«أوبك+» تتفق على خفض إنتاج نصف مليون برميل إضافي

يبدأ مطلع 2020... وإعادة تقييم للموقف في مارس

الأمير عبد العزيز بن سلمان وزير الطاقة السعودي ونظيره الروسي ألكسندر نوفاك في اجتماع أوبك في فيينا (رويترز)
الأمير عبد العزيز بن سلمان وزير الطاقة السعودي ونظيره الروسي ألكسندر نوفاك في اجتماع أوبك في فيينا (رويترز)
TT

«أوبك+» تتفق على خفض إنتاج نصف مليون برميل إضافي

الأمير عبد العزيز بن سلمان وزير الطاقة السعودي ونظيره الروسي ألكسندر نوفاك في اجتماع أوبك في فيينا (رويترز)
الأمير عبد العزيز بن سلمان وزير الطاقة السعودي ونظيره الروسي ألكسندر نوفاك في اجتماع أوبك في فيينا (رويترز)

قادت السعودية وروسيا اتفاقا الجمعة تلتزم بموجبه أوبك وحلفاؤها، في التحالف المعروف باسم «أوبك+»، ببعض من أكبر تخفيضات إنتاج النفط في العقد الحالي، سعيا إلى تفادي فائض في المعروض ودعم الأسعار.
واتفقت المجموعة التي تضم أكثر من 20 منتجا على تخفيضات إضافية بواقع 500 ألف برميل يوميا في الربع الأول من 2020، وهو ما يرفع مجمل التخفيضات إلى 1.7 مليون برميل يوميا، أو ما يعادل 1.7 في المائة من الطلب العالمي.
وصعدت عقود برنت اثنين في المائة إلى أكثر من 64 دولارا للبرميل، بعد أن قال وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان إن التخفيضات الفعلية قد تصل إلى 2.1 مليون برميل يوميا، إذ إن السعودية ستواصل خفضا يفوق حصتها.
وتضخ أوبك ومنتجون متحالفون معها، في إطار المجموعة التي يطلق عليها أوبك+، ما يزيد على 40 في المائة من النفط العالمي. وقال مصدر لـ«رويترز» إنه بموجب الاتفاق الجديد، ستتحمل أوبك 372 ألف برميل يوميا من التخفيضات الجديدة ويتحمل منتجون من خارج المنظمة 131 ألف برميل يوميا إضافية.
وقال جار روس، مؤسس «بلاك غولد إنفستورز»: «أفضل نتيجة كان يمكنك توقعها. تضع أرضية تحت الأسعار عند 60 دولارا لبرنت؛ لكننا لا نزال على الأرجح في نطاق 60 - 65 دولارا لبرنت حتى يتحسن الاقتصاد العالمي، ومن ثم يمكن أن نرى برنت بين 65 و70 دولارا في الربع الثاني».
وستزيد «أوبك+» التخفيضات في الشهور الثلاثة الأولى من 2020، وهي فترة أقصر من تصورين، أحدهما ستة أشهر والآخر 12 شهرا، كان يطمح إليهما بعض منتجي أوبك.
وتعوض التخفيضات زيادة متوقعة من دول ليست ضمن أوبك+، بما في ذلك المنتج الكبير الولايات المتحدة. وتشارك 11 من الدول الأعضاء في أوبك البالغ عددها 14 في تخفيضات الإنتاج، بينما إيران وليبيا وفنزويلا معفاة.
وتضم أوبك+ روسيا وتسع دول أخرى، هي أذربيجان والبحرين وبروناي وكازاخستان وماليزيا والمكسيك وسلطنة عمان وجنوب السودان والسودان.
وإحدى نقاط الخلاف هي الامتثال، إذ تخفض السعودية الإنتاج بأكثر من المطلوب بهدف تعويض زيادة في الإنتاج من العراق ونيجيريا. وقال الأمير عبد العزيز بن سلمان إن السعودية ستواصل خفض 400 ألف برميل يوميا دون المستوى المحدد لها وإن سقفها الجديد سيكون 9.744 مليون برميل يوميا.
وقال وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك إن السقف الجديد لإنتاج روسيا هو 10.398 مليون برميل يوميا من دون المكثفات، وإن حصتها في التخفيضات تبقى من دون تغيير عند 228 ألف برميل يوميا.
وفي مواجهة انكماش النمو العالمي ووفرة المخزون النفطي وهشاشة الأسعار، قررت أوبك وشركاؤها قبل عام الحد من إنتاجها النفطي بمقدار 1.2 مليون برميل في اليوم عن مستوى أكتوبر (تشرين الأول) 2018، وفق اتفاق تنتهي مدته في مارس (آذار) 2020.
وكان خيار تمديد الاتفاق بشأن تخفيض الإنتاج مرجحاً مع تدارس الوزراء، بحسب عدة مصادر، زيادة الخفض في الإنتاج بنحو 500 ألف برميل في اليوم في الربع الأول من عام 2020، على أن يعاد تقييم هذه النسبة في مارس بحسب الوزير الروسي.
وأبدت السعودية استياءها إزاء عدم التزام عدد من الدول المنتجة ببنود الاتفاق مثل العراق ونيجيريا اللتين يتخطى إنتاجهما الحصتين المحددتين لهما. كما أن روسيا، ثالث منتج للنفط في العالم، تتخطى باستمرار سقفها.
وقال رئيس إدارة في وزارة الطاقة الروسية للصحافيين الجمعة إنه من المتوقع أن يتجاوز إنتاج روسيا من مكثفات الغاز أكثر من 34 مليون طن. وتشارك روسيا في اتفاق إمدادات النفط العالمي، لكنها ترغب في استثناء إنتاج مكثفات الغاز من إحصاءاتها الكلية الخاصة بالسوائل حين يتعلق الأمر بحصة موسكو بموجب الاتفاق.
وقال وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك الخميس إن أوبك اتفقت على السماح لكامل مجموعة أوبك+ الأوسع نطاقا باستثناء المكثفات من حسابات إنتاج النفط، مثلما تفعل أوبك بأرقامها الخاصة. والمكثفات هي نوع خفيف عالي القيمة من الخام يتم استخلاصه كمنتج ثانوي خلال إنتاج الغاز.
وتسجل الدول غير الشريكة لأوبك مستويات إنتاج قياسية، إذ تستخرج الولايات المتحدة كميات كبيرة من النفط الصخري، فيما زادت البرازيل وكندا إنتاجهما وتخطط دول أخرى مثل النرويج لزيادته.
وبقيت الأسعار مستقرة نسبيا منذ اجتماع أوبك السابق في يوليو (تموز) الماضي، متراوحة حول 60 دولارا لبرميل نفط برنت المرجعي، باستثناء ارتفاع سجل في سبتمبر (أيلول) إثر هجمات استهدفت منشآت نفطية سعودية وأدت إلى تراجع إنتاج المملكة.
ويهدف تحالف «أوبك +» بين أوبك وشركائها، والذي تأسس قبل ثلاث سنوات، إلى إعطائهم قدرة إضافية للتأثير على الأسواق بمواجهة صعود الإنتاج الأميركي.


