إصدارات ما بعد الموت

أعمال غير مكتملة بعضها ترسخ مكانتهم وأخرى تسيء إليها

فرنسواز ساغان  -  جان كوكتو  -  فلاديمير نابوكوف  -  مارسيل بروست
فرنسواز ساغان - جان كوكتو - فلاديمير نابوكوف - مارسيل بروست
TT

إصدارات ما بعد الموت

فرنسواز ساغان  -  جان كوكتو  -  فلاديمير نابوكوف  -  مارسيل بروست
فرنسواز ساغان - جان كوكتو - فلاديمير نابوكوف - مارسيل بروست

لماذا نهتم بأعمال الكتاب التي لم يتم نشرها في حياتهم؟ السؤال يفتح باب النقاش في موضوع إصدارات ما بعد الموت الذي ألقى بظلاله بقوة على الساحة الأدبية الفرنسية هذه الأيام بعد صدور أعمال جديدة لم تنشر قبل لكل من فرنسواز ساغان ومارسيل بروست بعد رحيلهما بفترات طويلة.
قبيل الدخول الأدبي الفرنسي انتشر خبر عن عمل أدبي جديد سيكون مفاجأة الموسم تبين مؤخراً بأنه رواية غير مكتملة للكاتبة الفرنسية الراحلة فرنسواز ساغان بعنوان «الجهات الأربع للقلب» (دار نشر بلون). العمل الذي ينشره ابن الكاتبة ووريثها الوحيد دوني واستوف، وبعد فترة الحماس التي رافقت الإعلان عن صدوره بدأ يواجه موجة من ردود الأفعال السلبية. النقاد والصحافة الأدبية شكّكت صراحة في أصالة العمل الأدبي وقلّلت من قيمته الأدبية، صحيفة «لوموند» كتبت: «البحث عن فرنسواز ساغان في هذه الرواية كالبحث عن إبرة في كومة من القش، أحياناً نحس بوجودها، لكن سرعان ما تختفي». ووصفته صحيفة «لوفيغارو» «بالعمل غير المتوازن». أما «نوفيل أوبسرفتوار» فوصفت الرواية بأنها «عملية تمليس فاشلة»، مشكّكة في إمكانية أن تكون ساغان هي كاتبة الرواية «جُمل هذه الرواية الخالية من الروح تجعلنا نعجز عن سماع نغمة ساغان في هذا العمل». حدة الهجوم جعلت الناشر والوريث يتدخلان للدفاع عن «أصالة» العمل. دوني واستوف ابن الكاتبة الفرنسية أكد بأن الرواية كانت تقريباً كاملة ولا ينقصها سوى بعض الفراغات البسيطة التي قام بملئها، مراعياً أسلوب الكاتبة الراحلة والرواية من تأليف ساغان بنسبة 90 في المائة. ما استغربه النقاد مثل إليزابيث فيليب التي ذكّرت على صفحات «لوموند» بأن فرنسواز ساغان كانت في آخر أيامها مثقلة بالديون تبيع كل أعمالها للخروج من أزمتها المالية، فلماذا لم تفكر في نشر هذه الرواية إذا كانت فعلاً راضية عنها؟ أما الكاتبة ماري دومينيك لوليافر المختصة في السيرة الذاتية لساغان فقد نشرت في صحيفة «لو جي دي دي» نقداً لاذعاً للرواية التي وصفتها بأنها «عملية إعلانية فاشلة لدار نشر بلون التي أساءت لمستوى أعمال فرنسواز ساغان لاعتبارات تجارية»، مذكرة بإجابة ناشر الكاتبة الفرنسية جان مارك روبرتس الصريحة لابنها حين عرض عليه مشروع الرواية لأول مرة «لا تنشرها لأنها ستسيئ لسمعة والدتك....».
