الحوثي يقتدي بخامنئي في توصيفه للحراك الشعبي بالعراق ولبنان

تجاهل الإشارة لجهود إحلال السلام ويهدد بأسلحة جديدة

TT

الحوثي يقتدي بخامنئي في توصيفه للحراك الشعبي بالعراق ولبنان

تجاهل زعيم الجماعة الحوثية الموالية لإيران عبد الملك الحوثي، أي حديث عن الجهود الرامية إلى إحلال السلام في اليمن، وإنهاء الانقلاب، مهدداً بتطوير المزيد من الأسلحة لاستخدامها في الهجمات الإرهابية على المصالح السعودية، حسب ما جاء في خطاب له أمام أنصاره يوم السبت.
وحشدت الجماعة المدعومة إيرانياً، أتباعها، إلى الميادين العامة في صنعاء وصعدة وذمار وإب، وأجبرت السكان والموظفين وطلبة المدارس على الحضور في ذكرى المولد النبوي، الذي حولته من مناسبة روحية واجتماعية إلى مهرجانات طائفية وسياسية.
وحرص الحوثي على كيل التهم التكفيرية للمخالفين لجماعته، كما هاجم الثقافة الغربية، معتبراً إياها نوعاً من «الكفر والضلال»، في الوقت الذي حذر أتباعه من وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، التي قال إنها تستهدفهم بالمقام الأول لتغيير وعيهم.
ولم يشر زعيم الجماعة الحوثية إلى أي من جهود السلام التي تبذلها الأمم المتحدة، لكنه دعا السعودية إلى وقف العمليات القتالية المساندة للشرعية، ولكن دون أن يقدم أي تنازل ينهي انقلاب جماعته، ويوقف مشروعها الرامي إلى تحويل اليمن إلى ولاية إيرانية.
واعتبر زعيم الميليشيات ما تقوم به جماعته «مسيرة تحررية»، على حد زعمه، طالباً من قياداته الاستمرار في فرض القبضة الأمنية على سكان المناطق التابعة للجماعة، وكذا الاستمرار في تحصيل الزكاة منهم.
وأظهر الحوثي قلقه جراء ما يشهده العراق ولبنان من حراك شعبي يدعو إلى مجابهة الفساد، وإلغاء المحاصصة الطائفية، وفيما مضى في توصيفه للأمر على خطى المرشد الإيراني على خامنئي، الذي كان اعتبر ما يحدث في هذين البلدين مؤامرة «أميركية وإسرائيلية»، طالب بالتصرف بحزم مع هذا الحراك.
وزعم الحوثي أن جماعته لا تخشى من التصريحات الإسرائيلية بخصوص خطر جماعته، التي قال إن لديها الاستعداد لتوجيه أقسى الضربات للمصالح الإسرائيلية الحساسة، وفق زعمه.
وتنصل زعيم الميليشيات الحوثية من مسؤولية جماعته تجاه رواتب الموظفين في مناطق سيطرة الجماعة، على الرغم من الإيرادات الضخمة التي تجنيها الجماعة، والجبايات المتنوعة التي كان قدرها نواب خاضعون للميليشيات في صنعاء بأنها تصل إلى تريليون ريال يمني سنوياً (الدولار نحو 560 ريالاً).
وضمن مسعاه للتنصل من دفع الرواتب، اتهم الحوثي الحكومة الشرعية بأنها استولت على عائدات 120 مليون برميل من النفط، خلال السنوات الخمس الماضية، من حقول مأرب وشبوة وحضرموت.
وأطل زعيم الجماعة كعادته في خطابه الذي بثته قناة «المسيرة» من خلف مئات الشاشات العملاقة التي نصبتها الجماعة في ميادين صنعاء وإب وذمار وصعدة وحجة والمحويت وبقية المناطق الخاضعة للجماعة، وسط الآلاف من الحضور.
وفي سياق الأعمال القمعية المصاحبة، أغلقت الميليشيات الحوثية شوارع صنعاء الرئيسية، ونشرت مئات المسلحين، وكثفت من نقاط التفتيش، وخصصت طرق السير لتوافد أتباعها إلى ميدان السبعين جنوب العاصمة.
وأكدت مصادر محلية في محافظة المحويت (غرب صنعاء) لـ«الشرق الأوسط»، أن عناصر الجماعة الحوثية أجبروا طلبة المدارس وأهاليهم على حضور الاحتفال، كما قاموا بطرد عشرات الأسر التي نزحت من الحديدة جراء الحرب من أماكن إقامتهم في الملعب الرياضي، الذي أقامت فيه الجماعة الاحتفالية.
وذكرت المصادر أن قادة الميليشيات فرضوا على كل أسرة في مدينة المحويت استقبال خمسة أشخاص من أتباع الجماعة، الذين استقدمتهم من أرياف المحافظة لحضور الاحتفال، وتقديم الطعام لهم.
إلى ذلك، أكد السكان في صنعاء أن الميليشيات أجبرت الباعة الجائلين وباعة الأرصفة على مغادرة أماكن عملهم، والذهاب إلى ميدان الاحتفال، وحمل الأعلام والشعارات المصبوغة باللون الأخضر، الذي تتخذ منه الجماعة عنواناً دالاً على توجهها الطائفي.
وألزم قادة الجماعة المحليون في صنعاء، السكان والموظفين وطلبة المدارس، على حضور الاحتفال، كما خصصوا منابر المساجد منذ أيام للحض على الحضور، واعتبار التخلف مخالفة دينية تستوجب العقاب الإلهي، حسب زعمهم.
وعلى الرغم من الحضور المتدني لفعالية الجماعة في محافظة إب (جنوب صنعاء)، إلا أن مصادر محلية كشفت أن قادة الميليشيات أنفقوا أكثر من 4 مليارات ريال على التحضير للاحتفال، وطلاء المدينة والشوارع باللون الأخضر، ونقل المشاركين إلى الفعالية، وهو مبلغ ضخم يكفي لصرف رواتب الموظفين في المحافظة، حسب المصادر.
وفي محافظة ذمار (جنوب صنعاء)، أفادت المصادر المحلية بأن الميليشيات كلفت أمنها النسائي المعروف بـ«الزينبيات» بالطواف على منازل السكان في المدينة، لحضهم على حضور الاحتفال، بالتزامن مع سيارات تجوب أحياء المدينة، لدعوة السكان للحضور عبر مكبرات الصوت.
وقامت الميليشيات بطلاء شوارع صنعاء وبقية المدن الخاضعة لها وجدران المنازل والمؤسسات باللون الأخضر، في الوقت الذي هددت بحرمان أي موظف يتخلف عن الحضور من نصف الراتب الذي كان وعد بصرفه رئيس مجلس حكم انقلاب الجماعة مهدي المشاط.
وتقدر مصادر مطلعة في صنعاء حجم ما تنفقه الجماعة سنوياً على احتفالاتها الطائفية بما يزيد عن 70 مليار ريال (الدولار بنحو 560 ريالاً)، في الوقت الذي يعاني فيه أغلب السكان من الفاقة الشديدة، ونقص الخدمات والرعاية الطبية.
وتستغل الجماعة الموالية لإيران مثل هذه الفعاليات لإظهار حجم شعبيتها المزعومة في مناطق سيطرتها، كما تتخذ منها سبيلاً لحشد المزيد من المجندين، إضافة إلى كونها تشكل مصدراً من مصادر الثراء لكبار قياداتها، عبر ما يقومون به من أعمال جباية ونهب.


مقالات ذات صلة

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.