الأسواق تنزلق من عرشها بعد شكوك التجارة

عودة الانتعاش إلى الملاذات الآمنة

الأسواق تنزلق من عرشها بعد شكوك التجارة
TT

الأسواق تنزلق من عرشها بعد شكوك التجارة

الأسواق تنزلق من عرشها بعد شكوك التجارة

نزلت أغلب الأسواق العالمية أمس عن مستويات مرتفعة شبه قياسية، بعد أن وقع الرئيس الأميركي دونالد ترمب مشروع قانون يدعم المحتجين في هونغ كونغ، مما يثير شكوكا حيال التوصل إلى تسوية لحرب الرسوم الجمركية بين واشنطن وبكين.
وقوبل القانون، الذي يحذر من عقوبات على انتهاكات حقوق الإنسان في المركز المالي الآسيوي في ظل احتجاجات تنادي بالديمقراطية، بانتقاد حاد من الصين لما تراه تدخلا أميركيا في شأن داخلي، قائلة إن تلك المحاولات «مآلها الفشل»، بالإضافة إلى تهديد بكين باللجوء إلى «إجراءات مضادة صارمة» ردا على الخطوة الأميركية.
وتُنذر الأزمة الدبلوماسية بتقويض المفاوضات بشأن هدنة تجارية بين أكبر اقتصادين في العالم. كان التفاؤل قد ساد معنويات المستثمرين بأن يجري على الأقل توقيع اتفاق تجارة جزئي بنهاية العام.
وقال جيجار تريفيدي، محلل السلع الأولية لدى «أناند راثي شيرز آند ستوك بروكرز» في مومباي: «في ظل آخر تطورات توقيع ترمب على تشريع هونغ كونغ، هناك شكوك في أن يكون هناك أي اتفاق، ولا حتى مرحلة أولى... حتى مع قولهم إنهم سيوقعون اتفاقا بنهاية العام، لم يتحدثوا عن المكان، أو من سيذهب إلى الآخر. لذا لا أعتقد أن اتفاق التجارة سيوقع بهذه السهولة وسيجد الذهب دعما».
ونجت وول ستريت «مؤقتا» من التأثير المباشر للقرار أمس، إذ كانت الأسواق مغلقة لإجازة «عيد الشكر»، على أن تستأنف التعاملات اليوم في جلسة قصيرة. وكانت المؤشرات الأميركية الرئيسية أغلقت على مستويات قياسية مرتفعة للجلسة الثالثة على التوالي في معاملات محدودة الأربعاء قبيل العطلة، حيث أشارت بيانات جديدة إلى اقتصاد يقف على قدم راسخة. وارتفع المؤشر داو جونز الصناعي 44.15 نقطة بما يعادل 0.16 في المائة ليصل إلى 28165.83 نقطة، وزاد المؤشر ستاندرد آند بورز 500 بمقدار 13.2 نقطة أو 0.42 في المائة مسجلا 3153.72 نقطة، وصعد المؤشر ناسداك المجمع 57.24 نقطة أو 0.66 في المائة إلى 8705.18 نقطة.
وفي أوروبا، قادت أسهم قطاعي شركات صناعة مكونات السيارات وشركات التكنولوجيا الحساسين للتجارة، الخسائر أمس على المؤشر ستوكس 600 الأوروبي، وبحلول الساعة 08:06 بتوقيت غرينيتش، كان المؤشر القياسي منخفضا 0.3 في المائة. وقلصت مؤشرات اقتصادية إيجابية تشمل بيانات ثقة المستثمرين في منطقة اليورو وقراءة أولية للتضخم في نوفمبر (تشرين الثاني) بألمانيا، من حدة الخسائر أمس.
وفي آسيا، تراجعت الأسهم اليابانية الخميس، ونزل المؤشر نيكي القياسي 0.12 في المائة إلى 23409.14 نقطة ليوقف سلسلة صعود استمرت أربعة أيام، بينما المؤشر هبط توبكس الأوسع نطاقا 0.17 في المائة إلى 1708.06 نقطة بعد أن فاق عدد الأسهم المتراجعة نظيرتها الصاعدة بواقع 1416 إلى 628 سهما.
