خامنئي يتهم واشنطن وحلفاءها بإذكاء «اضطرابات» لبنان والعراق

صحيفة ايرانية متشددة تجدد دعوات لـ«الحشد الشعبي» إلى اقتحام السفارتين السعودية والأميركية في بغداد

صورة نشرها موقع المرشد الإيراني علي خامنئي وخلفه عدد من قادة القوات المسلحة في حفل تخرج عسكري أمس
صورة نشرها موقع المرشد الإيراني علي خامنئي وخلفه عدد من قادة القوات المسلحة في حفل تخرج عسكري أمس
TT

خامنئي يتهم واشنطن وحلفاءها بإذكاء «اضطرابات» لبنان والعراق

صورة نشرها موقع المرشد الإيراني علي خامنئي وخلفه عدد من قادة القوات المسلحة في حفل تخرج عسكري أمس
صورة نشرها موقع المرشد الإيراني علي خامنئي وخلفه عدد من قادة القوات المسلحة في حفل تخرج عسكري أمس

في أول تعليق على احتجاجات العراق ولبنان، تناقض المرشد الإيراني علي خامنئي... فمن جهة اتهم الولايات المتحدة ودول المنطقة بإذكاء «الاضطرابات»؛ ومن جهة ثانية عدّ مطالب المحتجين «مشروعة»، قائلاً إن طهران تدرك الوضع في هاتين الدولتين لأنها اضطرت لإحباط تدخلات أجنبية مشابهة في الداخل، في وقت قال فيه متحدث باسم الحكومة الإيرانية إن الاحتجاجات تهدف إلى الفصل بين العراق وإيران.
وقال خامنئي إن الولايات المتحدة وأجهزة المخابرات الغربية «تعمل على زعزعة استقرار العراق ولبنان»، متهماً الدول العربية بـ«التمويل»، قبل أن يشبه ضمناً ما يجري في العراق ولبنان باحتجاجات سابقة شهدتها إيران، قائلاً: «هذه الدول كانت لديها الخطة ذاتها لإيران، لكن لحسن الحظ أن حضور الناس في الوقت المناسب بالميدان أحبط ذلك».
وفي تحذير واضح؛ أشاد خامنئي بحملة نفذتها إيران لإخماد احتجاجات اندلعت في الأيام الأخيرة من ديسمبر (كانون الأول) 2017 وامتدت إلى منتصف يناير (كانون الثاني) 2018 في أكثر من 80 مدينة إيرانية ضد تدهور الوضع المعيشي وتفشي الفساد، وتحولت إلى مظاهرات غاضبة تطالب بإسقاط النظام، وردد المتظاهرون هتافات تطالب المرشد الإيراني بالرحيل، فضلاً عن مهاجمة مئات المراكز الحكومية والأمنية والبنوك، وأدى ذلك إلى أعمال عنف سقط فيها أكثر من 21 محتجاً بنيران قوات الأمن وفي السجون.
على نقيض الاتهامات، قال خامنئي، الذي كان يلقي كلمة أمام دفعة جديدة من خريجي «كلية الجيش» الإيراني، أمس، إنّ للمتظاهرين في العراق ولبنان مطالب «مشروعة»، غير أنه «لا يمكن تلبيتها إلا في إطار الآليات القانونية». وصرح؛ في كلمة بثت القناة التلفزيونية الإيرانية جزءاً منها وجاءت بعدما أسقطت الانتفاضة الشعبية في لبنان الحكومة ويأمل العراقيون في الوصول إلى النتيجة نفسها، بأنّه «حين تنهار الأطر القانونية في بلد ما، فلا يمكن القيام بأي عمل»، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية.
وحذر خامنئي في السياق نفسه «المخلصين والحريصين في العراق ولبنان» من أن «يضعوا علاج انعدام الأمن في أولياتهم»، وأضاف أن «أكبر ضربة يمكن أن يوجهها الأعداء لبلد ما هي تقويض أمنه».
