حب القهوة قد يرجع لـ6 متغيرات جينية للاعتياد على شربها

هل تبدأ يومك بفنجان منها.. أم تتجنب احتساءها لتجنب الكافيين؟

شرب القهوة بكثرة سببه أن الجسم يعالج الكافيين
شرب القهوة بكثرة سببه أن الجسم يعالج الكافيين
TT

حب القهوة قد يرجع لـ6 متغيرات جينية للاعتياد على شربها

شرب القهوة بكثرة سببه أن الجسم يعالج الكافيين
شرب القهوة بكثرة سببه أن الجسم يعالج الكافيين

هل تحتاج إلى فنجان من القهوة كي تبدأ يومك.. أم تتجنب احتساءه لأن الكافيين يسبب لك التوتر؟ في كلتا الحالتين قد يرجع الأمر إلى جيناتك. فقد حدد تحليل جديد لعشرات الآلاف من الخرائط الوراثية البشرية 6 متغيرات جينية جديدة ترتبط بالاعتياد على شرب القهوة الأمر الذي قد يساعد في تفسير الاستجابات المختلفة حيال فنجان القهوة، حسب «رويترز».
وقال دانيال تشاسمان، الأستاذ المساعد في مستشفى بريغهام أند ويمن في مدينة بوسطن الأميركية، والذي قاد فريق البحث «مثل التحليلات الوراثية السابقة للتدخين وشرب الكحوليات يقدم هذا التحليل نموذجا لكيف يمكن أن تؤثر الجينات على بعض السلوكيات المعتادة».
وجمع الباحثون بيانات من 28 دراسة لأكثر من 120 ألف شخص يحتسون القهوة بانتظام. ودرس الباحثون نسخا من الجينات موجودة لدى هؤلاء الأشخاص مستخدمين في ذلك الخرائط الجينية لهم وما قدموه من بيانات عن حجم استهلاكهم اليومي من القهوة.
وبالإضافة إلى جينين جرى ربطهما فيما سبق بالفعل بالتمثيل الغذائي للكافيين اكتشف الباحثون موقعين آخرين في الخريطة الوراثية يرتبطان بالطريقة الني يعالج بها الجسم الكافيين. وأشار الباحثون إلى وجود متغيرين وراثيين آخرين قد يحددان تأثيرات الكافيين على المخ. ومع ذلك هناك متغيران جديدان آخران يرتبطان بالتمثيل الغذائي للسكر والدهون.
وكتب الباحثون في دورية الطب النفسي الجزيئي أن الأشخاص الذين يتمتعون بمتغيرات جينية ترتبط بزيادة التمثيل الغذائي للكافيين يميلون إلى شرب المزيد من القهوة لأن أجسامهم تعالجه بطريق أسرع.
وذكر الباحثون أن تناول القهوة يرتبط بتراجع احتمالات الإصابة بالشلل الرعاش وأمراض الكبد والنوع الثاني من السكري، لكن تأثيره على صحة القلب والإصابة بالسرطان ومعدل الخصوبة ما زال أمرا مثيرا للجدل.
والقهوة مشروب يعد من بذور البن المحمصة، وينمو في أكثر من 70 بلدا. ويقال إن البن الأخضر هو ثاني أكثر السلع تداولا في العالم بعد النفط الخام. ونظرا لاحتوائها على الكافيين، يمكن أن يكون للقهوة تأثير منبه للبشر. وتعد القهوة اليوم واحدة من المشروبات الأكثر شعبية في جميع أنحاء العالم.
من المعتقد أن أجداد قبيلة الأورومو في إثيوبيا، كانوا هم أول من اكتشف وتعرف على الأثر المنشط لنبات حبوب القهوة. ولم يُعثر على دليل مباشر يكشف بالتحديد عن مكان نمو القهوة في أفريقيا، أو يكشف عمن قد استخدمها على أنها منشط أو حتى يعرف عن ذلك قبل القرن السابع عشر. وظهر أقرب دليل موثوق به سواء على شرب القهوة أو معرفة شجرة البن، في منتصف القرن الخامس عشر، في الأديرة الصوفية في اليمن في جنوب شبه الجزيرة العربية. وقد انتشرت القهوة من إثيوبيا إلى اليمن ومصر، وبحلول القرن الخامس عشر وصلت إلى أرمينيا وبلاد فارس وتركيا وشمال أفريقيا. وقد انتشرت القهوة من العالم الإسلامي، إلى إيطاليا، ثم إلى بقية أوروبا وإندونيسيا وإلى الأميركتين.