مقالات ذات صلة

«أوبك» تخفّض مجدداً توقعاتها لنمو الطلب على النفط في 2024 و2025

الاقتصاد تتوقع «أوبك» أن يرتفع الطلب العالمي على النفط في عام 2024 بمقدار 1.61 مليون برميل يومياً (رويترز)

«أوبك» تخفّض مجدداً توقعاتها لنمو الطلب على النفط في 2024 و2025

خفّضت «أوبك» توقعاتها لنمو الطلب العالمي على النفط في 2024 و2025، يوم الأربعاء، في خامس خفض على التوالي.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
الاقتصاد منظر عام لمصفاة فيليبس 66 كما شوهدت من مدينة روديو بكاليفورنيا أقدم مدينة لتكرير النفط بالغرب الأميركي (رويترز)

النفط يرتفع بفضل توقعات ارتفاع الطلب من الصين في 2025

ارتفعت أسعار النفط قليلاً، في وقت مبكر اليوم الأربعاء، مع توقع المتعاملين بالسوق ارتفاع الطلب بالصين، العام المقبل.

الاقتصاد الأمين العام لمنظمة «أوبك» هيثم الغيص خلال منتدى سانت بطرسبرغ الاقتصادي الدولي في سانت بطرسبرغ (أرشيفية - رويترز)

«أوبك»: تجديد تفويض هيثم الغيص أميناً عاماً للمنظمة لولاية ثانية

قالت منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) إنها جدَّدت ولاية الأمين العام، هيثم الغيص، لمدة 3 سنوات أخرى في اجتماع افتراضي عقدته المنظمة، يوم الثلاثاء.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
الاقتصاد مضخة نفطية في حقل بولاية كاليفورنيا الأميركية (أ.ف.ب)

