«في خضم كل ما يجري»... معرض سعودي يرصد التغيير

بمشاركة 23 فناناً من مختلف المدارس

جانب من الأعمال الفنية في المعرض
جانب من الأعمال الفنية في المعرض
TT

«في خضم كل ما يجري»... معرض سعودي يرصد التغيير

جانب من الأعمال الفنية في المعرض
جانب من الأعمال الفنية في المعرض

يرصد 23 شاباً سعودياً عبر أعمال فنية التغيرات التي يمر بها المجتمع وتداعياتها على المستويين الفردي والجماعي، وذلك في معرض بمدينة جدة يحمل اسم «في خضم كل ما يجري» يجمع مختلف المدارس الفنية.
كما يقدم «أثر غاليري» الذي ينظم المعرض أعمالاً فنية لـ110 فنانين سعوديين ومقيمين في المملكة، بعضهم اشتهروا عالمياً وتم اقتناء أعمالهم من متاحف ولهم مشاركات فنية في نسخ بینالي.
وقال محمد حافظ مدير صالة «أثر غاليري» لـ«الشرق الأوسط»: «وجهت أثر هذا العام دعوة واسعة لاستقطاب أفضل المواهب الشابة للمشاركة في نسخة المعرض السابعة، وتلقى على إثرها 203 طلبات من جميع أنحاء السعودية، وتم اختيار 22 منها عبر لجنة مختصة».
وأضاف حافظ أن تسمية المعرض «في خضم كل ما يجري» جاء من كونه سؤالاً شائعاً بين الشباب، وتحديداً فيما تشهده البلاد من نهضة فنية من خلال تجربتها الأولى في إضفاء الطابع المؤسسي على الفن والثقافة والترفيه، لتندرج هذه الفعاليات ضمن الإنجازات الثقافية، وأعاد هذا الأمر تعريف المشهد السعودي وكيفية تفاعل الناس معه، ويمثل هذا تغيراً على المستويات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والتأثيرات الحاصلة على صعيد الأماكن العامة والخاصة، وهنا مساحة للتعبير عن كيفية إدراك الفنان حجم هذه التغيرات.
إلى ذلك، ذكر حمزة صيرفي الشريك المؤسس في «أثر غاليري» أن معرض «مواهب سعودية شابة» يقدم فرصة للفنانين الشباب لعرض أعمالهم في سياق احترافي، والتعاون مع المنسقين الفنيين، والحصول على النقد الفني، وتعريف السوق على هذه الأعمال، ويهدف إلى تسليط الضوء على بعض الفنانين الموهوبين الذين يعملون في السعودية وينتجون أعمالاً بأساليب مبتكرة.
وتشارك عائشة إسلام بعمل «التحول العاطفي» استخدمت فيه رسم مادة الحناء على صور لـ«الأشعة السينية» التي ورثتها عن والدتها ورسمت عليها أشكالاً هندسية في محاولة لرثاء والدتها.
بينما قدّم إبراهيم رمان عمل «غربي في بلدي» الذي يتضمن رسم الألوان على السجاد، وقاده إلى ذلك عودته من الخارج بعد سنوات ليجد منزل جدته في مدينة جدة كما هو من ناحية الأثاث والديكورات فأحب أن يستمر على هيئته القديمة.
أما عبيد الصافي فيحاول من خلال عمله «الأرض دائرة رقمية» رصد حركة الإنسان وتفاعله مع التقنية على شكل دائرة تفسر معنى الوجود الذي يدور في دوامة لا متناهية.
كما عمل غسان الحربي على استكشاف الذات وإعادة عرض التحول المستمر في محاولة لتطوير الإدراك، ففي خضم كل ما يجري يتنافس شباب الجيل الحالي على إبراز أهم ما يجري من ماضٍ وحاضر.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».