الشوكولاته الإكوادورية تنافس السويسرية والبلجيكية

الشوكولاته الإكوادورية تنافس السويسرية والبلجيكية
TT

الشوكولاته الإكوادورية تنافس السويسرية والبلجيكية

الشوكولاته الإكوادورية تنافس السويسرية والبلجيكية

كان من المستحيل بين تلك المجموعة الكبيرة والمتنوعة من الخيارات أن نستقر على نكهة واحدة بعينها. وفي الآونة الراهنة، باتت الشوكولاته الإكوادورية تُعرف بأنها واحدة من أفضل منتجات الشوكولاته على مستوى العالم، ولا يرجع ذلك فقط إلى المواد الخام الطبيعية، حيث تنمو البذور في أفضل الأراضي لزراعة وإنتاج الكاكاو، وإنما بسبب المزيج الرائع من أفضل أنواع الشوكولاته بنكهاتها الجديدة والغريبة مثل فاكهة «الماراكويا» أو فاكهة زهرة الآلام، التي يرجع موطنها الأصلي إلى المناطق الاستوائية في قارة أميركا الجنوبية.
وبعض من نكهات الشوكولاته الإكوادورية تتسم بغرابة فائقة لدرجة يصعب تفسيرها لأنها متضمنة داخل نسيج الشوكولاته ذاته مثل ذلك النوع الداكن بعبير الورود. وفي هذه الحالة، فإن أول ما يجذب انتباهك هو الرائحة النفاذة للغاية للزهور الرقيقة والحساسة التي تنبعث من الشوكولاته. وعند تناول قطعة صغيرة لتذوقها، فإنها تترك لديك مذاق الزهور الطبيعية على لسانك. وبرغم مذاق ونكهة الشوكولاته القوية، فلن تستطيع التركيز أبداً على نكهة أو مذاق واحد حال تناولك إياها. ويحقق هذا المزيج الرائع حالة التوازن الكبيرة ما بين كمية الشوكولاته والمذاق اللذيذ.
ومن أفضل نكهات الشوكولاته الإكوادورية تلك التي تأتي بمذاق النعناع الخاص، والذي يترك في الفم شعوراً مستمراً بالانتعاش الدائم.
ولفهم كيف تمكنت الشوكولاته الإكوادورية من المنافسة على قدم المساواة مع الشوكولاته البلجيكية أو الشوكولاته السويسرية، تحدث «الشرق الأوسط» مع خوان سانتليسيس، الناطق الرسمي باسم شركة «باكاري شوكوليت»، والذي شرح لنا أن علامة شركته التجارية هي الأكبر والأكثر شهرة والأوسع نطاقاً من حيث معرفة العملاء بها في الإكوادور مع المبيعات التي تواصل النمو المطرد في أوروبا، ولا سيما في المملكة المتحدة على وجه الخصوص.
يقول خوان سانتليسيس: «هناك أحاديث كثيرة حول الشوكولاته البلجيكية أو السويسرية أو حتى تلك المصنوعة في المملكة المتحدة، غير أن هذه البلدان من غير المعروف عنها إنتاجها للكاكاو الطبيعي. ولقد بدأت تلك البلدان في مزج وصناعة الشوكولاته مع إضافة نكهات الفاكهة والسكر، وهكذا دواليك، ومن ثم وُلد أول قالب من الشوكولاته في القارة الأوروبية».
وأضاف سانتليسيس: «لهذا السبب تحديداً، قررنا أن تكون صناعة الشوكولاته في الإكوادور بمثابة تمثيل خارجي لبلادنا، بالإضافة إلى نكهات الكاكاو الطبيعية، نعمل على صناعة الشوكولاته مع منتجات أخرى من شأنها أن تضفي النكهات التي لم تكن معروفة أو منتشرة من قبل، مثل نكهات الفواكه الاستوائية، مع نكهات مناطق أخرى من أميركا الجنوبية».
وتعتبر عملية الزراعة فناً في حد ذاتها. ويتأتى المذاق الحقيقي والفريد للشوكولاته الإكوادورية بسبب المناخ الاستوائي، مع الممارسات الداعمة للمنتجين المحليين الذين يعملون على زراعة الكاكاو العضوي الطبيعي.
وأضاف سانتليسيس: «نحصل على الحبوب من مناطق مثل (مانابي)، و(إزميرالداس)، و(لوس ريوس)، ويعمل على زراعتها الآلاف من صغار المنتجين المحليين. كما نعمل أيضاً مع المنتجين في (بيورا)، حيث تُستخدم حبوب كاكاو ألبينو في بعض قوالب الشوكولاته محدودة الإنتاج لدينا. وهذا من أكثر أنواع الحبوب تميزاً عندنا الذي يتيح لنا الحصول على قالب من الشوكولاته الفريدة من حيث المذاق والرائحة العطرية النفاذة، ولا تأتي الفاكهة، والأعشاب، والحبوب، وغير ذلك من المكونات التي تزيد من تميز وتفرد الشوكولاته عندنا، من الإكوادور فقط، ولكن هناك مُضافات أخرى ذات جودة فائقة تأتينا من بلدان مجاورة مثل بيرو أو تشيلي. وفي هذه الحالة، يجري إنتاج الفلفل الحار في مجتمعاته الأصلية في جنوب تشيلي. وهناك مجموعة متنوعة من الأماكن، حيث تداوم شركة باكاري شوكوليت «المحاولات لتمثيل مناطق وأماكن مختلفة عبر كافة أصقاع قارة أميركا الجنوبية».
وتضيف كافة المدخلات الخارجية، والعوامل الأخرى المختلفة مثل المناخ الذي يزيد من جودة إنتاج الحبوب الطبيعية، مع التقنيات العالية في المعالجة والتصنيع، إلى الطعم والنكهات والمذاق الفريد للمنتجات لدينا. ويتماهى تنوع نكهات الشوكولاته الإكوادورية بالتنوع الذي تتميز به الإكوادور نفسها، فهي شوكولاته رائعة للغاية لدرجة أنها تحمل في كل قطعة منها جزءاً من التنوع الهائل الذي تشتهر به قارة أميركا اللاتينية.
وبالإضافة إلى فاكهة الماراكويا أو فاكهة زهرة الآلام، هناك عشب «غوايوسا»، وهو عبارة عن الشاي الأخضر الأمازوني، وهو أقل شهرة ومعرفة حتى في الإكوادور، وكذلك ملح «كوزكو» الوردي، والليمون العشبي، والتوت العليقي الذهبي أو توت الزيزفون. وتتوافر نكهات لاذعة للشوكولاته أيضاً مثل «أولسبايس»، و» كارداموم»، مما يضيف إلى شعور التميز والتفرد لهذه العلامة التجارية من الشوكولاته الإكوادورية.
وجرى الاعتراف بمدى تميز الشوكولاته الإكوادورية مرات عديدة من قبل جوائز الشوكولاته الدولية منذ عام 2010. وكانت شوكولاته «باكاري» الداكنة هي الحائزة على أغلب الجوائز حول العالم.
ومن أدلة هذا التميز أنها صارت جزءاً من مجموعة الحلوى الراقية التي تُقدم في مقاعد الدرجة الأولى على متن الخطوط الجوية الإماراتية، في صورة علبة صغيرة تحتوي على قالبين صغيرين من شوكولاته «باكاري» تعبيراً عن أفضل المنتجات مبيعاً لدى شركتنا، وهي شوكولاته ملح الكوزكو والشوكولاته الخام.
وفي كل مرة تتذوق شوكولاته «باكاري» الإكوادورية سوف تلاحظ بنفسك الفارق. فهي ليست مجرد قطعة من الحلوى بنية اللون المعتادة، وإنما هي إعراب عن تقاليد تلك الدولة البعيدة القابعة على سواحل قارة أميركا اللاتينية.


