كنوز آسيا والشرق القديم تتلألأ في سماء لوس أنجليس

«آسيا وورلد فيلم فستيفال» ينهي دورته الخامسة

الفيلم اللبناني «1982»
الفيلم اللبناني «1982»
TT

كنوز آسيا والشرق القديم تتلألأ في سماء لوس أنجليس

الفيلم اللبناني «1982»
الفيلم اللبناني «1982»

أسدل الستار، يوم أمس الخميس، على الدورة الخامسة من مهرجان «آسيا وورلد فيلم فستيفال»، المهرجان الذي ترأس إدارته المخرج اللبناني جورج شمشوم والذي يقام في الأسبوع الأول من كل عام حاملاً إلى المجتمع السينمائي في مدينة لوس أنجليس (بأعراقها وعناصرها البشرية وبمشاربها المختلفة) أفلاماً من دول هذه القارة الشاسعة التي اسمها آسيا.
هذه القارة الشاسعة تضم، جغرافياً، مناطق مختلفة ومتعددة الأعراق على نحو لا مثيل له بين القارات الأخرى، فهناك الدول العربية الاثنتا عشرة وهناك شبه القارة الهندية وما جاورها ثم الجزء الكامن في جنوب شرقي القارة تعلوها الصين. وكل ذلك من دون حسبان المساحة العملاقة لروسيا وتحتها دول آسيا الوسطى التي تجاور جبال أورال شمالاً وبحر القصبة غرباً.
إنها قارة شاسعة ومتعددة الأعراق وبالتالي متعددة السينمات. المواضيع المطروحة في الدول الآسيوية (أكثر من 50 دولة) تختلف ليس من حيث القصص التي ترويها والشخصيات التي توفرها، بل من الأساس من حيث الثقافات المختلفة التي تنضح بها تلك القصص والشخصيات. لذلك سيبقى، وللأبد، الفارق بين فيلم خليجي وفيلم كوري وبين ذاك وفيلم كازاخستاني على سبيل المثال.
والمهرجان يتيح لهذه الثقافات بالتبلور على شاشته مؤكداً للمتابع تلك الفروق الشاسعة بين هذه الثقافات وما تنتجه من فنون وأساليب وطرق حياة. الإنسان يبقى واحداً، لكن تعامله مع نمط حياته وكيفية ذلك التعامل هو ما يختلف وهو ما يغذي الأفلام الواردة بمميزاتها البصرية والموضوعية.

ميوزيكال قرقيزي
تم افتتاح الدورة بفيلم «رحمة عادلة» (Just Mercy) واختتم بفيلم «خوض الطقس معك» (Weathering With You) وبين الاثنين فاصل شاسع يتجاوز حقيقة أن الأول قائم على قصّة واقعية والآخر خيالي، وأن الأول تصوير حي والثاني رسوم متحركة. وضمن هذا الفاصل تمر الأفلام الأربعة والعشرون المنتخبة في العروض الرسمية.
قوام التشكيلة العربية هذا العام تشمل فيلمين من لبنان هما «1982» لوليد مؤنس و«مورين» لطوني فرج الله. وفيلم من سوريا «تايملايف» لحميد بن عمرة ومن فلسطين «لا بد أنها الجنة» لإيليا سليمان.
«1982» و«لا بد أنها الجنة» من تلك التي تم ترشيحها لأوسكار أفضل فيلم عالمي، الأول مثل لبنان والثاني يمثل فلسطين وكلاهما قد يدخل المرحلة الثانية من الترشيحات. في المقابل، سنجد أفلاماً أخرى من تلك التي تقدمت بها دولها إلى سباق أوسكار أفضل فيلم عالمي. في الواقع هناك خمسة عشر فيلما آخر في هذا النطاق بينها «ذاكرة جسدي» (إندونيسيا) و«ليل كابوتار» (باكستان) و«أورورا» (قيرغيزستان) و«شنديزي» (جورجيا) و«تاج ذهبي» (كازاخستان) و«خبر ساخن» (أوزباكستان) وأخرى من ماليزيا وفيتنام وتركيا وكوريا الجنوبية وأرمينيا والهند وكمبوديا والصين وإيران. الأفلام الأخرى تم اختيارها لحسناتها من دون أن تتوجه لسباق الأوسكار ومنها الفيلم الروسي «الثور» الذي يدخل، في كل الأحوال، في نطاق الأفلام المرشحة لجائزة غولدن غلوب كأفضل فيلم أجنبي.
في الحقيقة بعض ما لم يتم له تمثيل بلاده في سباق الأوسكار ربما أفضل من بعض تلك التي وجدت نفسها على القائمة المذكورة. هذا يتضح جيداً عبر الفيلم القرغيزي الرائع «أغنية الشجرة» لأيبك دايريبيكوف.
هو أول «ميوزيكال» يشاهده هذا الناقد من تلك الأصقاع البعيدة (وربما أول ميوزيكال آت من قيرغيزيا، من يعلم؟) ويحكي قصة شاب طُرد من القبيلة التي ينتمي إليها بسبب منافسة رجل آخر على حب ابنة زعيم القبيلة. لكن الفتاة تلحق به في الوقت الذي تصيب الكارثة البيئة التي يعتاش منها أفراد القبيلة ما يؤدي لطرد زعيمها على أساس أن إبعاده قد يعود بالخير على أهل هذه المنطقة. الشجرة في العنوان (ولنا عودة لهذا الفيلم موسعاً) هي بمثابة مزار تلجأ إليه نساء القبيلة. وعندما يتم قطع جذعها تتوالى الكوارث على القبيلة ويتعرض البعض لحالات ضعف غير مفهومة الأسباب.

