حدث مناخي نادر في مصر... واختلاف حول تسميته

«ناسا» سمته «إعصار ميديكن» والسلطات الرسمية وصفته بـ«منخفض حمادة»

سيارات تسير وسط مياه الأمطار الغزيرة بالعاصمة المصرية (أ.ف.ب)
سيارات تسير وسط مياه الأمطار الغزيرة بالعاصمة المصرية (أ.ف.ب)
TT

حدث مناخي نادر في مصر... واختلاف حول تسميته

سيارات تسير وسط مياه الأمطار الغزيرة بالعاصمة المصرية (أ.ف.ب)
سيارات تسير وسط مياه الأمطار الغزيرة بالعاصمة المصرية (أ.ف.ب)

شهدت سواحل مصر الشمالية خلاله الأيام الثلاثة الماضية تقلبات جوية عنيفة ونادرة، جاءت متزامنة مع تقرير لوكالة الفضاء الأميركية «ناسا» جاء فيه أنّ «إعصاراً» جديداً سمته الوكالة «ميديكين» يقترب من السواحل المصرية، ومن المحتمل أن يهدد الأردن وفلسطين، وهو ما أكّده أيضاً تقرير لـ«مكتب الأرصاد الجوية البريطانية»، جاء فيه أنّ سواحل البحر المتوسط ستشهد إعصاراً استوائياً لم تشهد له مثيلاً من قبل.
وتزامن التقريران مع فيديوهات انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي في مصر، رصدت تقلبات غريبة ونادرة في الطقس تشبه الأعاصير، الأمر الذي يؤكد أن السواحل المصرية تشهد ظاهرة غريبة، قال ملتقطو الفيديوهات من قاطني المحافظات الساحلية إنهم يشاهدونها لأول مرة.
السلطات المصرية من جانبها لم تنكر أنّ ما تشهده السواحل المصرية يبدو غريباً ونادراً، ولكنّها رفضت تسميته «الإعصار»، مشدّدة على أنّه لإطلاق هذا المصطلح لا بد أن «تتوافر عدة شروط لا توجد فيما سمته (ناسا) إعصار ميديكن».
وقال د.أشرف صابر، القائم بأعمال رئيس هيئة الأرصاد الجوية، في تصريحات صحافية، إنّ «ما أشيع عن وجود إعصار غير صحيح»، واصفاً ما تشهده السواحل المصرية بأنّه «مجرد منخفض جوي وليس إعصاراً، وأنّهم في الأرصاد الجوية أطلقوا عليه اسم (منخفض حمادة)». وأضاف أنّ «البلاد تشهد في مثل هذا التوقيت هذا المنخفض الذي يسمى (منخفض قبرص)، ولكنّ الفارق هذه المرّة أنّه تعمق وامتد على غير المعتاد ليؤثر على الدلتا وشمال شرقي البلاد وقد يسبب سيولاً على شمال سيناء».
ووصف ما ورد في تقرير «ناسا» عما يسمى «إعصار ميديكين»، بأنّه «نوع من أنواع الخيال العلمي ليس أكثر»، لأنّ الأعاصير توجد في مناطق المحيطات أو المناطق المدارية، ومن رابع المستحيلات أن يتكون إعصار في البحر المتوسط لأنّه بحر مغلق وليس محيطاً.
ومن جانبه يتعجب د.محمد علي فهيم أستاذ التغيرات المناخية بمركز البحوث الزراعية في مصر، من الجدل الدائر حول اسم الظاهرة، من دون أن نركز على أسبابها، وهو الأمر الجدير بالاهتمام بصورة أكبر.
ويقول فهيم لـ«الشرق الأوسط» إنّ «المنخفض المداري والإعصار لهما نفس الصفات، والاختلاف يكون في سرعة الرياح فقط، وإذا كانت سرعة الرياح هذه المرة لم تصل إلى درجة إعصار، فماذا سنفعل في السنوات القادمة إذا وصلت لذلك؟ هل سنسميه (حمادة) أيضاً؟».
وتتشابه الأعاصير والمنخفضات الجوية في الأمطار الغزيرة التي تصل إلى حد السيول، والسحب الكثيفة، والرياح، فإذا كانت سرعة الرياح ما بين 63 و118 كيلومتراً في الساعة، فإنّ المنخفض يكون عاصفة مدارية، وإذا تجاوزت هذه الحدود فإن العاصفة تتحول إلى إعصار مداري مدمر.
ويضيف فهيم: «تاريخياً لا توجد أعاصير في شرق البحر المتوسط، لكن عندما يتحول منخفض عادي إلى عميق ويأخذ نسبياً سلوك الأعاصير، فنحن إذن أمام حدث جديد ونادر، ومن الممكن أن يتكرر مجدداً بسرعة رياح كبيرة، ووقتها سيسجَّل إعصاراً». ويوضح أنّ «كل هذا يحدث بسبب تداعيات ما يسمى تغير المناخ، وهذا هو المهم أن يشغلنا بعيداً عن المسميات العلمية، وأن تكون هناك تنبؤات قوية ودقيقة وموسمية، يعني قبل الحدث بأسابيع أو شهور وليس أيام».
والتغير المناخي الذي تسبب في هذا الحدث هو ما يصفه د.فهيم بـ«توغل الصيف على الخريف». ويتابع: «في مثل هذه الأيام من المفترض أن تبدأ درجات الحرارة في الانكسار نهاراً وهذه طبيعة الفترة من العام، ولكن ذلك لم يحدث وظلت الحرارة مرتفعة في نصف الكرة الشمالي، مما أدى إلى ارتفاع درجة حرارة سطح المياه»، مشيراً إلى أنّ ذلك «تزامن مع وجود مرتفع مداري حار على الجزء من اليابسة في مناطق شمال أفريقيا وسطح مياه المتوسط، مما أدّى إلى توفير ظروف مناسبة لزيادة تغذية المنخفض الجوي الموسمي الذي يتشكل في هذا التوقيت بالرطوبة اللازمة التي ساعدت على تعمقه».


