرى من القاهرة، تلمع مطاعم بعينها في تقديم الحواوشي، بعد أن صنعت لنفسها علامة مميزة في صناعة الرغيف الشعبي، من أبرزها مطعم «الرفاعي»، الذي يعد أشهر مطاعم الحواوشي في مصر منذ تأسيسه عام 1969، حيث تنتشر فروعه في أنحاء القاهرة.

«سر المذاق يكمن في الخلطة» وفق محمد يسري، مدير التسويق بالمطعم، مبيناً لـ«الشرق الأوسط»، أن «حفاظ حواوشي (الرفاعي) على جودته وصموده بسعر مناسب لسنوات طويلة يعود إلى عدة أسباب. أبرزها المهنية في إعداد الخلطة داخل الرغيف، وضبط نسب التوابل فيها، لأن الغرام الواحد يغّير في الطعم».

وأضاف: «المسألة ليس كما يتصور البعض وضع كمية من اللحم في رغيف الخبز، وانتهاء الأمر على ذلك، فهذه التوابل هي التي تميز مطعماً عن آخر، وهو ما يتحقق لدينا بأيدي شيفات متخصصين، قادرين على إعداد كميات كبيرة بنفس المذاق الثابت».

كما يوضح أن «الجودة تتحقق أيضاً من خلال فرم اللحم المستخدم مرتين، وليس مرة واحدة، ليصبح ناعماً، مع التوازن بين المكونات الأخرى من بصل وفلفل وطماطم دون زيادة مكون عن آخر، مثلما يفعل كثير من المطاعم الأخرى، بهدف تقليل ثمن الحواوشي على حساب الجودة».

ويلفت «يسري» إلى أن «رغيف الحواوشي يعد من أرخص الوجبات، فالرغيف التقليدي يباع داخل المطعم بـ65 جنيهاً، ويتدرج السعر حسب الإضافات والابتكارات فيه، ليبلغ أعلاها 115 جنيهاً، وبالتالي هي أسعار تناسب الفئات الاجتماعية كافة، رغم أن اللحم هو المكون الرئيسي للرغيف».

ساندوتش الحواوشي حافظ على وجوده غير متأثر بزيادات الأسعار (حواوشي الرفاعي)

ما بين خلطتي المطعمين، المغمور والمشهور، يوضح الشيف خالد عبد الفتاح، عضو جمعية الطهاة المصريين، أن أصحاب مطاعم الحواوشي يشغلهم دائماً التوازن بين مذاق الساندويتش وسعره، لذلك يزيدون خلطة الحشو للحفاظ على هذه المعادلة، بزيادة الخضراوات والتوابل والشطة بشكل كبير، مع التقليل من كمية اللحم، الذي يكون مستورداً في الغالب لكونه رخيصاً نسبياً.

ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «تلجأ بعض المطاعم أو مفارم اللحوم إلى إضافة بدائل اللحوم، مثل فول الصويا أو البقسماط المطحون إلى اللحم المفروم لزيادة كميته، وحشو عدد كبير من الأرغفة، مع إضافة كمية من الدهون حتى يكتسب الساندويتش المذاق المطلوب».

وأمام الظروف الاقتصادية التي يعاني منها كثيرون، وارتفاع سعر اللحوم، يلفت الشيف خالد إلى أنه وجد حلاً مبتكراً لساندويتش الحواوشي التقليدي، حيث قام باستخدام «الباذنجان» بدلاً من اللحوم في الخلطة، مع إضافة بعض البهارات وقليل من دهن الضأن، ومع اختبار الساندويتش المبتكر، وفق قوله، نال رضا من تذوقه، بل لم يلحظ غياب اللحوم عنه، مبيناً أنه اختار الباذنجان تحديداً لفوائده الصحية المتعددة، ولأنه مرغوب من غالبية الزبائن.