مقالات ذات صلة

شوكولاتة صحية وأكثر استدامة... اختراع سويسري جديد

يوميات الشرق ثمرة الكاكاو من بيكسباي

شوكولاتة صحية وأكثر استدامة... اختراع سويسري جديد

قام باحثون في المعهد الفيدرالي للتكنولوجيا في زيوريخ السويسرية، بقيادة العالم كيم ميشرا وفريقه، بتطوير طريقة جديدة لصنع الشوكولاتة باستخدام كامل ثمرة الكاكاو.

«الشرق الأوسط» (زيوريخ)
صحتك عامل خلال تبريد سائل الشوكولاته في بلجيكا (رويترز)

دراسة: بعض منتجات الشوكولاته تحتوي على مستويات عالية من المعادن السامة

أفادت دراسة جديدة من جامعة جورج واشنطن بأن العديد من منتجات الكاكاو تحتوي على مستويات مثيرة للقلق من المعادن الثقيلة السامة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
يوميات الشرق عُثر على معدلات عالية من مركبات كيميائية ضارة في بعض أنواع المخبوزات (أنسبيلاش)

نكهات الشوكولاته قد تشكل خطراً صحياً

ما الذي يجعل طعم الشوكولاته ورائحتها لذيذين جداً هكذا؟ الكيمياء بالطبع!

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
صحتك الشوكولاته فنّ (د.ب.أ)

شوكولاته سويسرية أكثر صحّية واستدامة

طوَّر باحثون من مدينة زيوريخ السويسرية شوكولاته أكثر صحية واستدامة، استخدموا فيها بجانب حبوب الكاكاو، أجزاء إضافية من ثمرتها بديلاً عن المُحلّيات.

