مراهقو «جمعة المستقبل» يقودون مسيرة مدريد

تعهدوا بالعودة إلى الشوارع للضغط على الحكومات لتحقيق سياسات مناخية وطموحة

أربعة أعضاء من حركة «الجمعة من أجل المستقبل» في مدريد قبل المظاهرة الحاشدة التي تحدث فيها الممثل الأسباني خافيير بارديم (إ.ب.أ)
أربعة أعضاء من حركة «الجمعة من أجل المستقبل» في مدريد قبل المظاهرة الحاشدة التي تحدث فيها الممثل الأسباني خافيير بارديم (إ.ب.أ)
TT

مراهقو «جمعة المستقبل» يقودون مسيرة مدريد

أربعة أعضاء من حركة «الجمعة من أجل المستقبل» في مدريد قبل المظاهرة الحاشدة التي تحدث فيها الممثل الأسباني خافيير بارديم (إ.ب.أ)
أربعة أعضاء من حركة «الجمعة من أجل المستقبل» في مدريد قبل المظاهرة الحاشدة التي تحدث فيها الممثل الأسباني خافيير بارديم (إ.ب.أ)

تظاهر الآلاف، أمس الجمعة، في مدريد، إلى جانب الناشطة السويدية الشابة غريتا تونبرغ، للضغط على الدول الموقعة على اتفاق باريس للمناخ للتحرك إزاء التغير المناخي. بعد المسيرة، ينظم الناشطون البيئيون قمة اجتماعية تنطلق اليوم السبت وتستمر حتى 13 ديسمبر (كانون الأول)، وهو اليوم الأخير من مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي.
وعقدت تونبرغ مؤتمراً صحافياً إلى جانب أربعة أعضاء من حركة «الجمعة من أجل المستقبل» وحركة «شباب من أجل المناخ»، وانضمّت بعدها إلى المظاهرة الحاشدة التي انطلقت وسط العاصمة الإسبانية، التي تحدث فيها الممثل الإسباني المعروف خافيير بارديم.
ومن المقرر أيضاً إجراء مسيرة أخرى بالتزامن في سانتياغو في تشيلي، حيث كان من المفترض أن يعقد المؤتمر السنوي حول المناخ للأمم المتحدة قبل أن تمتنع تشيلي عن عقده على خلفية الحراك الاجتماعي غير المسبوق الذي تشهده، فاستضافته إسبانيا.
وقالت استيفانيا غونزاليس الناشطة التشيلية والمتحدثة باسم التجمع المدني من أجل التحرك المناخي، إن «الخطابات لم تعد تكفي، يجب القيام بخطوات ملموسة». ويضم التجمع المدني من أجل التحرك المناخي 150 منظمة تشيلية ودولية. وأضافت: «الأزمة الاجتماعية التي نواجهها على الكوكب مرتبطة بشكل خفي بالأزمة المناخية»، فيما يشهد بلدها تشيلي منذ أكتوبر (تشرين الأول) حركة احتجاجية أدت إلى مقتل 23 شخصاً. ويتم هذا التحرك تحت شعار «العالم استفاق للأزمة المناخية الطارئة»، وانطلقت المسيرة في مدريد من أمام محطة مترو أتوشا. وأعلن بابلو شامورو المتحدث باسم منظمي المظاهرة في مؤتمر صحافي، كما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية، «نعلم أنها (المظاهرة) ستكون حاشدة، نأمل نزول مئات الآلاف إلى الشوارع للمطالبة بتدابير طارئة». وأضاف: «عام 2019 كان دون شك عام اليقظة المناخية»، في إشارة إلى المظاهرات الشبابية الحاشدة من أجل المناخ، وصعود حركة العصيان المدني غير العنفية «إكستنكشن ريبيليون».
لم يكن من المقرّر أن تظهر الناشطة تونبرغ في المؤتمر الخامس والعشرين للدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لتغيّر المناخ COP 25)) المنعقدة في مدريد قبل مطلع الأسبوع المقبل، لكنها فاجأت المشاركين في هذه القمة بوصولها إلى مقرّ انعقادها في الحادية عشرة من صباح أمس الجمعة، حيث جالت على أكشاك الوكالات الدولية والمنظمات غير الحكومية محفوفة بعدد كبير من الصحافيين والشباب والفضوليين، لكن من غير أن تدلي بأي تصريحات أو تكشف عن برنامج نشاطها.
