معرض الرياض للسيارات يرتقي إلى القمة في قائمة الأشهر عالمياً

استقطب ألمع الصناع واستعان بأفضل الخبراء لمناسبة استثنائية

معرض الرياض للسيارات يعد الأكبر في الشرق الأوسط (الشرق الأوسط)
معرض الرياض للسيارات يعد الأكبر في الشرق الأوسط (الشرق الأوسط)
TT

معرض الرياض للسيارات يرتقي إلى القمة في قائمة الأشهر عالمياً

معرض الرياض للسيارات يعد الأكبر في الشرق الأوسط (الشرق الأوسط)
معرض الرياض للسيارات يعد الأكبر في الشرق الأوسط (الشرق الأوسط)

بات معرض الرياض للسيارات هدفاً لكبرى شركات السيارات، وللمهتمين بشكل عام حول العالم، حيث يقدم خلال أيامه الستة، باقة متنوعة ومتعددة من الفعاليات، لا يمكنك خلال قراءتها، التأكد من أن الستة أيام ستكون كافية لها، ولاستيعاب جماهيرها.
وفرض معرض الرياض للسيارات نفسه على خريطة أكبر معارض السيارات العالمية، حيث تنتظر المعارض في عدد من المدن حول العالم، إلا أن عدداً قليلاً منها يشكل الأبرز لأسباب كثيرة، منها قِدمُ المعرض، وأعداد زائريه، كما هو الحال مع معرض باريس الذي يوجد في أول قائمة المعارض العالمية، لكثرة زواره، الذين يتجاوزون أحياناً المليون زائر، ولقدمه أيضاً حيث أقيمت نسخته الأولى عام 1898.
ومعرض ألمانيا الدولي للسيارات، يأتي ضمن قائمة أشهر المعارض العالمية، ويقام كل عامين، وتوجد به 10 قاعات تتسع لعدد كبير من السيارات، ثم يأتي معرض جنيف للسيارات تالياً، إذ يعتبر من أقدم معارض السيارات أيضاً وانطلق في عام 1905، ويضاف إلى القائمة معرض «ديترويت» للسيارات، الذي يسمى أيضاً معرض أميركا الشمالية الدولي للسيارات، وكانت أول نسخه عام 1907م، ويصل عدد زواره إلى 900 ألف زائر، وآسيوياً ينضم معرض بكين الدولي للسيارات إلى كبرى معارض العالم، وكانت أول نسخة منه عام 1990.
ووصل معرض الرياض للسيارات إلى القمة قبل أن يبدأ؛ حيث استقطب أشهر صناع هذا المجال، واستعان بأفضل الخبراء، ليقدم معرضاً استثنائياً جعل منه أكبر معرض متخصص للسيارات في الشرق الأوسط، إذ يضم فعاليات متنوعة تغطي كل جوانب رياضة السيارات؛ حيث يوجد به مزاد معرض الرياض للسيارات، ومعرض «فيراري»، و«Monster Jam»، و«Police Academy»، و«المدفع البشري»، و«Hot Wheels»، وسباق المحاكاة، والعديد من ورش العمل، التي تهدف لإثراء رواد ومحبي هذا المجال.
كما يحتضن المعرض عدداً هائلاً من السيارات النادرة والكلاسيكية والمعدلة، تصل إلى 1200 سيارة، منها نماذج وحيدة في العالم، مثل سيارة «فيراري 599 جي تي زد نيبيو زاجاتو»، وأيضاً سيارة المستقبل «سيارة 2030».
ويعشق محبو السيارات التجربة، لذلك يوفر المعرض برامج تفاعلية، تلبي احتياجات الزوار، مثل حلبة مهارة لـ«الكارتنج»، وسباق المحاكاة، كما يمكنهم التعرف على فريق عمل «فيراري»، وكيفية عملهم خلال سباقات «الفورمولا 1»، إضافة إلى تجربة فريدة تتيح لهم الركوب مع سائق سيارة «فيراري» محترف.
