حرائق في ذي قار... وقطع طرق وجسور في البصرة

نقابة المعلمين تدعو لمظاهرات حاشدة غداً

قوات الأمن تستخدم الغاز المسيل للدموع ضد المحتجين في شارع الرشيد ببغداد أمس (أ.ب)
قوات الأمن تستخدم الغاز المسيل للدموع ضد المحتجين في شارع الرشيد ببغداد أمس (أ.ب)
TT

حرائق في ذي قار... وقطع طرق وجسور في البصرة

قوات الأمن تستخدم الغاز المسيل للدموع ضد المحتجين في شارع الرشيد ببغداد أمس (أ.ب)
قوات الأمن تستخدم الغاز المسيل للدموع ضد المحتجين في شارع الرشيد ببغداد أمس (أ.ب)

وسط عجز واضح للسلطات العراقية عن وضع حد لما يدور في البلاد وإقناع المواطنين في عموم محافظات الوسط والجنوب بالتوقف عن التظاهر والاحتجاج، تصاعدت أمس، موجة المظاهرات بلغت ذروتها في محافظتي البصرة وذي قار الجنوبيتين، حيث أبلغت مصادر محلية في البصرة «الشرق الأوسط» بأن «المتظاهرين عمدوا ولليوم الثاني على التوالي إلى قطع غالبية الطرق والجسور في مركز البصرة تنفيذاً للإضراب العام الذي تتبناه جماعات الاحتجاج».
وتؤكد المصادر قيام المتظاهرين كذلك بـ«قطع الطرق والشوارع المؤدية إلى الحقول النفطية ومنع الموظفين من الالتحاق بوظائفهم، إلى جانب قيامهم بقطع الطرق الرابطة بين قضاء الزبير غرب البصرة ومحافظة الناصرية».
وفي مدينة الناصرية، مركز محافظة ذي قار التي شهدت عمليات واسعة لحرق مبانٍ حكومية ومنازل للمسؤولين، تكرر الأمر ذاته أمس، وقام المحتجون بحرق منزل العضو السابق في مجلس النواب خالد الأسدي، وسط المدينة، كما أحرقوا مبنى قضاء الدواية شمال مدينة الناصرية. وأبلغ الصحافي أحمد السعيدي «الشرق الأوسط»، بأن «الناصرية شهدت شللاً كاملاً في حركة التنقل بين جانبي المدينة التي يشطرها نهر الفرات نتيجة قطع المتظاهرين لجميع الجسور».
وشهدت محافظتا البصرة وذي قار، في غضون اليومين الماضيين، اشتباكات بين المتظاهرين والقوات الأمنية، تخللتها إطلاقات حية أسقطت عدداً من القتلى وعشرات الجرحى.
ونشرت مفوضية حقوق الإنسان، أمس، إحصائية توثيقها لمظاهرات الأيام الأربعة الماضية في بغداد والمحافظات. وذكرت المفوضية، في بيان، أنها أشارت إلى «استخدام العنف المفرط من قِبل القوات الأمنية مما أدى إلى استشهاد متظاهر واحد في بغداد وإصابة 68، واستشهاد 7 متظاهرين في محافظة ذي قار قرب جسري الزيتون والنصر، وإصابة 131 واستشهاد 3 متظاهرين في محافظة البصرة، وإصابة 90 متظاهراً بسبب التصادمات التي حدثت بين القوات الأمنية والمتظاهرين».
وطالبت المفوضية «الحكومة والقوات الأمنية بمنع استخدام العنف المفرط بجميع أشكاله ضد المتظاهرين السلميين كونه يعد انتهاكاً صارخاً لحق الحياة والأمن والأمان، وبضرورة الالتزام بقواعد الاشتباك الآمن، وبإحالة القائمين بذلك إلى القضاء».
بدورها، قالت منظمة العفو الدولية، في بيان أمس، إن «تطورات صادمة في العراق جراء تصاعد موجة العنف الذي يتعرض له المتظاهرون في البصرة والذي أدى إلى مقتل وجرح العديد». وتابع بيان المنظمة: «ما زلنا نراقب التطورات على الأرض، ونشعر بالقلق الكبير إزاء التجاهل الواضح والمشين من قِبل قوات الأمن العراقية لأرواح المحتجين وحريتهم في التعبير والتجمع».
وفيما استمر توافد المتظاهرين في بغداد وبقية المحافظات إلى الشوارع والساحات، دعت نقابة المعلمين العراقيين، أمس، الملاكات التربوية والتعليمية إلى تنظيم مظاهرة موحدة تنطلق من فروعها في بغداد والمحافظات غداً (الأربعاء). وقالت النقابة في بيان إنه وبعد متابعتها للأحداث ومقدار استجابات السلطات لمطالب المتظاهرين: «تبين لنا العجز الحكومي في إيجاد الحلول المناسبة للتداعيات التي يشهدها الشارع العراقي».
واتهم بيان النقابة السلطات بـ«غياب النية الصادقة للاستجابة لمطالب المتظاهرين». وحذر السلطات وطالبها بـ«الكف عن أساليب المماطلة والتسويف واللجوء إلى الأساليب غير المسؤولة لأنها ستكون سبباً لزيادة المخاطر والتداعيات».
إلى ذلك، صرح اللواء الركن عبد الكريم خلف، الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة العراقية، أمس، بأن 11 منتسباً أمنياً أُصيبوا بجروح بعد استهدافهم بقنابل يدوية من قِبل خارجين عن القانون بمنطقة «حافظ القاضي» في شارع الرشيد قرب جسر «الأحرار» وسط بغداد.
وقال الناطق، لوكالة الأنباء العراقية، إن «11 منتسباً أمنياً أُصيبوا بجروح بعد استهدافهم من مجموعة خارجة عن القانون برمانة يدوية بمنطقة (حافظ القاضي)، رافقها استخدام قنانيّ المولوتوف». وأضاف أن «القوات الأمنية اعتقلت عدداً من الخارجين عن القانون وما زالت تلاحق هذه المجاميع».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.