يجري إنتاج ثمار البن التي تحتوي على حبوب القهوة عن طريق عدة أنواع من الشجيرات دائمة الخضرة الموجودة بشجر البن. والنوعان الأكثر شيوعا هما كافيا كانيفورا (المعروفة أيضا باسم كافيا روبوستا)، وكافيا أرابيكا؛ أما أقل الأنواع شيوعا فهي liberica، excelsa، stenophylla، mauritiana، racemosa. حيث تجري زراعتها غالبا في أميركا اللاتينية، جنوب شرقي آسيا، وأفريقيا. وبمجرد نضوجها، يجري قطف حبوب القهوة، وتجهيزها، وتجفيفها. ثم يتم تحميص البذور، قبل مرورها بعدة تغيرات فيزيائية وكيميائية. حيث يتم التحميص بدرجات متفاوتة، اعتمادا على النكهة المطلوبة. ثم يتم طحنها وغليها لعمل القهوة. حيث يمكن إعدادها وتقديمها بطرق متنوعة.
تعتبر الجمهورية اليمنية من أوائل الدول التي زرعت البن وصدرته إلى العالم، بدليل أن القهوة يطلق عليه Arabica أو القهوة العربية مصدرها اليمن، كما أن أهم وأفخر أنواع القهوة هي الموكا وهي تحريف من «قهوة المخاء» نسبة إلى الميناء اليمني الشهير (المخا). ويعتبر ميناء المخاء الأول الذي انطلقت منه سفن تجارة وتصدير البن إلى أوروبا وباقي أنحاء العالم. يشتهر البن اليمني بمذاقه الخاص وطعمه الفريد الذي يختلف عن أنواع البن الأخرى التي تزرع وتنتج في بلدان العالم الأخرى وفي عهد لويس الخامس عشر بلغ عدد المحلات التي تقدم القهوة في باريس ستمائة مكان، ولم يكن في فرنسا كلها شجرة بن واحدة، ثم جيء بشجرة من اليمن زرعت في حديقة النباتات، ونجحت التجربة بعض النجاح. ثم نقلت فرنسا زراعة شجر البن إلى جزر مرتينيك، ومن هناك إلى أميركا الجنوبية كلها وبخاصة في البرازيل.
وأجمع المؤرخون على أن قصة اكتشاف القهوة كان عن طريق أحد رعاة الأغنام والذي قد تنبه إلى أن أغنامه تبقى متيقظة في الليل بعد تناولها من نبته معينه فقام بتجريبها واكل من حبوبها فبعثت في نفسه النشاط.
ولكن المؤرخين اختلفوا فقالوا أن هذا الراعي عربي وقيل انه أفريقي من بلاد الحبشة بحيث إن الذين نظروا إلى أن الراعي عربي يعزون إلى أن اكتشاف القهوة يعود للعرب وعلى أرضهم.
ولكن من الأرجح أن الرعي هو من بلا د الحبشة وإن بلاد الحبشة هي الموطن الأصلي ومصدر هذه النبتة ويعود الدور للعرب لاكتشافها بحيث يعود لهم الفضل في كيفية التحضير وذلك لأن هذه النبيه كانت تأكل كحبوب وتمضغ وما يدل على ذلك أن القهوة تأكل في ايثوبيا كمكسرات.
اذا بلاد الحبشة أو أفريقيا هو موطن القهوة ولكنها انتقلت إلى بلاد اليمن جنوب الجزيرة العربية مع حركة التجارة أو التواصل أو مع الغزو الحبشي (تعرضت بلاد اليمن والممالك الجنوبية العربية في الأيام الغابرة إلى الكثير من الغزوات على يد بلاد الحبشة)
ومن المرجح أن تكون الفترة التي دخلت فيها القهوة إلى البلاد العربية في القرن السابع أو التاسع الهجري.
أما عن حركة انتشار تناول وتداول القهوة فكان على مراحل فمن بعد انتقالها ن أفريقيا إلى بلاد اليمنبدأت تنتشر في الجزيرة العربية فمن أول البلدان هي (مكة) بحكم الترابط الاقتصادي والثقافي آنذاك، ولها في مكة قصة طريفة وغريبة نذكرها لاحقا ً.
ما إن وصلت القهوة إلى مكةحتى انتشرت في الجزيرة العربية والبلدان المجاورة وفي طليعة هذه البلدان هي القاهرة وبلاد الشام فما إن وصلت القهوة إلى إسطنبول حتى بدأت تصل إلى أوروبا وتنتشر في أحناء العالم
من المواقف الغريبة والطريفة التي سايرت انتشار القهوة، في مكة وبعد أن اخذ الناس في عشقها قد امتعض البعض في انصراف الناس نحوها فأشيع أنها من المسكرات ومن المضرات بالصحة للإنسان ولكن دون جدوى، فأطلقت الفتوات في تحريمها ووقفت السلطة آنذاك مع أصحابها فمنعت وصودرت من الأسواق والناس وسجن من خالف القوانين، ولكن الناس لم تمنع نفسها من احتسائها في الخفاء فما لبثت أن استردت مكانتها بعد عزل من قام على منعها وتحريمها.