وتشابه تعليق خامنئي بشأن احتجاجات العراق ولبنان، مع ما جرى وقت الاحتجاجات الإيرانية الأخيرة التي كانت شرارة أكبر موجة إضرابات بالبلاد خلال 2018؛ حينذاك اتهم خامنئي الدول الغربية وحلفاءها الإقليميين. وقال حينذاك إن «الأعداء اتحدوا من أجل التسبب في مشكلات للنظام». وقال في خطاب آخر إن «مطالب المحتجين مشروعة، لكن يجب الفصل بينها وبين التخريب»، وتوعد الولايات المتحدة بأن «هذه (الحركات) لم تبقَ من دون رد»، كما هاجم فرنسا على إثارتها ملف إيران.
على الصعيد ذاته، جدد حسين شريعتمداري، رئيس تحرير صحيفة «كيهان» التابعة لمكتب المرشد الإيراني، دعوته الميليشيات المتحالفة مع إيران، لا سيما «الحشد الشعبي» إلى اقتحام السفارتين الأميركية والسعودية في بغداد؛ وعدّهما «مسؤولتين عن الاضطرابات الأخيرة» في العراق.
وكانت صحيفة «كيهان» نشرت مقالاً في 5 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي يحضّ ميليشيات «الحشد الشعبي» في العراق على إغلاق «بيت التجسس»؛ في إشارة إلى ضرورة اتخاذ خطوة على غرار اقتحام السفارة الأميركية في العاصمة طهران عام 1979، ما أدى إلى قطع العلاقات الدبلوماسية بين طهران وواشنطن منذ ذلك الحين.
في شأن متصل، علق محمود واعظي، مدير مكتب الرئيس الإيراني، أمس، على شعارات تندد بالتدخل الإيراني في الاحتجاجات التي تشهدها بغداد ومدن في وسط وجنوب العراق. وقال: «يحاولون عبر الشعارات إبعاد إيران عن العراق».
واتهم واعظي بعض الدول، من دون أن يذكر أسماءها، بـ«استثمار» سخط الشعبين العراقي واللبناني. وقال واعظي إن «موقف إيران كان دائماً هو أن تهتم الحكومات بالمطالب الشعبية، وأن تطرح المطالب بطريقة لا تؤدي إلى فوضي وتدهور الأوضاع والتخريب وسقوط قتلى وجرحى»، مضيفاً أن بلاده «توصي بالتهدئة وعدم السماح للقوات الأجنبية باستخدام الأجواء لأهدافهم»، وقال إن «هدفهم إضعاف الحكومة المستقرة، وهدفهم الآخر إظهار المرجعية والأحزاب القانونية على أنها فاسدة».
وأشار واعظي إلى «جهود كبيرة لضخ شعارات تؤدي إلى إبعاد بين إيران والعراق»، مشددا على ضرورة «منع الأجانب من الوصول إلى أهدافهم».
وفي جزء آخر من تصريحاته للصحافيين، على هامش اجتماع الحكومة، وجّه واعظي أصابع الاتهام إلى الولايات المتحدة، وحلفائها الإقليميين، بأنها «تعمل على ركوب موجة الاحتجاجات» و«السيطرة على الفضاء الإلكتروني (الإنترنت) لتوجيه الاحتجاجات وتقديم الدعم المالي»، وقال: «على ما يبدو؛ فإنها في مجموعها تضر الشعبين اللبناني والعراقي».
إلى ذلك، نقلت وكالة «إرنا» الرسمية عن مسؤول في منظمة الحج والزيارة الإيرانية، أنها أوقفت إرسال قوافل إلى مدن النجف وكربلاء من نقطتي «الجذابة» و«الشلامجة» في جنوب غربي البلاد بسبب الاحتجاجات العراقية.
جاء ذلك غداة بيان لوزارة الخارجية الإيرانية يطالب الإيرانيين بتأجيل الزيارات الدينية إلى العراق.



