المصمم السعودي حاتم العقيل: فهم الجذور يصنع المستقبل

المصمم حاتم العقيل في أحد تصاميمه
المصمم حاتم العقيل في أحد تصاميمه
TT

المصمم السعودي حاتم العقيل: فهم الجذور يصنع المستقبل

المصمم حاتم العقيل في أحد تصاميمه
المصمم حاتم العقيل في أحد تصاميمه

لا يحب حاتم العقيل طبع شعار معين على تصميمه، لأنه يؤمن أن الشعار الحقيقي هو الأسلوب، الذي يتعرف إليه المرء من دون أن ينظر إلى التوقيع الذي تحمله هذه القطعة، ساعياً أن يحصل ذلك مع أعماله. المصمم السعودي الذي وصل إلى العالمية جمع كثيراً من العناوين في تصاميمه. وبين الالتزام بالتقاليد، والفخر بالجذور، وإدخال النفحة العصرية الأنيقة البسيطة، اكتملت توليفة تصاميمه.
يبدأ حاتم العقيل حديثه لـ«الشرق الأوسط» بتسليط الضوء على أحدث مجموعاته التي تم تصويرها في برشلونة، والتي تعكس اتجاهاً جديداً في الأزياء الرجالية، قائلاً: «كان من الجميل تصوير الثوب السعودي في (Ciutadella Park)، في خطوة جريئة من خلال تقديم غالبية القطع بأسلوب غربي، حيث أعطيت الأولوية للقمصان والجاكيتات. وحتماً الثوب السعودي سيظل حاضراً في كل مجموعاتي، ولكنني أردت إظهار النفحة العصرية، حيث استطعت جمع كثير من الصيحات المتناقضة بعضها مع بعضها، مثل الملابس الرياضية والثوب السعودي والقمصان التي يمكن ارتداؤها في أي إطلالة».
ويعد حاتم أن أهم معايير أناقة الرجل هي الفردية، حيث يجب على الرجل أن يعرف ما الطريقة التي يريد أن يقدم بها نفسه، لافتاً إلى أنه مع موجة السوشيال ميديا والانفتاح الكبير، لكن من الجميل، ومع اختلاف الحضارات، أن تظل هوية الرجل ظاهرة في أسلوبه، لتكون بمثابة تعبير عن تقاليده.
ويكمل نصائحه للرجل بالقول: «ارتد الملابس التي تناسب جسمك، ولا تتبع الصيحات بشكل أعمى، بل اختر منها ما يلائمك، ويعكس شخصيتك وأسلوبك. أسوأ خطأ يمكن ارتكابه هو عدم أخذ المعايير السابقة بعين الاعتبار، فتفقد الإطلالة أناقتها على الفور، فيجب عدم تقليد أحد، بل اختيار الهوية الخاصة بك».
وعن مجموعات الأزياء النسائية، يشير المصمم السعودي إلى التالي: «مجموعتي الخامسة تحمل عنوان (Toby Femme)، وتتضمن جاكيتات طويلة للنساء، البعض قد يطلق عليها اسم عباءة، ولكنني أجدها جاكيتات بقصات دقيقة، يمكن ارتداؤها في مختلف المناسبات، وهي ليست مخصصة فقط للمرأة العربية، بل حتى للغربية التي تحب ارتداء ما هو حقيقي».
ورداً على سؤال التحولات الكبيرة التي شهدتها المملكة في السنوات الأخيرة، وما إذا كانت قد أثرت على قطاع الموضة، يجيب: «أثرت بقوة على مجالنا، ولعل القرار الذي قضى بعدم فرض العباءة على المرأة السعودية هو أحد أبرز الأسباب التي شرعت الأبواب أمام عدد كبير من المصممين، لأن هناك كثيراً من النساء السعوديات اللواتي يعشقن الموضة وصيحاتها لم يكن قادرات في السابق على إبراز ذلك. أما اليوم، فقد صار الأمر سهلاً متاحاً، مع البقاء على الحفاظ على تقاليد المجتمع السعودي وعاداته. وأنا سعيد جداً بمناسبات الموضة والأزياء في المملكة، وعلى رأسها (إثراء) التي فتحت الطريق أمام عدد كبير من المصممين الناشئين. وأظن أن هذه النقلة نوعية رائعة فعلاً، وانعكست تطوراً حقيقياً في الإبداع في المجالات المختلفة، بما فيها الموضة».
وعن هدفه كمصمم، يقول: «إنه تغيير المفاهيم السائدة، ولعل ذلك يتجلى في سعيي إلى تحويل الزي التقليدي إلى زي ينسجم مع صيحات الموضة العصرية الحديثة، والغربية منها على وجه الخصوص. وكان لي الفخر أن أصل بتصاميمي إلى جميع الفئات العمرية، وأن ألبس شخصيات عالمية، مثل الأمير ويليام وكريستيان لوبوتان، وغيرهما. كما أنني أكرر دوماً أن من يعجز عن فهم جذوره وتقاليده، يفتقد إلى الهوية، وعمله لن يكون مرتكزاً على أسس ثابتة».



