بيوت الأزياء الكبيرة والزبائن أكثر وعياً بأهمية الاستدامة

الأناقة الكلاسيكية تتصدى للموضة السريعة بالحرفية

من اقتراحات «إترو» ......«بيربري»
من اقتراحات «إترو» ......«بيربري»
TT

بيوت الأزياء الكبيرة والزبائن أكثر وعياً بأهمية الاستدامة

من اقتراحات «إترو» ......«بيربري»
من اقتراحات «إترو» ......«بيربري»

من وقت لآخر، وعند متابعة عروض الأزياء، نتفاجأ بصور تثير الانتباه والإعجاب على حد سواء، لأن المصمم يلتقط فيها روح عصره، أو على الأقل تلك الحالة المزاجية المرتبطة بفترة بعينها. وفي عروض الموسم الحالي، انطبقت هذه الحالة على ما قدمه المصمم هادي سليمان. كان ذلك عرضه الثاني لدار «سيلين» الفرنسية، دار الأزياء التي أسستها سيلين فيبيانا في عام 1945، وفاحت منها رائحة بورجوازية خفيفة تتحدى سنوات الحرب العجاف، وتوالت عليها العقود والمصممون الذين أمدها كل واحد منهم بروح عصره وثقافته، ثم جاء هادي سليمان ليعيد رسم هذه الصورة البورجوازية بلغة عصرية تحمل كثيراً من ألق الدار في حقبة السبعينات.
ما أكسبه رضا وسائل الإعلام التي شنت عليه حملة شنعاء في السابق أنه لم يكتفِ باحترام إرث المؤسسة فحسب، بل زاد عليه عدم تنكره لأسلوب البريطانية فيبي فيلو، المصممة التي تسلم المشعل منها، بعد محاولته أن يمحو أسلوبها تماماً في تشكيلته الأولى. وقتها، قامت الدنيا عليه ولم تقعد، واتهم بأنه تعدى خطاً أحمر، فهي تتمتع بزبونات مخلصات لأسلوبها الذي يجمع الحداثة بالرقي. وفي تشكيلته للخريف والشتاء الحاليين، صحح الوضع، وقدم تصميمات ظهرت فيها لمحات من بصمتها الهندسية المعاصرة، مع رشة روح بورجوازية واضحة، اعتمد فيها على أقمشة مترفة، مثل الـ«كريب دي شين» والكشمير، في سترات مفصلة وأكسسوارات جلدية نالت الرضا والإعجاب معاً، فضلاً عن قمصان تعقد حول العنق أو تنورات بطيات أو معاطف بأحجام كبيرة.
ورغم نجاح محاولته الثانية في دار «سيلين»، لا يمكن القول إن القطع التي ابتكرها هادي سليمان كانت ثورية أو مختلفة عما قدمه غيره من المصممين هذا الموسم. جديده، أو بالأحرى نجاحه، يكمن في قدرته على ضخ روح ديناميكية على هذه القطع، وفي جعلها تلمس وتراً حساساً بداخل زبونات من الجيل الصاعد، راقت له صورتها «البورجوازية» وحنينها إلى الزمن الجميل.
نظرة سريعة إلى باقي عروض أزياء هذا الموسم تؤكد أن هادي سليمان لم يكن الوحيد الذي انتهج هذا الأسلوب، وأن ترجمة أناقة أيام زمان بلغة العصر كان توجهاً عاماً، بل يمكن القول إنه كان منافساً قوياً للأسلوب «السبور» المستقى من ثقافة الشارع الذي اكتسح ساحة الموضة منذ سنوات. صحيح أن هذا الأخير لم يختفِ تماماً، ولن يختفي في المستقبل القريب، إلا أن الاستقبال الحار لمضاده «الكلاسيكي» كان إشارة إلى أن الأذواق لا تختلف فحسب، بل إن التخمة من ثقافة الشارع قد بدأت تصيب البعض.
