«مسرح بلا إنتاج» في الإسكندرية لمقاومة الأزمات المالية

10 دول عربية وأجنبية تشارك في المهرجان

جانب من أوبريت «كل بلاد الفن جيران» في افتتاح مهرجان «مسرح بلا إنتاج» بالإسكندرية
جانب من أوبريت «كل بلاد الفن جيران» في افتتاح مهرجان «مسرح بلا إنتاج» بالإسكندرية
TT

«مسرح بلا إنتاج» في الإسكندرية لمقاومة الأزمات المالية

جانب من أوبريت «كل بلاد الفن جيران» في افتتاح مهرجان «مسرح بلا إنتاج» بالإسكندرية
جانب من أوبريت «كل بلاد الفن جيران» في افتتاح مهرجان «مسرح بلا إنتاج» بالإسكندرية

«الخيال وليس المال» هو الشعار الذي ترفعه الدورة العاشرة من المهرجان الدولي «مسرح بلا إنتاج»؛ الذي تستضيفه مدينة الإسكندرية حالياً، ويشارك فيه 12 عرضاً مسرحياً من 10 دول وهم فرنسا، وسويسرا، وإيطاليا، وكوريا، وتونس، وفلسطين، وليبيا، وعُمان، ومصر. وتعتمد فلسفة المهرجان الذي تم افتتاحه مساء أول من أمس على إتاحة الفرصة للفنانين لتقديم عروض فنية شيقة للجمهور بتمويل محدود؛ واللجوء إلى حلول مبتكرة للتعبير عن الفكرة التي يطرحها العرض باستخدام خامات بسيطة متوفرة، وصناعة مشهد يتحقق فيه الثراء البصري والفكري. وفق جمال ياقوت رئيس المهرجان، الذي يقول لـ«لشرق الأوسط»: «إن النسخة العاشرة من المهرجان الذي يقام بالتعاون مع البيت الفني للمسرح، والهيئة العامة لقصور الثقافة تحمل اسم الفنان السكندري الراحل طلعت زكريا». موضحاً: «فكرة المهرجان انطلقت في عام 2008 نتيجة الضغوط الاقتصادية التي مرت بها البلاد وتأثرت بها الفرق المسرحية؛ لذا لجأنا للمهرجان لتشجيع الفنانين على الاستمرار في العمل وإعلاء قيمة الفكر على المال».
وأضاف: «لا نقصد بمصطلح (بلا إنتاج) رقم صفر مالياً ولكن ميزانية محدودة للغاية قد تصل إلى 100 جنيه مصري (الدولار الأميركي يعادل 16.1 جنيه مصري)، إذ نتغلب على الاحتياجات المادية بالاستعانة بالمواد المتاحة حولنا وإعادة تدويرها وتوظيفها لصالح العرض».
وأشاد ياقوت بدور وزيرة الثقافة المصرية إيناس عبد الدايم في تقديم الدعم المادي للمهرجان؛ مطالباً بمزيد من الدعم للمهرجان للسماح باستضافة مزيد من الفرق الأجنبية؛ ولتأكيد قيمة الفن الجاد، خصوصاً مع استقبال الجمهور المميز لعرض الافتتاح. مشيراً إلى أن المهرجان لا يمنح جوائز مالية؛ كما أن المشاركين في لجنة التحكيم متطوعون ولا يتقاضون مبالغ مالية.
ويترأس لجنة التحكيم في المهرجان المخرج عصام السيد من مصر، وعضوية الفنانة الأميركية ميهائيلا ميهوت، والفنانة الهولندية جوهانا إليزابيث، والسينوغراف دكتور خليفة الهاجري من دولة الكويت.
وشهد المهرجان غياب بعض الدول العربية التي كان من المقرر مشاركتها وأبرزها العراق والمغرب والكويت لظروف اقتصادية بحسب إبراهيم الفرن مدير المهرجان.
وثمّن الفرن جهود الفنانين المشاركين الذين يبذلون مجهوداً كبيراً دون انتظار مقابل سوى تقديم فن جيد.
وتقدم العروض المشاركة على مسارح قصر ثقافة الأنفوشي، وبيرم التونسي، ومكتبة الإسكندرية التي تحتضن أيضاً ورشاً سينمائية مجانية وموسيقية على هامش المهرجان.
وتشمل عروض المهرجان مسرحية «الوهم» من إخراج فابيو أوميدو، من إيطاليا، و«كسور موزونة» إخراج وسيم بورويص من ليبيا، وعرض «الأم والمرأة»، إخراج هاكيو نغاوا من كوريا، وعرض «ثلاثة في واحد»، إخراج إيهاب زاهدة من فلسطين، وعرض «تطهير»، إخراج محمد علي سعيد من تونس، وعرض «الهروب»، إخراج سيرين أشقر من فرنسا، وعرض «ذات يوم» إخراج معتصم بن سيف الكلباني، و«العريش» إخراج يوسف البلوشي من سلطنة عمان، وعرض «أحلام اليعسوب» إخراج ميرسا دي راندي من سويسرا، إضافة إلى 4 عروض من مصر.


مقالات ذات صلة

«الماعز» على مسرح لندن تُواجه عبثية الحرب وتُسقط أقنعة

يوميات الشرق تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه (البوستر الرسمي)

«الماعز» على مسرح لندن تُواجه عبثية الحرب وتُسقط أقنعة

تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه. وظيفتها تتجاوز الجمالية الفنية لتُلقي «خطاباً» جديداً.

فاطمة عبد الله (بيروت)
ثقافة وفنون مجلة «المسرح» الإماراتية: مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي

مجلة «المسرح» الإماراتية: مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي

صدر حديثاً عن دائرة الثقافة في الشارقة العدد 62 لشهر نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 من مجلة «المسرح»، وضمَّ مجموعة من المقالات والحوارات والمتابعات حول الشأن المسرح

«الشرق الأوسط» (الشارقة)
يوميات الشرق برنامج «حركة ونغم» يهدف لتمكين الموهوبين في مجال الرقص المسرحي (هيئة المسرح والفنون الأدائية)

«حركة ونغم» يعود بالتعاون مع «كركلا» لتطوير الرقص المسرحي بجدة

أطلقت هيئة المسرح والفنون الأدائية برنامج «حركة ونغم» بنسخته الثانية بالتعاون مع معهد «كركلا» الشهير في المسرح الغنائي الراقص في مدينة جدة.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق أشرف عبد الباقي خلال عرض مسرحيته «البنك سرقوه» ضمن مهرجان العلمين (فيسبوك)

«سوكسيه»... مشروع مسرحي مصري في حضرة نجيب الريحاني

يستهد المشروع دعم الفرق المستقلّة والمواهب الشابة من خلال إعادة تقديم عروضهم التي حقّقت نجاحاً في السابق، ليُشاهدها قطاع أكبر من الجمهور على مسرح نجيب الريحاني.

انتصار دردير (القاهرة )
الاقتصاد أمسية اقتصاد المسرح شهدت مشاركة واسعة لمهتمين بقطاع المسرح في السعودية (الشرق الأوسط)

الأنشطة الثقافية والترفيهية بالسعودية تسهم بنسبة 5 % من ناتجها غير النفطي

تشير التقديرات إلى أن الأنشطة الثقافية والفنية، بما فيها المسرح والفنون الأدائية، تسهم بنسبة تتراوح بين 3 و5 في المائة من الناتج المحلي غير النفطي بالسعودية.

أسماء الغابري (جدة)

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».