الإسكندرية تستعيد صورتها خلال النصف الأول من القرن العشرين

معرض توثيقي يضم صوراً وتحقيقات نشرتها الصحف عنها في تلك الحقبة

اثنان من جمهور المعرض يتابعان تغطية جريدة «الجمهورية» لحادث محاولة اغتيال الرئيس عبد الناصر
اثنان من جمهور المعرض يتابعان تغطية جريدة «الجمهورية» لحادث محاولة اغتيال الرئيس عبد الناصر
TT

الإسكندرية تستعيد صورتها خلال النصف الأول من القرن العشرين

اثنان من جمهور المعرض يتابعان تغطية جريدة «الجمهورية» لحادث محاولة اغتيال الرئيس عبد الناصر
اثنان من جمهور المعرض يتابعان تغطية جريدة «الجمهورية» لحادث محاولة اغتيال الرئيس عبد الناصر

تتعدد صور الإسكندرية «عروس المتوسط» في مرايا التاريخ، ومن بين هذه الصور يطلّ علينا معرض «الإسكندرية في عيون الصحافة» الذي نظّمه متحف الفنون الجميلة بالإسكندرية، التابع لقطاع الفنون التشكيلية المصري؛ وافتتح مساء الأربعاء الماضي، بحضور حشد من رجال الإعلام والصحافة والمسؤولين.
يحتوي المعرض على أبرز ما نُشر في الجرائد المصرية القديمة، خلال النصف الأول من القرن العشرين عن مدينة الإسكندرية، من بينها 60 صورة لصفحات الجرائد، و6 مجلدات ضخمة من الجرائد المصرية المختلفة في تلك الحقبة، منها «اللطائف المصورة» و«الأهرام»، تركزت جميعها على الأحداث الكبرى التي شهدتها المدينة الساحلية، وتنوعت الموضوعات المختارة بين الأحداث السياسية والحوادث وتغطية فعاليات الصيف، نقلاً عن الجرائد في الفترة ما بين عام 1900 حتى سبعينيات القرن العشرين.
من أبرز اللوحات بالمعرض صورة لجريدة «اللطائف المصورة» 1915، ترصد نجاة السلطان حسين كامل من محاولة اغتياله في منطقة رأس التين بالإسكندرية، تحت عنوان «صورة النافذة التي ألقيت منها القنبلة في المنزل نمرة 99 شارع رأس التين»، وكتبت «اللطائف المصورة» أيضاً في 12 يوليو (تموز) عام 1915 ملخصاً لأهم أخبار القصر، ومن بينها ازدحام سراي رأس التين بوفود من كبار الأعيان والتجار والموظفين لتهنئة السلطان بنجاته.
علي سعيد، مدير متحف الفنون الجميلة بالإسكندرية، قال في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن فكرة المعرض تأتي ضمن فعاليات أسبوع التراث بالإسكندرية، الذي يقام في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من كل عام، مضيفاً: «قمنا باختيار 60 صفحة توضح نوعية الأخبار التي اهتمت بها الجرائد في تلك الحقبة، فضلاً عن عرض 6 مجلدات كبيرة لتلك الصحف».
وأوضح مدير متحف الفنون الجميلة أن «المعرض يعتبر الأول ضمن سلسلة من المعارض المستقبلية عن الصحافة المصرية».
المعرض الذي سيستمر لمدة 10 أيام، تناول أيضاً بعض الأخبار الطريفة عن المصيف في الثغر، فضلاً عن تسليط الضوء على زيارات الملوك والرؤساء لمدينة الإسكندرية في تلك الفترة. أحداث عام 1952 كانت واحدة من أبرز الأحداث، فظهرت الصفحة الأولى في «الأهرام»، يوم 24 يوليو 1952، بعنوان «الجيش يقوم بحركة عسكرية سليمة». ورصدت جريدة «الجمهورية» حادث محاولة اغتيال الرئيس عبد الناصر في المنشية، كما ظهر كثير من الموضوعات الصحافية لتغطية الصيف، باعتباره موسماً مهماً، خاصة على المستوى الاقتصادي للإسكندرية. موضوع آخر طريف ظهر في مجلة «المصور» بعنوان «هل تفلس الإسكندرية في سنة 1957؟» وجاء في مقدمته: «استطاع المصطافون أن يكتشفوا بلاجاً صيفياً جديداً ضمن حدود أراضينا الغنية بمفاتن الطبيعة.. وهو منطقة العجمي، وقدروا أنها لو عمرت، وأُعدت كما ينبغي، لكانت أصلح مكان للاصطياف، واعتبرت المجلة أن إصلاح الطريق المؤدي للعجمي هو السبيل الأساسي لنجاح المشروع».
بدوره، أكد الدكتور إسلام عاصم، الباحث في التراث السكندري وأحد القائمين على المعرض، أن المعرض يأتي ضمن فعاليات «أسبوع التراث السكندري»، مؤكداً أهمية الصحافة كمصدر من مصادر التأريخ والتوثيق للأحداث الكبرى.
وكشف عاصم أن فترة الإعداد للمعرض استغرقت أسبوعين لبحث الأرشيف الخاص بمكتبة البلدية ومتحف الفنون الجميلة؛ حيث تم مسح الجرائد القديمة ضوئياً وإعادة طباعتها كصور، بسماتها الأصلية نفسها.
مبيناً أن هناك كثيراً من الأحداث الموثقة في المطبوعات الصحافية تحتاج لتسليط الضوء عليها، لكنها تحتاج تعاوناً من تلك المؤسسات الصحافية لإتاحة الأرشيف للباحثين.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».