وهذا ما أكدته فون دير غولتز، مدير شؤون المشتريات العالمية في موقع التسوق الإلكتروني «نيت أ بورتيه»، بقولها إن الحديث عن التصاميم الكلاسيكية بدأ يتعالى منذ موسمين تقريباً، وتجسد في ظهور سترات مفصلة وفساتين رومانسية تناسب كل زمان ومكان. وتُفسر ذلك بأن الرغبة في الاستثمار كانت دافعاً قوياً عزز هذا التوجه، إلى جانب الموضة المستدامة. فبينما تريد المرأة الناضجة أزياء راقية تعبر عنها، وعن مكانتها وسنها، بغض النظر عن أسعارها، تريد الزبونات صغيرات السن هن أيضاً أزياء تعبر عن رغبتهن في موضة مستدامة. وهذا يعني أنهن يتفقن مع أمهاتهن على أن جمال التصاميم المائلة إلى الكلاسيكية، وتُنفذ بحرفية عالية، يكمن في أنها لا تستدعي تغييرها في كل موسم، وهذا يعني أنها هي «الموضة» الحقيقية. كل هذا يجعل فكرة تقنين صناعة الأزياء لضمان المستقبل، ولو من خلال مقاومة الموضة السريعة، تُلح على صناع الموضة ومتابعيها على حد سواء في الوقت الحالي. من هذا المنظور، كان من البديهي أن تنتعش أعمال بعض المصممين المستقلين، مثل المصممة غابرييلا هيرست التي تتبنى مفهوم الاستدامة في كل قطعة تطرحها، وتشهد تصاميمها إقبالاً ملحوظاً، رغم خطوطها البسيطة جداً. ومثلها آخرون جسدوا هذا المفهوم في فساتين وتنورات تغطي الركبة، وتفاصيل مبتكرة تجعل من كل قطعة تحفة قائمة بذاتها، سواء بالتركيز على الأكمام أو الياقات.
الأختان ماري كيت وآشلي أولسن، مؤسستا علامة «ذي رو»، مثلاً قدمتا قطعاً منفصلة تعبر عن هذه الروح العصرية من خلال معاطف طويلة وبنطلونات واسعة ومستقيمة، ودور أزياء كبيرة مثل «بيربري» و«تودز» من خلال ألوان طبيعية وخامات مترفة، بينما أعادت «شانيل» السترات ذات الرقبة المستديرة إلى الواجهة مرة أخرى، وجاكيتات التويد بكل الأطوال. والمعطف الكلاسيكي، بلونه الجملي، عاود الظهور بدوره في عدد لا يحصى من عروض الأزياء، بما في ذلك «جيفنشي»، حيث ضخته مصممة الدار كلير وايت كيلر بجرعة درامية قوية، اعتمدت فيها على حزام يحدد الخصر وأكمام منتفخة. وعلامة «أغنونا» أطلقت على تشكيلتها عنوان «إتيرنال»، أي للأبد، وهي التي تكونت من سترات بصفين من الأزرار من الكشمير، وبألوان هادئة مثل الجملي. أما «شانيل» فقدمت ملابس أكثر فخامة، حيث نجد قطعة تشبه العباءة، لكن قصيرة ومن دون أكمام من الفرو، نسقتها مع بنطلون أسود يتسع بالتدريج من عند الركبة إلى الكاحل، مصنوع من الكشمير أو الصوف، وبلوزة مصنوعة من الصوف بلون الكريم، إلى جانب عدة جاكيتات طويلة وواسعة. ومن جهتها، قدمت علامة «ميو ميو» سترات مشابهة، بعضها من دون أكمام، باللون الأزرق الكحلي من الصوف، نسقتها مع قمصان برقبة عالية وربطات عنق بشكل الفراشة.
ومن بين العناصر الرئيسية في هذا التيار الجديد القمصان البيضاء التي تكمل أي إطلالة مهما كانت أهميتها ومناسبتها. والجديد فيها أن المصممين أولوها أهمية كبيرة، بإدخال تفاصيل خفيفة تحترم كلاسيكيتها، وفي الوقت ذاته مبتكرة حتى تناسب ذائقة جيل صاعد. قدمتها دار «لويس فويتون» مثلاً بياقة بكشاكش، ودار «فندي» من الجلد، بينما قدم المصمم نبيل نايال مجموعة درامية استقاها من التاريخ، بتفاصيل مبتكرة مثل قميص من قطن البوبلين، تتصدره مريلة. وتجدر الإشارة إلى أن نبيل كان قد باع أول قميص أبيض للمصمم الراحل كارل لاغرفيلد في عام 2015، عندما شارك في مسابقة جائزة «إل في إم إتش»، ووصل إلى النهائيات، ولم يتوقف منذ ذلك الحين على التفنن في هذه القطعة.
