مواقع تراقبك خلال التسوق عبر الإنترنت

أحدها يتابع 20 مليون متسوق يومياً

تطبيق «انسايد» انطلق عام 2015 لتتبع المتسوقين عبر الانترنت وتحليل عاداتهم الشرائية
تطبيق «انسايد» انطلق عام 2015 لتتبع المتسوقين عبر الانترنت وتحليل عاداتهم الشرائية
TT

مواقع تراقبك خلال التسوق عبر الإنترنت

تطبيق «انسايد» انطلق عام 2015 لتتبع المتسوقين عبر الانترنت وتحليل عاداتهم الشرائية
تطبيق «انسايد» انطلق عام 2015 لتتبع المتسوقين عبر الانترنت وتحليل عاداتهم الشرائية

قد تستمر لعدة أشهر في تعبئة حقيبة الكتف الخاصة بمنتجات «Gucci» عبر الإنترنت لتضيفها إلى سلة التسوق الافتراضية، وقد تغلق جهاز الكومبيوتر المحمول الخاص بك بعد أن تنتهي من الشراء. وحتى في عطلة نهاية الأسبوع، وأنت ترتدي «بيجامة النوم» ربما تقرر العودة إلى موقع «غوتشي» لمواصلة الشراء.
في مبنى إداري يطل على واجهة بحرية بمدينة جيرسي بولاية نيوجيرسي، ستجد شخصية كرتونية صفراء على شكل قوارير البولينغ الخشبية تظهر على شاشة كومبيوتر ضخمة تخص وكيل خدمة العملاء، هذه القوارير هي أنت في حقيقة الأمر.
تنضمّ الصورة الرمزية الخاصة بك إلى مجموعة من الصور المتشابهة في مركز اتصال شركة «غوتشي» ذات الألوان الخضراء والزرقاء والصفراء، وكلها ذات عيون «غوغل» اللامعة مع أعلام بلدانها مثبتة على جذعها.
تعرض الشاشة تقنية من خلال منصة «باورفرونت»، ومن خلال المنتج الجديد بداخلها يمكن للشركات - ومعظمها ذات علامات تجارية فاخرة - رؤية المتسوقين عبر الإنترنت والدردشة معهم وكذلك تتبعهم.
وفي هذا الصدد، أفادت شركة «باورفرونت» بأنها تتعامل مع معلومات نحو 20 مليون متسوق و400 عميل كل 24 ساعة.
لقد بات غالبية الناس مذعنين لشركات تتعقبهم عبر الإنترنت، وتقوم بتتبع عمليات البحث التي يجرونها وتحليل تصفحهم. لكن تطبيق «باورفرونت» والشخوص التعبيرية التي تشبه القوارير سالفه الذكر تجلب كمية هائلة من المعلومات الشخصية المتاحة للعلامات التجارية كل دقيقة.
قد يقوم وكيل خدمة العملاء بالنقر فوق الصورة الرمزية الصغيرة الملونة الخاصة بك ورؤية عنوان IP الخاص بك وموقعك الجغرافي وأحياناً اسمك ومعرفة مشترياتك السابقة: مثل المعاطف المخملية المبطنة بالفراء التي ابتعتها عام 2016، أو الحزام الذهبي المزدوج الذي اشتريته لشقيقتك في عيد ميلادها العام الحالي. ولا يحتاج العميل لأن يكون مسجلاً بموقع Gucci الإلكتروني حتى تتوفر كل هذه التفاصيل عنه.
إذا كنت تتحدث مع ممثل الشركة، فسوف تظهر أيضاً الكلمات التي تكتبها حتى قبل الضغط على كلمة «Send».
وأفادت شركة «باورفرونت» بأن كل ذلك يسمح للعلامات التجارية بتقديم نوع الخدمة التي يستحقها العملاء المميزون، وإن كان العميل يجعل كل ما يجري في الكواليس.
وفي هذا الصدد، قالت كريستين بانان، محامية حماية المستهلك في مركز معلومات الخصوصية الإلكترونية: «أن تفكر في أن مندوب مبيعات يراقب نقراتك ويسجلها في مكان أمر سيكون له صدى وتأثير كبير لكنه سائد ومنتشر».
وقال هدار باز، الرئيس التنفيذي لشركة «باورفرونت»، في مقابلة هاتفية، إنه عندما ينظر ممثلو خدمة العملاء عبر الإنترنت إلى شاشات الكومبيوتر الخاصة بهم، فإنهم عادة ما يرون تدفق البيانات ورسوماً بيانية، وغالباً ما يجري تقديم المعلومات حول عملائها بشكل إجمالي بياني.
وقال باز: «إنهم جميعاً يجلسون في الظلام ولا يرون العميل».
اعتادت منصة «باورفرونت» التي تأسست عام 2001 أن تعمل بهذا الأسلوب. وفي عام 2015، أصدرت الشركة النسخة الأولى من تطبيق «Inside». وشرعت شركة Neiman Marcus في استخدام البرنامج في أبريل (نيسان) 2016، وأصبحت سيفورا عميلاً منذ نحو خمسة أشهر.