تراجع طفيف للنفط... والتوتر الجيوسياسي وسياسة الصين يحدان من خسائره

تراجعت أسعار النفط قليلاً يوم الثلاثاء متمسكة بمعظم مكاسبها من الجلسة السابقة. فيما حدّ التوتر الجيوسياسي وسياسة الصين من الخسائر.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)
الاقتصاد الأمين العام لمنظمة «أوبك» هيثم الغيص (أ.ف.ب)

هل يعاد انتخاب الغيص أميناً عاماً لـ«أوبك» غداً؟

من المقرر أن تعيد منظمة البلدان المصدرة للنفط «أوبك» انتخاب الأمين العام الحالي هيثم الغيص لفترة ثانية مدتها ثلاث سنوات.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

هل تؤدي العقوبات وأسعار الفائدة الروسية إلى موجة شاملة من الإفلاسات؟

الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)
الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)
TT

هل تؤدي العقوبات وأسعار الفائدة الروسية إلى موجة شاملة من الإفلاسات؟

الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)
الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)

في ظلّ الضغوط المتزايدة التي فرضتها العقوبات الغربية وارتفاع أسعار الفائدة بشكل مذهل، تتزايد المخاوف في الأوساط الاقتصادية الروسية من احتمال حدوث موجة من الإفلاسات التي قد تهدّد استقرار الكثير من الشركات، لا سيما في ظل استمرار الرئيس فلاديمير بوتين في التمسّك بحربه في أوكرانيا.

وفي كلمته خلال مؤتمر الاستثمار الذي نظمته مجموعة «في تي بي» هذا الشهر، لم يفوّت بوتين الفرصة للتفاخر بما عدّه فشل العقوبات الغربية في إضعاف الاقتصاد الروسي، فقد صرّح قائلاً: «كانت المهمة تهدف إلى توجيه ضربة استراتيجية إلى روسيا، لإضعاف صناعتنا وقطاعنا المالي والخدماتي». وأضاف أن النمو المتوقع للاقتصاد الروسي سيصل إلى نحو 4 في المائة هذا العام، قائلاً إن «هذه الخطط انهارت، ونحن متفوقون على الكثير من الاقتصادات الأوروبية في هذا الجانب»، وفق صحيفة «واشنطن بوست».

وعلى الرغم من التصفيق المهذّب الذي قُوبل به الرئيس الروسي، فإن التوترات بدأت تظهر بين النخبة الاقتصادية الروسية بشأن التأثيرات السلبية المتزايدة للعقوبات على الاقتصاد الوطني. فقد حذّر عدد متزايد من المسؤولين التنفيذيين في الشركات الكبرى من أن رفع البنك المركزي أسعار الفائدة لمكافحة التضخم -الذي تفاقم بسبب العقوبات والنفقات العسكرية لبوتين- قد يهدد استقرار الاقتصاد في العام المقبل. وقد تتسبّب هذه السياسة في تسارع موجات الإفلاس، لا سيما في القطاعات الاستراتيجية الحساسة مثل الصناعة العسكرية، حيث من المتوقع أن يشهد إنتاج الأسلحة الذي يغذّي الحرب في أوكرانيا تباطؤاً ملحوظاً.

حتى الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، أشار في منشور على شبكته الاجتماعية «تروث سوشيال» إلى أن روسيا أصبحت «ضعيفة جزئياً بسبب اقتصادها المتداعي».

تحذيرات من الإفلاس

ومع تزايد توقعات أن «المركزي الروسي» سيضطر إلى رفع الفائدة مرة أخرى هذا الشهر، انضم بعض الأعضاء المعتدلين في الدائرة الداخلية لبوتين إلى الانتقادات غير المسبوقة للسياسات الاقتصادية التي أبقت على سعر الفائدة الرئيس عند 21 في المائة، في وقت يستمر فيه التضخم السنوي في الارتفاع ليصل إلى أكثر من 9 في المائة. وهذا يشير إلى احتمالية حدوث «ركود تضخمي» طويل الأمد أو حتى ركود اقتصادي في العام المقبل. وبالفعل، يتوقع البنك المركزي أن ينخفض النمو الاقتصادي بشكل حاد إلى ما بين 0.5 في المائة و1.5 في المائة في العام المقبل.

كما تسبّبت العقوبات الأميركية الجديدة التي شملت فرض عقوبات على 50 بنكاً روسياً، بما في ذلك «غازبروم بنك»، وهو قناة رئيسة لمدفوعات الطاقة، في زيادة تكاليف المعاملات بين المستوردين والمصدرين الروس. وقد أسهم ذلك في انخفاض قيمة الروبل إلى أدنى مستوى له مقابل الدولار منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في عام 2022. وقد أدى هذا الانخفاض في قيمة الروبل إلى زيادة التضخم، حيث ارتفعت الأسعار بنسبة 0.5 في المائة بين 26 نوفمبر (تشرين الثاني) و2 ديسمبر (كانون الأول)، وفقاً للبيانات الرسمية.

