الموضة الهندية تتلون بالأصباغ الأيورفيدية لأهداف صحية

تصاميم تراعي البيئة وتعالج البشرة بالزنجبيل والكركم والصويا والحليب

عارضات يرتدين أزياء من علامة «أوباسانا» التي تعتمد الأصباغ «الأيورفيدا»
عارضات يرتدين أزياء من علامة «أوباسانا» التي تعتمد الأصباغ «الأيورفيدا»
TT

الموضة الهندية تتلون بالأصباغ الأيورفيدية لأهداف صحية

عارضات يرتدين أزياء من علامة «أوباسانا» التي تعتمد الأصباغ «الأيورفيدا»
عارضات يرتدين أزياء من علامة «أوباسانا» التي تعتمد الأصباغ «الأيورفيدا»

مع التحول نحو كل ما هو عضوي وصديق للبيئة بشتى قطاعات الحياة، صار كبار صناع الموضة بالهند في المسار ذاته؛ من خلال العمل على خلق سلسلة عرض أخلاقية وعضوية ورحيمة بالبيئة.
يقود هذا المسار جيل جديد من مصممي الأزياء يعتمدون على «أيورفاسترا»، وهو فن قديم يعود إلى قرون كثيرة مضت، يقوم على معالجة النسيج بأعشاب «أيورفيدية» بهدف إضفاء خصائص علاجية على الملابس. وتجري معالجة المنسوجات العضوية بأصباغ طبيعية، تضم مزيجاً من نباتات طبية، مثل الريحان، والصبار، والكركم، وأوراق الكاري، والنعناع، والزهور، والرمان... إلخ. من ناحية، تنقل هذه الأعشاب ألوانها الطبيعية إلى النسيج، ومن ناحية أخرى، تسهل على الجسم البشري التغلب على مجموعة متنوعة من العدوى الجلدية، والإكزيما، والصدفية، والربو، وارتفاع ضغط الدم. وقد ورد ذكر «أيورفاسترا» في نصوص هندية قديمة، وهو ما يعني أنها ليست فكرة جديدة، لكنها بالتأكيد، سبيل أقل تكلفة وأكثر سهولة من المنسوجات الاصطناعية التي تكتسح السوق؛ وتؤثر على البيئة وعلى الصحة أيضا، إذ من الممكن استخدام حلول «أيورفاسترا» من قبل الذين يعانون مرض السكري وضغط الدم، أو يحاولون السيطرة على معدلات الكولسترول، والتغلب على ضعف الذاكرة.
في هذا السياق، تقول أوما براجاباتي، مؤسسة علامة «أوباسانا» التجارية التي يعود تاريخها إلى عام 1997، إنها تحاول تقليل التكاليف البيئية لمنتجاتها، من أجل خلق مستقبل مستدام عبر الاعتماد على هذه الأساليب العضوية.
وشرحت براجاباتي: «نستخدم الريحان مطهراً للجلد، ومساعداً للتعامل مع الضغوط العصبية، والذي نستخلص منه لوناً رمادياً. كما اعتمدنا على خشب الصندل الأحمر؛ الذي إلى جانب أنه يخلق تأثيراً يحقق التناغم ويقوي المناعة، يُعطينا لوناً أحمر خفيفاً، فيما يعود استعمالنا إلى زهرة الأرجوان الهندية إلى ما تتميز به من خصائص تخلص الجسم من السموم، ولون أصفر باهت».
وأضافت أن أسعارها أعلى بعض الشيء من غيرها، إلا إنها تأمل في تشجيع الاستهلاك المستدام، وتقليص معدلات إلقاء الملابس والتخلص منها، مشيرة إلى أن الأسعار الأعلى تكلفة تجعل المستهلك يتردد أكثر تجاه التخلي عنها، وأكثر إدراكاً لنوعية المنسوجات التي يستثمر فيها.
تتابع: «الناس الذين يبحثون عن الجمال السطحي ينبغي عدم السماح لهم بلمس منسوجات أيورفيدية، التي أعتبرها (حية)، فهي منسوجات صنعت من أجل الأشخاص المدركين لأهميتها وقيمتها وبالتالي على استعداد للاستثمار بها».

