القرود التي عاشت في أشجار أوروبا، مشت منتصبة القائمة على رجليها الاثنتين 5 ملايين سنة قبل أن يمشي أشباه الإنسان الأوائل الذي يقول العلماء إنهم ظهروا في أفريقيا. هذا ما أكده أحدث اكتشاف لبقايا متحجرات لقرد لا يعرف العلماء شيئاً عن أصله ومنشأه، عثر عليها في ألمانيا ويعود تاريخها إلى 11.6 مليون سنة مضت.
وفي أحدث كشف علمي قد يقلب النظريات العلمية السائدة، أجرى فريق ألماني من الباحثين في علوم الحفريات برئاسة مادلين بوهم الباحثة بجامعة توبنغين، دراسته في جزء من منجم طيني في مقاطعة بافاريا جنوب ألمانيا عثروا خلالها على 37 قطعة متحجرة لنوع من القرود العليا العريقة في القدم، أطلقوا عليها اسم «دانوفيوس غاغنموسي Danuvius guggenmosi».
وقالت الباحثة بوهم في الدراسة المنشورة في مجلة «نتشر» إن العظام المكتشفة تغطي 15 في المائة من الهيكل العظمي للقرد، ومنها عظام الساعد والساق. وكانت دراسات علمية سابقة قد حددت تاريخ المنجم.
وقال العلماء إن أطراف «دانوفيوس» وعموده الفقري وتناسب أجزاء جسمه تشير إلى أنه كان بمقدوره التعلق بأغصان الأشجار، كما هو الحال مع «إنسان الغاب» و«قرد الجبون»، وأضافوا أنه كان بمقدوره أيضاً المشي على رجليه ببطء كما كان يفعل أشباه البشر الأولون الذين يقال إنهم اتحدروا من أفريقيا فبل 6 إلى 7 ملايين سنة.
واستنتج العلماء أنه لا يوجد أي دليل من المتحجرات أو غيرها يشير إلى أنه كان بمقدور القرود العليا - التي تشمل الغوريلا والشمبانزي على سبيل المثال - الحركة على الأشجار وعلى الأرض بالضبط كما حدث مع قرود «دانوفيوس».
وقالت الباحثة بوهم إن قرد «دانوفيوس» هو على الأكثر، سلف قديم مشترك للقرود الكبرى وأشباه البشر الذين ظهروا قبل 7 ملايين سنة تقريباً. وإن صح هذا الاستنتاج فإن ذلك يعني أن كل تصميم جسم «دانوفيوس» سوف يقلب الفكرة السائدة لزمن طويل القائلة بأن أشباه الرجال قد اتحدروا من المخلوقات الشبيهة بالشمبانزي التي مشت قبل ذلك على مفاصل أصابع اليد أولاً، في أفريقيا.
كما تتحدى الاستنتاجات الجديدة فكرة أن الإنسان اتحدر من مخلوقات أجسامها شبيهة بأجسام إنسان الغاب التي كانت تمشي منتصبة على أغصان الأشجار وتتعلق بها.
وتجدر الإشارة إلى أن الكثير من متحجرات القرود العليا التي تعود إلى ما بين 13 مليون و5.3 مليون سنة مضت اكتشفت في أوروبا وهي أكثر مما اكتشف في أفريقيا، إلا أن تلك الاكتشافات لم تحتوِ على عظام كاملة للأطراف.
وقال العلماء الألمان إن قياسات ثلاثة عظام من أطراف «دانوفيوس» اثنتان منها جاءت من قرد بالغ، تشير إلى أن هذا النوع المنقرض من القرود كان يعتمد بشكل متساو على أطرافه العليا وعلى أطرافه السفلى. وقادت مقارنة عظام من عمودين فقريين من «دانوفيوس» مع عمودين فقريين لقرود عليا حية، إلى افتراض وجود ظهر طويل ومنحن إلى الداخل لقرد «دانوفيوس» قادر على دعم مشيته المنتصبة. كما ساعدت أصابع القدمين الكبيرة المتقابلة، التي تتمكن من مسك الأشياء، ساعدت في الحفاظ على توازن القدمين المسطحين عند المشي، وفقاً للعلماء. بينما ساعدت الأصابع العوجاء مثل التي توجد لدى قرود الشمبانزي الحالية والقرود العليا الأخرى، قرود «دانوفيوس» على التسلق والمناورة فوق الأشجار.
وعلق جيرمي دي سيلفا عالم الحفريات في كلية دارتماوث في هانوفر، الذي لم يشارك في الدراسة، بالقول إنه إذا أثبتت الحفريات المقبلة وجود متحجرات تشير إلى انتصاب قامة قرود «دانوفيوس»، «فإن ذلك سيظهر أن خطوط انحدار نشوء الإنسان لم تمر عبر مرحلة المشي منحني القامة أبداً، وصولاً إلى انتصاب القامة، لأننا كنا منتصبي القامة منذ البداية». وأضاف أنه من الممكن أن يكون «دانوفيوس» قد انتصب في مشيته على الأغصان، بشكل منفصل عن القرود الأخرى، وأنه ليس لديه ارتباط بنشوء أشباه الإنسان الأوائل.
«القرد الألماني» مشى منتصب القامة قبل أشباه البشر بـ5 ملايين سنة
في أحدث كشف علمي قد يقلب النظريات العلمية السائدة حول انحدار الإنسان من أفريقيا
«القرد الألماني» مشى منتصب القامة قبل أشباه البشر بـ5 ملايين سنة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة