السودانيات يستدعين أحداث «ترويض النمرة» لمناهضة العنف ضد النساء

السودانيات يستدعين أحداث «ترويض النمرة» لمناهضة العنف ضد النساء
TT

السودانيات يستدعين أحداث «ترويض النمرة» لمناهضة العنف ضد النساء

السودانيات يستدعين أحداث «ترويض النمرة» لمناهضة العنف ضد النساء

تستعير نساء سودانيات المسرح «الشكسبيري»، لتوصيف حالهن ومعاناتهن ضد من يصفنه بـ«العقل الذكوري المسيطر»، الذي يحاول ترويضهن، ويقلن إنّ فكرة المسرحية الشهيرة «ترويض النمرة»، تحضر بقوة في عقول الرجال السودانيين، لذلك خرجت المئات منهن في مواكب ومسيرات ضمن حملة 16 يوما لمناهضة العنف ضد المرأة التي تتبناها الأمم المتحدة.
ويرين أنّ الأساليب التي اتبعها البطل «باتريشيو» لترويض الشّخصية المركزية في المسرحية «كاثرين الشرسة»، تكاد تتكرر بحذافيرها في كل بيت، لإرهاب النساء وترويضهن، وعقدة المسرحية أنّ «كاثرين» – وتمثل كل امرأة سودانية حسب زعمهن – أرهبت وروّعت بعنف أكبر من عنفها، واستجابت لـ«باريشيو» وتزوجته لأنّه أكثر عنفاً منها، واستطاع تحويلها من نمرة شرسة إلى كائن وديع بحيله العديدة، ولتفتح الطريق أمام تزويج أختيها.
وللخروج من صورة «كاثرين الشرسة» المرسومة للنساء في السّودان، شاركت المئات من النساء السودانيات في حملة 16 يوماً لمناهضة العنف ضد المرأة، وهي الحملة التي تتبناها الأمم المتحدة وتستمر طوال الفترة من 25 نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري، وحتى 10 ديسمبر (كانون الأول) المقبل الذي يوافق اليوم العالمي لحقوق الإنسان.
ونظمت العديد من المنظمات والتجمعات النسوية في السودان عددا من الفعاليات، ومن بينها «ورش عمل، معارض فنية» وغيرها إضافة إلى المواكب الاحتجاجية. وتقول الناشطة في تحالف النساء السياسيات عفاف أرباب، إنّ الحملة تستهدف رفع الوعي وخلق رأي عام مساند لمناهضة كافة أشكال العنف الموجهة ضد النساء في السودان وفي العالم.
وتطالب أرباب بتوقيع اتفاقية الأمم المتحدة الخاصة بإزالة كافة أشكال التمييز ضد المرأة «سيداو»، لأنّها – حسب قولها - تساعد على إزالة التمييز ضد المرأة، وتغيير العادات السيئة والضارة، وتلغي القوانين الظالمة التي تحط من مكانة النساء مثل قوانين «النظام العام»، التي تعرّضت بسببها النساء لأقسى أنواع التعذيب النفسي والجسدي.
ويشهد السودان منذ سقوط نظام المعزول عمر البشير، جدلاً واسعاً بشأن المصادقة على اتفاقية إزالة كافة أشكال التمييز ضد المرأة، المعروفة اختصاراً بـ«سيداو»، وتطالب شرائح واسعة بالمصادقة عليها، فيما يرفضها متطرفون ورجال دين ومحسوبون على نظام الإنقاذ الإسلاموي.
أمّا رئيسة نقابة - ستات - بائعات الشاي عوضية كوكو، فتؤكّد أنّ العنف ضدّ الشّرائح الضّعيفة وعلى وجه الخصوص النساء، ما زال يمارس رغم التغيير الذي شهدته البلاد، وتطالب بـ«استيفاء الحقوق الإنسانية للمرأة، بما يحقق أهداف التنمية المستدامة في البلاد، باعتبارها واحدة من برامج الحكومة الانتقالية».
وتستعيد الناشطة النسوية يسرا عكاشة أحداث المسرحية الشكسبيرية الشهيرة «ترويض النمرة»، وترى أنّ الأساليب التي اتبعت لترويض «كاثرين الشريرة» ما تزال تمارس ضدّ النساء السودانيات، ويمارس ضدهن عنف لافت ليصبحن مطيعات ملبيات لمتطلبات المجتمع الذكوري.
ويشارك الفنانون في الحملة أيضاً، إذ يقول معمر علي صالح إنّ فريقه المشارك في الحملة يستخدم العروض السينمائية في حملات التوعية، ويتابع: «نركّز على كل أنواع العنف الجسدي واللفظي، ونعتبر التحرش الجنسي أحد الأشكال الأكثر عنفا ضد النساء، إضافة إلى خفض «ختان» الإناث وزواج القاصرات»، إضافة إلى المشاركة بمسرحية في اليوم الافتتاحي حسب الناشط في مكافحة العنف ضد المرأة عبد الرحمن الدخري.
وينتظر أن تتضمن حملة 16 ضد العنف على المرأة ندوات ومحاضرات في «سجن النساء» لتوعيتهن بحقوقهن، وتشارك فيها «وحدة مكافحة العنف ضد المرأة» ومنظمات مجتمع مدني، وممثلين وممثّلات عن الأمم المتحدة وصندوق السكان. وتشارك في حملة 16 يوما أكثر من 3700 منظمة مجتمع مدني، في أكثر من 164 بلدا. وبدأت الحملة في العام 1991 بواسطة «معهد المرأة العالمي للقيادة».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».