مبنى «البيضة» يجذب اهتمام جيل لم يشهد الحرب

يعود تاريخ إنشائه في وسط بيروت إلى عام 1966

الحياة عادت إلى مبنى «البيضة» وسط بيروت بفعل احتجاجات الشارع  -  إعلان تجاري نادر لمركز «سيتي سنتر» في السبعينات
الحياة عادت إلى مبنى «البيضة» وسط بيروت بفعل احتجاجات الشارع - إعلان تجاري نادر لمركز «سيتي سنتر» في السبعينات
TT

مبنى «البيضة» يجذب اهتمام جيل لم يشهد الحرب

الحياة عادت إلى مبنى «البيضة» وسط بيروت بفعل احتجاجات الشارع  -  إعلان تجاري نادر لمركز «سيتي سنتر» في السبعينات
الحياة عادت إلى مبنى «البيضة» وسط بيروت بفعل احتجاجات الشارع - إعلان تجاري نادر لمركز «سيتي سنتر» في السبعينات

عندما تم بناؤه في عام 1966 تحت اسم «سيتي سنتر» في وسط بيروت كان يعد أكبر مركز تجاري في منطقة الشرق الأوسط، ولقي يومها اهتماما كبيرا من مهندسي عمارة أجانب وعرب لما يحمله تصميمه من رؤية مستقبلية حديثة موقعة من قبل المهندس الراحل جوزيف فيليب كرم. فقبته صممت على شكل بيضة وهو يتألف من ثلاث طبقات تضمن الأخير منها صالة سينمائية تتسع لنحو 600 شخص جلوسا و1000 وقوفا. وجاءت شهرة هذه السينما على قاعدة «الأولى من نوعها فوق الأرض». فعادة ما تقع صالات السينما في الطابق الأرضي وما تحته لمبنى معين. ولكن المهندس الراحل جوزيف فيليب كرم أرادها خارجة عن المألوف بحيث من يقف على سطحها يتمتع بمشهدية نادرة لوسط المدينة من فوق.
اليوم ومع انطلاق الحراك المدني في 17 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي عادت «البيضة» لتثير اهتمام جيل من الشباب اللبناني الذي تعرف إليها من قرب بعد وجوده الدائم في ساحتين تحيطان بها، ألا وهما ساحة الشهداء وساحة رياض الصلح. وجاءت الاحتجاجات الناشطة في تلك البقعة من بيروت لتحفز المشاركين فيها على دخول هذا المبنى الذي كان يمنع دخوله قبل انطلاق الحراك من دون موافقة سابقة.
وكما آليس في بلاد العجائب، كذلك طلاب الجامعات والمدارس ومواطنون عاديون استأثر بهم منظر «البيضة» وراحوا يتلمسون تفاصيلها من كثب بعد أن دخلوها وتعرفوا إلى أقسامها. غالبية الشباب منهم لم يواكبوا حقبة إنشائه وازدهاره ومن ثم إقفاله بسبب الحرب. فيما قسم آخر من اللبنانيين يحدثونك عنه بإسهاب وعن المكانة التجارية التي حققها في أوائل السبعينات قبل أفول نجمه في منتصف السبعينات أي بعيد نحو 5 سنوات من تشييده وسط بيروت. فهم يخبرون أولادهم عما كان يعني لهم هذا المبنى وعن ذكرياتهم معه. «لقد كان والدي يصطحبني إلى هناك صباح السبت كي نتناول معا كعكة كنافة من محلات حلويات (الصمدي) في الطابق الأرضي منه». يقول ميشال لـ«الشرق الأوسط». أما ماري وهي في العقد السابع من عمرها فتعدد أنواع المحلات التي يحتويها أول مركز تجاري في لبنان والعالم العربي «كان من الأكبر في الشرق الأوسط وفيه محلات حلى وملابس ومطاعم وسناك بار وسوبر ماركت ومحلات أحذية رجالية ونسائية».
وعندما تدخل صالة السينما في الطابق العلوي للمبنى تتفاجأ بمساحته الواسعة والمصممة بشكل متدرج يضيق في نهايته بحيث يصبح من الصعب الوقوف فيه. ومؤخرا شهدت هذه الصالة يوميا جلسات حوار ونقاش لعدد من المتظاهرين الذين تجمعوا تحت سقفها، وأساتذة جامعيون وطلاب وناشطون وفنانون وفاعلون ثقافيون ومفكرون في مجالات متنوعة سياسية واجتماعية. فيما اختارها أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأميركية جميل معوض ليعطي عشرات الطلاب محاضرة حول السياسة في المجال العام فيما كانت المظاهرات قائمة في محيط المبنى.
