عشرات الإصابات بالرصاص في «مسيرات العودة» المتجددة بقطاع غزة

الاحتلال يعتقل طاقم التلفزيون الفلسطيني

جانب من احتجاجات الفلسطينيين في غزة أمس (أ.ف.ب)
جانب من احتجاجات الفلسطينيين في غزة أمس (أ.ف.ب)
TT

عشرات الإصابات بالرصاص في «مسيرات العودة» المتجددة بقطاع غزة

جانب من احتجاجات الفلسطينيين في غزة أمس (أ.ف.ب)
جانب من احتجاجات الفلسطينيين في غزة أمس (أ.ف.ب)

مع عودة مسيرات العودة الفلسطينية إلى الحدود بين قطاع غزة وإسرائيل، بعد انقطاع دام ثلاثة أسابيع، وقيام الجيش الإسرائيلي بنشر قواته في الطرف الآخر، تجددت الاشتباكات. وفي حين قام الشبان بإلقاء الحجارة من بعيد، ردت قوات إسرائيل بإطلاق قنابل مسيلة للدموع ثم استخدمت الرصاص، فأصابت 38 مواطنا بجراح، بينهم فتاة ومسعف متطوع، إضافة لعشرات حالات الاختناق بالغاز المسيل للدموع.
وقد شارك بضعة آلاف قليلة من الفلسطينيين في مسيرة الأسبوع الـ83، أمس، لغرض كسر الحصار على قطاع غزة، التي بدأت في 30 من مارس (آذار) 2018، كمسيرات سلمية. وحسب تقارير فلسطينية، فإن هذا القمع، حصد حتى الآن أرواح 336 مواطناً بالرصاص، بينهم 15 شهيداً احتجزت جثامينهم ولم يسجلوا في كشوفات وزارة الصحة الفلسطينية، فيما بلغ عدد الجرحى، 31 ألفاً، بينهم 500 في حالة الخطر الشديد.
وفي الضفة الغربية أيضا وقعت إصابات بقمع جنود الاحتلال الإسرائيلي، في كل من بيت أمر وكفر قدوم. ففي بيت أمر، شمالي مدينة الخليل، أصيب الشاب نور محمد نايف الصليبي (18 عاما) بجروح بالرصاص في أسفل الصدر. وفي كفر قدوم، قرب قلقيلية، أصيب عشرات المواطنين بينهم أطفال ونساء بالاختناق خلال قمع جيش الاحتلال للمسيرة الأسبوعية المناهضة للاستيطان والمطالبة بفتح شارع القرية المغلق منذ 16 عاما والرافضة والمنددة بقرارات الإدارة الأميركية المتعلقة بشرعنة الاستيطان.
وأفادت مصادر محلية بأن أعدادا كبيرة من جنود الاحتلال هاجموا المشاركين في المسيرة بإطلاق الرصاص الحي بكثافة وقنابل الغاز. وأكدت المصادر أن مواجهات عنيفة اندلعت في القرية بعد اقتحامها من قبل جنود الاحتلال تصدى خلالها الشبان لهم بالحجارة رغم تمركزهم فوق جبل مطل على منازل المواطنين. وانطلقت المسيرة بمشاركة المئات من أبناء البلدة الذين رددوا الشعارات الوطنية المطالبة بتصعيد المقاومة الشعبية ضد جيش الاحتلال والمستوطنين في كل مكان. وفي مدينة القدس الشرقية المحتلة، جددت قوات الاحتلال حربها ضد التلفزيون الفلسطيني الرسمي، فداهمت عناصر من مخابراتها مكان تصوير برنامج «صباح الخير يا قدس»، في حي جبل الزيتون-الطور، المُطل على القدس القديمة، واعتقلت مقدمة البرنامج دانا أبو شمسية، والمصور أمير عبد ربه، والضيف الأسير المحرر محمد العباسي، واستولت على معدات التصوير وأجهزة البث. كما اعتقلت قوات الاحتلال مراسلة التلفزيون في القدس، كريستين ريناوي، والمصور علي ياسين، أثناء وجودهم بالقرب من باب العامود، خلال عملهما الصحافي، واقتادتهم جميعا إلى مركز توقيف «المسكوبية».
وقد أفرجت سلطات الاحتلال الإسرائيلي عن الطاقم بعد ساعات من الاحتجاز والتحقيق، وسلمتهم خلال الاعتقال، إخطارا بعدم العمل مع تلفزيون فلسطين، أو التواصل مع بعضهم البعض لمدة 15 يوما، وأمر استدعاء الأسبوع المقبل.
وكانت سلطات الاحتلال قد حظرت في 20 من الشهر الماضي أنشطة التلفزيون في القدس، بأمر من وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي، جلعاد اردان. وجاء في قرار عممه اردان، يومها، أنه يغلق مكتب التلفزيون الرسمي بمدينة القدس، ومنع العمل فيه لمدة 6 أشهر، بحجة «تنفيذ أنشطة للسلطة أو نيابة عنها أو تحت رعايتها في نطاق دولة إسرائيل من دون تصريح حسب القانون»، بحسب القرار الذي وزعته شرطة الاحتلال.
وذكر تقرير إخباري أن الجيش الإسرائيلي، إلى جانب جهاز الأمن الداخلي (الشاباك) والشرطة الحدودية وقوات الشرطة الإسرائيلية، قام باعتقال ثمانية فلسطينيين مطلوبين في الضفة الغربية مساء أول من أمس. وذكرت صحيفة «جيروزاليم بوست» الصادرة أمس الجمعة أن «اعتقال هؤلاء المطلوبين يرجع لتورطهم في أنشطة إرهابية وإرهاب مدني ومظاهرات عنيفة ضد المدنيين وقوات الأمن».
يشار إلى أن قوات إسرائيلية تقوم بصورة شبه يومية باقتحام مناطق الضفة الغربية للقبض على فلسطينيين بزعم أنهم مطلوبون لأجهزة الأمن أو للاشتباه في ضلوعهم في ممارسة أعمال شغب.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».