أول كوكب عملاق يدور حول «قزم أبيض»

رسم توضيحي للكوكب الجليدي يدور حول القزم الأبيض وتفصلهما سحابة من الغاز
رسم توضيحي للكوكب الجليدي يدور حول القزم الأبيض وتفصلهما سحابة من الغاز
TT

أول كوكب عملاق يدور حول «قزم أبيض»

رسم توضيحي للكوكب الجليدي يدور حول القزم الأبيض وتفصلهما سحابة من الغاز
رسم توضيحي للكوكب الجليدي يدور حول القزم الأبيض وتفصلهما سحابة من الغاز

عثر فريق من علماء الفلك في المملكة المتحدة وتشيلي وألمانيا على دليل يظهر لأول مرة وجود كوكب جليدي عملاق، مرتبط بنجم «قزم أبيض»، وذلك باستخدام تلسكوب كبير جدا في صحراء تشيلي.
والنجوم البيضاء القزمية، هي بقايا نجوم تشبه الشمس، وتتشكل عندما تقترب النجوم من مرحلة نفاد وقودها النووي، حيث تقوم حينها بسكب معظم موادها في الطبقات الخارجية منها، مما يؤدي إلى تشكل غيمة مكونة من غاز الهيدروجين والغبار والبلازما، تعرف بـ«السديم الكوكبي»، أما القلب الساخن للنجم، فيكون هو الناجي الوحيد في هذه العملية، حيث يصبح قزماً أبيض ساخناً جداً، وبدرجة حرارة عالية جدا.
وخلال قيام الفريق البحثي بفحص نحو 7 آلاف من الأقزام البيضاء، رصدوا واحدا لا مثيل له، ومن خلال تحليل الاختلافات الطفيفة في الضوء الصادر من النجم، وجدوا آثاراً لعناصر كيماوية بكميات لم يلاحظها العلماء من قبل، وهو ما جعلهم يدركون أنهم أمام شيء استثنائي، وتوقعوا أن يكون هذا «القزم الأبيض» مرتبطاً بأحد الكواكب، وهو ما تم إثباته بالفعل في الدراسة المنشورة أول من أمس في دورية «نيتشر».
وبدأت الدراسة بمحاولة حصول الباحثين على فكرة أفضل عن خصائص هذا «القزم الأبيض» غير العادي، المسمى WDJ0914 +1914)) والتي تم اكتشافها مصادفة، فقام الفريق البحثي بتحليله باستخدام أداة تعرف باسمX - shooter)) على تليسكوب ESO الضخم للغاية في صحراء أتاكاما بتشيلي. وأكدت ملاحظات المتابعة وجود غازات الهيدروجين والأكسجين والكبريت، ومن خلال دراسة التفاصيل الدقيقة اكتشف الفريق البحثي أن «هذه العناصر كانت في قرص من الغاز يحوم حول (القزم الأبيض) وليست منه نفسه».
وقالت الدكتورة أوديت تولوزا، من جامعة «ووريك» البريطانية، والمشاركة بالدراسة، في تقرير نشره الموقع الإلكتروني لمرصد صحراء أتاكاما بتشيلي بالتزامن مع نشر الدراسة، «كانت الكميات المكتشفة من هذه الغازات تتشابه مع تلك الموجودة في الطبقات العميقة في الغلاف الجوي للكواكب الجليدية العملاقة مثل نبتون وأورانوس، ومن خلال الجمع بين بيانات الرصد والنماذج النظرية تمكنا من رسم صورة أوضح لهذا النظام الفريد، فـ(القزم الأبيض) صغير، وفي درجة حرارة شديدة تبلغ 28 ألف درجة مئوية (خمسة أضعاف درجة حرارة الشمس)، وعلى النقيض من ذلك، فإن الكوكب جليدي وكبير، وعلى الأقل ضعف حجم النجم»، مضيفة: «ونظراً لأن الكوكب يدور حول (القزم الأبيض) الحار من مسافة قريبة، فإن فوتونات الطاقة العالية من النجم تهب تدريجياً على الغلاف الجوي للكوكب، فيتسبب ذلك في أن معظم الغاز الموجود عليه يفر، لكن يتم سحب البعض في قرص يحوم حول النجم بمعدل 3000 طن في الثانية، وهذا القرص من الغاز هو الذي يجعل الكوكب الشبيه بنبتون مخفياً».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».