مقالات ذات صلة

العالم محطة الفضاء الدولية (ناسا)

التعاون بين روسيا وأميركا في مجال الفضاء مستمر

تواصل روسيا والولايات المتحدة تعاونهما في مجال الفضاء في السنوات المقبلة، على الرغم من التوترات على الأرض.

يوميات الشرق إنجاز مذهل (ناسا)

مسبار «ناسا»... «يقهر» الشمس مُسجِّلاً إنجازاً مذهلاً

أكّدت «ناسا» أنّ المسبار «باركر» الشمسي «سليم» ويعمل «بشكل طبيعي» بعدما نجح في الوصول إلى أقرب نقطة من الشمس يصل إليها أي جسم من صنع الإنسان.

«الشرق الأوسط» (ماريلاند الولايات المتحدة)
يوميات الشرق صورة توضيحية للمسبار «باركر» وهو يقترب من الشمس (أ.ب)

«ناسا»: المسبار «باركر» يُسجل اقتراباً قياسياً من الشمس

أفادت وكالة «ناسا» الأميركية للفضاء بتسجيل مسبار فضائي في عيد الميلاد اقتراباً قياسياً من الشمس على نحو لم يحققه أي جسم من صنع الإنسان حتى الآن.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
علوم مسبار «باركر» التابع لوكالة الفضاء الأميركية (ناسا) وهو يقترب من الشمس (أ.ب)

مسبار لـ«ناسا» يصل إلى أقرب مسافة له على الإطلاق من الشمس

يستعد مسبار «باركر» التابع لوكالة «ناسا» للوصول عشية عيد الميلاد، إلى أقرب مسافة له من الشمس.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
TT

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)

في السنوات الأخيرة، أثّر الذكاء الصناعي على المجتمع البشري، وأتاح إمكانية أتمتة كثير من المهام الشاقة التي كانت ذات يوم مجالاً حصرياً للبشر، ومع كل ظهور لمهام وظيفية مبدعةً، تأتي أنظمة الذكاء الصناعي لتزيحها وتختصر بذلك المال والعمال.
وسيؤدي عصر الذكاء الصناعي إلى تغيير كبير في الطريقة التي نعمل بها والمهن التي نمارسها. وحسب الباحث في تقنية المعلومات، المهندس خالد أبو إبراهيم، فإنه من المتوقع أن تتأثر 5 مهن بشكل كبير في المستقبل القريب.