«الشرق الأوسط» (زيوريخ )
يوميات الشرق فيروس يهدد سلامة شجرة الكاكاو والبذور المجففة التي تُصنع منها الشوكولاته (رويترز)

إمدادات الشوكولاته في العالم مهددة بفيروس مدمر

أفادت دراسة أميركية بأن فيروساً سريع الانتشار يهدد سلامة شجرة الكاكاو، والبذور المجففة التي تُصنع منها الشوكولاته.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

الحلويات المصرية تتأثر بالعرب المقيمين

القشطوطة (الحساب الرسمي لمحل بلبن)
القشطوطة (الحساب الرسمي لمحل بلبن)
TT

الحلويات المصرية تتأثر بالعرب المقيمين

القشطوطة (الحساب الرسمي لمحل بلبن)
القشطوطة (الحساب الرسمي لمحل بلبن)

«الحلو إيه؟» سؤال اعتاد المصريون ترديده بمجرد الانتهاء من سفرة الطعام، فـ«التحلية» جزء أصيل من العادات الغذائية حول العالم، غير أن هذه الأصناف الحلوة شهدت تطورات متلاحقة، والعقد الماضي كان الأبرز من حيث تغيير البصمة الأصلية لمذاق الحلويات.

وعزا بعض المطلعين على سوق الطعام تغيير ذوق المصريين في «الحلو» إلى «ضيوف» مصر من الجاليات العربية، خاصة السوريين المعروفين بمهارات الطهي، سواء في الحلو أو الحادق، بينما أرجع آخرون الفضل إلى مواقع التواصل التي أشعلت المنافسة وفرضت ثقافة «التريند».

ظلت «التحلية» على الطريقة المصرية تُزينها أصناف محدودة حتى سنوات قريبة، كان الأمر مقتصراً على وصفات يمكن تحضيرها في المنزل، مثل البسبوسة، والكنافة، والجلاش المحشي بالمكسرات، والكيك، وأم علي، حتى الأرز بلبن وسكر، إن خلا المطبخ من مكونات الزبد والدقيق والبيض والسميد.

كشري حلو (الحساب الرسمي لمحل بلبن)

الوصفات عينها كانت متوفرة لدى محال الحلوى الشهيرة التي لا يزورها إلا ميسورو الحال، وكانت تقدم الغربي أولاً، الممثل في قطع الكيك المُزين بالكريم شانتي والفاكهة الطازجة، وربما طبقات الشوكولاتة، ثم تسللت وصفات الحلوى الشرقية، وباتت منافساً يتقاسم السوق.

تبدل الحال الآن، وظهرت أصناف عدة لا يمكن إدراجها وفقاً للتصنيف الكلاسيكي للحلوى بين «الشرقي والغربي»، وحلّت «تريندات الحلو»، التي كان لضيوف مصر من الجاليات العربية عظيم الأثر في صعودها، حتى بات المصري يتطلع بعد الأكل لصحن القشطوطة أو الكاساتا بالبستاشيو، أما إذا كنت من عشاق المغامرات فعليك بصحن السعادة أو ما يطلق عليه تجارياً «طلب السيروتونين»، وهو طبقات من أنواع حلوى عدة، مثل الأرز بلبن مع البسبوسة والأيس كريم.

وعن تطور ذوق المصريين في الحلويات، ترى ريم عمرو، مستشارة تسويق وصاحبة شركة متخصصة في تطوير العلامات التجارية للحلويات، أن ثقافة «التحلية» لدى المصريين باتت أكثر ارتباطاً بالمتعة بعدما تنوعت الاختيارات، وتقول لـ«الشرق الأوسط» إن «صناعة الحلوى في مصر تعود لأكثر من قرن من الزمان، وثمة علامات كلاسيكية يتخطى عمرها مائة عام، مثل جروبي، وتسيباس، وسيموندس، جميعها كانت محالاً يمتلكها أجانب، لذلك اعتمدوا في البداية الكيك أو الحلوى الغربية فقط».

وأضافت: «تطور بعد ذلك مفهوم الحلواني، وباتت الحلويات الشرقية مثل البسبوسة والكنافة والبقلاوة تظهر كمنافس بفضل الانفتاح الثقافي، خصوصاً مع ظهور علامات تجارية، مثل (العبد) ذات الأصول المصرية الخالصة، وكذلك (عبد الرحيم قويدر) الذي تمتلكه عائلة مصرية منحدرة من أصول سورية، لينقسم مفهوم التحلية لدى المصريين بين الشرقي والغربي».

وتشير مستشارة التسويق إلى أن «لكل موسم حلوى خاصة به، مثل حلوى (المولد النبوي) وكعك العيد وكيك الكريسماس، كل هذا يعكس العلاقة العاطفية المتأصلة في الثقافة المصرية، التي تربط بين تناول الحلو والشعور بالسعادة».