وقعت شركة «غوتشي» عقداً مع المنصة في أكتوبر (تشرين الأول) 2017. وفي صباح أحد الأيام الأخيرة، دخل هدار باز عن بعد إلى متجر العلامة التجارية الشهيرة «غوتشي» عبر شبكة الإنترنت، حيث كان وكيل الشركة يساعد عميلاً من مدينة ويستويجو بولاية لويزيانا الأميركية، ويوجه له بعض الأسئلة عن المقاس. وهنا ظهرت علامة القارورة الصفراء بعيون ناعسة وشعر كستنائي ووصف يقول إن العميل يبدو «متردداً».
ظلَّت عربة التسوق في وضع الخمول لمدة 23 دقيقة، وقد اشتملت على زوج من «الشباشب» المطاطية السوداء للأطفال بسعر 160 دولاراً، و«جاكيت» للأطفال بسعر 890 دولاراً، وظهر أن العميل المفترض قد تصفح الموقع في أكتوبر (تشرين الأول) 2017.
لكن باز قال «عليك أن تبحث عن هؤلاء الناس»، في إشارة إلى عميل آخر، هذا العميل في موقع «نيمان ماركوس». ووفقاً لملف البيانات، فقد أنفق هذا العميل آلاف الدولارات في الأشهر الأخيرة على فساتين من ماركة «ألكساندر وانغ»، «ودولتشي أمبير»، و«غابانا» و«ستيلا مكارتني» التي تنتج الأحذية الرياضية، وتلك لعبة مختلفة تماماً عن تجارة التجزئة العادية. فأنت تتصرف كأنك تبحث عن الذهب.
لقد دخل عملاء «نيمان ماركوس» في حوار مع الوكلاء 15 مرة العام الحالي. وفي كل مرة، لم يرَ العميل سوى مربع صغير يتيح خيار «الدردشة مع خبير»، ولم تكن واجهة متجر الرسوم الصاخبة المعروضة على الطرف الآخر من المعاملة.
هؤلاء الخبراء ليسوا روبوتات، وهنا قال باز إنه يعتقد أن العملاء الأثرياء سيجدون فكرة التحدث إلى «روبوت» شيئاً «منفراً».
وقال: «لا يمكنك التعامل مع روبوت يبيع حقيبة بسعر 3500 دولار»، إذ إن العملاء «يريدون خدمة راقية، ويريدون العناية بهم. فالعميل الفاخر لا يقبل أن يتعامل مع روبوت».
تنطوي عملية الشراء على قدر من العاطفة، لذلك يعمد تطبيق «باور فرونت» إلى قياس ما يشعر به المتسوقون أثناء محادثاتهم مع وكلاء خدمة العملاء. ومن خلال تحليل كلماتهم، وحركة مؤشراتهم و«بياناتهم الشخصية» الأخرى يقوم النظام بإنشاء ملفات تعريف لمزاج المتسوقين.
ويصف «باور فرونت» ذلك بكلمة «المشاعر»؛ فعندما يصاب المتسوقون بالإحباط تكشر حواجبهم ويتصاعد الدخان من آذانهم. ولذلك يصف باز المنصة بقوله: «إنهم رائعون».
كانت المراقبة التي يقوم بها مندوبو المبيعات منذ فترة طويلة جزءاً من تجربة التسوق الفاخرة، ويقر خبراء الخصوصية بأن هناك قيمة كبيرة في إضافة لمسة إنسانية إلى المعاملات الرقمية.
ولأن التواصل غير اللفظي مثل تعبيرات العيون والتعبيرات القوية غير ممكنة عبر الإنترنت فإن تطبيق «باور فرونت» يحاول تعويض ذلك.
وقالت جينيفر كينج، مديرة خصوصية المستهلك في مركز الإنترنت والمجتمع بكلية الحقوق بجامعة ستانفورد: «لقد أزلنا الكثير من الإشارات الاجتماعية من المحادثة عبر الإنترنت، لكنني أرى حتمية عودتها مرة أخرى».
لكن كينغ قال إن من ضمن الأشياء التي تهمها هي تخزين التعبيرات العاطفية للمتسوقين، وبيع رؤى وأفكار العملاء، أو بيع البيانات نفسها.
يحتفظ «باورفرونت» بسجل المشاعر السابقة للعملاء، وللشركة حق الوصول إلى كمية غير عادية من المعلومات ليصبح على دراية ليس فقط بمتى يشتري المستهلكون البلوزات، ولكن أيضاً بأنماطهم المفضلة التي تناسب أذواقهم.
ولذلك فإن «باورفرونت» لديه نظرة ثاقبة حول كيفية تفاعل المستهلكين مع كثير من العلامات التجارية الفاخرة. لكن في الوقت الحالي، قال باز، إن «باورفرونت» غير مهتم بتشغيل مزرعة بياناته.
اختتم باز بقوله: «نعلم أن هناك كثيراً من اللعب، والكثير من طرق الاستفادة بالبيانات. ندرك ذلك جيداً. في الوقت الحالي، ستبقى البيانات في أيدي العلامات التجارية فقط التي تستخدم تطبيق Inside، ولن تقوم (باور فرونت) باستخدامها أو بيعها. فنحن لا نستخدم ذلك في الوقت الحالي».
- خدمة «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