سارة أول روبوت سعودي يتحدث باللهجة العامية

ومن أكثر المهن، التي كانت وما زالت تخضع لأنظمة الذكاء الصناعي لتوفير الجهد والمال، مهن العمالة اليدوية. وحسب أبو إبراهيم، فإنه في الفترة المقبلة ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير آلات وروبوتات قادرة على تنفيذ مهام مثل البناء والتنظيف بدلاً من العمالة اليدوية.
ولفت أبو إبراهيم إلى أن مهنة المحاسبة والمالية ستتأثر أيضاً، فالمهن التي تتطلب الحسابات والتحليل المالي ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير برامج حاسوبية قادرة على إجراء التحليل المالي وإعداد التقارير المالية بدلاً من البشر، وكذلك في مجال القانون، فقد تتأثر المهن التي تتطلب العمل القانوني بشكل كبير في المستقبل.
إذ قد تتمكن التقنيات الحديثة من إجراء البحوث القانونية وتحليل الوثائق القانونية بشكل أكثر فاعلية من البشر.
ولم تنجُ مهنة الصحافة والإعلام من تأثير تطور الذكاء الصناعي. فحسب أبو إبراهيم، قد تتمكن التقنيات الحديثة من إنتاج الأخبار والمعلومات بشكل أكثر فاعلية وسرعة من البشر، كذلك التسويق والإعلان، الذي من المتوقع له أن يتأثر بشكل كبير في المستقبل. وقد تتمكن أيضاً من تحديد احتياجات المستهلكين ورغباتهم وتوجيه الإعلانات إليهم بشكل أكثر فاعلية من البشر.
وأوضح أبو إبراهيم أنه على الرغم من تأثر المهن بشكل كبير في العصر الحالي، فإنه قد يكون من الممكن تطوير مهارات جديدة وتكنولوجيات جديدة، تمكن البشر من العمل بشكل أكثر فاعلية وكفاءة في مهن أخرى.

الروبوت السعودية سارة

وفي الفترة الأخيرة، تغير عالم الإعلان مع ظهور التقنيات الجديدة، وبرز الإعلان الآلي بديلاً عملياً لنموذج تأييد المشاهير التقليدي الذي سيطر لفترة طويلة على المشهد الإعلاني. ومن المرجح أن يستمر هذا الاتجاه مع تقدم تكنولوجيا الروبوتات، ما يلغي بشكل فعال الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير.
وأتاحت تقنية الروبوتات للمعلنين إنشاء عروض واقعية لعلاماتهم التجارية ومنتجاتهم. ويمكن برمجة هذه الإعلانات الآلية باستخدام خوارزميات معقدة لاستهداف جماهير معينة، ما يتيح للمعلنين تقديم رسائل مخصصة للغاية إلى السوق المستهدفة.
علاوة على ذلك، تلغي تقنية الروبوتات الحاجة إلى موافقات المشاهير باهظة الثمن، وعندما تصبح الروبوتات أكثر واقعية وكفاءة، سيجري التخلص تدريجياً من الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير، وقد يؤدي ذلك إلى حملات إعلانية أكثر كفاءة وفاعلية، ما يسمح للشركات بالاستثمار بشكل أكبر في الرسائل الإبداعية والمحتوى.
يقول أبو إبراهيم: «يقدم الذكاء الصناعي اليوم إعلانات مستهدفة وفعالة بشكل كبير، إذ يمكنه تحليل بيانات المستخدمين وتحديد احتياجاتهم ورغباتهم بشكل أفضل. وكلما ازداد تحليل الذكاء الصناعي للبيانات، كلما ازدادت دقة الإعلانات وفاعليتها».
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الصناعي تحليل سجلات المتصفحين على الإنترنت لتحديد الإعلانات المناسبة وعرضها لهم. ويمكن أن يعمل أيضاً على تحليل النصوص والصور والفيديوهات لتحديد الإعلانات المناسبة للمستخدمين.
ويمكن أن تكون شركات التسويق والإعلان وأصحاب العلامات التجارية هم أبطال الإعلانات التي يقدمها الذكاء الصناعي، بحيث يستخدمون تقنياته لتحليل البيانات والعثور على العملاء المناسبين وعرض الإعلانات المناسبة لهم. كما يمكن للشركات المتخصصة في تطوير البرمجيات والتقنيات المرتبطة به أن تلعب دوراً مهماً في تطوير الإعلانات التي يقدمها.