100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
TT

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)

في الرابع من شهر الخِصب وبراعم اللوز والورد، وُلد عاصي الرحباني. كانت البلادُ فكرةً فَتيّة لم تبلغ بعد عامها الثالث. وكانت أنطلياس، مسقط الرأس، قريةً لبنانيةً ساحليّة تتعطّر بزهر الليمون، وتَطربُ لارتطام الموج بصخور شاطئها.
لو قُدّر له أن يبلغ عامه المائة اليوم، لأَبصر عاصي التحوّلات التي أصابت البلاد وقُراها. تلاشت الأحلام، لكنّ «الرحباني الكبير» ثابتٌ كحقيقةٍ مُطلَقة وعَصي على الغياب؛ مقيمٌ في الأمس، متجذّر في الحاضر وممتدّةٌ جذوره إلى كل الآتي من الزمان.


عاصي الرحباني خلال جلسة تمرين ويبدو شقيقه الياس على البيانو (أرشيف Rahbani Productions)

«مهما قلنا عن عاصي قليل، ومهما فعلت الدولة لتكريمه قليل، وهذا يشمل كذلك منصور وفيروز»، يقول المؤلّف والمنتج الموسيقي أسامة الرحباني لـ«الشرق الأوسط» بمناسبة مئويّة عمّه. أما الصحافي والباحث محمود الزيباوي، الذي تعمّق كثيراً في إرث الرحابنة، فيرى أن التكريم الحقيقي يكون بتأليف لجنة تصنّف ما لم يُنشر من لوحاته الغنائية الموجودة في إذاعتَي دمشق ولبنان، وتعمل على نشره.
يقرّ أسامة الرحباني بتقصير العائلة تجاه «الريبرتوار الرحباني الضخم الذي يحتاج إلى تضافر جهود من أجل جَمعه»، متأسفاً على «الأعمال الكثيرة التي راحت في إذاعة الشرق الأدنى». غير أنّ ما انتشر من أغانٍ ومسرحيات وأفلام، على مدى أربعة عقود من عمل الثلاثي الرحباني عاصي ومنصور وفيروز، أصبح ذخيرةً للقرون المقبلة، وليس للقرن الرحباني الأول فحسب.