أهمية الملابس الأيورفيدية
يسهم ارتداء هذه الملابس في ضمان صحة عملية الأيْض، لأن الجلد أكبر عضو بالجسم، وبصفته يتنفس، فلهذا عندما تدخل مواد سامة إلى الجسم من خلال مسام الجلد، يمكن للخصائص العلاجية للأعشاب مساعدة الجسم على التخلص منها. وعندما يتفاعل الجسم مع شيء ما يحوي كثيراً من الأعشاب؛ يبدو الأمر كأنه يتنفس كثيراً من الأكسجين النقي. ويرى البعض أن الاختلاف يشبه الاختلاف بين العيش في دلهي والعيش في الهيمالايا!
وبالمثل، يحاول المصممان لكوانيت وهيمانيت، الجمع بين الموضة، وسلامة الجسد وصحته، من خلال الاعتماد على أعشاب طبية في علامة «أيورغانيك» التجارية التي أطلقاها منذ عقد مضى. يذكر أن بعضاً من تصميماتهما معروضة بشكل دائم في متحف «فيكتوريا آند ألبرت» بلندن، والمتحف التاريخي الألماني في برلين، وكذلك متحف الموضة والدانتيل في كاليه.
يقول المصمم هيمانت ساغار شارحاً: «أطلقنا (أيورغانيك) في وقت لم يكن هناك تعريف واضح للموضة المستدامة به. والآن، أصبحت لهذا النوع من الموضة أصداء طيبة لدى جيل جديد من المشترين».
تركز «أيورغانيك» على ملابس المنزل المريحة، مع لمسة خفيفة من ملابس الخروج العصرية المميزة لشوارع المناطق الحضرية، مثل فساتين بقلنسوة للرأس، وبلوزات مبطنة، وغيرها. وتحمل جميع المنتجات القطنية علامة تشير إلى أنها مصنوعة من مواد عضوية، بما في ذلك الأزرار والخيوط. وشرح ساغار أن هذه الملابس «مناقضة للفكرة السائدة عن الموضة، فهي ليست بحاجة للتغيير حسب تغير المواسم والتوجهات».
وتعالج «أيورغانيك» منتجاتها بالاعتماد على وصفة حصلت عليها من عائلة تعيش في كيرالا، تناقلتْها عبر أجيال. واعتادت هذه العائلة صنع ملابس أفراد العائلات الملكية بجنوب الهند، وتستخدم في ذلك جذور الزنجبيل والكركم. اليوم، تطور هذا الأسلوب ليصبح «أيورفاسترا» الذي يعتمد على جميع الخلطات الممكنة من الأعشاب، لإضفاء طابع خاص على المنسوجات.
ويعتبر كيه. راجان، الخبير بمجال الأعشاب الأيورفيدية، الجيل العاشر من سلسلة من الخبراء بمجال الأعشاب. ورغم أنه حريص على عدم كشف أسرار الوصفات التي يستخدمها، فإن دراسات وتجارب جرت حول ممارسات مشابهة من قبل باحثين في كلية «أيورفيدا» الحكومية. وتحاول حكومة كيرالا، من جانبها، التشجيع على إحياء هذه الممارسات. ومن بين هذه الأساليب تطهير القطن من المواد السامة العالقة به وعليه، في مزيج خاص من الأعشاب الطبية، وتركه ليجفَّ في غرفة مظلمة لمدة 14 يوماً، قبل غسله بالماء، ونشره على صخور جافة تحت أشعة الشمس. بعد ذلك، يتم شحن هذا النسيج إلى الأتيلييه الخاص بلكوانيت وهيمانيت في غوروغرام، لتقطيعه واستخدامه في إنتاج ملابس لحساب «أيورغانيك»، العلامة التجارية، التي تصنَّف منتجاتها بأنها تجمع بين أناقة التصميم و«عناصر علمية وروحية مستدامة».
وقد وصلت هذه المنتجات إلى العالمية، إذ تباع في ألمانيا، وسويسرا، والنمسا، والولايات المتحدة.