وكانت تونبرغ قد وصلت في ساعة مبكرة من صباح أمس إلى العاصمة الإسبانية، بعد رحلة استغرقت 10 ساعات من لشبونة في قطار يعود إلى ثمانينات القرن الماضي، وبعد استراحة قصيرة في الفندق توجّهت إلى مقرّ انعقاد القمّة، حيث التقت مجموعة من الشباب الذين تحلّقوا حولها منشدين بعض الأغاني في حضور كثيف لوسائل الإعلام وتدابير أمنية شديدة. كانت الناشطة السويدية التي أصبحت منذ العام الماضي أيقونة عالمية لمكافحة التغيّر المناخي قد ترجلت من القطار، متأبطة لافتتها الشهيرة التي تحمل عبارة «إضراب مدرسي من أجل المناخ»، بعد أن قرّرت تعليق دراستها لعام كامل أواخر الصيف الماضي، وشقّت طريقها بين أعداد كبيرة من مؤيدي حملتها، واستقلّت سيّارة تاكسي كهربائية مع مرافقيها. ووصلت تونبرغ إلى مدريد بعد رحلة «غير ملوِّثة» استمرّت 36 يوماً في البحر والسيّارة والقطار قطعت خلالها 10 آلاف كيلومتر من لوس أنجليس، عندما بلغها أن القمّة ستنعقد في مدريد بعد أن اعتذرت تشيلي.
اللافت في ظاهرة تونبرغ أنها، خلافاً للمشاهير من نجوم السينما والغناء الذين يدافعون عن قضايا إنسانية وبيئية، إلى جانب التأييد الذي تستقطبه في أوساط عديدة، خصوصاً بين الشباب، تثير قدراً كبيراً من الانتقاد والتشهير اتخذّ أشكالاً منظمة عبر وسائل عدة في الفترة الأخيرة. وقد بلغت هذه الانتقادات التي تتعرّض لها تونبرغ حدّاً دفع بالفريق المحيط بها إلى تخصيص «خط ساخن» للردّ على ما يوجَّه إليها من تهم، وينسَب إليها من أخبار غير صحيحة أو معلومات مزيّفة ومغرضة.
وفي نهاية التسجيل الذي يرافق الاتصال بالخط الساخن، يُسمَع ما يلي «بإمكانك الاتصال بنا متى شئت، نحن مستعدّون دائماً للإصغاء إليك مهما كنت تافهاً، لأننا نفهمك، فالأطفال الذين يتصرّفون كالبالغين يمكن أن يدفعوا بعض البالغين إلى التصرّف كأطفال، ولأننا نعرف أنه عندما يتعلّق الأمر بتغيّر المناخ، غريتا هي المشكلة».
ويتساءل أخصّائيون عن الأسباب التي تدفع إلى مثل هذه المواقف ضد فتاة في السادسة عشرة من عمرها، تعاني من صدمة التوحّد الإلزامي التي أصابتها إثر مشاهدتها شريطاً وثائقياً حول المناخ، وقررت أن تحتجّ كل يوم جمعة في المدينة التي تعيش فيها، إلى أن استدعاها المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس لتدقّ ناقوس الخطر حول مخاطر التغيّر المناخي.
ويقول الخبراء إن ما يدفع إلى الاستهزاء بهذه الطفلة، وانتقادها بقسوة على وسائل التواصل الاجتماعي، هي حالتها النفسيّة التي تجعلها تعبّر عن غضبها وسخطها بكل صراحة، ولأن هذه الحالة التي سببتها لها مشاهدة الشريط الوثائقي عن المناخ حرمها من النمو بشكل طبيعي، كما تقول والدتها في الكتاب الذي وضعته بعنوان «النيران في منزلنا». ويؤكد أخصائيون أن ما يزعج كثيرين عند هذه الطفلة هو أن أسرتها تواكب نشاطها وتدعمها في قضيتها، وتدافع عنها باستمرار، لأنها تختلف عن الذين لا يريدون أن يختلفوا عن بعضهم، ولأنها لا تمثّل مصلحة ماديّة معيّنة في وجه الذين يقاربون مشكلة التغيّر المناخي انطلاقاً من مصالح خاصة.
يجتمع موقعو اتفاق باريس للمناخ الهادف للحد من زيادة درجة حرارة الأرض عند درجتين أو 1.5 درجة مئوية، منذ الاثنين في مدريد. وتحت ضغط من كل الجهات، يسعى الموقعون إلى تحديد أهداف طموحة للحد من انبعاثات الغازات الدفيئة. وارتفعت درجة حرارة الأرض منذ حقبة ما بعد الثورة الصناعية، درجة مئوية واحدة، ما زاد أصلاً من حدة الكوارث الطبيعية، ولذلك فقد تكون نتائج هذه القمة المناخية المنعقدة تحت شعار «حان وقت التصرف» مخيبة للآمال.
وفي بيان، أوصلت المنظمات المشاركة في المسيرة رسالة واضحة، قالت فيها: «سنعود إلى الشوارع... لنطالب بإجراءات حقيقية وطموحة من المسؤولين السياسيين في العالم أجمع المجتمعين في مؤتمر المناخ»، ولدفعهم إلى الاعتراف بأن «قصور الطموح في اتفاقاتهم سيوصل الأرض إلى سيناريو كارثي من التغير المناخي». وتقول الناشطة باولا روبيو من مدريد، البالغة من العمر 23 عاماً، «إذا جذبنا الانتباه، سيشارك المزيد من الأشخاص. وفي نهاية المطاف، سيرغم السياسيون على التصرف». وتعمل الناشطة، منذ أسبوعين، في بناء مجسم حوت أزرق بطول سبعة أمتار لعرضه خلال المسيرة.