كما يوجد في المعرض، عدد من أبرز مشاهير عالم السيارات، منهم أشهر مقدمي برامج السيارات في العالم، مثل: Ryan Friedlinghaus مؤسس ومقدم برنامج «وست كوست كوستمز»، وDAVE Kindig مقدم برنامج «kindig - it design»، وكذلك أحد أبطال سباقات «الفورمولا 1» البرازيلي Emerson Fittipaldi، الذي حصد 14 لقباً خلال مسيرته الطويلة في عالم سباقات السيارات.
وصُمم المعرض، الذي افتتح أبوابه للزوار يوم الخميس الماضي، ليلبي شغف كل محبي وعشاق عالم السيارات؛ حيث سيجعل من زيارته تجربة فريدة تجعل الزائر يشاهد كل تفاصيل صناعة السيارات، ويتعايش معها في كثير من الجوانب، ويطلع على مزادات السيارات النادرة، ويشارك في تجربة القيادة، وتبهره الحفلات الموسيقية، وكل ذلك في المعرض الأكبر للسيارات في الشرق الأوسط، معرض الرياض للسيارات.
ويتنوع المعرض ما بين عروض حية وسباقات للسيارات، ومزادات لأكثر من 1200 سيارة كلاسيكية فاخرة ومعدّلة؛ حيث يمكن شراؤها وتسجيلها في المعرض مباشرة. كما شهد المعرض تدشين سيارة المستقبل «سيارة 2030»، التي ظهرت بشكل مختلف وعصري وقت الكشف عنها، وهي الوحيدة في العالم، وصممت خصيصاً لموسم الرياض، وتحديداً لمعرض الرياض للسيارات؛ حيث ستطرح في مزاد السيارات، وبإمكان زوار المعرض اقتناؤها.
وسجل المعرض أول مبيعات السيارات النادرة، في المزادات؛ حيث اقتنى نجم الكرة البرازيلية السابق رونالدينهو سيارة من نوع «أستون مارتن» طراز «ربيد» (AMR)، وهي تعد سيارة واحدة من أصل 200 سيارة في العالم، كما استغل الفنان المصري محمد رمضان وجوده في الرياض، ليقوم بشراء سيارة «مرسيدس G 65»، وتوجد منها 65 سيارة فقط في العالم.
وتشتمل الفعاليات أيضاً على عروض مرئية وسباقات استعراضية للسيارات، فالمعرض يطمح لتحطيم ثلاثة أرقام قياسية عالمية، فخلال يومين من انطلاقته، حقق رقمه القياسي الأول من قبل رجل المخاطر تيري غرانت، الذي قاد سيارته من طراز «جاغوار إف بيس»، وانطلق بها نحو أعلى لفة في العالم، إذ حقق 19.5 متر.
وكان لمحبي المغامرات موعد مع فعالية «المدفع البشري»، إذ تضمن المعرض تلك المغامرة لأول مرة في المملكة؛ حيث يستعد ديفيد سميث لكسر الرقم القياسي بأطول مسافة يقطعها إنسان انطلق من مدفع.
ويُعد معرض الرياض للسيارات من أضخم الفعاليات المقامة لمحبي السيارات، إذ يتضمن على عروض حية لمطاردات لسيارات الشرطة، والمستوحاة من فيلم «أكاديمية الشرطة»، بالإضافة إلى العروض الحية «للدرفت» وسباق محاكاة السيارات التي تُقدم بالتقنية نفسها التي يستخدمها متسابقو «الفورمولا».
يشار إلى أن فعاليات معرض الرياض للسيارات تُعد جزءاً من فعاليات موسم الرياض، حيث يفتح أبوابه للزوار خلال الفترة من 21 إلى 26 نوفمبر (تشرين الثاني).