«تعفن الدماغ»... ما علاقته باستخدام الإنترنت ومواقع التواصل؟

صحتك قضاء ساعات طويلة في تصفح الإنترنت قد يصيبك بـ«تعفن الدماغ» (رويترز)

«تعفن الدماغ»... ما علاقته باستخدام الإنترنت ومواقع التواصل؟

تُعرف «أكسفورد» تعفن الدماغ بأنه «التدهور المفترض للحالة العقلية أو الفكرية للشخص»

ماري وجدي (القاهرة)
يوميات الشرق التدهور المفترض للحالة العقلية أو الفكرية للشخص في العصر الحديث يحدث نتيجة الإفراط في استهلاك الإنترنت وفقاً لـ«أكسفورد» (أ.ب)

«تعفن الدماغ»... كلمة عام 2024 من جامعة أكسفورد

اختيرت كلمة «تعفن الدماغ» لتكون كلمة عام 2024 في «أكسفورد».

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا كابل الاتصالات البحري «سي ليون 1» أثناء وضعه في قاع بحر البلطيق عام 2015 (أ.ف.ب)

بدء إصلاح كابل بيانات متضرر في بحر البلطيق

 بدأ إصلاح كابل اتصالات بحري متضرر بين هلسنكي وميناء روستوك الألماني في بحر البلطيق، الاثنين.  

«الشرق الأوسط» (كوبنهاغن)
المشرق العربي أطفال انفصلوا عن شقيقهم بعد فراره من شمال غزة ينظرون إلى صورته على هاتف جوال (رويترز)

انقطاع كامل للإنترنت في شمال غزة

أعلنت شركة الاتصالات الفلسطينية (بالتل)، اليوم (السبت)، عن انقطاع كامل لخدمات الإنترنت في محافظة شمال قطاع غزة، بسبب «عدوان الاحتلال المتواصل».

«الشرق الأوسط» (غزة)
يوميات الشرق حبُّ براد بيت سهَّل الوقوع في الفخ (رويترز)

«براد بيت زائف» يحتال بـ325 ألف يورو على امرأتين «مكتئبتين»

أوقفت الشرطة الإسبانية 5 أشخاص لاستحصالهم على 325 ألف يورو من امرأتين «ضعيفتين ومكتئبتين»... إليكم التفاصيل.

«الشرق الأوسط» (مدريد)

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».