وفي هذا السياق، حذّر رئيس هيئة الرقابة المالية الروسية، نجل أحد أقرب حلفاء بوتين، بوريس كوفالتشوك، من أن رفع أسعار الفائدة «يحد من إمكانات الاستثمار في الأعمال، ويؤدي إلى زيادة الإنفاق في الموازنة الفيدرالية». كما انتقد الرئيس التنفيذي لشركة «روسنفت» الروسية، إيغور سيتشين، البنك المركزي بسبب ارتفاع أسعار الفائدة، مؤكداً أن ذلك أسهم في زيادة تكاليف التمويل للشركات وتأثر أرباحها سلباً.

وفي تصريح أكثر حدّة، حذّر رئيس شركة «روس أوبورون إكسبورت» المتخصصة في صناعة الأسلحة، سيرغي تشيميزوف، من أن استمرار أسعار الفائدة المرتفعة قد يؤدي إلى إفلاس معظم الشركات الروسية، بما في ذلك قطاع الأسلحة، مما قد يضطر روسيا إلى الحد من صادراتها العسكرية.

كما شدّد قطب صناعة الصلب الذي يملك شركة «سيفيرستال»، أليكسي مورداشوف، على أن «من الأفضل للشركات أن تتوقف عن التوسع، بل تقلّص أنشطتها وتضع الأموال في الودائع بدلاً من المخاطرة بالإدارة التجارية في ظل هذه الظروف الصعبة».

وحذّر الاتحاد الروسي لمراكز التسوق من أن أكثر من 200 مركز تسوق في البلاد مهدد بالإفلاس بسبب ارتفاع تكاليف التمويل.

وعلى الرغم من أن بعض المديرين التنفيذيين والخبراء الاقتصاديين يشيرون إلى أن بعض الشركات قد تبالغ في تقدير تأثير أسعار الفائدة المرتفعة، في محاولة للحصول على قروض مدعومة من الدولة، فإن القلق بشأن الوضع الاقتصادي يبدو مشروعاً، خصوصاً أن مستويات الديون على الشركات الروسية أصبحت مرتفعة للغاية.

ومن بين أكثر القطاعات تأثراً كانت صناعة الدفاع الروسية، حيث أفادت المستشارة السابقة للبنك المركزي الروسي، ألكسندرا بروكوبينكو، بأن الكثير من الشركات الدفاعية لم تتمكّن من سداد ديونها، وتواجه صعوبة في تأمين التمويل بسبب ارتفاع تكاليفه. وقالت إن بعض الشركات «تفضّل إيداع الأموال في البنوك بدلاً من الاستثمار في أنشطة تجارية ذات مخاطر عالية».

كما تحدّث الكثير من المقاولين علناً عن الأزمة الاقتصادية المتزايدة في روسيا. ففي أوائل نوفمبر، أشار رئيس مصنع «تشيليابينسك» للحديد والصلب، أندريه جارتونغ، خلال منتدى اقتصادي إلى أن فروعاً رئيسة من الهندسة الميكانيكية قد «تنهار» قريباً.

وفي الثالث من ديسمبر (كانون الأول)، أفادت وكالة «إنترفاكس» الروسية بأن حالات عدم السداد انتشرت في مختلف أنحاء الاقتصاد، حيث تأخرت الشركات الكبرى والمتوسطة بنسبة 19 في المائة من المدفوعات بين يوليو (تموز) وسبتمبر (أيلول)، في حين تأخرت الشركات الصغيرة بنسبة 25 في المائة من المدفوعات في الفترة نفسها.

وحسب وزارة التنمية الاقتصادية الروسية، فقد انخفض الاستثمار في البلاد، وتسببت العقوبات في ارتفاع تدريجي لتكاليف الواردات والمعاملات المالية، مما أدى إلى زيادة التضخم. كما قال مسؤول مالي روسي كبير سابق، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته بسبب حساسية الموضوع: «ما يحدث هو صدمة إمداد نموذجية في البلاد».