«فوتي احفظي، قومي سجّلي»
«كان بركاناً يغلي بالعمل... يكتب بسرعة ولا يتوقف عند هاجس صناعة ما هو أجمل، بل يترك السرد يمشي كي لا ينقطع الدفق»، هكذا يتذكّر أسامة عمّه عاصي. وفي بال الزيباوي كذلك، «عاصي هو تجسيدٌ للشغف وللإنسان المهووس بعمله». لم يكن مستغرباً أن يرنّ الهاتف عند أحد أصدقائه الساعة الثالثة فجراً، ليخرج صوت عاصي من السمّاعة قارئاً له ما كتب أو آخذاً رأيه في لحنٍ أنهاه للتوّ.
ووفق ما سمعه الزيباوي، فإن «بعض تمارين السيدة فيروز وتسجيلاتها كان من الممكن أن يمتدّ لـ40 ساعة متواصلة. يعيد التسجيل إذا لم يعجبه تفصيل، وهذا كان يرهقها»، رغم أنه الزوج وأب الأولاد الأربعة، إلا أن «عاصي بقي الأستاذ الذي تزوّج تلميذته»، على حدّ وصف الزيباوي. ومن أكثر الجمل التي تتذكّرها التلميذة عن أستاذها: «فوتي احفظي، قومي سَجّلي». أضنى الأمر فيروز وغالباً ما اعترفت به في الحوارات معها قبل أن تُطلقَ تنهيدةً صامتة: «كان ديكتاتوراً ومتطلّباً وقاسياً ومش سهل الرِضا أبداً... كان صعب كتير بالفن. لمّا يقرر شي يمشي فيه، ما يهمّه مواقفي».


عاصي وفيروز (تويتر)
نعم، كان عاصي الرحباني ديكتاتوراً في الفن وفق كل مَن عاصروه وعملوا معه. «كل العباقرة ديكتاتوريين، وهذا ضروري في الفن»، يقول أسامة الرحباني. ثم إن تلك القسوة لم تأتِ من عدم، فعاصي ومنصور ابنا الوَعر والحرمان.
أثقلت كتفَي عاصي منذ الصغر همومٌ أكبر من سنّه، فتحمّلَ وأخوه مسؤولية العائلة بعد وفاة الوالد. كان السند المعنوي والمادّي لأهل بيته. كمعطفٍ ردّ البردَ عنهم، كما في تلك الليلة العاصفة التي استقل فيها دراجة هوائية وقادها تحت حبال المطر من أنطلياس إلى الدورة، بحثاً عن منصور الذي تأخّر بالعودة من الوظيفة في بيروت. يروي أسامة الرحباني أنها «كانت لحظة مؤثرة جداً بين الأخوين، أبصرا خلالها وضعهما المادي المُذري... لم ينسيا ذلك المشهد أبداً، ومن مواقفَ كتلك استمدّا قوّتهما».
وكما في الصِبا كذلك في الطفولة، عندما كانت تمطر فتدخل المياه إلى المدرسة، كان يظنّ منصور أن الطوفان المذكور في الكتاب المقدّس قد بدأ. يُصاب بالهلَع ويصرخ مطالباً المدرّسين بالذهاب إلى أخيه، فيلاقيه عاصي ويحتضنه مهدّئاً من رَوعه.

«سهرة حبّ»... بالدَين
تعاقبت مواسم العزّ على سنوات عاصي الرحباني. فبعد بدايةٍ متعثّرة وحربٍ شرسة ضد أسلوبه الموسيقي الثائر على القديم، سلك دروب المجد. متسلّحاً بخياله المطرّز بحكايا جدّته غيتا و«عنتريّات» الوالد حنّا عاصي، اخترع قصصاً خفتت بفعلِ سحرِها الأصواتُ المُعترضة. أما لحناً، فابتدعَ نغمات غير مطابقة للنظريات السائدة، و«أوجد تركيبة جديدة لتوزيع الموسيقى العربية»، على ما يشرح أسامة الرحباني.