ورغم ذلك، صعدت بعض الأسهم ذات الصلة بالتكنولوجيا، إذ ارتفع سهم هيتاشي 1.8 في المائة ليبلغ أعلى مستوياته في عام ونصف العام. وزاد سهم كيوسيرا 1.9 في المائة ليصل إلى أعلى مستوى له منذ أوائل 2018، بينما صعد سهم فوجيتسو 1.1 في المائة إلى ذروته في عشرة أعوام. وارتفع سهم باناسونيك 2.8 في المائة بعد أن أوردت صحيفة «نيكي» الاقتصادية أن الشركة تعتزم التخارج من أنشطتها الصغيرة الخاسرة في مجال أشباه الموصلات.
من ناحية أخرى، تراجعت بعض الأسهم المأمونة، إذ نزل سهم سكك حديد وسط اليابان 1.6 في المائة وهبط سهم سكك حديد شرق اليابان 1.1 في المائة. وهوى سهم جابان ديسبلاي 4.2 في المائة بعد أن قالت الشركة المتعثرة الأربعاء إنها ستراجع أرباحها السابقة بعد أن أخطر مسؤول تنفيذي سابق في قطاع المحاسبة الشركة بشأن احتيال محاسبي وقع سابقا يقول إنه حدث بتوجيه من الإدارة العليا السابقة.
وفي أسواق العملات، ارتفع الين الذي يعتبر ملاذا آمنا مع تراجع العملات الحساسة للمخاطر الخميس، وصعد أيضا الفرنك السويسري والذهب مع بحث المستثمرين عن ملاذات آمنة أخرى بسبب المخاوف حيال تصاعد محتمل في المخاطر الجيوسياسية. وارتفع الين 0.12 في المائة إلى 109.42 مقابل الدولار أمس، لينتعش من أدنى مستوى في ستة أشهر الذي سجله الأربعاء بعد مراجعة تقديرات النمو الاقتصادي الأميركي بالزيادة في الربع الثالث من العام.
وتراجع الدولار الأسترالي، المتداول عادة كوسيط انكشاف على الطلب العالمي على السلع الأساسية، إلى أقل مستوياته في ستة أسابيع عند 0.6764 دولار أميركي، وفي التعاملات الخارجية، نزل اليوان 0.18 في المائة إلى 7.0269 للدولار. ولم يطرأ عليه تغير يذكر في التعاملات الداخلية ليسجل 7.0280 مقابل العملة الأميركية. واستفاد الفرنك السويسري من حالة عدم التيقن لدى المستثمرين والتي انتشلته من أدنى مستوياته في شهرين ليجري تداوله عند 0.9990 للدولار.
وفي أسواق المعادن النفيسة، ارتفعت أسعار الذهب الخميس مع لجوء المستثمرين لشراء المعدن الذي يعد ملاذا آمنا. وتراجع البلاديوم بشكل طفيف بعد بلوغه في وقت سابق من الجلسة ذروته عند 1836.61 دولار للأوقية (الأونصة).
وبحلول الساعة 06:59 بتوقيت غرينيتش، كان الذهب صاعدا 0.1 في المائة في المعاملات الفورية إلى 1455.63 دولار للأوقية. وزاد في العقود الأميركية الآجلة 0.1 في المائة إلى 1454.80 دولار.
وفي الجلسة السابقة، نزل الذهب 0.5 في المائة بسبب مجموعة من البيانات الاقتصادية الإيجابية من الولايات المتحدة. وتسارع النمو الاقتصادي بشكل طفيف في الربع الثالث من العام مع نزول الطلبات الأسبوعية لإعانة البطالة، بينما زادت طلبيات التوريد الجديدة للسلع الرأسمالية الأميركية الصنع.
وعلى صعيد المعادن النفيسة الأخرى، تراجع البلاديوم 0.1 في المائة إلى 1831.69 دولار للأوقية. وارتفع المعدن الذي يستخدم في أنظمة عوادم المركبات لخفض الانبعاثات بنحو 45 في المائة هذا العام بسبب انخفاض المعروض. واستقر البلاتين عند 892.95 دولار للأوقية وزادت الفضة 0.1 في المائة إلى 16.96 دولار للأوقية.