مقالات ذات صلة

«طلاء شمسي» لشحن السيارات الكهربائية

علوم «طلاء شمسي» لشحن السيارات الكهربائية

«طلاء شمسي» لشحن السيارات الكهربائية

عجينة رقيقة تؤمن السفر مجاناً آلاف الكيلومترات

ديدي كريستين تاتلووكت (واشنطن)
الاقتصاد صفقة استحواذ «ارامكو» على 10 % في «هورس باورترين» بلغت 7.4 مليار يورو (رويترز)

«أرامكو» تكمل الاستحواذ على 10 % في «هورس باورترين المحدودة» بـ7.4 مليار يورو

أعلنت «أرامكو السعودية» إكمال شراء 10 في المائة بشركة «هورس باورترين» المحدودة الرائدة في مجال حلول نقل الحركة الهجين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
خاص «بي واي دي»: نخطط للاستثمار في مبادرات تسويقية وتعليمية لزيادة الوعي بفوائد النقل الكهربائي (BYD)

خاص «بي واي دي»... قصة سيارات كهربائية بدأت ببطارية هاتف

من ابتكارات البطاريات الرائدة إلى المنصات المتطورة، تتماشى رؤية «بي واي دي» مع الأهداف العالمية للاستدامة، بما في ذلك «رؤية المملكة 2030».

نسيم رمضان (الصين)
الاقتصاد ترمب يلقي خطاباً خلال تجمع انتخابي في أرينا سانتاندر في ريدينغ بنسلفانيا (رويترز)

تعريفات ترمب الجمركية تضع شركات عالمية في المكسيك تحت المجهر

مع تزايد المخاوف من اندلاع حرب تجارية، ستواجه العديد من الشركات التي لديها حضور تصنيعي في المكسيك تحديات جديدة، وخاصة تلك التي تصدر إلى الولايات المتحدة.

«الشرق الأوسط» (عواصم )
يوميات الشرق شعار العلامة التجارية للسيارات الفارهة «جاغوار» (أ.ب)

حتى ماسك انتقده... إعلان ترويجي لسيارات «جاغوار» يثير غضباً

أثار مقطع فيديو ترويجي لتغيير العلامة التجارية للسيارات الفارهة «جاغوار» انتقادات واسعة بظهور فتيات دعاية يرتدين ملابس زاهية الألوان دون وجود سيارة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
TT

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)

في الرابع من شهر الخِصب وبراعم اللوز والورد، وُلد عاصي الرحباني. كانت البلادُ فكرةً فَتيّة لم تبلغ بعد عامها الثالث. وكانت أنطلياس، مسقط الرأس، قريةً لبنانيةً ساحليّة تتعطّر بزهر الليمون، وتَطربُ لارتطام الموج بصخور شاطئها.
لو قُدّر له أن يبلغ عامه المائة اليوم، لأَبصر عاصي التحوّلات التي أصابت البلاد وقُراها. تلاشت الأحلام، لكنّ «الرحباني الكبير» ثابتٌ كحقيقةٍ مُطلَقة وعَصي على الغياب؛ مقيمٌ في الأمس، متجذّر في الحاضر وممتدّةٌ جذوره إلى كل الآتي من الزمان.


عاصي الرحباني خلال جلسة تمرين ويبدو شقيقه الياس على البيانو (أرشيف Rahbani Productions)

«مهما قلنا عن عاصي قليل، ومهما فعلت الدولة لتكريمه قليل، وهذا يشمل كذلك منصور وفيروز»، يقول المؤلّف والمنتج الموسيقي أسامة الرحباني لـ«الشرق الأوسط» بمناسبة مئويّة عمّه. أما الصحافي والباحث محمود الزيباوي، الذي تعمّق كثيراً في إرث الرحابنة، فيرى أن التكريم الحقيقي يكون بتأليف لجنة تصنّف ما لم يُنشر من لوحاته الغنائية الموجودة في إذاعتَي دمشق ولبنان، وتعمل على نشره.
يقرّ أسامة الرحباني بتقصير العائلة تجاه «الريبرتوار الرحباني الضخم الذي يحتاج إلى تضافر جهود من أجل جَمعه»، متأسفاً على «الأعمال الكثيرة التي راحت في إذاعة الشرق الأدنى». غير أنّ ما انتشر من أغانٍ ومسرحيات وأفلام، على مدى أربعة عقود من عمل الثلاثي الرحباني عاصي ومنصور وفيروز، أصبح ذخيرةً للقرون المقبلة، وليس للقرن الرحباني الأول فحسب.

