ترمب يقوم بزيارة مفاجئة لأفغانستان

«طالبان» تؤكد عقد اجتماعات مع مسؤولين أميركيين استعداداً لمحادثات سلام رسمية

الرئيس أشرف غني مع نظيره الأميركي ترمب في قاعدة باغرام بأفغانستان (أ.ف.ب)
الرئيس أشرف غني مع نظيره الأميركي ترمب في قاعدة باغرام بأفغانستان (أ.ف.ب)
TT

ترمب يقوم بزيارة مفاجئة لأفغانستان

الرئيس أشرف غني مع نظيره الأميركي ترمب في قاعدة باغرام بأفغانستان (أ.ف.ب)
الرئيس أشرف غني مع نظيره الأميركي ترمب في قاعدة باغرام بأفغانستان (أ.ف.ب)

أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب أن بلاده أعادت إطلاق مفاوضات السلام مع حركة «طالبان»، وأن الحركة ستوافق على وقف إطلاق النار، وذلك بعد مرور نحو ثلاثة أشهر على إعلانه السابق بوقفها. جاء ذلك بعد قيامه بزيارة مفاجئة إلى أفغانستان للاحتفال مع الجنود الأميركيين بعيد الشكر. وهذه أول زيارة يقوم بها ترمب لأفغانستان منذ توليه الرئاسة، وجاءت بعد أسابيع من مبادلة للأسرى بين واشنطن وكابل، مما زاد الآمال في التوصل إلى اتفاق سلام. ولم يعلن عن الزيارة لأسباب أمنية. وهي الزيارة الثانية فقط لمنطقة حرب يقوم بها الرئيس الأميركي الذي لم يخدم مطلقاً في الجيش، والذي ندد مراراً بمشاركة الولايات المتحدة في الصراعات الخارجية باعتبارها أخطاء مكلفة. وكان قد توجه إلى العراق في 2018 لزيارة القوات الأميركية في عطلة العام الجديد.
والتقى ترمب خلال زيارته، التي استمرت نحو ساعتين ونصف الساعة، بالرئيس الأفغاني أشرف غني، حيث أجرى معه محادثات ناقشا خلالها استئناف عملية السلام مع «طالبان»، التي أكدت في وقت لاحق انخراطها في مفاوضات جديدة مع الولايات المتحدة.
وقال ترمب: «(طالبان) تريد عقد اتفاق... ونحن نجتمع بهم، ونقول: لا بد من وقف إطلاق النار، لكنهم لم يكونوا يرغبون في ذلك، والآن أعتقد أنهم يرغبون في وقف إطلاق النار. سيمضي الأمر على هذا النحو على الأرجح».
وقال قادة حركة «طالبان» لـ«رويترز» إن الحركة تعقد اجتماعات مجدداً مع مسؤولين أميركيين كبار في الدوحة، منذ مطلع الأسبوع الماضي، وأضافوا أن الحركة قد تستأنف محادثات السلام الرسمية قريباً.
وخلال مأدبة عشاء حضرها أكثر من 500 جندي وضابط في قاعدة «باغرام» العسكرية، قال ترمب إن هناك أملاً في التوصل إلى أرضية اتفاق مع «طالبان». وقال: «سنرى ما إذا كانت (طالبان) تريد عقد صفقة، إذا فعلوا ذلك فهذا حسن، وإذا لم يفعلوا فإنهم لا يريدون السلام»، بحسب قوله. وقال ترمب إنه قرر استئناف محادثات السلام، وإنه يود خفض عدد القوات الأميركية في أفغانستان إلى 8600 جندي، من نحو 14000 جندي ينتشرون حالياً.
وأكد ترمب أن بلاده منخرطة في محادثات مستمرة مع «طالبان»، وأن الحركة منفتحة على وقف إطلاق النار. وتعهد أمام الجنود أن الإرهابيين لن يفلتوا من أميركا، وقال إن الولايات المتحدة قضت على الإرهابي الأول في العالم، أبو بكر البغدادي. وقال ترمب: «(طالبان) تريد عقد صفقة، ونحن نلتقي بهم ونقول إنه يجب أن يكون هناك وقف لإطلاق النار، هم لم يريدوا ذلك سابقاً، والآن يريدون وقف إطلاق النار، أعتقد أن الأمر سينجح على الأرجح».
وكان ترمب قد قال في سبتمبر (أيلول) إن المحادثات مع طالبان «ميتة»، بعد هجوم شنته الحركة أسفر عن مقتل 12 شخصاً، بينهم جندي أميركي. وقال ترمب: «كنا نقترب، وتراجعنا بسبب ما فعلوه، قتل الجندي لم يكن شيئاً جيداً».
وتتفاوض إدارة ترمب مع «طالبان»، منذ نحو عام، في محاولة لإنهاء أطول حرب أميركية. ويُتوقّع أن تتضمن الخطوط العريضة للصفقة خفضاً كبيراً في عدد القوات الأميركية مقابل تأكيدات من «طالبان» بأنها لن تسمح للجماعات الإرهابية باستخدام أفغانستان كنقطة انطلاق لشن هجمات ضد الولايات المتحدة.