بعد ضرباتها في سوريا... إسرائيل تفترض «السيناريو الأسوأ»

دبابات إسرائيلية تتنقل بين السياجين داخل المنطقة العازلة بين إسرائيل وسوريا (إ.ب.أ)
دبابات إسرائيلية تتنقل بين السياجين داخل المنطقة العازلة بين إسرائيل وسوريا (إ.ب.أ)
TT

بعد ضرباتها في سوريا... إسرائيل تفترض «السيناريو الأسوأ»

دبابات إسرائيلية تتنقل بين السياجين داخل المنطقة العازلة بين إسرائيل وسوريا (إ.ب.أ)
دبابات إسرائيلية تتنقل بين السياجين داخل المنطقة العازلة بين إسرائيل وسوريا (إ.ب.أ)

يرى محللون أن إسرائيل بتنفيذها ضربات واسعة على أهداف عسكرية سورية، وسيطرتها على المنطقة العازلة الخاضعة لمراقبة الأمم المتحدة في مرتفعات الجولان، تسعى إلى «تجنّب الأسوأ» بعد سقوط حكم آل الأسد.

وقال يوسي ميكيلبرغ، المتخصص في شؤون الشرق الأوسط في معهد تشاتام هاوس في لندن، إن «الحكومة الإسرائيلية... تتصرف على أساس أسوأ السيناريوهات»، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وأشار محللون إلى أن بقاء بشار الأسد في السلطة كان أهون الشرور بالنسبة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، رغم تحالفه مع إيران، العدو اللدود للدولة العبرية، وحليفها «حزب الله» اللبناني، وذلك خوفاً من أن تؤدي إطاحته إلى فوضى.

وبُعيد سقوط الأسد، الأحد، شنّت إسرائيل خلال 48 ساعة مئات الضربات من الجو والبحر، قالت إنها طالت «أغلبية مخزونات الأسلحة الاستراتيجية في سوريا؛ خشية سقوطها بيد عناصر إرهابية».

واحتلت إسرائيل معظم هضبة الجولان السورية خلال حرب يونيو (حزيران) عام 1967. وبعد حرب أكتوبر (تشرين الأول) 1973، أُقيمت منطقة عازلة منزوعة السلاح تحت سيطرة الأمم المتحدة، عقب اتفاق لفض الاشتباك بين القوات الإسرائيلية والسورية عام 1974. وضمت إسرائيل القسم المحتل من الجولان عام 1981، في خطوة لم يعترف بها المجتمع الدولي باستثناء الولايات المتحدة.

ومنذ اتفاق فض الاشتباك، لم تشهد جبهة الجولان أي تحرك عسكري من جانب سوريا.

والآن، يبدو أن القادة الإسرائيليين يخشون أن تكون الفوضى قد حلّت في سوريا أصلاً، ويتصّرفون وفقاً لذلك.

وفي يوم سقوط الأسد، أعلن نتنياهو أن اتفاق 1974 انهار، وأمر قواته بالسيطرة على المنطقة العازلة.

وقالت الولايات المتحدة، الداعم الرئيسي للدولة العبرية، إن انتشار القوات الإسرائيلية في المنطقة العازلة يجب أن يكون «مؤقتاً»، بعدما قالت الأمم المتحدة إن إسرائيل تنتهك اتفاق الهدنة عام 1974.

ومذاك، شن الجيش الإسرائيلي مئات الضربات ضد أصول عسكرية سورية، مستهدفاً خصوصاً مخازن أسلحة كيميائية ودفاعات جوية تابعة للبحرية السورية؛ لإبعادها عن أيدي المقاتلين.

وقد دعا مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسن إلى وقف فوري لعمليات القصف الإسرائيلية.

من جهته، قال المحلّل داني سيترينوفيتش، من معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب، إنه يتوقع أن توسّع إسرائيل ضرباتها، موضحاً: «كل شيء استراتيجي في سوريا (...) الصواريخ والطائرات، وكذلك مركز البحوث العلمية (التابع لوزارة الدفاع)، كل شيء سيقصف».

وأضاف: «لا نعرف من سيتصدى لنا من الجانب السوري، سواء كان تنظيم (القاعدة) أو (داعش) أو أي تنظيم آخر، لذلك علينا أن نكون مستعدين لحماية مدنيينا».

