حيوانات لالان المدهشة في المزاد العلني

عشاق الأثاث الفريد يترقبون الحدث في باريس

قطعة نادرة من النحاس والمعدن المغلف
قطعة نادرة من النحاس والمعدن المغلف
TT

حيوانات لالان المدهشة في المزاد العلني

قطعة نادرة من النحاس والمعدن المغلف
قطعة نادرة من النحاس والمعدن المغلف

بعد أيام من عرضها أمام الجمهور، باشرت صالة «سوثبيز» للمزاد في باريس بيع مجموعة من القطع الفنية التي صممها النحات الفرنسي فرنسوا اكزافييه «لالان» لتستخدم كقطع للأثاث في المنازل والحدائق. وتعود هذه المجموعة للنحات وزوجته النحاتة كلود دوبو التي كانت شريكته في العمل. وكان «لالان» قد فارق الحياة أواخر 2008 ولحقت به زوجته في الربيع الماضي. وكانت هذه القطع من المقتنيات التي احتفظ بها الزوجان في منزلهما الريفي. وهي من أجمل ما أبدعاه في ورشتهما. ويستمر المزاد ليومين.
وتميز الزوجان بالميل لقطع الأثاث المنحوتة على هيئة حيوانات ونباتات. وقد استخدما مختلف أنواع المواد في تنفيذها، سواء من المعادن أو الرخام أو الخشب. وبلغ من جماليات المنحوتات أنها كانت توصف بالقصائد. كما كانت تصاميمها تبعث على الدهشة بحيث كان هناك من اعتبرها مستوحاة من رواية لويس كارول «أليس في بلاد العجائب». وقد تعرفت الأجيال الجديدة من الفرنسيين على أعمال الزوجين لالان المولودين أواسط العشرينات من القرن الماضي من خلال المعرض الشامل الذي أقيم لهما، عام 2010، في متحف الفنون التزيينية في باريس. وكتبت الصحافة، يومها، أن الزوار كانوا يخرجون من المعرض وهم «سعداء ومبتسمون». إنه المزاد الأبهى الذي تقدمه «سوثبيز» قبيل أعياد الميلاد. وهو يشتمل على 200 قطعة من توقيع كلود وفرنسوا اكزافييه لالان، خرجت من ورشة الزوجين في «أوري»، قرب بلدة «فونتينبلو» التي كانت من مقرات ملوك فرنسا. هذا بالإضافة إلى 80 قطعة أنجزها أصدقاء مشاهير وتلاميذ لهما من أمثال برانكوزي وماغريت ونيكي سانت فال.
ومن المؤمل أن تصل حصيلة المزاد إلى عدة ملايين من اليوروات. وعلى سبيل المثال، بيعت سلسلة من 15 مرآة للتعليق، من تصميم لالان، بمبلغ 1.8 مليون يورو. وكان ذلك في المزاد على مقتنيات المصمم الراحل إيف سان لوران، عام 2017. وفي خريف العام نفسه حققت منحوتة لهما بعنوان «النعامات» كانت من مقتنيات مصمم الديكور جاك غرانج رقماً قياسياً بلغ 6.2 مليون يورو. ونظراً للاهتمام العالمي بالمزاد الحالي، فإن القائمين عليه يتوقعون أن تستعر المنافسة على المنحوتات وأن تصل حصيلته إلى 20 مليوناً. ومن القطع التي تتركز عليها الأنظار تلك الخراف الشهيرة من الحجر والبرونز والمغلفة بالصوف الأبيض، التي صممت لتستعمل كمقاعد وأرائك، وكذلك الطاولات المحمولة على طحالب نباتية أو قردة مختلفة الأشكال. وكان النحات يطلق على كل قطعة اسماً يعود لأحد معارفه، مثل: «حمار ناتالي» و«وخروف بولين الكبير» و«يمامتا زينب».
درس لالان الرسم والنحت في باريس أواخر الأربعينات. وقد رافق فنانين من مشاهير ذلك الزمن أمثال سلفادور دالي ورينيه ماغريت وكونستانتين برانكوزي. وفي 1952 أقام في العاصمة الفرنسية معرضه الشخصي الأول. وكان قد لفت إليه الأنظار كمصمم للأثاث والديكور حين وضع توقيعه، عام 1950، على أجواء المتجر الجديد لمصمم الأزياء ديور الذي جرى افتتاحه في جادة «مونتين». وكان رفيقه في العمل المصمم الشاب سان لوران، مساعد ديور. ولما اقترن لالان على النحاتة كلود دوبو، أواسط الخمسينات، قرر أن يشتغلا سوية وكان أبرز تصاميمهما حديقة حي «الهال» في باريس. وفي 1967 تزوج الاثنان واشتريا منزلهما الريفي في «أوري» الذي كان يضم مشغلهما ومعرضهما. وقد واصلا العيش والعمل هناك حتى أواخر أيامهما.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».