خارج التصنيف
في الجانب العربي، الفيلم الأفضل هو «تايملايف» المقدّم باسم سوريا بسبب اشتراك المخرج محمد ملص فيه، لكنه في الواقع إنتاج فرنسي حققه المخرج الجزائري حميد بن عمرة الذي يعمل ويعيش قرب مدينة دوفيل.
الفيلم عن الممثلة ستيفاني بن عمرة (زوجة المخرج) التي قررت وضع مولودها في البيت ومن دون معاونة أحد. قبل ذلك تتحدث للكاميرا عن حياتها كممثلة وكزوجة وكأم. هذا الحديث يتخلله انتقال المخرج لشخصيات تعكس حالاتها الشخصية وفنونها وتفكيرها. المخرج محمد ملص هو أحدها وهو كان دُعي لزيارة المخرج في داره حيث قام هذا بتصويره متكلماً ومصغياً وصاعداً على سلم خشبي كان أحد أبطال فيلمه «سلم إلى دمشق» قد حمله لينادي قائلا: «بدي حرية… بدي فيلم».
الفيلم لا يمكن إلا وصفه بأنه خارج عن التصنيف. يضم لغة الفيلم التجريبي ولغة الفيلم التسجيلي ولديه هوس خفي بالحكاية مسرودة عبر سير حياة. لكنه ليس فيلماً تجريبياً ولا عملاً تسجيلياً وأبعد عن أن يكون فيلماً روائياً. وبعد عروضه الناجحة في مهرجان موسكو، مطلع صيف هذه السنة، يمنح الفيلم الفرصة لمخرجه بأن يجرب حظه لأول مرّة، منذ احترافه السينما، في الولايات المتحدة. والنجاح كان حليفه في هذه الغاية بلا ريب.
أكثر من فيلم أنيميشن تم عرضه في نطاق «آسيا وورلد فيلم فستيفال» وآخرها الفيلم الياباني «خوض الطقس معك» الذي عرض يوم أمس. العنوان يعبّر تماماً عن هذه الكلمات كونه يصف القدرة العجيبة للفتاة هينا التي لديها القدرة على تغيير الطقس الممطر متى أرادت. تستطيع أن توقف المطر وتزيح الغيوم لتشرق الشمس من جديد. هذا ما يحتاجه بطل الفيلم هوداكا الذي كان ترك بلدته واتجه للعيش والعمل (والجوع والتشرد أيضاً) في مدينة طوكيو قبل أن يتعرف على صانعة الطقس.


مقالات ذات صلة

وفاة الممثل البريطاني راي ستيفنسون نجم «ثور» و«ستار وورز»

يوميات الشرق الممثل البريطاني راي ستيفنسون (أ.ب)

وفاة الممثل البريطاني راي ستيفنسون نجم «ثور» و«ستار وورز»

توفي الممثل البريطاني راي ستيفنسون الذي شارك في أفلام كبرى  مثل «ثور» و«ستار وورز» عن عمر يناهز 58 عامًا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق «إسماعيلية رايح جاي» يشعل «الغيرة الفنية» بين محمد فؤاد وهنيدي

«إسماعيلية رايح جاي» يشعل «الغيرة الفنية» بين محمد فؤاد وهنيدي

أثارت تصريحات الفنان المصري محمد فؤاد في برنامج «العرافة» الذي تقدمه الإعلامية بسمة وهبة، اهتمام الجمهور المصري، خلال الساعات الماضية، وتصدرت التصريحات محرك البحث «غوغل» بسبب رده على زميله الفنان محمد هنيدي الذي قدم رفقته منذ أكثر من 25 عاماً فيلم «إسماعيلية رايح جاي». كشف فؤاد خلال الحلقة أنه كان يكتب إفيهات محمد هنيدي لكي يضحك المشاهدين، قائلاً: «أنا كنت بكتب الإفيهات الخاصة بمحمد هنيدي بإيدي عشان يضحّك الناس، أنا مش بغير من حد، ولا يوجد ما أغير منه، واللي يغير من صحابه عنده نقص، والموضوع كرهني في (إسماعيلية رايح جاي) لأنه خلق حالة من الكراهية». واستكمل فؤاد هجومه قائلاً: «كنت أوقظه من النوم

