العملات الرقمية المشفرة تغزو عالم كرة القدم

هل يمكن لهذه الوسيلة جمع عشاق كرة القدم من أنحاء العالم معاً لتمنحهم دوراً في الأندية... أم أنها مجرد وسيلة للتحايل؟

لاعبو واتفورد وضعوا شعار العملة الرقمية «بيتكوين» على أكمام قمصانهم  -  العملة الرقمية وسيلة تثير الجدل
لاعبو واتفورد وضعوا شعار العملة الرقمية «بيتكوين» على أكمام قمصانهم - العملة الرقمية وسيلة تثير الجدل
TT

العملات الرقمية المشفرة تغزو عالم كرة القدم

لاعبو واتفورد وضعوا شعار العملة الرقمية «بيتكوين» على أكمام قمصانهم  -  العملة الرقمية وسيلة تثير الجدل
لاعبو واتفورد وضعوا شعار العملة الرقمية «بيتكوين» على أكمام قمصانهم - العملة الرقمية وسيلة تثير الجدل

اتخذ نادي واتفورد قراراً غريباً الشهر الماضي، ليس المعني بإقالة المدير الفني للفريق خافي غراسيا بعد قيادة الفريق في أربع مباريات فقط هذا الموسم؛ لكنه القرار المتعلق بأكمام القمصان التي قال النادي إنها ستحمل شعار العملة الرقمية «بيتكوين». وعلى أمل «تعليم الجمهور فوائد استخدام العملات المشفرة»، فإن الجهة الراعية ستقوم بـ«حملة أوسع لتحسين الوعي» بهذا الشأن.
وعلاوة على ذلك، يسمح النادي لمشجعيه بالدفع بالعملة الرقمية عبر متجر النادي على الإنترنت. وبذلك، أصبح واتفورد واحداً من أول أندية كرة القدم في العالم التي تقبل العملة الرقمية. وفي الحقيقة، لا يمكن تحويل العملة الرقمية إلى مفهوم بسيط؛ لكننا سنحاول القيام بذلك على أي حال، فهذه العملة تصف شكلاً رقمياً من المال يتم إصداره بشكل مستقل عن أي بنك مركزي، وتكون مشفرة لكن يُمكن التحقق منها. وإذا لم تكن قادراً على فهم ذلك، فتأكد أنك لست بمفردك!
في الوقت الحالي، يكفي أن ندرك أن كثيراً من الناس يرون أن العملة الرقمية أو المشفرة - والتكنولوجيا التي تقوم عليها – ستكون هي السائدة في المستقبل، حتى لو لم يكونوا متأكدين تماماً من ذلك. وبالتالي، فمن المفهوم أن كرة القدم تحاول أن تسير في هذا الركب.
ولم يكن واتفورد هو الوحيد الذي انضم إلى العمل بالعملة الرقمية؛ حيث سبقه كثير من الأندية، مثل بايرن ميونيخ، ومانشستر سيتي، ويوفنتوس، وباريس سان جيرمان، وأتلتيكو مدريد، وروما، وغلاطة سراي، ووستهام يونايتد. وتتمثل الخطة في أن يحصل المشجعون على «رموز» من الأندية، بعضها مجاناً، وبعضها يشتريها الجمهور باستخدام عملة «تشيليز»، الخاصة بموقع «Socios.com»، وهي واحدة من 3000 عملة مشفرة يتم تداولها عبر شبكة الإنترنت. وتثبت هذه الرموز أنك مشجع لهذا النادي أو ذاك، على الرغم من أن ما تفعله بها بعد ذلك غير واضح.
ويشرح ألكسندر دريوفوس هذا الأمر قائلاً: «يهدف تطبيقنا إلى التواصل مع مشجعي الفرق الرياضية في جميع أنحاء العالم». ويجب الإشارة إلى أن دريوفوس متحمس جداً للتشفير، ولاعب محترف سابق للعبة البوكر، وهو الرجل الذي يدير موقع «Socios.com». ويقول دريوفوس: «يجب أن نعلم أن 99.9 في المائة من المشجعين، وخصوصاً مشجعي الأندية الكبرى، لا يشاهدون المباريات من الملعب. ونتيجة للعولمة والرقمنة، يوجد الآن مئات الملايين من المشجعين في أماكن أخرى من العالم. في الحقيقة، نشعر بوجود فجوة في التواصل مع هؤلاء المشجعين».
ويضيف: «لم تعد لدى الأندية حجة فيما يتعلق بالتواصل مع مشجعيها، إذ إن هذه الرموز هي وسيلة للتعرف على هؤلاء المشجعين، كما أن هناك طريقة لتفعيل هذا التواصل أيضاً. لا تملك الأندية كثيراً من الأشياء لكي تبيعها للجماهير في آسيا. يمكن لهؤلاء المشجعين أن يشتروا قمصان الأندية؛ لكن معظم هذه القمصان هي في الحقيقة مقلدة وليست أصلية؛ لكن رموز المشجعين هي طريقة جيدة للغاية للتواصل والتفاعل على مستوى العالم».
ويتصور دريوفوس أن يلعب حاملو هذه الرموز دوراً في إدارة الأندية في المستقبل (ربما في المساعدة في اختيار تصميم القمصان التالية للفريق، على سبيل المثال). ويقول دريوفوس إن هذا التزام يتقاسمه الشركاء في موقع «Socios.com» ومع ذلك، قال أحد هؤلاء الشركاء إنهم لا يؤيدون الاعتماد على مثل هذه التدابير، خوفاً من خلق مستويين من المشجعين: مجموعة لديها الرموز، ومجموعة أخرى لا تملك الرموز.