ولا يمكن الحديث عن هذا التوجه من دون التطرق إلى أسماء شابة تتبنى الحركة الكلاسيكية المعاصرة، وتعمل بكل قواها على بث الحياة فيها من جديد، مثل: المصمم البريطاني دانييل لي الذي أضاف لمسة مفعمة بالحيوية على دار «بوتيغا فينيتا»، من خلال فساتين أحادية الألوان، بعضها من صوف الموهير مع حزام جلدي مزود بحليات ذهبية وبعضها من الكشمير أو الحرير؛ أو المصممة إميليا ويكستيد التي رسخت أسلوبها هذا منذ عام 2008، ولم تحد عنه في أي فترة من الفترات، فمنذ بدايتها وهي تركز على إبداع تصاميم تستثمر فيها الزبونة. وفي هذا الصدد، تشرح أن مبدأها «كان دوماً التشجيع على شراء قطع يمكن الاحتفاظ بها إلى الأبد، عوض تغييرها في موسم»، وتستدل على هذا ببدلة من «شانيل»، وكيف أنها من الكلاسيكيات التي يمكن ارتداؤها لسنوات، ثم توريثها للحفيدات من دون أن تبدو «دقة قديمة» أو خارج الزمن.
والملاحظ أن أسلوب ويكستيد واضح لا تخطئه العين، بخطوطه الهندسية وأحجامه السخية. فالتنورات دائماً طويلة والألوان غنية، ومع ذلك تُقبل عليها المرأة من كل الأعمار والمقاسات لأنها متوازنة. وتقول المصممة إن الطلب على القطع عالية الجودة غير مقيد بحقبة أو بشريحة بعينها «ففي كل الفترات، هناك زبونات يرغبن في أزياء فريدة من نوعها ومميزة»، بيد أنها لا تُنكر أن تنامي الجدل حول الموضة المستدامة زاد من هذه الرغبة، وجعلها أكثر إلحاحاً على صناع الموضة ككل، وأضافت: «زبائن اليوم يريدون التأكد من أن القطعة تحمل مبادئهم الإنسانية نفسها، وهو ما يحتم على المصمم أن يدرس جودة الخامات والحياكة، ويبحث عن مصدر هذه الأقمشة والحرفيين الذين أشرفوا أو قاموا بنسجها، والطريقة التي يتعامل بها رؤساؤهم معهم، وما شابه من أمور. وبصفتي مصممة، فأنا أرى أن هذا الأمر مهم، لأنه يجبرنا على التوقف والتأني، وإعادة النظر في أشياء من شأنها أن تلحق الضرر بالإنسان وببيئته. لحسن الحظ أن الأسماء التجارية الكبيرة أصبحت تعي أهمية الاستدامة، لكن الأجمل أن هذا الوعي امتد إلى الزبائن أيضاً».
ولا يقتصر هذا الوعي على بيوت الأزياء الكبيرة، والأسماء التي رسخت سُمعتها في الأسواق العالمية، إذ امتدت إلى فئة المصممين الشباب بدرجة تؤكد أنهم أكثر من يقود هذه الحركة. ومن هؤلاء نذكر تومي تون، المدير الفني في دار «ديفو»، الذي استوحى إلهام تصميماته من شخصيات معروفة بأسلوبها الكلاسيكي، مثل كارولين بيسيت كينيدي والممثلة دايان كيتن. ومجموعته للخريف-الشتاء قوبلت بحفاوة كبيرة، ومن بين الاقتراحات التي نالت الإعجاب بلوزة من الكشمير، نسقها مع فستان من الساتان من دون أكمام، وكذلك بنطلون بطية مزدوجة فوقه سترة قصيرة دون أكمام. وأعرب تون عن اعتقاده بأن هذا التحرك نحو الكلاسيكية هو ردة فعل للتقليعات والصرعات الموسمية التي تبين أن لها عدة سلبيات على البيئة.
ومن ناحيتها، شرحت مارغريتا كارديلي، وهي واحدة من مؤسسي علامة «جوليفا هيريتدج كولكشن» الناشئة، أن اهتمامها منذ البداية كان مركزاً على إنتاج قطع قادرة على الاستمرار لفترات طويلة، دون التقيد بحقبة بعينها. وتعتمد الدار التي تأسست قريباً على فنانين إيطاليين ناشئين أيضاً.
وتوضح مارغريتا كارديلي أن الرغبة في إبداع قطع قادرة على الصمود لعصور وأجيال كان من الأولويات منذ البداية. فعندما يحصل الزبون، أياً كان أسلوبه، على أزياء لا تعترف بزمان أو مكان، فإنه يستمتع بها أكثر ولمدة أطول، وهذا بحد ذاته خطوة إيجابية نحو موضة مستدامة.