«فوتي احفظي، قومي سجّلي»
«كان بركاناً يغلي بالعمل... يكتب بسرعة ولا يتوقف عند هاجس صناعة ما هو أجمل، بل يترك السرد يمشي كي لا ينقطع الدفق»، هكذا يتذكّر أسامة عمّه عاصي. وفي بال الزيباوي كذلك، «عاصي هو تجسيدٌ للشغف وللإنسان المهووس بعمله». لم يكن مستغرباً أن يرنّ الهاتف عند أحد أصدقائه الساعة الثالثة فجراً، ليخرج صوت عاصي من السمّاعة قارئاً له ما كتب أو آخذاً رأيه في لحنٍ أنهاه للتوّ.
ووفق ما سمعه الزيباوي، فإن «بعض تمارين السيدة فيروز وتسجيلاتها كان من الممكن أن يمتدّ لـ40 ساعة متواصلة. يعيد التسجيل إذا لم يعجبه تفصيل، وهذا كان يرهقها»، رغم أنه الزوج وأب الأولاد الأربعة، إلا أن «عاصي بقي الأستاذ الذي تزوّج تلميذته»، على حدّ وصف الزيباوي. ومن أكثر الجمل التي تتذكّرها التلميذة عن أستاذها: «فوتي احفظي، قومي سَجّلي». أضنى الأمر فيروز وغالباً ما اعترفت به في الحوارات معها قبل أن تُطلقَ تنهيدةً صامتة: «كان ديكتاتوراً ومتطلّباً وقاسياً ومش سهل الرِضا أبداً... كان صعب كتير بالفن. لمّا يقرر شي يمشي فيه، ما يهمّه مواقفي».


عاصي وفيروز (تويتر)
نعم، كان عاصي الرحباني ديكتاتوراً في الفن وفق كل مَن عاصروه وعملوا معه. «كل العباقرة ديكتاتوريين، وهذا ضروري في الفن»، يقول أسامة الرحباني. ثم إن تلك القسوة لم تأتِ من عدم، فعاصي ومنصور ابنا الوَعر والحرمان.
أثقلت كتفَي عاصي منذ الصغر همومٌ أكبر من سنّه، فتحمّلَ وأخوه مسؤولية العائلة بعد وفاة الوالد. كان السند المعنوي والمادّي لأهل بيته. كمعطفٍ ردّ البردَ عنهم، كما في تلك الليلة العاصفة التي استقل فيها دراجة هوائية وقادها تحت حبال المطر من أنطلياس إلى الدورة، بحثاً عن منصور الذي تأخّر بالعودة من الوظيفة في بيروت. يروي أسامة الرحباني أنها «كانت لحظة مؤثرة جداً بين الأخوين، أبصرا خلالها وضعهما المادي المُذري... لم ينسيا ذلك المشهد أبداً، ومن مواقفَ كتلك استمدّا قوّتهما».
وكما في الصِبا كذلك في الطفولة، عندما كانت تمطر فتدخل المياه إلى المدرسة، كان يظنّ منصور أن الطوفان المذكور في الكتاب المقدّس قد بدأ. يُصاب بالهلَع ويصرخ مطالباً المدرّسين بالذهاب إلى أخيه، فيلاقيه عاصي ويحتضنه مهدّئاً من رَوعه.

«سهرة حبّ»... بالدَين
تعاقبت مواسم العزّ على سنوات عاصي الرحباني. فبعد بدايةٍ متعثّرة وحربٍ شرسة ضد أسلوبه الموسيقي الثائر على القديم، سلك دروب المجد. متسلّحاً بخياله المطرّز بحكايا جدّته غيتا و«عنتريّات» الوالد حنّا عاصي، اخترع قصصاً خفتت بفعلِ سحرِها الأصواتُ المُعترضة. أما لحناً، فابتدعَ نغمات غير مطابقة للنظريات السائدة، و«أوجد تركيبة جديدة لتوزيع الموسيقى العربية»، على ما يشرح أسامة الرحباني.