أما بالنسبة لبيع الأشياء، فيبدو أن ذلك سيتضمن بيع الرموز نفسها للجمهور؛ حيث يعرض دريوفوس على حسابه الخاص على موقع «تويتر» حوارات ساخرة بين أشخاص يتحدثون عن الأندية ورموزها المميزة كمؤشر لقيمتها. ومع ذلك، لا يوجد موقع «Socios.com» بشكل فعال حتى الآن. وقد تم الإعلان عن أولى صفقات رعاية، مع يوفنتوس وباريس سان جيرمان، قبل عام من الآن؛ لكن موقع الشركة لا يزال يدعو الجماهير لانتظار إطلاق المنتج. ولم تتحقق خطط البحث عن رموز على غرار لعبة «بوكيمون غو» خلال الصيف الجاري. وقال دريوفوس إنه يتوقع إطلاقاً للموقع هذا الشهر، وأشار على موقع «تويتر» إلى أن الأمر سيبدأ في «الأسابيع القليلة المقبلة».
وقد انتشر التشفير بشكل كبير قبل بضع سنوات بفضل الارتفاع الكبير في قيمة عملة «بيتكوين» الرقمية. وعلى الرغم من تراجع قيمة العملة منذ ذلك الحين (لا تزال قيمة «البيتكوين» أكثر من 6500 جنيه إسترليني)، فلا يزال هناك حماس كبير لهذا الأمر. وعلى الرغم من أن الاستخدامات العملية تبدو محدودة، فإنه من المتوقع أن تكون هناك علاقة قوية بين التشفير والرياضة، وخصوصاً كرة القدم، خلال الفترة المقبلة.
أولاً، يتيح التسوق عبر العملة الرقمية المشفرة للمشجعين في هونغ كونغ أن يتصرفوا مثل المشجعين في إنجلترا. ثانياً، إنها محاولة على الأقل لإنشاء شيء يشبه «الحصة» في النادي للمشجعين الذين يتابعون الفريق على شاشات التلفزيون فقط. ومن المعروف أن عدد هؤلاء المشجعين يفوق كثيراً عدد الجماهير التي تشاهد المباريات من المدرجات.
يقول إقبال غاندام، العضو المنتدب لشركة «إي تورو» الاستثمارية الرقمية: «يمكننا أن نشبه هذا بالأيام الأولى للإنترنت. في الوقت الحالي، يسعى المشجعون لمعرفة فوائد ذلك الأمر. ومن وجهة نظري فإن إحدى هذه الفوائد تتمثل في القدرة على التواصل مع الجمهور عالمياً بسرعة كبيرة. لكن في هذه المرحلة ربما لا تكون الأمور مبنية على حالة تجارية؛ لكن مزيداً عن المشاركة سيساهم في فهم أفضل للأمور».
ويعتقد غاندام أن العرض الحالي لا يزال غير واضح، ويقول: «يتعين على الشركات التي تصدر هذه الرموز أن تفكر ملياً وطويلاً في الأسئلة التالية: هل نعطي شيئاً حقيقياً للجماهير؟ وهل يحصل الجمهور على ملكية في النادي؟ وهل سيتمتعون بحقوق في التصويت؟ وإذا كان الأمر كذلك فما الذي سيتبع ذلك؟ إذا كان تغييراً حقيقياً، فقد يصبح شيئاً مفيداً للفرد. وإذا كان ذلك يمنحك خصماً على سعر القميص الذي تشتريه، فلست متأكداً من أن رد فعل الجمهور سيكون بالطريقة التي تريدها الأندية والشركات».
إن الشك في جدوى عملية التشفير هو أمر صحي، وقد سمعنا بالفعل عن عدد من عمليات الاحتيال المرتبطة بالعملة الرقمية؛ حيث تقدر هيئة السلوك المالي أن البريطانيين فقدوا 27 مليون جنيه إسترليني هذا العام. ولا يزال هناك كثير من الأسئلة المتعلقة بالمنفعة التي ستعود على الجمهور؛ لكن الأشخاص من أمثال دريوفوس الذين يرتبطون كثيراً بالعالم الرقمي لا يزال من الصعب فهم متطلباتهم من قبل الأندية الرياضية المحترفة، أو هيئاتها الإدارية.
يقول دريوفوس: «نحن مجرد أداة من الأدوات التي تملكها الأندية، لكي تكون قادرة على المنافسة مع المنتجات الترفيهية الأخرى. وفي الآونة الأخيرة، صرح المدير التنفيذي لنادي ليفربول، بيتر مور، بأن لعبة (فورتنايت) تنافس مباريات ليفربول على جذب اهتمام الجمهور. يريد الشباب مزيداً من الترفيه، فهم معتادون على أن يتم التواصل معهم».
ويتساءل دريوفوس: «إلى أين قد ينتهي التشفير في عالم كرة القدم؟». ويقول: «حلمي هو أن نقوم في يوم من الأيام بإطلاق بطولة يقوم المشجعون فيها باختيار التشكيلة الأساسية للفرق بالكامل». لكن إذا كان الأمر كذلك، فمن سيقال من منصبه إذا تعرض الفريق للخسارة؟


