كرة القدم والخرف مرتبطان... فما الذي ستفعله اللعبة حيال ذلك؟!

تسديد الكرة بالرأس يؤدي إلى تلف الدماغ
تسديد الكرة بالرأس يؤدي إلى تلف الدماغ
TT

كرة القدم والخرف مرتبطان... فما الذي ستفعله اللعبة حيال ذلك؟!

تسديد الكرة بالرأس يؤدي إلى تلف الدماغ
تسديد الكرة بالرأس يؤدي إلى تلف الدماغ

خلال الأسبوع الماضي، أكدت دراسة علمية كبرى عن العلاقة بين كرة القدم وتلف الدماغ ما كان يشك فيه كثيرون داخل اللعبة وخارجها منذ زمن طويل، حيث خلصت الدراسة إلى أنه من المرجح بشكل كبير أن يعاني المحترفون السابقون لكرة القدم من الخرف وأمراض عصبية خطيرة أخرى في سنواتهم اللاحقة. وأشارت الدراسة إلى أن احتمال تعرض اللاعبين السابقين لهذه الأمراض يزيد بثلاث مرات ونصف المرة عن الأشخاص العاديين.
واكتشف المشروع البحثي، الذي أجرته مجموعة إصابات الدماغ بجامعة غلاسكو على مدى عامين تقريباً، زيادة بمقدار خمسة أضعاف في خطر الإصابة بألزهايمر، وزيادة بمقدار أربعة أضعاف في خطر الإصابة بمرض العصبون الحركي، وزيادة بمقدار الضعف في خطر الإصابة بمرض باركنسون (الشلل الرعاش).
وبالتالي، فإن السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو: ما الذي ستفعله كرة القدم - وأولئك الذين يلعبون ويدربون ويعملون في مناصب إدارية في هذه الرياضة – بعد الإعلان عن تلك النتائج المهمة؟ لكن على أي حال فقد أثبت التاريخ الحديث أن أي تقدم حقيقي في مجال سلامة اللاعبين يتم بخطى بطيئة للغاية.
لقد أمضت داون أستل بعض الوقت في ليلة عيد ميلادها الـ34 بمفردها مع والدها، الذي مات لتوه مختنقا أثناء عشاء عائلي. وفشلت كل الجهود المحمومة التي بذلها الأقارب والمساعدون الطبيون في إنقاذ حياة جيف أستل، أسطورة نادي وست بروميتش ألبيون والمنتخب الإنجليزي، الذي بدأ يعاني لأول مرة من أعراض تلف في الدماغ وهو في الرابعة والخمسين من عمره، وهو المرض الذي أدى إلى وفاته في نهاية المطاف.
وفي البداية، تم تشخيص حالته على أنها إصابة بمرض ألزهايمر، لكنه سرعان ما بدأ يعاني من عجز تام، وقبل وفاته بخمس سنوات، لم يكن قادرا على إطعام نفسه ولم يكن قادرا على التعرف على أي شخص من حوله، بل لم يكن قادرا على معرفة من هو بالأساس. وفي كتاب «حالة اللعب» لمايكل كالفين، تخبر داون مؤلف الكتاب بأنه عندما مات والدها أقسمت نيابة عنه قائلة: «إذا كانت كرة القدم هي من فعلت ذلك بك يا أبي، فأعدك بأنني سوف أتأكد من أن يعرف العالم بأسره ذلك، وأعدك بأنني سأحقق لك العدالة».
كان ذلك في يناير (كانون الثاني) 2002 وعند التحقيق الأولي في أسباب الوفاة، وجد المحقق الطبي، أندرو هيغ، أن كرة القدم هي من فعلت ذلك بالفعل بجيف. ونظراً للحملات الدؤوبة التي شنتها ابنته في السنوات التالية، فقد تم توثيق ذلك على أن جيف قد توفي بسبب «مرض غير طبيعي» نجم عن الصدمة المتكررة جراء تسديد الكرة بالرأس.
وبناء على طلب لتقديم رد على ذلك، أعلن الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم ورابطة اللاعبين المحترفين عن إجراء دراسة ستستمر لمدة 10 سنوات لمعرفة العلاقة بين كرة القدم وأمراض الدماغ، لكن هذه الدراسة توقفت في وقت لاحق. وكتبت كالفن أن داون وجدت نفسها في وقت لاحق مضطرة للرد على الرئيس التنفيذي لرابطة اللاعبين المحترفين، جوردون تايلور، حيث قالت ساخرة: «أصيبت والدتي بالخرف، رغم أنها لم تسدد الكرة برأسها ولا مرة في حياتها!».
