جولة في أفق الفن الحديث من بلاد «العم سام»

«من الداخل الجديد» يتضمن 12 لوحة من منحوتات ورسوم تشكيلية

معرض «من الداخل الجديد» في غاليري «أرتوال» وسط بيروت
معرض «من الداخل الجديد» في غاليري «أرتوال» وسط بيروت
TT

جولة في أفق الفن الحديث من بلاد «العم سام»

معرض «من الداخل الجديد» في غاليري «أرتوال» وسط بيروت
معرض «من الداخل الجديد» في غاليري «أرتوال» وسط بيروت

من خلال ريشة تخرج في آفاقها عن المألوف، لتتجاوز بخطوطها القواعد المعتمدة الرائجة في عالم الرسم، يجتمع 12 فناناً تشكيلياً أميركياً ضمن معرض «من الداخل الجديد» في غاليري «أرتوال»، بوسط بيروت.
ويأتي هؤلاء الفنانون من مدينتي نيويورك ولوس أنجليس، وبينهم الأميركية من أصل لبناني نيفين محمود التي خصت المعرض بمنحوتة من توقيعها «بوتيه 2» نفذتها في عام 2016، وهي كناية عن قطعة رخامية من نوع «ألاباستير» التي ترمز إلى الشفافية والنقاء. وبملمسها الناعم وألوانها الزاهية وخطوطها التجريدية بامتياز، تستلقي هذه القطعة على سطح عمود أبيض في أحد أركان المعرض الذي يستمر فاتحاً أبوابه حتى 8 ديسمبر (كانون الأول) المقبل. ويخيل لمشاهدها من بعيد أنها شفاه وجه مكتنز، ليكتشف عندما يقترب منها أنها تشبه صندوق الفرجة، لما تتضمنه من رسومات حديثة تغطي مساحتها الصغيرة.
وتلفتك في معرض «من الداخل الجديد» لوحات عصرية بامتياز، تتطلب منك الدوران حولها، وكذلك من الأعلى إلى الأسفل، والعكس صحيح، كي تستطيع تكوين فكرة واضحة عن معانيها. وتأتي لوحتا الفنانة أنجيلا هيش لتترجما هذه النظرية النابعة من الفن المجازي. وتحكي في إحداهما (الكرة الباحثة) عن مستقبل عصري مركز في عين ثاقبة، وقد استخدمت فيها فن علم الهندسة (Geometrie) لتحديد تقاطعاتها المرسومة بالزيت، وتغطيها طبقة من الموسلين الشفاف.
أما الفنانة راشيل ميكا ويس، المتخصصة في علم النفس من إحدى جامعات أميركا (أوبرلين)، فتشير في لوحتها «ووفن سكرين» إلى العلاقات التاريخية بين الهندسة المعمارية والمنسوجات. فتولد في ألوانها المتدرجة من الأسود إلى الأحمر وسيلة حسية لتقسيم الفضاء والتحكم فيه. وقد استخدمت فيها خيوط البوليستر المشدودة بصلابة. ويخيل لناظرها أنها لوحة نول حيكت عليها أفكار فنانة تهوى استخدام عناصر معمارية فريدة للبيئة كإطار لها.
وبعض اللوحات المعروضة استوحت موضوعاتها من الطبيعة الصامتة، كتلك التي تقدمها آمندا بالدوين في لوحتها «ما بعد الشفق» الزيتية، وتصور فيها مشهدية كلاسيكية لطبيعة باردة تأخذك من خلال رذاذ مياه الشتاء الواضح الملون بالأزرق، على خلفية بيضاء يخترقها انتصاب شجرة ذات أوراق حمراء لتطبعها بصبغة حالمة. ومع لوحة ساج ويلوز «مليون يعيش ومليون يموت»، تكتشف مصير إنسانية تتلألأ خطوطها بكرات صغيرة ملونة يلتصق بعضها ببعض لتؤلف لوحة تجريدية بامتياز.
وتطول لائحة القطع الفنية المعروضة في غاليري «أرتوال» ضمن «في الداخل الجديد» التي تصب في تجديد جذور الفن التشكيلي الحديث. فخيال المشاركين فيه يضع زائره على تماس مع موجة عصرية هي بمثابة خليط من العالم الرقمي حيناً وفن البورتريه والتيارات الفنية الكلاسيكية حيناً آخر. ومع لوحة الفنانة جاكلين سيدر «أندور ديسبلاي» التي تندرج أعمالها على لائحة الفنون الأكثر مشاهدة في العالم، تغوص مع شخصياتها الكاريكاتيرية ذات ملامح الوجه النافرة التي تسبح في فضاء مطلق. وقد ترجمتها بتقنية الأكليريك، على خلفية من قماش الكتان، لتبدو كاريكاتيرات خيالية ذات خلفية طفولية تذكرنا ببطل الرسوم المتحركة «بوباي» وزوجته «أوليف».
ومن المنحوتات التي يقدمها المعرض قطعتان لغرانت ليفي لوسيرو، وهي تتوسط المعرض وتزينه بألوانها الفاقعة (البرتقالي والأخضر)، المستوحاة من قوارير المشروبات الغازية، وهي كناية عن جرار صغيرة من السيراميك مغطاة بطبقة زجاجية لماعة تغريك بلمسها واكتشاف تقنيتها.
قصص بصرية تميل إلى العلمية تشكل غالبية موضوعات لوحات معرض «من الداخل الجديد»، وهي تأخذ زائرها إلى عالم فني تجدده مواهب شابة ثارت على كلاسيكية الجذور، لتضعها في قالب حديث غير مستهلك.



هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.