مقالات ذات صلة

السلطات الأميركية توافق على إطلاق أول صناديق متداولة لعملة «الإيثريوم»

الاقتصاد رسم توضيحي يحاكي عملة «الإيثريوم» المشفرة أمام رسم بياني للأسهم والدولار (رويترز)

السلطات الأميركية توافق على إطلاق أول صناديق متداولة لعملة «الإيثريوم»

وافقت هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية، رسمياً، على إطلاق صناديق تداول لعملة «الإيثريوم» المشفرة، بداية من صباح يوم الثلاثاء، لتتبع بذلك «بتكوين».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب يساعده أفراد من الخدمة السرية بعد إطلاق النار خلال تجمع انتخابي في بنسلفانيا (رويترز)

محاولة اغتيال ترمب تُشعل الأسواق.. الدولار والبتكوين في صعود

ارتفع الدولار بشكل واسع يوم الاثنين وقفزت العملات المشفرة مع ازدياد رهانات فوز الرئيس الأسبق دونالد ترمب بالانتخابات الأميركية المقبلة في أعقاب محاولة اغتياله

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)
الاقتصاد نماذج للعملة المشفرة «بتكوين» تظهر في هذا الرسم التوضيحي (رويترز)

البتكوين ترتفع بنسبة 2.7 % بعد رد فعل ترمب على محاولة اغتياله

ارتفعت عملة البتكوين إلى ما يزيد على 60 ألف دولار بعد أن أثار رد فعل دونالد ترمب المتحدي على محاولة اغتياله تكهنات بأن فرص فوزه في الانتخابات قد ارتفعت.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد عملات بتكوين معروضة خلال مؤتمر "بتكوين 2023" الذي عقد في ميامي بيتش بولاية فلوريدا (رويترز)