كيف يمكن العناية بالمنسوجات الطبية؟

ينبغي أن يدرك المرء أن هذه الملابس ليست كيانات ميتة، وإنما تتفاعل باستمرار كلما لمست الجلد. ومن الممكن أن يتسبب هذا الإدراك نفسه؛ في جعل الناس أكثر حساسية تجاه هذه الملابس، وتقديراً لها. ومن الممكن أن يؤدي تعرض هذه المنسوجات لكيماويات قاسية أو درجات حرارة مرتفعة، إلى إتلافها. وشرحَت براجاباتي: «هذه منسوجات رائعة للغاية، وتبقى الخصائص الطبية بها لثلاث سنوات. بعد ذلك، تبقى لديك ملابس جميلة فحسب. اليوم، نعمل على تطوير أنواع معينة من الصابون ستكون شديدة الفعالية في تنظيف هذه الملابس».
وقال جاينام كوماربال، مؤسس شركة بهوساتفا: «نحن متفردون لأننا نقدم تجربة عضوية من خلال ملابسنا. من الحقل إلى الموضة، منتجاتنا عضوية بصورة كاملة. نوفر ضمانات إعادة شراء لمحصول بأكمله بسعر ممتاز، وهذا المحصول عضوي تماماً، من التربة حتى المنتج النهائي».
يذكر أن «بهوساتفا» يرتبط بها بصورة مباشرة أو غير مباشرة، أكثر من ألفي شخص. وبدأت الشركة عملها بإنتاج ملابس الرجال، وتنتج اليوم ربطات عنق وتتعاون مع مصممين بشتى أرجاء العالم، منها باريس. إلا إن الطريق لم تكن معبدة دائماً بالورود أمام الشركة. فقد اضطرت للانتظار 6 أشهر كاملة لتتلقى أول طلب شراء. يقول كوماربال، أحد مسؤولي الشركة، في هذا الشأن: «واجهنا كثيراً من المشكلات، بدءاً من الحصول على المواد الخام، وصولاً إلى ضمان التدفق المستمر لها، مروراً بعملية التصنيع؛ بما في ذلك صبغ النسيج وحياكته، وخلط عناصر مختلفة مثل نسيج الموز، والأناناس، والصويا، والحليب، بل والبامبو». أيضاً، واجهت الشركة صعوبة في إقناع نساجين ومصممين بالتعاون معها، واستغرق الأمر نحو 4 أشهر.
اليوم، يوجد لدى الشركة وكلاء بمختلف أرجاء العالم، بينهم 3 يغطون أوروبا، وآخرون في المكسيك وسنغافورة والفلبين. كما بدأت مؤخراً في تصدير منسوجات إلى جنوب أفريقيا، وتنوى طرح منتجاتها أيضاً في الولايات المتحدة وكندا.
وبالمثل، تركز علامة «سوي» التجارية التي أسَّستها ماهيما غوجرال عام 2018، على إنتاج قطع ملابس حضارية وصديقة للبيئة، من أجل المرأة. فمنذ البداية، رغبت غوجرال في الابتعاد عن الأصباغ الكيماوية. وبالفعل اعتمدت في أول مجموعتين لها على أصباغ تخلو تماماً من مادة «أزو». ومع هذا، اكتشفت أن الأصباغ الخالية من «أزو» لا تزال تحتوي على كيماويات أخرى، كما أنه لم يكن هناك ما يضمن خلو المياه الجوفية من التلوث. تُعلق غوجرال: «عند هذه النقطة، التقيت مسؤول الأصباغ لدينا حالياً، وكان يقيم في غوجارات، ويعمل على صناعة أصباغ من الأعشاب، وناقشنا الأمر لإيجاد حلول». واليوم، تأتي ألوان الملابس التي تطرحها من الكركم والأزهار المجففة، والكثير من العناصر الطبيعية الأخرى. وتعرف كذلك باسم «الأصباغ الأيورفيدية» لامتلاكها خصائص تشفي الجلد.



غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)
توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)
TT

غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)
توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)

بعد عدة أشهر من المفاوضات الشائكة، انتهى الأمر بفض الشراكة بين المصمم هادي سليمان ودار «سيلين». طوال هذه الأشهر انتشرت الكثير من التكهنات والشائعات حول مصيره ومستقبله. ولحد الآن لا يُحدد المصمم هذا المستقبل. لكن المؤكد أنه ضاعف مبيعات «سيلين» خلال الست سنوات التي قضاها فيها مديراً إبداعياً. غادرها وهي قوية ومخلفاً إرثاً لا يستهان به، يتمثل في تأسيسه قسماً جديداً للعطور ومستحضرات التجميل. فهو لم يكن يعتبر نفسه مسؤولاً عن ابتكار الأزياء والإكسسوارات فحسب، بل مسؤولاً على تجميل صورتها من كل الزوايا، ومن ثم تحسين أدائها.

العطور ومستحضرات التجميل جزء من الحياة ولا يمكن تجاهلهما وفق هادي سليمان (سيلين)

نجح وفق تقديرات المحللين في رفع إيراداتها من 850 مليون دولار حين تسلمها في عام 2018، إلى ما يقرب من 3.27 مليار دولار عندما غادرها. الفضل يعود إلى أسلوبه الرشيق المتراقص على نغمات الروك أند رول من جهة، وإدخاله تغييرات مهمة على «لوغو» الدار وإكسسواراتها من جهة أخرى. هذا عدا عن اقتحامه مجالات أخرى باتت جزءاً لا يتجزأ من الحياة المترفة تعكس روح «سيلين» الباريسية، مثل التجميل واللياقة البدنية.

اجتهد في رسم جمال الدار في عام 2023 وكأنه كان يعرف أن الوقت من ذهب (سيلين)

بعد عام تقريباً من تسلمه مقاليد «سيلين» بدأ يفكر في التوسع لعالم الجمال. طرح فعلاً مجموعة من العطور المتخصصة استوحاها من تجاربه الخاصة والأماكن التي عاش أو عمل فيها. استعمل فيها مكونات مترفة، ما ساهم في نجاحها. هذا النجاح شجعه على تقديم المزيد من المنتجات الأخرى، منها ما يتعلق برياضة الـ«بيلاتيس» زينها بـ«لوغو» الدار.

يعمل هادي سليمان على إرساء أسلوب حياة يحمل بصماته ونظرته للجمال (سيلين)

مستحضرات التجميل كان لها جُزء كبير في خطته. كان لا بد بالنسبة له أن ترافق عطوره منتجات للعناية بالبشرة والجسم تُعزز رائحتها وتأثيرها. هنا أيضاً حرص أن تشمل كل جزئية في هذا المجال، من صابون معطر يحمل رائحة الدار وكريمات ترطيب وتغذية إلى بخاخ عطري للشعر وهلم جرا.

في عام 2019 طرح مجموعة عطور متخصصة أتبعها بمنتجات للعناية بالبشرة والجسم (سيلين)

كانت هذه المنتجات البداية فقط بالنسبة له، لأنه سرعان ما أتبعها بمستحضرات ماكياج وكأنه كان يعرف أن وقته في الدار قصير. كان أول الغيث منها أحمر شفاه، قدمته الدار خلال أسبوع باريس الأخير. من بين ميزاته أنه أحمر شفاه يرطب ويلون لساعات من دون أن يتزحزح من مكانه. فهو هنا يراعي ظروف امرأة لها نشاطات متعددة وليس لديها الوقت الكافي لتجدده في كل ساعة.

بدأ بأحمر شفاه واحد حتى يجس نبض الشعر ويُتقن باقي الألوان لتليق باسم «سيلين» (سيلين)

حتى يأتي بالجودة المطلوبة، لم تتسرع الدار في طرح كل الألوان مرة واحدة. اكتفت بواحد هو Rouge Triomphe «روج تريومف» على أن تُتبعه بـ15 درجات ألوان أخرى تناسب كل البشرات بحلول 2025 إضافة إلى ماسكارا وأقلام كحل وبودرة وظلال خدود وغيرها. السؤال الآن هو هل ستبقى الصورة التي رسمها هادي سليمان لامرأة «سيلين» وأرسى بها أسلوب حياة متكامل يحمل نظرته للجمال، ستبقى راسخة أم أن خليفته، مايكل رايدر، سيعمل على تغييرها لكي يضع بصمته الخاصة. في كل الأحوال فإن الأسس موجودة ولن يصعب عليه ذلك.