منطقة المربع تعود أرضاً خصبة بأجواء الفعاليات العالمية

ضمن موسم الرياض الترفيهي

جانب من الفعاليات بمنطقة المربع بالعاصمة السعودية (تصوير: أحمد فتحي)
جانب من الفعاليات بمنطقة المربع بالعاصمة السعودية (تصوير: أحمد فتحي)
TT

منطقة المربع تعود أرضاً خصبة بأجواء الفعاليات العالمية

جانب من الفعاليات بمنطقة المربع بالعاصمة السعودية (تصوير: أحمد فتحي)
جانب من الفعاليات بمنطقة المربع بالعاصمة السعودية (تصوير: أحمد فتحي)

تعيش منطقة «المربع»، وسط العاصمة السعودية الرياض، في أجواء تستحضر الحقبة التاريخية للدولة بروح الحاضر وفكر المستقل.
فالمنطقة التاريخية تحوي قصر المربع الذي كان يسكنه مؤسس السعودية الراحل الملك عبد العزيز في فترة تاريخية مهمة في مسيرة ‏تطور المملكة. وذلك في الوقت الذي تعيش فيه أجواء أفضل الفعاليات العالمية المعاصرة التي تستضيفها هذه الأيام الرياض، وتمتد لمدة شهرين ضمن موسم الرياض الأضخم في المنطقة، ومنها الحديقة الليلية، إحدى أهم فعاليات الموسم.
الزائرون لمنطقة المربع يلحظون كيف تم ربط تصاميم التقاليد التراثية لمنطقة الرياض بالفعاليات العالمية المعاصرة، فتم تصميم بوابات على الطراز التاريخي بقالب عصري حديث. وعلى أنغام الموسيقى الهادئة، المتناسقة مع الأضواء الخافتة، تعيش الطبيعة الليلية المنعشة التي بدأت أجواء الرياض تعيشها مع الانخفاض التدريجي لدرجة الحرارة. ومن أبرز الفعاليات التي تضمها منطقة المربع التاريخية فعالية الحديقة الليلية التي تنتشر بها الأشجار ومجسمات الحيوانات المضيئة. ويحيط بالحديقة مجموعة متنوعة من أشهر المطاعم العالمية.
ومنطقة المربع، التي بُني عليها قصر المربع بمساحة تصل إلى 1680 متراً مربعاً، كانت، بحسب دارة الملك عبد العزيز، أرضاً خصبة مستوية تزرع في مواسم الأمطار.
والفعاليات التي تعيشها منطقة المربع أعادت للذاكرة قصة إنشاء قصر المربع التاريخي، خارج أسوار مدينة الرياض القديمة وأبوابها الخمسة، في عام 1938م. ‏ليصبح القصر مقراً للملك عبد العزيز، وإدارته لشؤون الدولة. ويحاكي بناء القصر العمارة المحلية السعودية في تلك الفترة. وقد جذب التصميم المعماري السعودي القديم عدداً من الزوار، لا سيما السياح الأوروبيين الميالين إلى الأحداث والمواقع التاريخية بطبعهم.
وبحسب دارة الملك عبد العزيز، فقد شهدت منطقة المربع في عام 1357ه (الموافق 1938م) انتقال المؤسس الملك عبد العزيز مع أسرته إلى قصر المربع.
ومارس الملك عبد العزيز معظم أعماله في المنطقة ذاتها، إذ استضاف عدداً من ملوك الدول العربية والإسلامية ورؤسائها. كما شهد داخل قصر المربع أحداثاً رئيسية، وقرارات ملكية، في تاريخ السعودية، ومنها إنشاء وزارة الدفاع، والإذاعة السعودية، ومؤسسة النقد العربي السعودي، وإصدار العملة السعودية، والمدارس النظامية، وإنشاء السكة الحديد بين الرياض والدمام، وظهور النفط بكميات تجارية، إضافة لإصدار بعض الأنظمة، كنظام البرق، والطرق والمباني، والتقاعد، والعمل والعمال، والغرف التجارية، وجوازات السفر.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».