مؤلف مسلسل «ممالك النار»: حاولنا الحياد... لكننا نتوقع هجوماً بعد العرض

عبد المالك قال لـ«الشرق الأوسط» إن العمل يوثق مقاومة المماليك للعثمانيين

المؤلف المصري محمد سليمان عبد المالك  -   مشاهد من المسلسل
المؤلف المصري محمد سليمان عبد المالك - مشاهد من المسلسل
TT

مؤلف مسلسل «ممالك النار»: حاولنا الحياد... لكننا نتوقع هجوماً بعد العرض

المؤلف المصري محمد سليمان عبد المالك  -   مشاهد من المسلسل
المؤلف المصري محمد سليمان عبد المالك - مشاهد من المسلسل

بين عامي 1491 و1518 في القرن السادس عشر الميلادي، تدور أحداث مسلسل «ممالك النار» المقرر عرضه على مجموعة قنوات MBC السعودية يوم 17 نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري، حيث يتناول في 14 حلقة ذروة الصراع العثماني المملوكي واحتلال مصر والشام على يد السلطان العثماني سليم الأول، وشنق طومان باي آخر سلاطين المماليك على باب زويلة وانتهاء الدولة المملوكية.
العمل من كتابة المؤلف المصري محمد سليمان عبد المالك، وإخراج البريطاني بيتر ويبر، وإنتاج الإماراتي ياسر حارب.
يشارك في بطولة المسلسل عدد كبير من الفنانين العرب، في مقدمتهم المصري خالد النبوي في دور طومان باي، والسوري رشيد عساف في دور قنصوة الغوري عم طومان باي، والمنسوب إليه حي الغورية في القاهرة، والفنان السوري محمود نصر الذي يجسد السلطان سليم الأول، والفنان السوري عبد المنعم عمايري ويجسد بايزيد والد سليم الأول، والسورية كندة حنا في دور دلباي حبيبة طومان باي، والفنانة منى واصف كضيفة شرف.
المؤلف محمد سليمان عبد المالك حكى عن بدايات العمل على المسلسل بقوله: «الفكرة جاءت من خلال المنتج ياسر حارب الذي كان من طموحه تقديم عمل تاريخي يرقى للمواصفات العالمية».
ويرى عبد المالك في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «الدراما التاريخية في المنطقة العربية وصلت لمستوى معين من التطور ولم تستطع بعدها الارتقاء عنه، وكان آخرها مسلسل عمر للمخرج السوري حاتم علي».
وتابع: «كان لدي شغف كبير لتقديم عمل تاريخي ضخم لكن لم أجد حماساً من المنتجين بسبب التكلفة الباهظة لهذه الأعمال، فتوقفت عن التفكير في هذه النوعية، ثم جاء حارب الذي اقترح فكرة تقديم عمل فني عن الصراع العثماني المملوكي في القرن 16 لأنها حقبة مظلومة تاريخياً ودرامياً».
وأضاف: «استعنا بعدة مراجع مهمة في التاريخ العثماني والمملوكي، وزودنا أستاذ التاريخ دكتور صبري الدالي المتخصص في التاريخ العثماني، بمراجع منها (بدائع الزهور في وقائع الدهور) المتناول للتاريخ المملوكي والمكتوب بدقة أشبه باليوميات أيام الغزو العثماني للدولة المملوكية، وهو ما أعطانا تصور كامل عن حياة الناس وطبيعة السلطة والصراع وقتها، وكتاب (واقعة السلطان الغوري مع سليم العثماني) لابن زمبل الرمال، وهو كتاب خطير كانت السلطة وقتها تتعامل معه باعتباره ممنوعاً ونوعا من المقاومة الصامتة، وكذلك كتاب (مرج دابق) لصلاح عيسى، أما عن التاريخ العثماني فلدينا الكتاب الإنجليزي (The making of Selim) أو صنع سليم، كتبه أستاذ تاريخ تركي في إحدى الجامعات الأميركية، وعشرات المصادر الأخرى».
وكشف عبد المالك أنه عمل على مدار 6 أشهر لإخراج السيناريو للنور في إطار ورشة لكتابته، وأبرز المشاركين فيها: أحمد بكر وحسام هلالي والشاعر أحمد ندا المتخصص في صياغة الحوار بلغة مشابهة للتي تنطق في هذا العصر، فضلاً عن أن المنتج كان حريصاً على ترجمة الحلقات المكتوبة وإرسالها إلى استشاري سيناريو في إنجلترا رغبة منه في الوصول إلى المستوى العالمي.
ودافع المؤلف عن المسلسل، ورفض اتهامه بالتحيز لصالح السلطان المملوكي على حساب نظيره العثماني بقوله: «هناك مقولة دائمة وهي أن التاريخ يكتبه المنتصر، فالوقائع التاريخية كثيراً ما تكون غير حيادية لأنه هناك وجهات نظر ومصالح متضاربة لمن سجلوا التاريخ ووثقوه، والدراما ليس دورها أن تكون محايدة أو تبحث عن حقائق ولكنها تنتصر لقيم وأخلاقيات بعينها، وفكرة الحياد ومحاولة تجنب الهجوم هو أمر صعب منذ بدء الدراما التاريخية ولن تستطيع إرضاء كل الأطراف، ومع ذلك فقد حاولنا أن نكون محايدين لأقصى درجة».
وأضاف: «المسلسل سيثير جدلاً لأن الساحة بالفترة الماضية كانت متروكة للدراما التركية تمجد كيفما تشاء في أبطالها العثمانيين، والعمل تتم مهاجمته أصلاً حتى قبل عرضه لمجرد أنه يعبر عن وجهة نظر بعينها، ويعرض حياة السلطان المملوكي وحب الناس له واشتراكه في المقاومة معهم، بل وأتوقع زيادة حدة الهجوم بعد العرض».
ودافع عن اختيار المخرج البريطاني بيتر ويبر في عمل عربي قائلاً: «استعنا بخبرات عالمية كي يخرج العمل على أعلى مستوى من الاحترافية والجودة وكي ينقلوا خبراتهم للكوادر العربية، فكل الفنيين من مدير التصوير والغرافيك ومهندسي الديكور وفنيي المعارك بريطانيون، وبعضهم الآخر من أستراليا وإيطاليا وكولومبيا».
وكشف المؤلف عن أماكن التصوير، الذي تم بالكامل في تونس في استوديوهات طارق بن عمار مستغرقاً 8 أشهر، شملت التدريب على ركوب الخيل والمعارك، بالإضافة إلى 4 شهور أخرى لإنهاء مراحل الغرافيك والمونتاج والمكساج، وبميزانية تخطت 40 مليون دولار.
وعن السر في اختيار النبوي لأداء دور طومان باي، أكد عبد المالك، أن لغته العربية جيدة ومواصفاته الشكلية تتوافق مع مواصفات السلطان المملوكي، ولديه إسهامات قوية في الأعمال التاريخية منذ فيلم «المهاجر»، كما تلاقت أحلامه في تجسيد الشخصية مع ترشيحه من الجهة المنتجة والمخرج.