وقال وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، إنه مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، أصدر تعليمات للجيش «بإقامة منطقة خالية تماماً من السلاح والتهديدات الإرهابية في جنوب سوريا من دون وجود إسرائيلي دائم».

وقال أفيف أوريغ، المحلل في مركز المعلومات مئير عميت، إن مصدر القلق الرئيسي على المدى القصير بالنسبة إلى إسرائيل هو المخزونات المتبقية من الأسلحة الكيميائية، وغيرها من الأسلحة الاستراتيجية.

وذكّر بالماضي الجهادي لبعض فصائل المعارضة السورية، موضحاً: «إذا وقعت هذه الأسلحة بين أيديهم فمن يدري ماذا سيفعلون بها؟».

لكنّ ميكلبرغ رأى أن تلك الطريقة «ليست الأفضل لبناء الجسور مع الحكومة الجديدة»، لافتاً إلى كثافة الضربات الإسرائيلية وحجمها.

الأكراد والدروز

وفي وقت يسود فيه تفاؤل في سوريا بشأن مستقبل البلاد، يتوقع بعض المحللين الإسرائيليين أن تكون البلاد مجزأة.

وقال إيال بينكو، وهو ضابط بحري متقاعد وخبير أمني، إنه يتوقع أن تنقسم سوريا إلى مجموعات إثنية - دينية، موضحاً: «أعتقد أنه لن تعود هناك سوريا».

من هذا المنطلق، يمكن لإسرائيل أن تختار مجموعات دون أخرى للعمل معها.

والاثنين، قال وزير الخارجية جدعون ساعر إن أكراد سوريا الذين وصفهم بأنهم «قوة الاستقرار»، يجب أن يتمتعوا بحماية المجتمع الدولي، فيما تحدث سابقاً عن العمل مع الأكراد في شمال شرقي البلاد والدروز في الجنوب.

وقال بينكو: «لا أعتقد أنهم سيحكمون سوريا... لكن إسرائيل ستحاول الدخول في سلام مع من يرغب فيه».

من جهته، رأى ميكيلبرغ أن العمل العسكري في الجولان، وتفضيل مجموعات على أخرى، سيشكلان خطأ من شأنه أن يضر بأي علاقة مستقبلية.

محادثات نووية

على مدى عقود، كانت سوريا حليفاً وثيقاً لطهران، والركيزة الأساسية للجسر البري الذي كانت تصل عبره الأسلحة الإيرانية إلى «حزب الله».

وبعدما تضرر بشدّة خلال حربه الأخيرة مع إسرائيل، قد يجد «حزب الله» الآن صعوبة في إعادة تسليحه دون روابط بسوريا.

وقال سيترينوفيتش إن سوريا «أساسية» بالنسبة إلى «حزب الله»، «وأنا أقول إنه دون سوريا تحت تأثير إيران، فلن يكون هناك في الواقع محور مقاومة».

وأيّده بينكو في ذلك قائلاً: «الخطر المرتبط بالمحور، (حزب الله) وسوريا وإيران والميليشيات العراقية أيضاً، أقل بكثير» الآن.

لكن السؤال الأهم هو: كيف يمكن لإيران أن ترد بينما أصبح موقفها أضعف؟ وقال سيترينوفيتش إن طهران قد «تسارع لإنتاج قنبلة (نووية)».

وهو ما قاله أيضاً أوريغ، مشيراً إلى أن ذلك يشكّل مصدر القلق الاستراتيجي الرئيسي لإسرائيل؛ «لأنه عندما تتعامل مع إيران مسلّحة نووياً، فإن الأمر سيكون مختلفاً تماماً».

إذا بدأت إيران تصنيع أسلحة ذرية، فقد تقرر إسرائيل القيام بعمل عسكري كما يتوقع البعض، لكنّ آخرين قدموا فرضية بديلة، وهي أنه يمكن جعل إيران تتفاوض بعدما أُضعفت الآن.