5 أشياء تدين بها صناعة الموضة العربية لإيلي صعب

كان حب إيلي صعب الإنسان الخيط الذي جمع كل الفنانين الذين حضروا الاحتفالية (رويترز)
كان حب إيلي صعب الإنسان الخيط الذي جمع كل الفنانين الذين حضروا الاحتفالية (رويترز)
TT

5 أشياء تدين بها صناعة الموضة العربية لإيلي صعب

كان حب إيلي صعب الإنسان الخيط الذي جمع كل الفنانين الذين حضروا الاحتفالية (رويترز)
كان حب إيلي صعب الإنسان الخيط الذي جمع كل الفنانين الذين حضروا الاحتفالية (رويترز)

انتهى عرض إيلي صعب في الرياض، أو الأحرى احتفالية «1001 موسم من إيلي صعب» بمرور 45 على انطلاقته في بيروت، ولم تنته ردود الأفعال. فالعرض كان خيالياً، شارك فيه باقة من نجوم العالم، كان القاسم المشترك بينهم إلى جانب نجوميتهم وشعبيتهم العالمية، حبهم لإيلي صعب... الإنسان.

كان حب إيلي صعب الإنسان الخيط الذي جمع كل الفنانين الذين حضروا الاحتفالية (رويترز)

المهتمون بالموضة، من جهتهم، يكنون له الاحترام، لرده الاعتبار لمنطقة الشرق الأوسط بوصفها تملك القدرة على الإبهار والإبداع. طبعاً تقديم العرض الضخم بدعم الهيئة العامة للترفيه ضمن فعالية «موسم الرياض 2024» كان له دور كبير في إنجاح هذه الفعالية. فقد توفرت كل اللوجيستيات المطلوبة لتسليط الضوء على أيقونة عربية لها تأثير كبير على الساحة العربية والعالمية، نذكر منها:

1-أول عربي يقتحم باريس

عرضه لخريف وشتاء 2024 ضمن عروض «الهوت كوتور» كان لوحة رومانسية من «ألف ليلة وليلة» (إيلي صعب)

هو أول من وضع الموضة العربية ضمن الخريطة العالمية بوصفه أول مصمم عربي يخترق العالمية وينافس كبار المصممين بأسلوب شرقي معاصر. استقبلته باريس بالأحضان ودخل البرنامج الرسمي لـ«هوت كوتور» من باب الفيدرالية الفرنسية للموضة كأول مصمم عربي مُبدع. فالصورة المترسخة في أذهان خبراء الموضة العالميين عن المصممين العرب في الثمانينات من القرن الماضي أنهم مجرد خياطين يقلدون إصداراتهم. كان عز الدين علايا الاستثناء الوحيد قبله.

2-احترام المرأة العربية

من تشكيلته لخريف وشتاء 2024... أزياء تتميز بالرومانسية وسخاء التطريز (إيلي صعب)

هو من فتح عيون الغرب، ليس على قدرة المرأة العربية الشرائية فحسب، بل وعلى تأثيرها على المشهد الإبداعي، بالتالي رد لها اعتبارها. فرغم أنها ومنذ السبعينات تُنعش قطاع «الهوت كوتور» كزبونة متذوقة ومقتدرة، فإنها لم تحصل على الحظوة نفسها التي كانت تتمتع بها مثيلاتها في الولايات المتحدة الأميركية مثلاً. نجاحه في الثمانينات وبداية التسعينات يعود إلى هذه المرأة، التي أقبلت على تصاميمه، وهو ما استوقف باقي المصممين، وفتح شهيتهم لدخول «الهوت كوتور» ومخاطبتها بلغة أكثر احتراماً. دار «فيرساتشي» مثلاً أطلقت خطها في عام 1989، فيما أطلق جيورجيو أرماني خطه «أرماني بريفيه» في عام 2005 إلى جانب آخرين وجهوا أنظارهم شرقاً متسابقين على نيل رضاها.

3- ارتقى بمهنة التصميم

تحول إلى مدرسة قائمة بذاتها، كما تخرج على يده العديد من المصممين الشباب الذين نجحوا (إيلي صعب)

نجاحه غيّر النظرة إلى مهنة تصميم الأزياء في الوطن العربي، من المغرب الأقصى إلى الشرق. بدأ الجميع يأخذها بجدية أكبر، فلا المجتمع بات يراها قصراً على المرأة أو على الخياطين، ولا الرجل يستسهلها. أصبحت في نظر الجميع صناعة وفناً يحتاجان إلى صقل ودراسة وموهبة.

4-قدوة للشباب

من تشكيلته لـ«هوت كوتور خريف وشتاء 2024» (إيلي صعب)

تخرج على يده العديد من المصممين الشباب. كان قدوة لهم في بداية مشوارهم، ثم دخلوا أكاديميته وتعلموا على يده وفي ورشاته. كلهم يشهدون له بالإبداع ويكنون له كل الاحترام والحب. من بين من هؤلاء نذكر حسين بظاظا ورامي قاضي وغيرهم كثيرون.

5-اقتناع برؤيته الفنية

لم يغير جلده أو أسلوبه رغم كل التحديات. كان له رؤية واضحة تمسك بها وكسب (رويترز)

أكد للجميع أنه يمتلك رؤية خاصة لم يغيرها في أي مرحلة من مراحل تطوره. حتى الانتقادات التي قُوبل بها في باريس في البداية، واجهها بقوة وتحدٍ، ولم يخضع لإملاءاتهم لإرضائهم أو لتجنب هجماتهم الشرسة على شاب عربي يتكلم لغة فنية جديدة في عُقر دارهم. بالعكس زاد من جرعة الرومانسية وسخاء التطريز، وأعطاهم درساً مهماً أن الرأي الأول والأخير ليس لهم، بل للمرأة عموماً، والسعودية تحديداً. كانت خير مساند له بحيث أدخلته القصور والبلاطات، وجعلته ضيفاً مرحباً به في أعراسها ومناسباتها المهمة.