وقد مرت 12 سنة أخرى قبل أن يثبت فحص دماغ جيف أنه عانى من اعتلال دماغي مزمن، وهو المرض التنكسي الذي عانى منه أيضا والد كريس ساتون، مايك، وهو لاعب سابق في نادي نوريتش سيتي وواحد من عدد مفزع من لاعبي كرة القدم المحترفين السابقين الذين عانوا - أو ماتوا – بسبب هذا المرض. ويشعر كريس بالغضب بسبب الإهمال الواضح من جانب مسؤولي كرة القدم ورابطة اللاعبين المحترفين لما حدث لوالده.
وقال كريس الأسبوع الماضي: «كان يتعين على رابطة اللاعبين المحترفين - بقيادة جوردون تايلور – أن تعتني بأعضائها، لكنها خذلتهم، وفي رأيي فإن يدي الرئيس التنفيذي للرابطة ملطختان بالدماء». واعترف تايلور بأنه «يجب على كرة القدم على الصعيد العالمي أن تعمل على إيجاد حلول لهذه القضية بطريقة شاملة وموحدة».
تجدر الإشارة إلى أن ساتون سرعان ما أضاف أنه لا يؤيد اقتراح إلغاء ضربات الرأس من كرة القدم، لكنه أشار إلى أنه لو كان قد تم تحذيره مسبقاً بشأن المخاطر المحتملة للقيام بذلك، فإنه لم يكن ليكرس وقتاً طويلا للتدريب على هذه المهارة. وقال: «في الولايات المتحدة، يُمنع الأطفال بالفعل من تسديد الكرة بالرأس، وربما حان الوقت لفعل نفس الشيء هنا في إنجلترا. أي مدافع في الدوري الإنجليزي الممتاز يسدد الكرة برأسه مئات المرات في الحصص التدريبية كل أسبوع، فهل يمكننا أن نقلل ذلك أيضا؟ أنا لا أطالب بأن نمنع اللعب بالرأس في كرة القدم، لكن على الأقل فإن هذه الدراسة تمنح كل شاب حق الاختيار الآن. وأصبح كل طفل في أكاديميات الناشئين يعرف الآن مخاطر لعب الكرة بالرأس».
والآن وبعد أن عرفت مدى خطورة تسديد الكرة بالرأس، ماذا ستفعل حيال ذلك؟ وحتى عام 2017 كان الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) يتشبث بحقيقة أنه بسبب «عدم وجود صلة سببية مطلقة» بين تسديد الكرة بالرأس وأمراض الدماغ التنكسية، قد لا يكون هناك «دليل حقيقي» على أي صلة. وبعد أربع سنوات من فقدان اللاعب الألماني كريستوف كرامر للوعي بشكل مؤقت بعد اصطدامه بلاعب منافس من منتخب الأرجنتين في المباراة النهائية لكأس العالم 2014 وذهابه إلى حكم المباراة وهو فاقد للوعي لكي يسأله عما إذا كان يلعب حقا في المباراة النهائية لكأس العالم، كان الجمهور الذي يشاهد مباراة المغرب أمام إيران في نهائيات كأس العالم بروسيا عام 2018 يشعر بالذعر وهو يرى الطاقم الطبي يعمل جاهدا على إعادة اللاعب المغربي نور الدين أمرابط للوعي بعدما سقط على الأرض إثر اصطدامه بالرأس مع أحد لاعبي الفريق المنافس. ولم تنجح جهود الطاقم الطبي، لكن أمرابط عاد إلى الملعب بعد خمسة أيام مرتديا غطاء رأس، قبل أن يتخلص منه في وقت مبكر من المباراة.
هذان مجرد مثالين من بين الكثير من الأمثلة البارزة للاعبين الذين أصيبوا بارتجاج في المخ أو فقدوا وعيهم بعد اصطدامهم بالرأس، ولا يتعين على المرء أن يسافر إلى أماكن بعيدة مثل البرازيل أو روسيا ليشهد إهمالاً من جانب المسؤولين لمثل هذه الحالات، لأن هذا الأمر يحدث في الملاعب الإنجليزية أيضا. وإذا لم يكن هناك اهتمام بمن يعانون من مشاكل واضحة في الرأس داخل الملعب، فما بالنا بمن لا تظهر أعراض المرض عليهم إلا بعد فترة طويلة من اعتزالهم كرة القدم؟