وتلفت إلى أنه «خلال السنوات العشر الماضية تطور ذوق المصريين وباتت تفضيلاتهم تشمل أصنافاً غير مألوفة، وتصاعد التغيير بالتوازي مع استقبال مصر للأشقاء العرب من سوريا وليبيا والعراق، وأخيراً السودان».

وتنوه إلى أن «الوجود السوري كان حاضراً في سوق الحلويات قبل استقبال مصر للسوريين الفارين من الحرب، وخلال العقد الماضي تأصل هذا الحضور بوصفات الكنافة على الفحم والكنافة بالجبن، بالإضافة إلى البقلاوة التركية التي يبرع الطهاة السوريون في تحضيرها».

وقالت: «الحضور السوري في البداية كان يتماشى مع الأصناف الشرقية المعروفة لدى المصريين، غير أنه مع مزيد من الاندماج ظهرت محال مثل (بلبن) الذي رفع شعار التجديد بأطباق حلوى، مثل الطسطوسة المكونة من طبقات الكيك الغارق في الزبدة مع الكنافة والكريمة والقشدة».

القشطوطة (الحساب الرسمي لمحل بلبن)

عدّت ريم ما يشهده الذوق المصري في «الحلو» تغييراً ناتجاً عن «الانفتاح الثقافي والاندماج المجتمعي». وقالت: «مع هذا الاتجاه تأصل مفهوم المقهى الذي يقدم حلوى أكثر عصرية، مثل الكاب كيك والوافل والبراونيز والدوناتس والمافن، وارتبطت هذه الثقافة أكثر بجيل الشباب».

ثقافة «التريند»

كما تعزو ريم تنوع مذاقات الحلو لدى المصريين إلى «التريند»، وقالت إن «السوشيال ميديا ساهمت في اشتعال المنافسة بين صنّاع الحلوى، ولم تعد السوق مقتصرة على الأسماء الرنانة، بينما دخل المنافس العربي والهواة، كما اتسعت السوق واحتضنت رغبات الشباب بأفكار غير تقليدية».

وأضافت أن «حالة الزخم هذه لحقت بها أفكار جاذبة، بعضها يعود إلى ثقافة المحافظات المصرية، مثل المدلعة التي تعود أصولها إلى طنطا، ثم ظهرت حلوى المقلوبة والمدلوقة والشرقانة والغرقانة والمكشكشة والمدحرجة والمكسوفة والمكشوفة، وصولاً إلى الهايصة واللايصة».

وترى خبيرة التسويق «أن كل هذه الاتجاهات ما هي إلا طرق لجذب انتباه المستهلك، لأن جميعها تتكون من طبقات الحلوى التقليدية مثل البسبوسة مع طبقات القشدة والكنافة وتوليفات أخرى تأخذ اسماً غير مألوف بهدف الجذب فقط، ولا يمكن تسميتها بصفة التجديد».

وتقول الطاهية المصرية ملك ذكري، مؤسسة علامة «كيكة»، إن الاندماج الثقافي بين المطبخ المصري والعربي أثرى سوق الحلوى، وخلق فرصاً واعدة. وأضافت، في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «صحيح أن ذوق المصريين بات أكثر تقبلاً للاتجاهات العصرية، كما غدا يتوق للتجارب العصرية والذوبان في مذاقات تنتمي لثقافات مختلفة، غير أن الأصالة والجودة هي معيار جذب المصريين أصحاب المزاج والذوق».

وتضيف ذكري أن تطوير مفهوم التحلية تأثر بمنصات التواصل الاجتماعي، وتقول: «عندما يشاهد المستهلك (تريند) يشعر بالرغبة في التجربة بحثاً عن الشعور بالانتماء للمجموعة، وهو سلوك يعزز الثقة بالنفس، غير أن الإقبال المؤقت لا يعني الاستمرارية، لا أعني بحديثي أن التطور مرفوض ويؤثر على هوية المطبخ المصري، بينما أعني أن ثمة اتجاهات تصعد وتنتشر بوتيرة متسارعة ثم تختفي نهائياً، الرهان هنا هو الجودة وتقديم مذاق مبتكر يبقى في الخيال ويدفع صاحبه لتكرار التجربة».

وتضرب ذكري مثالاً بحلوى «الكروكي»، وهي مزيج من طبقات الكرواسون مع الكوكيز، وتقول: «المزج بين رقائق الكرواسون والقوام الهش المقرمش للكوكيز أضاف تجربة لاقت استحسان المستهلك، لذلك اعتمدها عدد من صناع الحلوى، سواء في المحال الشهيرة أو أصحاب المشروعات الصغيرة».