مقالات ذات صلة

صفقات تجاوزت 12 مليار دولار في مؤتمر «كوب 16»

الاقتصاد جانب من المؤتمر الصحافي الختامي لمؤتمر «كوب 16» بالرياض (الشرق الأوسط)

صفقات تجاوزت 12 مليار دولار في مؤتمر «كوب 16»

يترقب المجتمع البيئي الإعلان عن أهم القرارات الدولية والمبادرات والالتزامات المنبثقة من مؤتمر الأطراف السادس عشر لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (كوب 16).

عبير حمدي (الرياض)
الاقتصاد مقر انعقاد مؤتمر «أطراف الاتفاقية الدولية لمكافحة التصحر (كوب 16)» في الرياض (الشرق الأوسط)

السعودية... قمة «الكوكب الواحد» تحدد مسارات تعزز قرارات الاستثمار المناخي

حددت القمة السنوية السابعة لرؤساء «مجموعة العمل الدولية لصناديق الثروة السيادية (الكوكب الواحد)»، المقامة في الرياض اليوم الثلاثاء، مسارات عمل رئيسية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد انطلق اليوم الأول من «كوب 16» بالرياض بحضور لافت ومميز من صناع السياسات ورواد الأعمال (كوب)

الاتحاد الأوروبي: التصحر وتدهور الأراضي والجفاف تحديات عالمية تتطلب تحركاً عاجلاً

أوضح الاتحاد الأوروبي أن التصحر وتدهور الأراضي والجفاف تُمثل تحديات عالمية تتطلب تحركاً عاجلاً ورفع مستوى الحلول العملية، لمواجهة تلك الظواهر التي تؤدي إلى…

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد المهندس عبد الرحمن الفضلي خلال كلمته الافتتاحية في «كوب 16» بالرياض (الشرق الأوسط) play-circle 00:41

السعودية تطلق «شراكة الرياض العالمية» بـ150 مليون دولار للتصدي للجفاف

أعلنت السعودية إطلاق «شراكة الرياض العالمية للتصدي للجفاف» بتخصيص 150 مليون دولار على مدى السنوات العشر المقبلة لدعم هذه الجهود.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
صحتك ينصح الخبراء بأن حتى المشي السريع يعمل على تعزيز الدورة الدموية ودعم الطاقة بشكل أفضل خلال الشتاء (أرشيفية - أ.ف.ب)

5 نصائح لتجنب الشعور بالتعب والإرهاق وسط برودة الطقس

ينصح خبراء التغذية بنصائح عدة لزيادة النشاط وتجنب التعب في الشتاء.

«الشرق الأوسط» (لندن)

لندن وطوكيو وروما تطلق مشروعها لبناء طائرة قتالية جديدة

تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)
تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)
TT

لندن وطوكيو وروما تطلق مشروعها لبناء طائرة قتالية جديدة

تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)
تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)

اتفقت المملكة المتحدة وإيطاليا واليابان، اليوم الجمعة، على إنشاء شركة مشتركة لبناء طائرتها المقاتِلة الأسرع من الصوت، والمتوقع أن تجهز في عام 2035، في إطار برنامج يحمل اسم القتال الجوي العالمي «GCAP».

وأعلنت الشركات المصنّعة الثلاث المسؤولة عن تطوير الطائرة المقاتِلة، الجمعة، في بيان، أنها وقّعت على اتفاقية إنشاء الشركة التي تملك كلٌّ منها ثُلثها. والشركات هي: «بي إيه إي سيستمز (BAE Systems)» البريطانية، و«ليوناردو (Leonardo)» الإيطالية، و«جايك (JAIEC)» اليابانية، التي أنشأتها، على وجه الخصوص، شركة ميتسوبيشي للصناعات الثقيلة.

وأنشئت الشركة المشتركة، التي ستبدأ أنشطتها منتصف عام 2025، في إطار برنامج القتال الجوي العالمي الذي أُعلن في عام 2022 بالشراكة بين لندن وروما وطوكيو. وستحلّ الطائرة الضخمة ذات الذيل المزدوج على شكل حرف V محل طائرات «إف-2» (F-2) اليابانية ومقاتِلات يوروفايتر الإيطالية والبريطانية. ومن المتوقع أن يمتد عمرها الافتراضي إلى ما بعد عام 2070، وفقاً للبيان.

وفي حال احترام الجدول الزمني، الذي وضعه القائمون على المشروع، فإنها ستدخل الخدمة قبل خمس سنوات على الأقل من الطائرة التي يبنيها مشروع نظام القتال الجوي المستقبلي «SCAF» الذي تُنفذه فرنسا وألمانيا وإسبانيا.