وبين ليلة وضحاها صار مبنى «البيضة» موقعا سياحيا غير رسمي، من لا يستطيع دخوله يقف ويتفرج عليه من بعيد. ولكونه معلما شهد على حقبة تاريخية ذهبية مهمة للبنان فكر أحد فناني الغرافيتي في لبنان محمد أبرش في رسم العلم اللبناني عليه ليواكب حراك «لبنان ينتفض» بدل أن يبقى شاهد حرب أهلية لم يعد يرغب أحد بأن يتذكرها.
وقامت الدنيا ولم تقعد بعد اقتراحه الشهير وانقسم اللبنانيون بين مؤيد وممانع لمبادرته هذه لأن شريحة منهم تصف هذا المبنى بـ«أيقونة بيروت» أيام العز.
«في الحقيقة أردت رسم العلم اللبناني على وجهته المطلة على جامع الأمين أسوة بمبنى غندور المدمر والمهجور في طرابلس. فقد ألبسته الحلة نفسها بعد أن وافق أهالي المدينة على محو أي أثر يذكرهم بالحرب». يقول محمد أبرش في حديث لـ«الشرق الأوسط». ويتابع: «ولكني وإثر تواصلي مع بيروتي قديم واكب ولادة هذا المبنى والأهمية التي يحملها بالنسبة إلى مدينة بيروت وأهلها تراجعت عن فكرتي. فهو يعد أيقونة معمارية قاومت الحرب وبقيت منتصبة وسط المدينة كشاهد حي عليها». فمحمد بات مقتنعا اليوم بأن المبنى يجب أن يبقى على حاله دون إجراء أي تغيير فيه، لا سيما وأنه تناهى إلى مسمعه أن صاحب المبنى (يتردد بأنه كويتي الجنسية) يريد أن يحافظ عليه كما هو حسب ما ذكر لنا في معرض حديثه لـ«الشرق الأوسط».
أما المهندس الداخلي محمد سالم الذي كان مبنى «البيضة» موضوع إجازته في جامعة البلمند (LAU). فيؤكد في حديث لـ«الشرق الأوسط» أنه تعرف إلى تفاصيل هذا المبنى وأهميته من الوجهة الهندسية من كثب وهو ما يجعله يتمسك به كما هو. «لقد قدمت في إجازتي الجامعية يومها (في عام 2005) مجموعة ديكورات داخلية تنهض به من جديد ليواكب حداثة العصر الحالي. كما اقترحت أن يصبح مركزا ثقافيا مخصصا للندوات والقراءات الأدبية. وقدمت دراسة تخوله أن يتحول إلى سينما في الهواء الطلق بحيث تستخدم واجهاته الأربع لعروض متحركة (projection). فيسلط النور عليه ليواكب مناسبات رسمية في لبنان كأعياد الميلاد ورأس السنة والاستقلال وغيرها من النشاطات الكبرى التي تحتضنها العاصمة. ويتابع محمد سالم في سياق حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «لقد سمح لي تخصصي الجامعي بالتعرف إلى هذا المبنى في أيام العز ولفتتني هندسته المعمارية المتطورة والحديثة رغم أنه بني في منتصف الستينات. ولذلك لا أوافق على أي تغيير يمكن أن تشهده عمارته».
وكانت تحذيرات عدة رافقت ظاهرة ارتياد هذا المبنى مجددا لأنه مهدد بالانهيار بفعل تصدّعه ودمار قسم منه في زمن الحرب، إلا أنها لم تأخذ المنحى الرسمي. وبقي الأمر مقتصرا على تحديد عدد الأشخاص الذين يريدون دخوله من قبل عناصر أمنية تحرسه. واليوم تغطي معظم جدار مبنى الـ«سيتي سنتر» وسط بيروت عبارات وشعارات تتصل اتصالا مباشرا بالحراك المدني وكذلك تحمل رسومات غرافيتية وأخرى حديثة وملونة تزينه.



هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.