صناعة الدفاع مهددة

تأتي هذه التحديات في وقت حساس بالنسبة إلى صناعة الدفاع الروسية. فعلى الرغم من ضخ بوتين مبالغ ضخمة من التمويل الحكومي في هذا القطاع، مع تخصيص 126 مليار دولار في موازنة العام المقبل، فإن معظم الزيادة في الإنتاج كانت ناتجة عن تعزيز القوة العاملة لتشغيل المصانع العسكرية على مدار الساعة وتجديد مخزونات الحقبة السوفياتية. ومع ذلك، ومع استمرار الحرب ودخولها عامها الثالث، وارتفاع خسائر المعدات العسكرية، فإن القوة العاملة في القطاع قد وصلت إلى أقصى طاقتها، وإمدادات الأسلحة السوفياتية تتضاءل بسرعة.

وتقول جانيس كلوغ، من المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية، إن التكاليف المتزايدة والعقوبات المشددة على واردات المعدات تجعل من الصعب على قطاع الدفاع الروسي بناء الأسلحة من الصفر. ووفقاً لتقرير صادر هذا العام عن الباحثَين في المعهد الملكي للخدمات المتحدة بلندن، جاك واتلينغ ونيك رينولدز، فإن 80 في المائة من الدبابات والمركبات القتالية المدرعة التي تستخدمها روسيا في الحرب ليست جديدة، بل جُدّدت من المخزونات القديمة. ويضيف التقرير أن روسيا «ستبدأ في اكتشاف أن المركبات بحاجة إلى تجديد أعمق بحلول عام 2025. وبحلول عام 2026 ستكون قد استنفدت معظم المخزونات المتاحة».

ثقة الكرملين

على الرغم من هذه التحديات يبدو أن الوضع لا يثير قلقاً في الكرملين. وقال أكاديمي روسي له علاقات وثيقة مع كبار الدبلوماسيين في البلاد: «لا يوجد مزاج ذعر». وأضاف أن المسؤولين في الكرملين يعدّون أن «كل شيء يتطور بشكل جيد إلى حد ما». ووفقاً لهذا الرأي، فإن روسيا تواصل تحقيق تقدم عسكري، وفي ظل هذه الظروف، لا يرى الكرملين حاجة إلى تقديم أي تنازلات جادة.

وتزيد الاضطرابات السياسية في العواصم الغربية -بما في ذلك التصويت بحجب الثقة في فرنسا، مع التصويت المرتقب في ألمانيا، بالإضافة إلى اعتقاد الكرملين أن ترمب قد يقلّل من دعمه لأوكرانيا- من الثقة داخل روسيا.

وقد تصدّى بوتين لانتقادات متزايدة بشأن زيادات أسعار الفائدة ورئيسة البنك المركزي، إلفيرا نابيولينا، قائلاً في مؤتمر الاستثمار إن كبح جماح التضخم يظل أولوية بالنسبة إليه. ومع الارتفاع الكبير في أسعار المواد الغذائية الأساسية مثل البطاطس التي ارتفعت بنسبة 80 في المائة هذا العام، يواصل بوتين دعم نابيولينا وزيادات أسعار الفائدة، رغم شكاوى الشركات الكبرى. وقالت كلوغ: «من وجهة نظر بوتين، لا يمكن السماح للتضخم بالخروج عن السيطرة، لأنه يمثّل تهديداً لاستقرار النظام السياسي، ولهذا السبب منح نابيولينا تفويضاً قوياً».

لكن المستشارة السابقة للبنك المركزي، ألكسندرا بروكوبينكو، ترى أن الضغط من الشركات الكبرى لن يهدأ. وقالت: «عندما يكون التضخم عند 9 في المائة، وسعر الفائدة عند 21 في المائة، فهذا يعني أن السعر الرئيس لا يعمل بشكل صحيح، ويجب البحث عن أدوات أخرى. أولوية بوتين هي الحرب وتمويل آلتها، ولا يمتلك الكثير من الحلفاء، والموارد المتاحة له تتقلص». وأضافت أنه من المحتمل أن تتعرّض نابيولينا لمزيد من الضغوط مع استمرار الوضع الاقتصادي الصعب.

ومع تزايد الضغوط على بوتين، أصبحت الصورة في الغرب أكثر تفاؤلاً بشأن فرص التغيير في روسيا، وفقاً لمؤسسة شركة الاستشارات السياسية «ر. بوليتيك» في فرنسا، تاتيانا ستانوفايا.

وأضافت: «بوتين مستعد للقتال ما دام ذلك ضرورياً... لكن بوتين في عجلة من أمره. لا يستطيع الحفاظ على هذه الشدة من العمل العسكري والخسائر في الأرواح والمعدات كما كان في الأشهر الأخيرة».