وصدرت أيضاً مجموعة قصصية غير مكتملة لمارسيل بروست لأول مرة في التاسع من أكتوبر (تشرين الأول) الحالي تحت عنوان «مراسل غامض» (دار نشر دو فالوا). الإصدار - الجديد القديم - أثار حماس الوسط الأدبي بدءاً بالظروف التي أحاطت بعملية النشر، حيث احتفظ الناشر الفرنسي المعروف برنار دو فالوا بالنسخ المكتوبة في خزائنه لمدة تناهز الأربعين سنة لغاية وفاته عام 2018 من دون أن يتم الكشف عن حيثيات الحصول عليها من ابنة أخ بروست إلى أن اكتشفها الورثة وقرروا نشرها. ويُعتقد أن بروست كتب هذه المجموعة القصصية بين الثانية والعشرين والسابعة والعشرين من عمره، أي في بداية مشوراه الأدبي. الباحث لوك فرايس من جامعة ستراسبورغ كتب على صفحات «لوفيغارو»: «لماذا لم يقبل مارسيل بروست بنشره الرواية في ذلك الوقت؟ لا نملك للإجابة عن هذا السؤال سوى تخمينات أهمها أن بروست كان محرجاً من هذه الكتابات التي تناول فيها بإسهاب ميوله المثلية، ولم يجرؤ على نشرها آنذاك حتى لا يخدش أحاسيس ذويه، ولا سيما والدته التي كان قريباً منها وسط مجتمع متمسك بقيم أخلاقية عالية».
الكاتب الصحافي لويس هنري دوروش فوكو من صحيفة «لير» الأدبية حذّر من خيبة الأمل التي قد تصيب قرّاء هذا العمل: «المشكلة في دور النشر التي تقدم هذه الأعمال على أنها أعمال للجمهور الواسع، بينما الحقيقة هي أنها غير مكتملة، فهي نسخ غير مصححة وهوامش تهم الباحثين والهواة، وإذا كان القراء يتوقعون عمل من طراز (البحث عن الزمن المفقود) فإنهم لن يفهموا منها شيئاً، وسيصابون بخيبة أمل كبيرة». في كتابه «الوصايا المخدوعة» (دار نشر غاليمار)، كتب ميلان كونديرا، أن إصدارات ما بعد الموت تطرح مشكلة أخلاقية مهمة؛ لأن معظم هذه الأعمال نُشرت دون موافقة أصحابها، بل إن بعضهم ترك وصايا صريحة بتدميرها وعدم نشرها. فعندما قرر ماكس برود نشر كتابات صديقه فرانتز كافكا فهو بذلك قد خان وصيته بإحراق كل كتاباته، لكن ما عساه يفعل؟ برود كان معجباً بكتابات كافكا؛ ولذا فهو تخطى الوازع الأخلاقي لأنه واثق من قيمتها، وقد يكون كافكا نفسه قد أودعه إياها لأنه يعلم مصيرها....»، وكذلك فعل ديميتري نابوكوف الوريث الوحيد للكاتب الروسي فلاديمير نابوكوف الذي قرر نشر رواية والده غير المكتملة «لورا» بعد اثنتي وثلاثين سنة من رحيله، خارقاً بذلك وصية والده الذي طلب إحراقها، وكان يجيب لمن كان يهاجمه لعدم احترامه للوصية بأنه كان يشعر في أعماقه بأن والده كان «يعتز بهذه الرواية رغم كل شيء».
على أن إصدارات ما بعد الموت لم تظهر كلها ضد إرادة أصحابها، فمنهم من أرادها، بل وخطط لنشرها بعد الموت. شاتوبريان ظل يكتب في «مذكرات من القبر» طيلة أربعين سنة رافضاً عروض الناشرين لإصدارها في حياته، على أمل ترك ميراث يخلده للإنسانية لإيمانه بأن ظهور عمل المبدع بعد رحيله يضفي عليه صفة «القدسية»، وهو ما فعله جيوكومو كازانوفا أيضاً حين ترك لنا مجلد «قصة حياتي» بعد أن طلب من ابن أخيه الإشراف على نشره بعد موته. الشاعر الفرنسي جون كوكتو كان هو الآخر قد ترك أعمالاً عدة نشرت بعد وفاته، وكان يرى بأن القارئ المثالي لأعماله لن يظهر إلا بعد موته، وبأن صوت المبدع يصبح أكثر صدى بعد رحيله قائلاً «بعد موتي.............، يجب إعادة اكتشافي من جديد».