المحلات الشعبية تستعين بالنجوم لاستقطاب الزبائن

تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)
تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)
TT

المحلات الشعبية تستعين بالنجوم لاستقطاب الزبائن

تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)
تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)

إذا كنتِ مداومة على التسوق في محلات «زارا» لأسعارها ونوعية ما تطرحه، فإنكِ قد تتفاجئين أن تعاونها الأخير مع العارضة البريطانية المخضرمة كايت موس سيُكلَفكِ أكثر مما تعودت عليه. فهناك معطف قصير على شكل جاكيت من الجلد مثلاً يقدر سعره بـ999 دولاراً أميركياً، هذا عدا عن قطع أخرى تتراوح بين الـ200 و300 دولار.

تفوح من تصاميم كايت موس رائحة السبعينات (زارا)

ليست هذه المرة الأولى التي تخوض فيها كايت موس تجربة التصميم. كانت لها تجربة سابقة مع محلات «توب شوب» في بداية الألفية. لكنها المرة الأولى التي تتعاون فيها مع «زارا». ويبدو أن تعاون المحلات مع المشاهير سيزيد سخونة بالنظر إلى التحركات التي نتابعها منذ أكثر من عقد من الزمن. فعندما عيَنت دار «لوي فويتون» المنتج والمغني والفنان فاريل ويليامز مديراً إبداعياً لخطها الرجالي في شهر فبراير (شباط) من عام 2023، خلفاً لمصممها الراحل فرجيل أبلو؛ كان الخبر مثيراً للجدل والإعجاب في الوقت ذاته. الجدل لأنه لا يتمتع بأي مؤهلات أكاديمية؛ كونه لم يدرس فنون التصميم وتقنياته في معهد خاص ولا تدرب على يد مصمم مخضرم، والإعجاب لشجاعة هذه الخطوة، لا سيما أن دار «لوي فويتون» هي الدجاجة التي تبيض ذهباً لمجموعة «إل في إم إتش».

فاريل ويليامز مع فريق عمله يُحيّي ضيوفه بعد عرضه لربيع وصيف 2024 (أ.ف.ب)

بتعيينه مديراً إبداعياً بشكل رسمي، وصلت التعاونات بين بيوت الأزياء الكبيرة والنجوم المؤثرين إلى درجة غير مسبوقة. السبب الرئيسي بالنسبة لمجموعة «إل في إم إتش» أن جاذبية فاريل تكمن في نجوميته وعدد متابعيه والمعجبين بأسلوبه ونجاحه. فهي تتمتع بماكينة ضخمة وفريق عمل محترف يمكنها أن تُسخِرهما له، لتحقيق المطلوب.

صفقة «لوي فويتون» وفاريل ويليامز ليست الأولى وإن كانت الأكثر جرأة. سبقتها علاقة ناجحة بدأت في عام 2003 بين لاعب كرة السلة الأميركي الشهير مايكل جوردان وشركة «نايكي» أثمرت عدة منتجات لا تزال تثير الرغبة فيها وتحقق إيرادات عالية إلى الآن.

كان من الطبيعي أن تلفت هذه التعاونات شركات أخرى وأيضاً المحلات الشعبية، التي تعاني منذ فترة ركوداً، وتشجعها على خوض التجربة ذاتها. أملها أن تعمَّ الفائدة على الجميع: تحقق لها الأرباح باستقطاب شرائح أكبر من الزبائن، وطبعاً مردوداً مادياً لا يستهان به تحصل عليه النجمات أو عارضات الأزياء المتعاونات، فيما يفوز المستهلك بأزياء وإكسسوارات لا تفتقر للأناقة بأسعار متاحة للغالبية.

الجديد في هذه التعاونات أنها تطورت بشكل كبير. لم يعد يقتصر دور النجم فيها على أنه وجه يُمثلها، أو الظهور في حملات ترويجية، بل أصبح جزءاً من عملية الإبداع، بغضّ النظر عن إنْ كان يُتقن استعمال المقص والإبرة أم لا. المهم أن يكون له أسلوب مميز، ورؤية خاصة يُدلي بها لفريق عمل محترف يقوم بترجمتها على أرض الواقع. أما الأهم فهو أن تكون له شعبية في مجال تخصصه. حتى الآن يُعد التعاون بين شركة «نايكي» ولاعب السلة الشهير مايكل جوردان، الأنجح منذ عام 2003، ليصبح نموذجاً تحتذي به بقية العلامات التجارية والنجوم في الوقت ذاته. معظم النجوم حالياً يحلمون بتحقيق ما حققه جوردان، بعد أن أصبح رجل أعمال من الطراز الأول.

من تصاميم فكتوريا بيكهام لمحلات «مانغو»... (مانغو)

المغنية ريهانا مثلاً تعاونت مع شركة «بوما». وقَّعت عقداً لمدة خمس سنوات جُدِّد العام الماضي، نظراً إلى النقلة التي حققتها للشركة الألمانية. فالشركة كانت تمر بمشكلات لسنوات وبدأ وهجها يخفت، لتأتي ريهانا وترد لها سحرها وأهميتها الثقافية في السوق العالمية.

المغنية ريتا أورا، أيضاً تطرح منذ بضعة مواسم، تصاميم باسمها لمحلات «بريمارك» الشعبية. هذا عدا عن التعاونات السنوية التي بدأتها محلات «إتش آند إم» مع مصممين كبار منذ أكثر من عقد ولم يخفت وهجها لحد الآن. بالعكس لا تزال تحقق للمتاجر السويدية الأرباح. محلات «مانغو» هي الأخرى اتَّبعت هذا التقليد وبدأت التعاون مع أسماء مهمة مثل فيكتوريا بيكهام، التي طرحت في شهر أبريل (نيسان) الماضي تشكيلة تحمل بصماتها، تزامناً مع مرور 40 عاماً على إطلاقها. قبلها، تعاونت العلامة مع كل من SIMONMILLER وكاميل شاريير وبيرنيل تيسبايك.

سترة مخملية مع كنزة من الحرير بياقة على شكل ربطة عنق مزيَّنة بالكشاكش وبنطلون واسع من الدنيم (ماركس آند سبنسر)

سيينا ميلر و«ماركس آند سبنسر»

من هذا المنظور، لم يكن إعلان متاجر «ماركس آند سبنسر» عن تعاونها الثاني مع سيينا ميلر، الممثلة البريطانية وأيقونة الموضة، جديداً أو مفاجئاً. مثل كايت موس، تشتهر بأسلوبها الخاص الذي عشقته مجلات الموضة وتداولته بشكل كبير منذ بداية ظهورها. فهي واحدة ممن كان لهن تأثير في نشر أسلوب «البوهو» في بداية الألفية، كما أن تشكيلتها الأولى في بداية العام الحالي، حققت نجاحاً شجع على إعادة الكرَّة.

فستان طويل من الساتان المزيَّن بثنيات عند محيط الخصر يسهم في نحت الجسم (ماركس آند سبنسر)

موسم الأعياد والحفلات

بينما تزامن طرح تشكيلة «مانغو + فيكتوريا بيكهام» مع مرور 40 عاماً على انطلاقة العلامة، فإن توقيت التشكيلة الثانية لسيينا ميلر التي طُرحت في الأسواق في الأسبوع الأول من شهر نوفمبر (تشرين الثاني)، أيضاً له دلالته، بحكم أننا على أبواب نهاية العام. فهذه تحتاج إلى أزياء وإكسسوارات أنيقة للحفلات. لم يكن الأمر صعباً على سيينا. فإلى جانب أنها تتمتع بأسلوب شخصي متميِز، فإنها تعرف كيف تحتفل بكل المناسبات بحكم شخصيتها المتفتحة على الحياة الاجتماعية.

وتعليقاً على هذا الموضوع، أعربت الممثلة عن سعادتها بالنجاح الذي حققته قائلةً: «أحببت العمل على التشكيلة الأولى ويملؤني الحماس لخوض التجربة مرة أخرى. فالتشكيلة الثانية تتسم بطابع مفعم بالمرح والأجواء الاحتفالية، إذ تضم قطعاً أنيقة بخطوط واضحة وأخرى مزينة بالفرو الاصطناعي، بالإضافة إلى فساتين الحفلات والتصاميم المزينة بالطبعات والنقشات الجريئة والإكسسوارات التي يسهل تنسيق بعضها مع بعض، إلى جانب سراويل الدنيم المفضلة لديّ التي تأتي ضمن لونين مختلفين».

فستان ماركس سهرة طويل من الحرير بأطراف مزينة بالدانتيل (ماركس آند سبنسر)

دمج بين الفينتاج والبوهو

تشمل التشكيلة وهي مخصصة للحفلات 23 قطعة، تستمد إلهامها من أسلوب سيينا الخاص في التنسيق إضافةً إلى أزياء مزينة بالترتر استوحتها من قطع «فينتاج» تمتلكها وجمَعتها عبر السنوات من أسواق «بورتوبيلو» في لندن، استعملت فيها هنا أقمشة كلاسيكية بملمس فاخر. لكن معظمها يتسم بقصَّات انسيابية تستحضر أسلوب «البوهو» الذي اشتهرت به.

مثلاً يبرز فستان طويل من الحرير ومزيَّن بأطراف من الدانتيل من بين القطع المفضلة لدى سيينا، في إشارةٍ إلى ميلها إلى كل ما هو «فينتاج»، كما يبرز فستانٌ بقصة قصيرة مزين بنقشة الشيفرون والترتر اللامع، وهو تصميمٌ يجسد تأثرها بأزياء الشخصية الخيالية التي ابتكرها المغني الراحل ديفيد بوي باسم «زيجي ستاردست» في ذلك الوقت.

طُرحت مجموعة من الإكسسوارات بألوان متنوعة لتكمل الأزياء وتضفي إطلالة متناسقة على صاحبتها (ماركس آند سبنسر)

إلى جانب الفساتين المنسابة، لم يتم تجاهُل شريحة تميل إلى دمج القطع المنفصلة بأسلوب يتماشى مع ذوقها وحياتها. لهؤلاء طُرحت مجموعة من الإكسسوارات والقطع المخصصة للحفلات، مثل كنزة من الدانتيل وبنطلونات واسعة بالأبيض والأسود، هذا عدا عن السترات المفصلة وقمصان الحرير التي يمكن تنسيقها بسهولة لحضور أي مناسبة مع أحذية وصنادل من الساتان بألوان شهية.

أرقام المبيعات تقول إن الإقبال على تشكيلات أيقونات الموضة جيد، بدليل أن ما طرحته كايت موس لمحلات «زارا» منذ أسابيع يشهد إقبالاً مدهشاً؛ كونه يتزامن أيضاً مع قرب حلول أعياد رأس السنة. ما نجحت فيه موس وميلر أنهما ركَزا على بيع أسلوبهما الخاص. رائحة السبعينات والـ«بوهو» يفوح منها، إلا أنها تتوجه إلى شابة في مقتبل العمر، سواء تعلق الأمر بفستان سهرة طويل أو جاكيت «توكسيدو» أو بنطلون واسع أو حذاء من الجلد.

رغم ما لهذه التعاونات من إيجابيات على كل الأطراف إلا أنها لا تخلو من بعض المطبات، عندما يكون النجم مثيراً للجدل. ليس أدلَّ على هذا من علاقة «أديداس» وعلامة «ييزي» لكيني ويست وما تعرضت له من هجوم بسبب تصريحات هذا الأخير، واتهامه بمعاداة السامية. لكن بالنسبة إلى ريهانا وفيكتوريا بيكهام وسيينا ميلر وكايت موس ومثيلاتهن، فإن الأمر مضمون، لعدم وجود أي تصريحات سياسية لهن أو مواقف قد تثير حفيظة أحد. كل اهتمامهن منصبٌّ على الأناقة وبيع الجمال.