تؤكد الحكومة الأميركية أنه لا يجوز للموظفين النوم في أماكن العمل، إلا أن الخبراء يصرَون على ضرورة إعادة النظر بهذا الأمر، بحسب تقرير نشره موقع هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي».
وقررت حكومة الولايات المتحدة أن تتشدد أكثر في قضية أخذ قيلولة داخل أماكن العمل. ورغم أن النوم في العمل كان مستهجناً منذ وقت طويل للموظفين الفيدراليين، فإنه لم يتم حظره بشكل صريح حتى الآن.
وقال التوجيه الذي أصدرته إدارة الخدمات العامة في وقت سابق من هذا الشهر: «يحظر على جميع الأشخاص النوم في المباني الفيدرالية، إلا عندما يكون هذا النشاط موافقاً عليه من قِبل مسؤول وكالة».
وليس من الواضح ما الذي دفع الإدارة لإصدار هذا التوجيه الرسمي، لكنها ليست المرة الأولى التي تضطر فيها الحكومة إلى اتخاذ إجراءات صارمة ضد النوم في أماكن العمل.
وفي عام 2018، أصدر مكتب مدققي الحسابات في ولاية كاليفورنيا تقريراً عن عاملة في قسم السيارات والآليات، كانت تنام لمدة 3 ساعات في اليوم. وقدّر التقرير أن نوم العاملة كلف الدولة 40 ألف دولار نظراً للإنتاجية المفقودة على مدار أربع سنوات.
ولم يصدر أي تحذير للعاملة، لأن المشرف عليها كان يشعر بالقلق من وجود مشكلة صحية تسبب شعورها بالنعاس.
*من أجل مصلحة العمل
وتدور الحجة الداعية إلى أخذ قيلولة في العمل حول زيادة الإنتاجية وليس تقليصها.
ويقدر الدكتور لورانس إبستاين، الرئيس السابق للأكاديمية الأميركية لطب النوم والمدير الطبي لطب النوم السريري في بريغهام ومستشفى النساء في بوسطن، أن هنالك نحو 70 مليون أميركي يعانون من اضطراب النوم.
ووجدت دراسة نُشرت مؤخراً من جامعة بول إنديا بولاية إنديانا، التي فحصت فترة النوم التي أبلغ عنها ذاتيا لـ150 ألف شخص، أن عدد المشاركين الذين حصلوا على سبع ساعات من النوم في الليلة أو أقل ارتفع إلى 35.6 في المائة في عام 2018 من 30.9 في المائة في عام 2010. وأكد نحو نصف من المجيبين الذين كانوا ضباط الشرطة والعاملين في مجال الرعاية الصحية عدم حصولهم على قسط كاف من النوم.
وقال إبستاين لـ«بي بي سي»: «أصبحت بعض الشركات أكثر وعياً بذلك وتقدم طرقاً لمعالجة القضية. لسوء الحظ، لا أعتقد أن وكالاتنا الحكومية تعي لهذا الأمر».
وبحسب التقرير، فإن هذا الحرمان من النوم يمكن أن يؤثر سلباً على صحة الناس والاقتصاد.
*القيلولة لإنتاج أفضل
وربطت قلة النوم بالكثير من المشكلات الصحية، بما في ذلك السمنة والسكري وأمراض القلب والسكتات الدماغية، إلى جانب مشكلات الصحة العقلية مثل القلق والاكتئاب.
ويربط تحليل أجرته مؤسسة «راند» عام 2016 تأثير العمال المحرومين من النوم على الاقتصاد الأميركي بمبلغ 411 مليار دولار في السنة، وذلك بسبب الإنتاجية المفقودة.
ويدعم إبستاين وغيره من الخبراء السماح للعمال بأخذ قيلولة قصيرة أثناء العمل.
ويقول إبستاين: «الأشخاص المحرومون من النوم لا يقدمون أفضل ما لديهم ويتعرضون بشكل أكبر لحوادث العمل، وقد ينتهي بهم الأمر وهم يعانون من مشاكل صحية تكلف الشركات مبالغ كثيرة».
ولا تشدد الدول الأخرى على أخذ القيلولة في أماكن العمل كثيرا. ففي اليابان، تقوم الشركات بتركيب أدوات عازلة للصوت لتشجيع العمال، الذين يقضون ساعات طويلة في العمل، على الحصول على قسط من الراحة.