مقالات ذات صلة

تراجع تدفقات رأس المال إلى الأسواق الناشئة... والصين الأكبر تضرراً

الاقتصاد امرأة على دراجتها الهوائية أمام «بورصة بكين»... (رويترز)

تراجع تدفقات رأس المال إلى الأسواق الناشئة... والصين الأكبر تضرراً

من المتوقع أن يشهد النمو العالمي تباطؤاً في عام 2025، في حين سيتجه المستثمرون الأجانب إلى تقليص حجم الأموال التي يوجهونها إلى الأسواق الناشئة.

«الشرق الأوسط» (لندن )
الاقتصاد برج المقر الرئيس لبنك التسويات الدولية في بازل (رويترز)

بنك التسويات الدولية يحذر من تهديد الديون الحكومية للأسواق المالية

حذّر بنك التسويات الدولية من أن تهديد الزيادة المستمرة في إمدادات الديون الحكومية قد يؤدي إلى اضطرابات بالأسواق المالية

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد متداولون في كوريا الجنوبية يعملون أمام شاشات الكومبيوتر في بنك هانا في سيول (وكالة حماية البيئة)

الأسواق الآسيوية تنخفض في ظل قلق سياسي عالمي

انخفضت الأسهم في آسيا في الغالب يوم الاثنين، مع انخفاض المؤشر الرئيسي في كوريا الجنوبية بنسبة 2.3 في المائة.

«الشرق الأوسط» (هونغ كونغ )
الاقتصاد لافتة إلكترونية وملصق يعرضان الدين القومي الأميركي الحالي للفرد بالدولار في واشنطن (رويترز)

غوتيريش يعيّن مجموعة من الخبراء لوضع حلول لأزمة الديون

عيّن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش مجموعة من الخبراء البارزين لإيجاد حلول لأزمة الديون المتفاقمة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد الاجتماع السنوي الرابع والخمسون للمنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس (رويترز)

المنتدى الاقتصادي العالمي: قادة الأعمال يخشون من الركود وارتفاع التضخم

أظهر استطلاع للرأي أجراه المنتدى الاقتصادي العالمي يوم الخميس أن قادة الأعمال على مستوى العالم يشعرون بالقلق من مخاطر الركود ونقص العمالة وارتفاع التضخم.

«الشرق الأوسط» (لندن)

الدردري لـ«الشرق الأوسط»: الناتج السوري خسر 54 مليار دولار في 14 عاماً

TT

الدردري لـ«الشرق الأوسط»: الناتج السوري خسر 54 مليار دولار في 14 عاماً

الأمين العام المساعد للأمم المتحدة مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية د. عبد الله الدردري (تركي العقيلي)
الأمين العام المساعد للأمم المتحدة مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية د. عبد الله الدردري (تركي العقيلي)

كشف الأمين العام المساعد للأمم المتحدة مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية الدكتور عبد الله الدردري، أن الأمم المتحدة أعطت البرنامج الضوء الأخضر لبدء التواصل مع الحكومة المؤقتة السورية الجديدة تعزيزاً للعمل الإنساني وبدء مسار التعافي لإعادة تفعيل الاقتصاد السوري، خصوصاً أن البلاد خسرت 54 مليار دولار من ناتجها المحلي خلال 14 عاماً.

وقال الدردري في حديث إلى «الشرق الأوسط» بمناسبة وجوده في الرياض للمشاركة في فعاليات مؤتمر «كوب 16»، إنه وجّه مكتب البرنامج في دمشق اعتباراً من (الخميس) للتواصل مع الجهات الحكومية وبدء عملية التقييم التي تحتاج إليها البلاد.

كان نظام بشار الأسد قد ترك خلفه تحديات اقتصادية كبيرة مع انهيار شبه كامل للبنية التحتية الاقتصادية وتدمير آلاف المنازل وتشريد الملايين.

رجل سوري يتحدث عبر هاتفه المحمول وهو يقف على درج مبنى مدمَّر في مدينة حرستا شرق دمشق (أ.ب)

واستعرض الدردري الوضع الراهن في سوريا، فقال «إن تقديراتنا الأولية أن الاقتصاد السوري خسر حتى الآن 24 عاماً من التنمية البشرية، فيما سجل الناتج المحلي الإجمالي تراجعاً كبيراً من 62 مليار دولار في عام 2010 إلى 8 مليارات فقط اليوم، أي خسر 54 مليار دولار في 14 عاماً. أما معدل الفقر، فارتفع من نحو 12 في المائة عام 2010 إلى أكثر من 90 في المائة. وبات معدل الفقر الغذائي يتجاوز 65 في المائة من السكان».

وإذ أوضح أن أمام سوريا مرحلة صعبة، قال إن تقديرات البرنامج تشير إلى أنه من أصل 5 ملايين و500 ألف وحدة سكنية، فإن نحو مليوني وحدة سكنية دمِّرت بالكامل أو جزئياً.