صورة تجمع عاصي ومنصور الرحباني وفيروز بالموسيقار محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش، بحضور بديعة مصابني وفيلمون وهبي ونجيب حنكش (أرشيف Rahbani Productions)
كان عاصي مستعداً للخسارة المادية من أجل الربح الفني. يحكي محمود الزيباوي أنه، ولشدّة مثاليته، «سجّل مسرحية (سهرة حب) مرتَين ولم تعجبه النتيجة، فاقترض مبلغاً من المال ليسجّلها مرة ثالثة». ويضيف أن «أساطير كثيرة نُسجت حول الرحابنة، لكن الأسطورة الحقيقية الوحيدة هي جمال عملهم».
ما كانت لتكتمل أسطورة عاصي، لولا صوت تلك الصبية التي دخلت قفصَه الذهبي نهاد حدّاد، وطارت منه «فيروز».
«أدهشته»، يؤكّد الزيباوي؛ ويستطرد: «لكنّ أحداً منهما لم يعرف كيف يميّز بين نهاد حداد وفيروز»... «هي طبعاً المُلهِمة»، يقول أسامة الرحباني؛ «لمح فيها الشخصية التي لطالما أراد رسمَها، ورأى امرأةً تتجاوب مع تلك الشخصية»، ويضيف أن «عاصي دفع بصوت فيروز إلى الأعلى، فهو في الفن كان عنيفاً ويؤمن بالعصَب. كان يكره الارتخاء الموسيقي ويربط النجاح بالطبع الفني القوي، وهذا موجود عند فيروز».


زفاف عاصي الرحباني ونهاد حداد (فيروز) عام 1955 (تويتر)

دماغٌ بحجم وطن
من عزّ المجد، سرقت جلطة دماغيّة عاصي الرحباني عام 1972. «أكثر ما يثير الحزن أن عاصي مرض وهو في ذروة عطائه وإبداعه، وقد زادت الحرب اللبنانية من مرضه وصعّبت العمل كثيراً»، وفق الزيباوي. لم يكن القلق من الغد الغامض غريباً عليه. فهو ومنذ أودى انفجارٌ في إحدى الكسّارات بحياة زوج خالته يوسف الزيناتي، الذي كان يعتبره صياداً خارقاً واستوحى منه شخصيات لمسرحه، سكنته الأسئلة الحائرة حول الموت وما بعدَه.
الدماغ الذي وصفه الطبيب الفرنسي المعالج بأنه من أكبر ما رأى، عاد ليضيء كقمرٍ ليالي الحصّادين والعاشقين والوطن المشلّع. نهض عاصي ورجع إلى البزُق الذي ورثه عن والده، وإلى نُبله وكرمه الذي يسرد أسامة الرحباني عنهما الكثير.
بعد المرض، لانت قسوة عاصي في العمل وتَضاعفَ كرَمُه المعهود. يقول أسامة الرحباني إن «أقصى لحظات فرحه كانت لحظة العطاء». أعطى من ماله ومن فِكرِه، وعُرف بيدِه الموضوعة دائماً في جيبِه استعداداً لتوزيع النقود على المحتاجين في الشارع. أما داخل البيت، فتجسّد الكرَم عاداتٍ لطيفة وطريفة، كأن يشتري 20 كنزة متشابهة ويوزّعها على رجال العائلة وشبّانها.
خلال سنواته الأخيرة ومع احتدام الحرب، زاد قلق عاصي الرحباني على أفراد العائلة. ما كان يوفّر مزحة أو حكاية ليهدّئ بها خوف الأطفال، كما في ذلك اليوم من صيف 1975 الذي استُهدفت فيه بلدة بكفيا، مصيَف العائلة. يذكر أسامة الرحباني كيف دخل عاصي إلى الغرفة التي تجمّع فيها أولاد العائلة مرتعدين، فبدأ يقلّد الممثلين الأميركيين وهم يُطلقون النار في الأفلام الإيطالية، ليُنسيَهم ما في الخارج من أزيز رصاص حقيقي. وسط الدمار، بنى لهم وطناً من خيالٍ جميل، تماماً كما فعل وما زال يفعل في عامِه المائة، مع اللبنانيين.


عاصي الرحباني (غيتي)