مقالات ذات صلة

التثاؤب... هل يعني أن أدمغتنا لا تحصل على الأكسجين الكافي؟

يوميات الشرق التثاؤب يحدث عندما يكون الناس في حالة انتقالية مثلاً بين النوم والاستيقاظ (رويترز)

التثاؤب... هل يعني أن أدمغتنا لا تحصل على الأكسجين الكافي؟

يشعر معظمنا بقرب عملية التثاؤب. تبدأ عضلات الفك بالتقلص، وقد تتسع فتحتا الأنف، وقد تذرف أعيننا الدموع عندما ينفتح فمنا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق الدعم المُرتكز على التعاطف مع المريض يعادل تناول الدواء (جامعة تكساس)

المكالمات الهاتفية المُرتكزة على التعاطف تُحسّن السيطرة على السكري

المكالمات الهاتفية المُرتكزة على التعاطف مع مرضى السكري من أفراد مدرّبين على القيام بذلك، أدَّت إلى تحسينات كبيرة في قدرتهم على التحكُّم في نسبة السكر بالدم.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
صحتك لا يستطيع بعضنا النوم في بعض الأحيان رغم شعورنا بالتعب والإرهاق الشديدين (رويترز)

لماذا لا يستطيع البعض النوم ليلاً رغم شعورهم بالتعب الشديد؟

أحياناً لا يستطيع بعضنا النوم رغم شعورنا بالتعب والإرهاق الشديدين، الأمر الذي يعود إلى سبب قد لا يخطر على بال أحد وهو الميكروبات الموجودة بأمعائنا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك هناك 323 قارورة من فيروسات معدية متعددة اختفت من المختبر (أ.ف.ب)

اختفاء عينات فيروسات قاتلة من أحد المختبرات بأستراليا

أعلنت حكومة كوينزلاند، الاثنين، عن اختفاء مئات العينات من فيروسات قاتلة من أحد المختبرات في أستراليا.

«الشرق الأوسط» (سيدني)
صحتك الدماغ يشيخ ويتقدم في السن بسرعة في 3 مراحل محددة في الحياة (رويترز)

3 مراحل بالحياة يتقدم فيها الدماغ في السن

كشفت دراسة جديدة أن الدماغ يشيخ ويتقدم في السن بسرعة في 3 مراحل محددة في الحياة.

«الشرق الأوسط» (بكين)

«البريميرليغ»: بعشرة لاعبين... سيتي يتعادل من جديد

مانشستر سيتي اكتفى بنقطة التعادل أمام مستضيفه كريستال بالاس (رويترز)
مانشستر سيتي اكتفى بنقطة التعادل أمام مستضيفه كريستال بالاس (رويترز)
TT

«البريميرليغ»: بعشرة لاعبين... سيتي يتعادل من جديد

مانشستر سيتي اكتفى بنقطة التعادل أمام مستضيفه كريستال بالاس (رويترز)
مانشستر سيتي اكتفى بنقطة التعادل أمام مستضيفه كريستال بالاس (رويترز)

سجَّل ريكو لويس لاعب مانشستر سيتي هدفاً في الشوط الثاني، قبل أن يحصل على بطاقة حمراء في الدقائق الأخيرة ليخرج سيتي بنقطة التعادل 2 - 2 أمام مستضيفه كريستال بالاس في الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم، السبت.

كما سجَّل إرلينغ هالاند هدفاً لسيتي بقيادة المدرب بيب غوارديولا، الذي ظلَّ في المركز الرابع مؤقتاً في جدول الدوري برصيد 27 نقطة بعد 15 مباراة، بينما يحتل بالاس المركز الـ15.

وضع دانييل مونوز بالاس في المقدمة مبكراً في الدقيقة الرابعة، حين تلقى تمريرة من ويل هيوز ليضع الكرة في الزاوية البعيدة في مرمى شتيفان أورتيغا.

وأدرك سيتي التعادل في الدقيقة 30 بضربة رأس رائعة من هالاند.

وأعاد ماكسينس لاكروا بالاس للمقدمة على عكس سير اللعب في الدقيقة 56، عندما أفلت من الرقابة ليسجِّل برأسه في الشباك من ركلة ركنية نفَّذها ويل هيوز.

لكن سيتي تعادل مرة أخرى في الدقيقة 68 عندما مرَّر برناردو سيلفا كرة بينية جميلة إلى لويس الذي سدَّدها في الشباك.

ولعب سيتي بعشرة لاعبين منذ الدقيقة 84 بعد أن حصل لويس على الإنذار الثاني؛ بسبب تدخل عنيف على تريفوه تشالوبا، وتم طرده.