مظاهرات لطلاب الجامعات الجزائرية رفضاً للانتخابات الرئاسية

محتجون أغلقوا مقار حكومية بالإسمنت لمنع إجرائها في منطقتهم

جانب من المظاهرات الشعبية التي عرفتها شوارع العاصمة الجزائرية أمس (إ.ب.أ)
جانب من المظاهرات الشعبية التي عرفتها شوارع العاصمة الجزائرية أمس (إ.ب.أ)
TT

مظاهرات لطلاب الجامعات الجزائرية رفضاً للانتخابات الرئاسية

جانب من المظاهرات الشعبية التي عرفتها شوارع العاصمة الجزائرية أمس (إ.ب.أ)
جانب من المظاهرات الشعبية التي عرفتها شوارع العاصمة الجزائرية أمس (إ.ب.أ)

«لا نريد انتخابات تنظمها العصابات» كان هذا أبرز شعار لمظاهرات طلاب الجامعات الجزائرية، الذين خرجوا أمس إلى شوارع كبرى مدن البلاد، وذلك للأسبوع الأربعين على التوالي.
وهاجم المتظاهرون المرشحين الخمسة لـ«الرئاسية» المقررة بعد 17 يوما، وأكدوا عزمهم عرقلة الحملة الانتخابية، التي انطلقت قبل 10 أيام وتجري في ظروف يميزها توتر حاد.
وانطلقت المظاهرات من «ساحة الشهداء» بوسط العاصمة، ومرت بأهم الشوارع ليصل المئات من طلاب الجامعات إلى «البريد المركزي»، أيقونة فضاءات الحراك الشعبي. وانضم للمحتجين أساتذة الجامعات وناشطون بالحراك، رفعوا شعارات معادية للانتخابات، وطالبوا بتأجيلها «لأنها لا تحقق التغيير الذي يريده الجزائريون، بل تمدد في عمر النظام»، بحسب رشيد طايبي، وهو طالب بكلية الهندسة المعمارية، الذي كان يحمل لافتة كتب عليها: «لم يعد ممكنا أن تستغفلونا بعد اليوم».
كما جرت مظاهرات الطلاب في وهران (غرب) وقسنطينة (شرق) وتيزي وزو (وسط)، في نفس الظروف، ورفعت فيها نفس الشعارات المعارضة للسلطة، ومطالبتها «التخلي عن خطتها التي يرفضها الشعب».
ويقول المؤيدون لمسعى الانتخاب إن مؤسسة الجيش «حققت للحراك أهم مطالبه، وعلى رأسها إسقاط العهدة الخامسة». في إشارة إلى إجبار الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة على سحب ترشحه لفترة خامسة، في انتخابات كانت مقررة في 18 من أبريل (نيسان) الماضي. واستعان قائد الجيش الفريق أحمد قايد صالح، بالشارع الذي كان يغلي، فضغط على بوتفليقة بغرض الاستقالة في الثاني من أبريل الماضي. فيما فشل صالح في تنظيم «رئاسية» كانت مقررة في الرابع من يوليو (تموز) الماضي بسبب عدم توفر مرشحين، لكنه مصمم على إجرائها في 12 من الشهر المقبل، ووصف معارضي مسعاه بـ«أذناب العصابة»، وأنهم «خدام الاستعمار».
وفي سياق الانتخابات المفتوحة على انزلاقات، قال 33 ناشطا سياسيا، وصحافيون ونقابيون في بيان أمس إن النظام «مصمم على تجاهل إرادة الشعب في التغيير، ولما تأكد الجزائريون من غياب الظروف الموضوعية الضرورية لانتخابات نزيهة (غلق الإعلام وعدم إطلاق سراح سجناء الرأي، والتضييق على المسيرات السلمية والمدوّنين ورفض إقالة حكومة بدوي...)، فإن انتخابات 12 ديسمبر (كانون الأول) ستكون رهان السلطة، تستنسخ به الوضع السياسي الحالي المتأزم. لكنها بالنسبة للشعب مجرّد محطّة عابرة في مسار النضال». وبحسب الناشطين، فإنه «من الحكمة ومن مصلحة الشعب تأجيل الانتخابات إلى أن يتوفر لها الجو المناسب الذي يضمن نزاهتها».
وأكد أصحاب البيان أن «حفاظ الحراك الشعبي على طابعه السلمي يمثل قوته المركزية، التي شلت قوة القمع لدى السلطة، وعليه فإن أي محاولة لإخراجه عن خطه السلمي هو تصرف مخالف للمبادئ، التي تأسست عليها هذه الحركة الوحدوية، وتقع المسؤولية التاريخية على الجزائريين المشاركين في فعاليات الحراك للحفاظ على ضبط النفس والتزام النهج السلمي حتى تتم الاستجابة لكل المطالب».
وتعرض أمس عشرات الناشطين للاعتقال من جديد، بسبب محاولات لمنع المترشحين لـ«الرئاسية» من عقد تجمعات في إطار الدعاية الانتخابية.
وبلغ التوتر أقصاه بولاية بجاية (250 كلم شرق العاصمة)، عندما أغلق متظاهرون أبواب مقار دوائر إدارية (أجهزة تابعة لوزارة الداخلية) بجدار من الإسمنت، تأكيدا على إصرارهم منع إجراء «الرئاسية» بمنطقتهم، المعروفة بمعارضة السلطة المركزية منذ سنين طويلة.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.