محمود الرفاعي (القاهرة)
سينما جاك ليمون (يسار) ومارشيللو ماستروياني في «ماكاروني»

سنوات السينما

Macaroni ضحك رقيق وحزن عميق جيد ★★★ هذا الفيلم الذي حققه الإيطالي إيتوري سكولا سنة 1985 نموذج من الكوميديات الناضجة التي اشتهرت بها السينما الإيطالية طويلاً. سكولا كان واحداً من أهم مخرجي الأفلام الكوميدية ذات المواضيع الإنسانية، لجانب أمثال بيترو جيرمي وستينو وألبرتو لاتوادا. يبدأ الفيلم بكاميرا تتبع شخصاً وصل إلى مطار نابولي صباح أحد الأيام. تبدو المدينة بليدة والسماء فوقها ملبّدة. لا شيء يغري، ولا روبرت القادم من الولايات المتحدة (جاك ليمون في واحد من أفضل أدواره) من النوع الذي يكترث للأماكن التي تطأها قدماه.

يوميات الشرق الممثل أليك بالدوين يظهر بعد الحادثة في نيو مكسيكو (أ.ف.ب)

توجيه تهمة القتل غير العمد لبالدوين ومسؤولة الأسلحة بفيلم «راست»

أفادت وثائق قضائية بأن الممثل أليك بالدوين والمسؤولة عن الأسلحة في فيلم «راست» هانا جوتيريز ريد اتُهما، أمس (الثلاثاء)، بالقتل غير العمد، على خلفية إطلاق الرصاص الذي راحت ضحيته المصورة السينمائية هالينا هتشينز، أثناء تصوير الفيلم بنيو مكسيكو في 2021، وفقاً لوكالة «رويترز». كانت ماري كارماك ألتوايز قد وجهت التهم بعد شهور من التكهنات حول ما إن كانت ستجد دليلاً على أن بالدوين أبدى تجاهلاً جنائياً للسلامة عندما أطلق من مسدس كان يتدرب عليه رصاصة حية قتلت هتشينز. واتهم كل من بالدوين وجوتيريز ريد بتهمتين بالقتل غير العمد. والتهمة الأخطر، التي قد تصل عقوبتها إلى السجن خمس سنوات، تتطلب من المدعين إقناع

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
سينما سينما رغم الأزمة‬

سينما رغم الأزمة‬

> أن يُقام مهرجان سينمائي في بيروت رغم الوضع الصعب الذي نعرفه جميعاً، فهذا دليل على رفض الإذعان للظروف الاقتصادية القاسية التي يمر بها البلد. هو أيضاً فعل ثقافي يقوم به جزء من المجتمع غير الراضخ للأحوال السياسية التي تعصف بالبلد. > المهرجان هو «اللقاء الثاني»، الذي يختص بعرض أفلام كلاسيكية قديمة يجمعها من سينمات العالم العربي من دون تحديد تواريخ معيّنة.


وثائقي ينقل بعيون إسرائيلية وفلسطينية واقع الاستيطان في الضفة الغربية

المخرجان الفلسطيني باسل عدرا (يسار) والإسرائيلي يوفال أبراهام في باريس (أ.ف.ب)
المخرجان الفلسطيني باسل عدرا (يسار) والإسرائيلي يوفال أبراهام في باريس (أ.ف.ب)
TT

وثائقي ينقل بعيون إسرائيلية وفلسطينية واقع الاستيطان في الضفة الغربية

المخرجان الفلسطيني باسل عدرا (يسار) والإسرائيلي يوفال أبراهام في باريس (أ.ف.ب)
المخرجان الفلسطيني باسل عدرا (يسار) والإسرائيلي يوفال أبراهام في باريس (أ.ف.ب)

بعد أن أحدث ضجة كبيرة في مهرجان برلين السينمائي أوائل العام، يُطرح في صالات السينما الفرنسية الأربعاء الوثائقي «لا أرض أخرى» No Other Land الذي صوّرت فيه مجموعة من الناشطين الإسرائيليين والفلسطينيين لخمس سنوات عملية الاستيطان في مسافر يطا في منطقة نائية بالضفة الغربية.

