مروان خوري لـ«الشرق الأوسط»: أنا بخير... سألقاكم في رأس السنة

بعد إصابته بوعكة صحية أجبرته على إلغاء حفل في المكسيك

مروان خوري لـ«الشرق الأوسط»: أنا بخير... سألقاكم في رأس السنة
TT

مروان خوري لـ«الشرق الأوسط»: أنا بخير... سألقاكم في رأس السنة

مروان خوري لـ«الشرق الأوسط»: أنا بخير... سألقاكم في رأس السنة

«أنا بخير، وأريد أن أطمئن جمهوري الحبيب أن حالتي الصحية بتحسن، وأنني سألقاهم قريباً في مناسبة أعياد رأس السنة في حفلة أحييها في تركيا». بهذه الكلمات طمأن الفنان مروان خوري في حديث لـ«الشرق الأوسط» محبيه في لبنان والعالمين العربي والغربي إثر إصابته بوعكة صحية أجبرته على إلغاء حفل كان من المقرّر أن يقيمه في المكسيك اليوم (22 نوفمبر/تشرين الثاني).
إنها ليست المرة الأولى التي يصاب بها الفنان الشامل مروان خوري بوعكة صحية؛ فهو يعاني عادة من حساسية مفرطة بسبب تغيرات الطقس. لكن هذه المرة وبُعيد إعلانه في تغريدة له عبر حسابه على «تويتر»، وفي منشور على «إنستغرام»، أنه مصاب بالتهاب رئوي حاد أجبره على إلغاء الحفلة المذكورة، أثار المخاوف لدى جمهوره الذي راح يتساءل عن حقيقة وضعه الصحي.
وكان خوري قد كتب على حساباته على وسائل التواصل الاجتماعي في 12 نوفمبر الحالي، يقول: «أعزائي، كان من المفترض أن أشارك اليوم، المحبين في سلطنة عمان بجلسة خاصة، لكن، للأسف لدواعٍ صحية تعذّر ذلك مع التأكيد أنّني سألتقي بكم بمشيئة الله يومي 14 و15 الحالي مع الأوركسترا السيمفونية في دار الأوبرا السلطانية، وعذراً مجدداً». وليلحقها الاثنين في 18 الحالي بتغريدة جديدة، يقول فيها: «إلى المحبين الأعزاء، للأسف ونتيجة للإجهاد والسفر ومحاولتي إتمام حفلاتي على أكمل وجه، إلا أن ذلك ضاعف من حدة الوضع الصحي؛ مما أدى إلى إصابتي بالتهاب رئوي حاد يمنعني من إقامة حفل المكسيك بتاريخ 22 نوفمبر». وأضاف: «لما تتطلبه الرحلة من جهد، ولعدم إمكانية الغناء بشكل يرضيني ويرضي الجمهور الكريم. وبالتالي، أقدم اعتذاري أيضاً للشركة المنظمة لما بذلته من جهد لتحقيق هذه الرحلة على أمل التعويض في عمل آخر».
ويعلق مروان خوري في سياق حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «عادة، لا أحب التحدث في هذه الموضوعات الخاصة بي، لكني رغبت في توضيح سبب إلغائي حفل المكسيك، ونشرت ذلك عبر مواقع التواصل الاجتماعي؛ لأن الوضع كان يقضي بذلك».
ويروي خوري حقيقة ما جرى معه، فيقول: «لقد أحييت كمّاً كبيراً من الحفلات الغنائية الصيف الماضي، وكان أحدثها في ولايات عدة في أميركا. وهنا دعيني أركز على شهر نوفمبر الحالي، الذي أجهدت خلاله نفسي أكثر من المطلوب؛ إذ كان لدي حفلة على مسرح الشيخ درويش في دار الأوبرا في الإسكندرية في الثاني منه، وأخرى في دار الأوبرا بالقاهرة في الثالث من الشهر المذكور». ويضيف خوري: «ولاقت الحفلتان نجاحاً باهراً سعدت به كثيراً. كما اغتنمت فرصة وجودي هناك لتسجيل موسيقى أغاني أحضرها لألبومي الجديد. ومن ثم توجهت إلى الكويت وقدمت ثلاث حفلات، بدأتها في 7 و8 نوفمبر على مسرح الشيخ جابر أحمد الثقافي. وكانت نتيجة نجاحهما التمديد لحفلة إضافية في التاسع منه أيضاً. وفي هذه الأخيرة بدأت أشعر بالوهن والتعب».
ويشرح الفنان الملقب بـ«ملك الإحساس»، أن المرض كان قد بدأ يتسلّل إليه وهو في الطائرة متوجهاً إلى سلطنة عمان. «هناك لم أستطع إقامة تجاربي الصوتية، وأخذت فترة استراحة بعد اتصالات أجريتها مع الأطباء وألغيت إثرها جلسة (القهوة والتمر)، التي كانت مقررة في 12 نوفمبر. وهي واحدة من علامات التأهل التي يتمتع بها الشعب العماني ويقيمها لضيفه. وبالفعل تحسنت إلى حد ما. وهو الأمر الذي ساعدني على إحياء الحفلين المقررين لي في دار أوبرا السلطانية في 14 و15 نوفمبر. وشاركتني في الأولى الفنانة نجوى كرم، وخلال الثانية انتابني شعور كبير بالتعب، وذلك في الوصلة الغنائية الأخيرة منها. فنقلت على أثرها إلى قسم الطوارئ في أحد مستشفيات السلطنة». ويوضح خوري، أنه أجرى الفحوص الطبية اللازمة التي كشفت عن إصابته بالتهاب رئوي حاد. وبعد عودته إلى بيروت اضطر إلى أن يأخذ فترة نقاهة، ولا سيما أنه كان يعاني من حرارة مرتفعة. وعلى ضوئها نصحه الأطباء بإلغاء حفل المكسيك. «اليوم تحسنت بشكل كبير وما زلت أمضي فترة نقاهتي إلى حين تعافيّ بشكل تام. كما أريد التأكيد بأني لم ألغِ أي من حفلاتي في السلطنة، حسب ما ورد في بعض وسائل الإعلام».
ويستعد مروان خوري إثر تعافيه لتسجيل أغاني ألبومه الجديد، الذي من المتوقع أن يرى النور في النصف الأول من العام المقبل.
وعن الصعوبات التي واجهها في هذه المرحلة، ولا سيما أنه فقد والدته مؤخراً، يقول: «لا شك أن فقداني والدتي ترك أثره السلبي عليّ. لكن المسرح وحده كان عزائي، وبمثابة القوة التي أتزود بها، كي أستطيع تحمل كل شيء. وكل هذه الجهود التي بذلتها في المقابل على الخشبة ارتدت عليّ سلباً بخصوص وضعي الصحي. فأشعر وكأني فقدت طاقة كبيرة، وحاولت قدر الإمكان نسيان حزني من خلال وقوفي على المسرح، وهو ما ارتدّ عليّ ضغوطاً كبيرة أوصلتني إلى ما أنا عليه اليوم».
وعن برنامج حفلاته المستقبلية، يقول: «حالياً، لم أرتبط بأي حفل جديد أقيمه لأنني في فترة نقاهة، لكنني سأكون على الموعد مع أحبائي بمناسبة أعياد رأس السنة، ضمن حفل سأقيمه في تركيا».



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».