وقال الرئيس الأفغاني غني إن قوات الأمن الأفغانية تأخذ زمام المبادرة الآن، مضيفاً شكره للأميركيين الذين قدموا «التضحية المطلقة» في أفغانستان. وشدد غني على ضرورة وقف القتال، قائلاً، على «تويتر»، بعد اجتماعه بترمب: «إذا كانت (طالبان) صادقة في التزامها بالتوصل إلى اتفاق سلام، فعليها القبول بوقف إطلاق النار».
ووصل ترمب إلى قاعدة «باغرام»، وهي أكبر قاعدة أميركية في أفغانستان، وقدم للجنود وجبة الطعام التقليدية من الديك الرومي، والتقط الصور معهم، وألقى خطاباً قصيراً.
وكان الجنرال مارك ميلي رئيس هيئة الأركان المشتركة في استقباله لدى وصوله. وقال ميلي، يوم الأربعاء، إن فرص الخروج بنتائج إيجابية من محادثات السلام التي تهدف لإنهاء الحرب الدائرة منذ 18 عاماً في أفغانستان أقوى من أي وقت مضى، وقد يحدث ذلك «في وقت قريب».
المحادثات بين «طالبان» والولايات المتحدة انهارت في سبتمبر (أيلول) بعدما ألغى ترمب اجتماعاً مقرراً مع زعماء «طالبان»، في منتجع كامب ديفيد الرئاسي، متعللاً بزيادة في عنف «طالبان».
ويقول الجيش الأميركي إنه كثف ضرباته وغاراته على «طالبان» منذ ذلك الحين، في محاولة للضغط على الحركة للعودة إلى مائدة التفاوض. وزادت آمال السلام، هذا الشهر، عندما أطلقت «طالبان» سراح رهائن أميركيين وأستراليين.
وقال ترمب للقوات في أفغانستان بحضور الرئيس الأفغاني: «لا يوجد مكان آخر أود أن أحيي فيه عيد الشكر أفضل من هنا، مع المحاربين الأقوى والأشد والأفضل والأكثر شجاعة على وجه الأرض».
ومازح ترمب الحضور بالقول إنه جلس وبدأ في تناول البطاطا المهروسة، لكن تم استدعاؤه قبل أن يتذوق الديك الرومي.
وأضاف: «كان يجب أن أبدأ بالديك الرومي بدلاً من البطاطا، لقد ارتكبت خطأ». وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض ستيفاني غريشام إن الزيارة كانت تهدف فقط إلى دعم الجنود في منطقة خطيرة. وقالت: «يدرك الرئيس وزوجته أن هناك كثيراً من الناس بعيداً عن عائلاتهم خلال العطلات، واعتقدنا أنها ستكون مفاجأة لطيفة».
ورافق ترمب في زيارته رئيس أركان البيت الأبيض بالوكالة مايك مولفاني، ومستشار الأمن القومي روبرت أوبراين، والسيناتور جون باراسو، ونائب رئيس أركان العمليات دان والش، وعدد من كبار موظفي البيت الأبيض، لكن زوجته ميلانيا لم ترافقه. واستقل ترمب طائرة عسكرية من منتجعه الخاص في فلوريدا، حيث يقضي عطلة عيد الشكر، واستغرقت رحلته 16 ساعة. وكان نائب الرئيس الأميركي مايك بنس قد قام بزيارة مشابهة إلى العراق قبل أيام. ويسعى الرئيس ترمب إلى سحب الجنود الأميركيين من أفغانستان، غير أن الجنرال مايك ميلي رئيس أركان الجيوش الأميركية الجديد قال أخيراً خلال جولة له في دول بالمنطقة إن القوات الأميركية ستبقى لسنوات أخرى.
واعترف ترمب بأن عدد القوات الأميركية يقل «بشكل كبير» لكنه لم يذكر أعداداً محددة.
وقال الجيش الأميركي إن انخفاض عدد القوات لن يؤثر على قدرته على تنفيذ المهام الضرورية لمكافحة الإرهاب في البلاد التي سيشكل فيها تنظيما «القاعدة» و«وداعش» تهديداً، حتى بعد التوصل لاتفاق سلام مع «طالبان». والحرب في أفغانستان هي الأطول في تاريخ الحروب التي خاضتها الولايات المتحدة، وراح ضحيتها أكثر من 147 ألفاً منذ عام 2001. بما في ذلك نحو 40 ألف مدني و60 ألفاً من قوات الأمن الأفغانية و3500 من قوات التحالف، بينهم 2400 أميركي وفقاً لتقرير أميركي. ولا يزال نحو 14 ألف جندي أميركي ينتشرون في أفغانستان بعد 18 عاماً على الغزو الأميركي إثر هجمات 11 سبتمبر (أيلول) عام 2001، التي أودت بحياة أكثر من 3 آلاف ضحية.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».