وعن تكلفة عملية إعادة الإعمار، أوضح الدردري أن احتساب تكلفة إعادة بناء الوحدات السكنية يحتاج إلى تحديث، كون أسعار البناء تختلف اليوم. لكنه شدد على أن أخطر ما جرى في سوريا هو الضعف المؤسساتي مقارنةً بما كان عليه الوضع قبل عام 2011، «حيث كانت هناك مؤسسات دولة قوية، فيما تراجعت بشكل كبير اليوم». من هنا، فإن تركيز برنامج الأمم المتحدة اليوم هو على الدعم المؤسساتي، «لأنه من دون مؤسسات قادرة على التخطيط والتنفيذ والمتابعة، لا توجد تنمية ولا إعادة إعمار»، كما يركز على القطاع الخاص الذي استطاع أن يصمد رغم كل الهزات، والجاهز اليوم لتلقف أي حالة من الأمن والانفتاح للعمل.

وقال: «خلال الساعات الـ48 الأخيرة، ولمجرد أن الحكومة المؤقتة أعلنت أن الاقتصاد السوري هو اقتصاد سوق حر مع بعض الإجراءات السريعة لتسيير عمل التجارة وغيرها، تحسن سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار من 30 ألف ليرة إلى 14 ألف ليرة، مما يعني تحسناً بأكثر من 50 في المائة».

رجل يعد النقود بمحطة بنزين في مدينة حلب شمال سوريا (أ.ف.ب)

ولكن كيف يرى نائب الوزراء السوري السابق للشؤون الاقتصادية بين سنوات 2006 و2011، خريطة طريق إعادة النهوض بالاقتصاد السوري؟ أجاب: «في الحقيقة، لا أرى فرقاً بين دوري في الأمم المتحدة وبين عملي سابقاً. فسوريا تحتاج إلى إصلاح حوكمي سريع وفعال، بمعنى أنها تحتاج إلى إصلاح القضاء، وتطوير المؤسسات وترسيخ مبدأ الفصل بين السلطات، وترسيخ القانون. كما أنها بحاجة إلى رؤية للمستقبل، وإلى حوار وطني. تحتاج إلى تحديد الوضع الراهن في المجال الاقتصادي وأين هو موقع البلاد في هذا الإطار. هي تحتاج إلى رسم سيناريوهات التعافي والنمو... وهو ما تراه الأمم المتحدة أيضاً لإعادة إحياء البلاد».

وأضاف: «سندعم كل ما من شأنه أن يجعل سوريا جاذبة للاستثمار، وإرساء منظومة لحماية اجتماعية فاعلة... فنمو اقتصادي يقوده القطاع الخاص وعدالة اجتماعية من خلال منظومات حماية اجتماعية متكاملة هما ما تحتاج إليه سوريا، وهما ما سنعمل عليه».

وعود بمساعدة غزة

وفي ما يتعلق بالوضع في غزة، قال الدردري إن التقديرات الأولية جداً تشير إلى أنها تحتاج إلى 50 مليار دولار، موضحاً أن إعادة تعويم الاقتصاد الفلسطيني إلى ما كان عليه في عام 2022، إنما يحتاج إلى معونات إنسانية تقدَّر بـ600 مليون دولار سنوياً على مدى السنوات العشر المقبلة.

فلسطينيون يتفقدون الدمار في منطقة استهدفتها غارة جوية إسرائيلية قرب مخيم النصيرات للاجئين (أ.ف.ب)

وعن الجهات المستعدة لتأمين هذه المبالغ، قال: «هناك وعود بأن المجتمع الدولي مستعد للمساعدة، ولكن إلى الآن لا شيء ملموساً».

وأضاف: «هناك حاجة ماسة إلى رفع القيود عن عمل الفلسطينيين، وعن أموال المقاصة التي يجب أن تذهب إلى السلطة الفلسطينية، وأن يُسمح للاقتصاد الفلسطيني بالاندماج».

خسائر لبنان من الحرب

وشرح الدردري أن لبنان خسر 10 في المائة من ناتجه المحلي الإجمالي خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة بسبب الحرب مع إسرائيل، تضاف إلى ما نسبته 35 في المائة خسارة في الناتج المحلي منذ 2019. في حين دُمر نحو 62 ألف منزل وأكثر من 5 آلاف منشأة اقتصادية.

شخصان يتعانقان على أنقاض المباني المتضررة في قرية جون بقضاء الشوف بلبنان (رويترز)

ووُضع برنامج للتعافي الاقتصادي في لبنان يعتمد بشكل أساسي على تعزيز المجتمعات المحلية والشركات الصغيرة وإعادة إحياء التمويل في لبنان، وعلى دعم البلديات التي تأثرت بشكل كبير، وعلى الجمعيات الأهلية. وتوقع أن يستعيد لبنان تعافيه مع استمرار حالة الهدوء، وذلك بفعل أهمية الدور الذي يلعبه قطاعه الخاص.