«إمباير ستيت» يستعد لدخول «إنستغرام» عن 88

يزوره 4 ملايين شخص كل عام ويدر 132 مليون دولار

«إمباير ستيت بيلدنج» أعلى مبنى في نيويورك
«إمباير ستيت بيلدنج» أعلى مبنى في نيويورك
TT

«إمباير ستيت» يستعد لدخول «إنستغرام» عن 88

«إمباير ستيت بيلدنج» أعلى مبنى في نيويورك
«إمباير ستيت بيلدنج» أعلى مبنى في نيويورك

لأربعة عقود، ظل «إمباير ستيت بيلدنج» أعلى مبنى في نيويورك. أما اليوم، يبدو المبنى الشهير عالمياً صغيراً نسبياً مقارنة بباقي أفق المدينة.
تم بناء ما يقرب من 5 ناطحات سحاب أكبر، في السنوات القليلة الماضية، خلال طفرة البناء في نيويورك، مع عدد لا يحصى من المباني التي ترتفع أعلى وأعلى في السماء. حامل اللقب الحالي هو مركز التجارة العالمي الجديد في جنوب مانهاتن، الذي يبلغ ارتفاعه 540 متراً تقريباً.
بالنسبة لمبنى «إمباير ستيت»، الذي يبلغ عمره 88 عاماً، وارتفاعه 443 متراً، فإن كل ناطحة سحاب جديدة ترتفع، تعني المزيد من التنافس على الزوار، خصوصاً أن العديد من المباني الجديدة تقدم أيضاً منصات المشاهدة، مع معرفة كيفية الترويج لها لدى الزوار بشكل دقيق، حسب وكالة الأنباء الألمانية.
ويحتوي مركز التجارة العالمي، على سبيل المثال، على عرض للوسائط المتعددة، بينما يخطط مشروع «هدسون ياردز» الجديد لفتح «أعلى منصة مشاهدة خارجية في نصف الكرة الغربي»، على ارتفاع 335 متراً، في عام 2020، ولكن مبنى «إمباير ستيت» يعود الآن. ففي أكتوبر (تشرين الأول) 2019، أعاد فتح أبوابه بعد إجراء إصلاح شامل لغرف ومنصات العرض.
ويعد المبنى ذو الديكور الفني الواقع في قلب مانهاتن أولاً، وقبل كل شيء، مبنى إدارياً يضم العديد من الشركات، مثل مقر منصة «لينكد إن» لشبكات العمل عبر الإنترنت. ويومياً، هناك نحو 16 ألف شخص يدخلون ويخرجون من مبنى «إمباير ستيت» للعمل.
بالإضافة إلى ذلك، فإنه في كل عام يزور نحو 4 ملايين شخص المبنى، الذي يمكن التعرف عليه من عدد لا يحصى من أفلام «هوليوود»، وهو ما يدر نحو 132 مليون دولار على مشغل المبنى «إمباير ستيت ريالتي تراست».
وقبل التجديد، أحب الزوار المنظر الخلاب في الهواء الطلق من منصة المشاهدة، لكنهم لم يكونوا مهتمين للغاية بالمعارض القديمة المتربة في الجزء السفلي من المبنى - أو طوابير الانتظار الطويلة إلى كشك التذاكر والمصاعد.
ويقول جان إيف غازي، رئيس مرصد «إمباير ستيت»: «لقد استطلعنا آراء زوارنا، وقال لنا الجميع إنهم قبل قدومهم إلى مدينة نيويورك، كان لديهم بالفعل علاقة (بمبنى إمباير ستيت). ما قالوه لنا هو أنهم يحبون العلامة التجارية، وأنهم يحبون المبنى، وأنهم يحبون المناظر، لكنهم غير حريصين على الانتظار في طوابير».
ويضيف: «لقد وجدت هذه المعارض طريقة للتخلص فعلياً من الطوابير، لا سيما تعزيز الارتباط العاطفي بين الزوار والمبنى». ويقول غازي: «منذ أربع أو خمس سنوات، بدأنا في هذا المشروع المثير لإعادة تخيل رحلة الزائر، وبعد إنفاق 165 مليون دولار، أصبحنا هكذا».
وتم نقل مدخل الزوار، بينما يتم بيع التذاكر بشكل حصري تقريباً مقدماً، أو من آلة بيع تذاكر تعمل بالبطاقات فقط. ويمر الطريق إلى المصاعد عبر المعرض الذي تم تجديده حديثاً، ويدور حول تاريخ المبنى، الذي يتميز بعناصر وسائط متعددة ومحطات صور ذاتية (سيلفي) بشكل ملحوظ. الأكثر شعبية هو (كينغ كونغ)، الذي تمت إعادته إلى الحياة مع شاشات متعددة واثنين من الأيدي الكبيرة.
ويقول توم هينز، من شركة «ثينك» للتصميم، التي تقف وراء عمليات التجديد، إن هذه التغييرات تساعد على منع تشكيل طوابير الانتظار.
ويوضح بالقول إنه «يتم إنشاء كل شيء للمساعدة في تغذية التواصل العاطفي بين الناس والمبنى قبل وصولهم». وأصبح مبنى «إمباير ستيت» جاهزاً الآن لعصر «إنستغرام»، ويقول أنتوني مالكين، رئيس «ريالتي تراست»، إن النجم الحقيقي «جوهرة التاج»، هو بالطبع منصات المشاهدة: ساحة مفتوحة في الطابق 86 وأخرى مستديرة مغلقة في الطابق 102، على ارتفاع 381 متراً فوق سطح الأرض. كل منهما تبدو أكثر قرباً للزوار بعد التجديد، مع مساحة أكبر ونوافذ أكبر. في الطابق 102، يمكن للزوار الحصول على رؤية 360 درجة لمدينة نيويورك من خلال 24 نافذة.
وذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» عن التغييرات أنه «من المرجح أن يصبح المرصد الذي تم تجديده مزاراً واجباً، حتى بالنسبة للسكان المحليين» الذين يفترض أنه لم يعد لديهم شغف بالمبنى.
ولا يوجد سوى عيب واحد، وهو شيء لا يمكن حله حقاً؛ حيث إن واحداً من أحد أجمل المعالم السياحية في المدينة لا يمكن رؤيته من منصة المشاهدة - وهو مبنى «إمباير ستيت» نفسه.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».