وقد فاز الفيلم بجائزة أفضل وثائقي في مهرجان برلين السينمائي، فيما اتُّهم مخرجاه في ألمانيا وإسرائيل بمعاداة السامية بعدما قالا عند تسلّم جائزتهما إن الوضع الذي يعكسه الوثائقي هو نظام «فصل عنصري».

أحد مخرجي العمل، باسل عدرا، ناشط فلسطيني ولد في مسافر يطا، وهي قرية تتعرض لهجمات متكررة من المستوطنين. أما الآخر، يوفال أبراهام، فهو إسرائيلي يساري كرّس حياته للعمل في الصحافة.

ويستعرض المخرجان الثلاثينيان في مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية محطات إنجاز هذا الوثائقي، ويكرران المطالبة بإنهاء الاستيطان.

سيارات لفلسطينيين أحرقها مستوطنون في ضواحي رام الله (د.ب.أ)

يقول يوفال أبراهام عن الفصل العنصري: «من الواضح أنه ظلم! لديك شخصان (أبراهام وعدرا) من العمر نفسه، يعيشان في ظل نظامين تشريعيين مختلفين، تفرضهما دولة واحدة. لا أعتقد أن هذا يجب أن يوجد في أي مكان في العالم في عام 2024 (. .. ) لا يجوز أن يعيش الفلسطينيون في هذه الظروف، تحت سيطرة جيش أجنبي. يجب أن يتمتع كلا الشعبين بحقوق سياسية وفردية، في إطار تقاسم السلطة. الحلول موجودة ولكن ليس الإرادة السياسية. آمل أن نرى خلال حياتنا نهاية هذا الفصل العنصري (...) اليوم، من الصعب جدا تصور ذلك».

وعن اتهامه بمعاداة السامية قال: «هذا جنون! أنا حفيد ناجين من المحرقة، قُتل معظم أفراد عائلتي خلال الهولوكوست. أنا آخذ عبارة معاداة السامية على محمل الجد، وأعتقد أن الناس يجب أن يتساءلوا لماذا أفرغوها من معناها من خلال استخدامها لوصف أولئك الذين يدعون إلى وقف إطلاق النار، وإنهاء الفصل العنصري أو إلى المساواة (...). إنها ببساطة طريقة لإسكات انتقادات مشروعة للغاية. معاداة السامية أمر حقيقي يسجل تزايدا في جميع أنحاء العالم. لذا فإن استخدام هذه العبارة كيفما اتفق فقط لإسكات الانتقادات الموجهة إلى دولة إسرائيل، أمر خطر للغاية بالنسبة لليهود».

وعن اكتفاء الوثائقي بعرض وجهة نظر واحدة فقط ترتبط بالفلسطينيين المطرودين من أرضهم، أوضح أبراهام: «لكي يكون الفيلم حقيقيا، يجب ألا يخلط بين التماثل الزائف (بين وجهتي نظر المستوطنين والفلسطينيين) والحقيقة. ويجب أن يعكس عدم توازن القوى الموجود في المكان. ما كان مهما بالنسبة لنا هو إظهار الاضطهاد المباشر للفلسطينيين.

عندما تنظر إلى مسافر يطا، فإن الخلل في التوازن لا يُصدّق: هناك مستوطنون موجودون هناك بشكل غير قانوني بحسب القانون الدولي، ويحصلون على 400 لتر من المياه في المعدل، بينما يحصل الفلسطينيون المجاورون على 20 لترا. يمكنهم العيش على أراضٍ شاسعة بينما لا يحظى الفلسطينيون بهذه الفرصة. قد يتعرضون لإطلاق النار من الجنود عندما يحاولون توصيل الكهرباء. لذا فإن عرض هذا الوضع غير العادل، مع هذا الخلل في توازن القوى، من خلال وضعه في منظور جانبين متعارضين، سيكون ببساطة أمرا مضللا وغير مقبول سياسيا».

مشهد من فيلم «لا أرض أخرى» (أ.ب)

* باسل عدرا

من جهته، قال باسل عدرا عن تزايد هجمات المستوطنين بعد هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023: «الوضع سيئ وصعب للغاية، منذ عام لم نعد نعرف ما سيحدث (...) في منطقة جنوب الخليل. هجر البعض بسبب الهجمات، خصوصا في الليل، لكن قرى أخرى مثل قريتي بقيت تحت ضغط هائل، وقُتل ابن عمي برصاصة في البطن، كما رأينا في الفيلم. (المستوطنون) يريدون أن يخاف الناس ويغادروا (...) وهم المنتصرون في هذه الحرب في غزة، وهم الأسعد بما يحدث وبما تفعله الحكومة (الإسرائيلية)».