شكوك حول أسباب وفاة الملحن المصري محمد رحيم

الملحن المصري الراحل محمد رحيم خاض تجربة الغناء (حسابه على «فيسبوك»)
الملحن المصري الراحل محمد رحيم خاض تجربة الغناء (حسابه على «فيسبوك»)
TT

شكوك حول أسباب وفاة الملحن المصري محمد رحيم

الملحن المصري الراحل محمد رحيم خاض تجربة الغناء (حسابه على «فيسبوك»)
الملحن المصري الراحل محمد رحيم خاض تجربة الغناء (حسابه على «فيسبوك»)

أثار خبر وفاة الملحن المصري محمد رحيم، السبت، بشكل مفاجئ، عن عمر يناهز 45 عاماً الجدل وسط شكوك حول أسباب الوفاة، كما تصدر اسم رحيم «ترند» موقعي «غوغل»، و«إكس»، خلال الساعات الأخيرة.

وكان الفنان المصري تامر حسني قد أعلن عن موعد مراسم الجنازة عبر خاصية «ستوري» بصفحته الرسمية بموقع «إنستغرام»، لكنه سرعان ما أعلن تأجيل المراسم، لافتاً إلى أن طاهر رحيم، شقيق الفنان الراحل، سيعلن عن موعد الجنازة مجدداً، وكان الأخير أعلن تأجيلها «حتى إشعار آخر»، وفق ما كتب عبر حسابه بـ«فيسبوك».

وحسب مواقع إخبارية محلية، فقد تم تأجيل مراسم الجنازة عقب توقيع الكشف الطبي على جثمان الملحن الراحل، ووجود شكوك في شبهة جنائية حول وفاته، إذ تضمن تقرير طبي متداول إعلامياً ومنسوب لإحدى الإدارات الصحية بمحافظة الجيزة وجود «خدوش وخربشة»، و«كدمات» في الجثمان.

يذكر أن رحيم كان قد أعلن في شهر فبراير (شباط) الماضي عبر حسابه بموقع «فيسبوك» عن اعتزاله الفن، لكنه تراجع عن قراره ونشر مقطعاً مصوراً أكد خلاله عودته مجدداً من أجل جمهوره.

الملحن محمد رحيم والفنانة نانسي عجرم (حسابه على «فيسبوك») ‫‬

كان الراحل قد تعرض لذبحة صدرية في شهر يوليو (تموز) الماضي، دخل على أثرها إلى العناية المركزة، حسبما أعلنت زوجته مدربة الأسود المصرية أنوسة كوتة.

من جانبها، أعلنت أرملة رحيم قبل ساعات عبر صفحتها الشخصية بموقع «فيسبوك»، عن موعد الجنازة مجدداً بعد صلاة عصر اليوم (السبت)، من مسجد الشرطة بمدينة الشيخ زايد، لكنها قامت بحذف المنشور.

الشاعر والناقد الموسيقي المصري فوزي إبراهيم أكد أن «وفاة رحيم شكلت صدمةً لجمهوره ومحبيه حيث كان بصحة جيدة، وخرج من محنته المرضية الأخيرة وتعافى تماماً وذهب لأداء العمرة قبل شهر».

الملحن المصري محمد رحيم (حسابه على «فيسبوك»)

وتحدث فوزي لـ«الشرق الأوسط» عن رحيم الملحن، لافتاً إلى أن «إنتاجاته لها مذاق مختلف، وهذه السمة نادرة الوجود حيث عُرف بالتفرد والإبداع والابتكار الذاتي».

وذكر فوزي أن تعاونه مع رحيم بدأ مطلع الألفية الحالية واستمر حتى رحيله، حيث كان على موعد لتسجيل أحدث أغاني «الكينج» محمد منير من كلماته وتلحين رحيم.

ووصف فوزي، رحيم، بأنه «أحد عباقرة العصر وإحدى علامات الأغنية المصرية في الربع قرن الأخير»، لكنه كان يعاني بسبب تجاهله وعدم تقديره إعلامياً.

ويستكمل فوزي حديثه قائلاً: «إحساسه بعدم التقدير جعله يوظف طاقته بالعمل، ويبتعد عن السلبيات، حتى صار مؤخراً في المرتبة الأولى في قائمة التحصيل وحق الأداء العلني بالأرقام الرسمية من جمعية (المؤلفين والملحنين المصرية - الساسيرو)، حتى أن اسمه فاق اسم الموسيقار بليغ حمدي في التحصيل، كما جرى تكريمه بالعضوية الذهبية».

الملحن محمد رحيم والفنان محمد منير (حساب الملحن الراحل على «فيسبوك»)

وتعاون رحيم مع عدد من الفنانين، من بينهم نانسي عجرم، وعمرو دياب، ومحمد منير، وأصالة، وإليسا، ونوال الزغبي، وأنغام، وآمال ماهر، وروبي، ومحمد حماقي، وتامر حسني، وساندي، وكارول سماحة، وبهاء سلطان، وتامر عاشور، وجنات، وهيفاء وهبي، وغيرهم.

ومن بين الألحان التي قدمها محمد رحيم منذ بدايته قبل 26 عاماً أغنيات «وغلاوتك» لعمرو دياب، و«أنا لو قلت» لمحمد فؤاد، و«الليالي» لنوال الزغبي، و«يصعب علي» لحميد الشاعري، و«ياللي بتغيب» لمحمد محيي، و«أحلف بالله» لهيثم شاكر، و«جت تصالحني» لمصطفى قمر، و«مشتاق» لإيهاب توفيق»، و«أنا في الغرام» لشيرين، و«بنت بلادي» لفارس، و«ليه بيداري كده» لروبي، و«في حاجات» لنانسي عجرم.