مقالات ذات صلة

مسلسلات مستوحاة من جرائم حقيقية تفرض نفسها على الشاشة المصرية       

يوميات الشرق لقطة من البرومو الترويجي لمسلسل «ساعته وتاريخه» الذي يعرَض حالياً (برومو المسلسل)

مسلسلات مستوحاة من جرائم حقيقية تفرض نفسها على الشاشة المصرية       

في توقيتات متقاربة، أعلن عدد من صُنَّاع الدراما بمصر تقديم مسلسلات درامية مستوحاة من جرائم حقيقية للعرض على الشاشة.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق من وجهة نظر العلاج بالفنّ (غيتي)

علاج القلق والكآبة... بالمسلسلات الكورية الجنوبية

رأى خبراء أنّ المسلسلات الكورية الجنوبية الزاخرة بالمشاعر والتجارب الحياتية، قد تكون «مفيدة» للصحة النفسية؛ إذ يمكنها أن تقدّم «حلولاً للمشاهدين».

«الشرق الأوسط» (سيول)
يوميات الشرق الفنانة مايان السيد في لقطة من البرومو الترويجي للمسلسل (الشركة المنتجة)

«ساعته وتاريخه»... مسلسل ينكأ جراح أسرة مصرية فقدت ابنتها

أثار مسلسل «ساعته وتاريخه» التي عرضت أولى حلقاته، الخميس، جدلاً واسعاً وتصدر ترند موقع «غوغل» في مصر، خصوصاً أن محتوى الحلقة تناول قضية تذكّر بحادث واقعي.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق سهر الصايغ خلال تسلمها إحدى الجوائز (حسابها على إنستغرام)

سهر الصايغ: تمردت على دور «الفتاة البريئة»

قالت الفنانة المصرية سهر الصايغ إنها تشارك في مسلسل «أسود باهت» بدور «شغف» التي تتورط في جريمة قتل وتحاول أن تكشف من القاتل الحقيقي.

مصطفى ياسين (القاهرة )
يوميات الشرق مريم الجندي في مشهد يجمعها بأحد أبطال المسلسل (لقطة من برومو العمل)

«ساعته وتاريخه» مسلسل مصري يجذب الاهتمام بدراما حول جرائم حقيقية

في أجواء لا تخلو من التشويق والإثارة جذب المسلسل المصري «ساعته وتاريخه» الاهتمام مع الكشف عن «البرومو» الخاص به الذي تضمن أجزاء من مشاهد مشوقة.

انتصار دردير (القاهرة )

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».