بين الفقر والغنى.. يظهر وجه طهران على إنستغرام

من طفل يفترش الرصيف إلى فتاة متأنقة على شرفة فيلا

لقطتان تظهران التناقض بين الصفحتين
لقطتان تظهران التناقض بين الصفحتين
TT

بين الفقر والغنى.. يظهر وجه طهران على إنستغرام

لقطتان تظهران التناقض بين الصفحتين
لقطتان تظهران التناقض بين الصفحتين

تناقل الإعلام الغربي بذهول، أخبارا ترتبط بصور ظهرت على موقع إنستغرام للتواصل الاجتماعي، بعنوان «شباب طهران الأثرياء». حيث اختار بعض الإيرانيين الأثرياء أن يظهروا للعالم صورا تظهر طبيعة الحياة في العاصمة طهران. وتتضمن الصفحة التي نشأت على غرار صفحة «شباب إنستغرام الأثرياء» التي تنشر صور الشباب الأميركيين الميسورين، صورا تعبر عن الفخامة التي يعيشها مجموعة من شباب إيران الأغنياء، بسياراتهم الفارهة والأوقات التي يقضونها حول حمامات السباحة في بيوتهم الفسيحة وسهراتهم التي تحضرها الطبقات الراقية.
ويأتي ذهول العالم الغربي، حسبما ذكرت قناة (فرانس 24) التلفزيونية الفرنسية أن الصور التقطت في إيران حيث تمنع المشروبات الكحولية وتلزم النساء بارتداء الحجاب والملابس الفضفاضة في الأماكن العامة، وينصح الرجال بقص شعرهم قصات «إسلامية». كما ذكرت القناة نقلا عن إيرانيين علقوا على هذه الصور، «أنها تلتقط غالبا في إطار شخصي في بيوت أصحابها ونادرا ما تكون في الشارع على مرأى من الجميع. وأضاف آخرون: «الغرب يرى أن المجتمع الإيراني محافظ جدا».
ولكن الأهم في الحدث، ظهور صفحة منافسة وساخرة على موقع إنستغرام، تعرض صورا لحساب افتتح أخيرا بعنوان «أطفال طهران الفقراء» وتظهر جانبا مغايرا تماما من الحياة في تلك البلاد، ألا وهو الفقر المدقع.
وقد تناول موقع شبكة «بي بي سي» البريطانية يوم الثلاثاء الماضي، تقريرا عن صفحة شباب طهران الأثرياء على موقع إنستغرام، في مقالة، تحاكي الكثير من الصور المعروضة، حياة الطبقة الغنية، مقابل ملحق يظهر التناقض الكبير ما بين شاب يجلس خلف مقود سيارة «أودي»، وآخر يقبع بالفقر ويقف خلف عجلة القيادة التي تعلوها الأتربة لسيارة «زامياد» محلية الصنع. وفي عرض آخر، تُظهر إحدى الصور، الأطفال المشردين النائمين على فراش من الجرائد في ميدان آزادي في المدينة.
وكان موقع التواصل الاجتماعي قد نشر إحدى التعليقات التي حُذفت لاحقا: «ما الهدف من وراء تلك الصفحة؟ إن المغزى من وراء صفحة شباب طهران الأثرياء أن نثبت للدول الغربية أن إيران ليست على النحو الذي يصفونه للناس في وسائل الإعلام، أما الآن فقد خرجتم علينا بصفحة تقدم للجميع المعنى المضاد تماما».
ولكن بعد ذلك، حُذفت كل المحتويات من على صفحة شباب طهران الأثرياء الأصلية، من قبل المشرف عليها الذي لم تتضح هويته. ويذكر موقع الصفحة، التي تلقت أكثر من مائة ألف متابع، أن ذلك القرار اتخذ نظرا للكم الهائل من الدعاية الكاذبة التي خلفتها هذه الصفحة.
أما رد فعل الحكومة الإيرانية فكان إغلاق حساب «شباب طهران الأثرياء». كما حجبت الدخول على صفحة موقع إنستغرام المخصصة لعرض أسلوب حياة النخبة من شبان طهران الأثرياء، التي أثارت موجة من السخط وأدت إلى إنشاء موقع مضاد يدور حول حياة أغلبية الشعب.
وعلى صعيد متصل، نشر صندوق النقد الدولي في فبراير (شباط) الماضي، تقريرا تقييميا يظهر النمو السلبي للاقتصاد الإيراني خلال العامين (2012 و2013)، وذلك لأول مرة منذ أكثر من عقدين.
كما ذكر الصندوق أن إيران تعاني من معدل بطالة يتعدى الـ10 في المائة، وتصل نسبة بطالة الشباب إلى نحو 24 في المائة، وهذا ما يدفع الكثيرين منهم إلى الهجرة لإيجاد فرص عمل في الخارج.
ووفقا لإحصائيات رسمية، يعيش أكثر من 18.7 في المائة من الشعب الإيراني تحت خط الفقر، في حين وصل معدل التضخم إلى 42.3 في المائة عام 2013، مما ضاعف من تحديات ومصاعب غلاء المعيشة لمتقاضي الرواتب المتواضعة. وتؤكد هذه الإحصائيات وجود هوة واسعة في التفاوت الاجتماعي بين الطبقة الثرية والطبقة الفقيرة. حيث يمتلك 10 في المائةالأكثر فقرا من الشعب 2.6 في المائة من ثروات إيران، مقابل 10 في المائة الأكثر غنى الذين يستحوذون على 30 في المائة من ثروات البلاد.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».