«بتكوين» تهبط إلى أدنى مستوى لها في 4 أشهر

هبطت عملة البتكوين إلى أدنى مستوى لها في 4 أشهر يوم الجمعة وانخفضت إلى ما دون مستويات الدعم الفني.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة )
الاقتصاد العملة الرقمية «بتكوين» أمام رسم بياني للأسهم (رويترز)

«بتكوين» تهبط إلى أدنى مستوى في شهرين وسط مخاوف انتخابية

انخفضت قيمة «بتكوين» إلى أدنى مستوى لها في شهرين يوم الخميس، لتواصل انخفاضها المستمر منذ شهر، حيث أثرت حالة عدم اليقين بشأن الانتخابات الرئاسية الأميركية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

بسبب تلوثه... باريس قد تُبعد سبَّاحي الأولمبياد عن نهر السين

برج إيفل يظهر من مياه نهر السين (رويترز)
برج إيفل يظهر من مياه نهر السين (رويترز)
TT

بسبب تلوثه... باريس قد تُبعد سبَّاحي الأولمبياد عن نهر السين

برج إيفل يظهر من مياه نهر السين (رويترز)
برج إيفل يظهر من مياه نهر السين (رويترز)

يفكر منظمو دورة الألعاب الأولمبية في باريس، في الاستغناء عن نهر السين في حدث السباحة الرئيسي، إذا ظل ملوثاً خلال أسابيع قليلة، وفقاً لصحيفة «التلغراف».

وقال توني إيستانجيت، رئيس اللجنة الأولمبية في باريس، إن السباحة الماراثونية سيتم نقلها إلى البحيرة في فاير سور مارن، خارج العاصمة، إذا لم تكن جهود التنظيف كافية بحلول الوقت الذي تبدأ فيه المسابقة.

وتتوافق تعليقاته مع موقفه في أبريل (نيسان)، عندما قال إنه «واثق من أنه سيكون من الممكن استخدام نهر السين»، ولكن قد يكون هناك «قرار نهائي؛ حيث لا يمكننا السباحة»، وهو الوضع الذي قال: «نريد تجنبه بالطبع».

وكان تجهيز نهر السين لسباق الترياتلون والماراثون مهمة كبيرة ومكلفة، إذ بلغت تكلفتها أكثر من مليار يورو.

وكان النهر محظوراً على السباحين منذ أوائل عشرينات القرن الماضي، بسبب ارتفاع مستويات البكتيريا، وفي الصيف الماضي أدت مشكلة في الصرف الصحي إلى إلغاء حدث للسباحة قبل الألعاب الأولمبية.

أشخاص يستمتعون بالطقس الدافئ على الأرصفة التي غمرتها المياه على طول نهر السين في باريس (أ.ف.ب)

وفي وقت مبكر من شهر مايو (أيار)، كشفت الاختبارات أن مستويات البكتيريا كانت أعلى من الحدود المقبولة لممارسة الرياضة.

مع ذلك، أظهر يوم الخميس بعض النتائج المشجعة، مع تحسن نوعية مياه نهر السين، وفقاً للبيانات.

وأظهرت البيانات التي نشرتها المدينة والسلطات الإقليمية، أن تركيزات المكورات المعوية وبكتيريا الإشريكية القولونية كانت أقل من العتبات القانونية، في 6 من أصل 9 أيام، بين 24 يونيو (حزيران) و2 يوليو (تموز).

لكن كثيراً لا يزال يُعتمد على هطول الأمطار ودرجة حرارة المياه من الآن وحتى استمرار الأحداث، في الفترة من 26 يوليو إلى 1 أغسطس (آب).

وسط الطقس الجيد هذا الأسبوع في باريس، من المتوقع أن تظل جودة المياه مقبولة، على الرغم من أن المنظمين تأكدوا من وجود خيار احتياطي في فاير سور مارن إذا تدهور الوضع.