صورة تجمع عاصي ومنصور الرحباني وفيروز بالموسيقار محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش، بحضور بديعة مصابني وفيلمون وهبي ونجيب حنكش (أرشيف Rahbani Productions)
كان عاصي مستعداً للخسارة المادية من أجل الربح الفني. يحكي محمود الزيباوي أنه، ولشدّة مثاليته، «سجّل مسرحية (سهرة حب) مرتَين ولم تعجبه النتيجة، فاقترض مبلغاً من المال ليسجّلها مرة ثالثة». ويضيف أن «أساطير كثيرة نُسجت حول الرحابنة، لكن الأسطورة الحقيقية الوحيدة هي جمال عملهم».
ما كانت لتكتمل أسطورة عاصي، لولا صوت تلك الصبية التي دخلت قفصَه الذهبي نهاد حدّاد، وطارت منه «فيروز».
«أدهشته»، يؤكّد الزيباوي؛ ويستطرد: «لكنّ أحداً منهما لم يعرف كيف يميّز بين نهاد حداد وفيروز»... «هي طبعاً المُلهِمة»، يقول أسامة الرحباني؛ «لمح فيها الشخصية التي لطالما أراد رسمَها، ورأى امرأةً تتجاوب مع تلك الشخصية»، ويضيف أن «عاصي دفع بصوت فيروز إلى الأعلى، فهو في الفن كان عنيفاً ويؤمن بالعصَب. كان يكره الارتخاء الموسيقي ويربط النجاح بالطبع الفني القوي، وهذا موجود عند فيروز».


زفاف عاصي الرحباني ونهاد حداد (فيروز) عام 1955 (تويتر)

دماغٌ بحجم وطن
من عزّ المجد، سرقت جلطة دماغيّة عاصي الرحباني عام 1972. «أكثر ما يثير الحزن أن عاصي مرض وهو في ذروة عطائه وإبداعه، وقد زادت الحرب اللبنانية من مرضه وصعّبت العمل كثيراً»، وفق الزيباوي. لم يكن القلق من الغد الغامض غريباً عليه. فهو ومنذ أودى انفجارٌ في إحدى الكسّارات بحياة زوج خالته يوسف الزيناتي، الذي كان يعتبره صياداً خارقاً واستوحى منه شخصيات لمسرحه، سكنته الأسئلة الحائرة حول الموت وما بعدَه.
الدماغ الذي وصفه الطبيب الفرنسي المعالج بأنه من أكبر ما رأى، عاد ليضيء كقمرٍ ليالي الحصّادين والعاشقين والوطن المشلّع. نهض عاصي ورجع إلى البزُق الذي ورثه عن والده، وإلى نُبله وكرمه الذي يسرد أسامة الرحباني عنهما الكثير.
بعد المرض، لانت قسوة عاصي في العمل وتَضاعفَ كرَمُه المعهود. يقول أسامة الرحباني إن «أقصى لحظات فرحه كانت لحظة العطاء». أعطى من ماله ومن فِكرِه، وعُرف بيدِه الموضوعة دائماً في جيبِه استعداداً لتوزيع النقود على المحتاجين في الشارع. أما داخل البيت، فتجسّد الكرَم عاداتٍ لطيفة وطريفة، كأن يشتري 20 كنزة متشابهة ويوزّعها على رجال العائلة وشبّانها.
خلال سنواته الأخيرة ومع احتدام الحرب، زاد قلق عاصي الرحباني على أفراد العائلة. ما كان يوفّر مزحة أو حكاية ليهدّئ بها خوف الأطفال، كما في ذلك اليوم من صيف 1975 الذي استُهدفت فيه بلدة بكفيا، مصيَف العائلة. يذكر أسامة الرحباني كيف دخل عاصي إلى الغرفة التي تجمّع فيها أولاد العائلة مرتعدين، فبدأ يقلّد الممثلين الأميركيين وهم يُطلقون النار في الأفلام الإيطالية، ليُنسيَهم ما في الخارج من أزيز رصاص حقيقي. وسط الدمار، بنى لهم وطناً من خيالٍ جميل، تماماً كما فعل وما زال يفعل في عامِه المائة، مع اللبنانيين.


عاصي الرحباني (غيتي)