عباس: لا انتخابات من دون القدس أو غزة

«فتح» تطلب رداً خطياً من «حماس»... وميلادينوف في القطاع

TT

عباس: لا انتخابات من دون القدس أو غزة

قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس إنه لن تكون هناك انتخابات إذا لم تجرِ في القدس أو غزة إلى جانب الضفة الغربية.
وشدد عباس على ضرورة إجراء لانتخابات لأنها تحمي «وجودنا وقضيتنا»، قائلاً إنه قرر إجراء انتخابات تشريعية ثم رئاسية لكن بشرط أن تجري في القدس وقطاع غزة والضفة. وقال الرئيس: «يجب أن تُعقد في غزة والقدس، ودون ذلك لن تكون».
وأعرب عباس عن أمله أن يقول الجميع «نعم» للانتخابات وأن يكونوا على قدر المسؤولية. وقال إن «الحريص على حماية وجودنا وقضيتنا، يجب أن يسير إلى الانتخابات».
وحديث عباس جاء بعد ساعات من إعلان رئيس المكتب السياسي لـ«حماس» إسماعيل هنية، أن حركته توافق على إصدار الرئيس الفلسطيني محمود عباس مرسوماً لتحديد موعد إجراء الانتخابات العامة الفلسطينية قبل عقد لقاء وطني، وهي نقطة كانت محل خلاف. وقال هنية في مؤتمر صحافي عقب لقاء قيادة الحركة مع ممثلي الفصائل الفلسطينية في غزة لبحث ملف الانتخابات، إن «إصرار الرئيس عباس على أن المرسوم الرئاسي يسبق الاجتماع الوطني المقرر قد لا يكون عقبة أو سبباً من أسباب تعطيل الانتخابات، إذا ما تم الاتفاق على الأسس والضمانات التي يجب أن تتوفر لهذه الانتخابات». وأضاف أن «(حماس) تنازلت وقبلت بإجراء انتخابات تشريعية تليها انتخابات رئاسية في فترة زمنية محددة، وأن تجري على أساس التمثيل النسبي الكامل». وأكد هنية ضرورة إجراء الانتخابات في الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة بشكل لا يقبل التأويل ولا المناورة خصوصاً في ملف القدس.
كان عباس قد أبلغ الفصائل الفلسطينية عبر رسالة موجّهة إلى رئيس لجنة الانتخابات حنا ناصر، رفضه عقد أي اجتماع قيادي قبل إصداره مرسوماً للانتخابات العامة في ورقة توضيحية نقلها رئيس لجنة الانتخابات حنا ناصر إلى مسؤولي الفصائل في قطاع غزة، ووافق عباس على الاجتماع فقط بعد إصداره المرسوم، واشترط أن يكون مرسوم الانتخابات بالتتابع، أي أن تجري الانتخابات التشريعية أولاً ثم الرئاسية في مواعيد متباعدة.
واشترط عباس أن تكون الانتخابات وفق نظام التمثيل النسبي فقط. ومع موافقة «حماس» تبدو العقبات أقل في طريق الانتخابات، لكن عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح» حسين الشيخ، قال إن المطلوب من حركة «حماس» هو «الرد الخطي على رسالة الرئيس التي حددت خريطة الطريق للانتخابات الرئاسية والتشريعية، وذلك أسوةً بباقي الفصائل الفلسطينية».
لكنّ إجراء الانتخابات لا يتعلق فقط بموافقة «حماس»، ويريد عباس كما قال إجراء الانتخابات في القدس كذلك، وهي مسألة أكثر تعقيداً.
وترفض إسرائيل أي نشاط فيه ممارسة «سيادة فلسطينية» في القدس الشرقية «باعتبار القدس بشقيها عاصمة لإسرائيل».
وخاطبت السلطة وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي وأميركا اللاتينية وأستراليا ونيوزلندا والهند وباكستان وجنوب أفريقيا، بالإضافة إلى الأمم المتحدة، من أجل الضغط على إسرائيل كي توافق على إجراء الانتخابات في القدس، لكنها لم تتلقَّ أي موافقة حول إجراء الانتخابات في القدس.
ووصل أمس إلى غزة المبعوث الأممي لعملية السلام في الشرق الأوسط نيكولاي ميلادينوف، لبحث مسألة الانتخابات. ويُتوقع أن يكون ميلادينوف التقى رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية، وقيادة الحركة بغزة، لبحث ملفات تتعلق بالانتخابات، والتفاهمات مع الاحتلال، وهذه ثاني زيارة لميلادينوف إلى غزة في غضون أسبوع لبحث مسألة الانتخابات. وتعمل الأمم المتحدة على إنجاح العملية الانتخابية وتعهدت بتقديم المساعدة المطلوبة لذلك.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم