السمنة... الحد المبكر منها أفضل لصحة الأطفال

معدلاتها لا تزال مرتفعة جداً

السمنة... الحد المبكر منها أفضل لصحة الأطفال
TT

السمنة... الحد المبكر منها أفضل لصحة الأطفال

السمنة... الحد المبكر منها أفضل لصحة الأطفال

رغم حجم الجهود المبذولة عالمياً في محاولات الحد من البدانة (Obesity)، فإنها ما زالت مرتفعة. وعلى وجه التقريب، فإن نسبة البدانة في الأطفال اليوم تبلغ 10 أمثالها، مقارنة بسبعينات القرن الماضي، وتعد عرضاً يهدد الحياة الصحية للأطفال، وهو الأمر الذي كشفت عنه دراسة حديثة نشرت في الولايات المتحدة في مطلع شهر أكتوبر (تشرين الأول) من العام الحالي، وأفادت بأن هناك ما يقرب من 5 ملايين طفل ومراهق أميركي، تتراوح أعمارهم بين 10 و17 عاماً، يعانون من البدانة. وهذا ما يمهد للإصابة بكثير من الأمراض لاحقاً، وأهمها مرض السكري من النوع الثاني (الذي لم يكن معروفاً في الأطفال من قبل)، وأمراض القلب والأوعية الدموية، فضلاً عن الآثار النفسية التي ربما تكون مصاحبة للمرض.
معدلات عالية
والدراسة الحديثة كانت بتمويل من مؤسسة روبرت جونسون (Robert Wood Johnson Foundation) الخيرية بالولايات المتحدة، المعنية بالأمور الصحية فقط، وقد أظهرت أن بيانات ومعدلات البدانة اختلفت من ولاية إلى أخرى، وكان أعلى معدل في ولاية مسيسبي، بنسبة بلغت 25.4 في المائة، بينما كان أقل معدل في ولاية يوتاه، بنسبة بلغت 8.7 في المائة، وكان ذلك خلال الفترة من عام 2017 حتى 2018. ولم تتحسن هذه المعدلات منذ عام 2016، وهو الأمر الذي يشير بوضوح إلى الحاجة لبذل مزيد من الجهود، والبحث عن طرق جديدة للوصول إلى الأطفال والمراهقين، وإقناعهم بخطر البدانة وضرورة الطعام الصحي.
واختلفت معدلات البدانة بشكل كبير تبعاً للأعراق المختلفة، فبينما بلغت النسبة 22 في المائة في الأطفال ذوي الأصول الأفريقية والإسبانية، فإنها انخفضت في الأطفال الذين ينحدرون من أسر بيضاء أو آسيوية. وهذه البيانات ذاتها كانت موجودة في التقارير السابقة، مما يفيد بعدم التحسن. ووجدت الدراسة أيضاً أن معدلات البدانة اختلفت تبعاً للحالة الاقتصادية لكل أسرة، وكانت أكثر المعدلات ارتفاعاً في الأطفال الذين ينتمون إلى أسر فقيرة، والأقل في الأسر التي يزيد مستوى الدخل فيها بمقدار 4 أضعاف على الحد الأدنى للأجور، وذلك خلافاً للاعتقاد السائد بأن الفقراء هم الأكثر نحافة، وأن البدانة تكون مرتبطة بتحسن الأحوال الاقتصادية، وذلك لأن الفقراء في الأغلب يعتمدون على النشويات لأنها رخيصة الثمن، بينما يندر في غذائهم البروتينات، خصوصاً الحيوانية، وبذلك يتناولون أطعمة تسبب البدانة، وتفتقر إلى القيمة الغذائية.
وأوضحت الدراسة أن الحد من البدانة كلما حدث مبكراً كان أفضل لصحة الأطفال. وهناك دراسة سابقة تشير إلى أن الأطفال أقل من عمر 5 سنوات، ويعانون من زيادة في الوزن فقط، تزيد معدلات إصابتهم بالبدانة 4 أضعاف عن أقرانهم العاديين في عمر الرابعة عشرة. ولذلك كانت هناك توصيات بضرورة توفير العناصر الغذائية اللازمة للأطفال من عمر الرابعة وأقل، حتى تمكن الأطفال من العائلات الفقيرة من الحصول على التغذية الجيدة، من دون احتماليات تعرضهم لخطر زيادة الوزن. والأمر ذاته ينطبق على وجبات المدارس التي تخضع إلى معايير صحية معينة، وأيضاً الوجبات الصغيرة التي يمكن تناولها بين الوجبات الرئيسية (سناكس) snacks، بحيث تكون هذه المكملات عبارة عن الفاكهة في الأغلب أو الخضراوات الطازجة.
اختيارات غذائية صحية
وأشارت الدراسة إلى أن ارتفاع المعدلات ربما يكون مسؤولية مشتركة بين الآباء والمراهقين، وفي كثير من الأحيان لا تكون الاختيارات الغذائية الصحية متوفرة في المتاجر بالشكل الكافي، فضلاً عن أن الآباء دائماً ينتابهم القلق حيال صحة الأبناء، وما إذا كانوا يتناولون القدر المناسب من الطعام من عدمه، مع تخيلهم أن كميات الطعام الصحي حتى لو كانت جيدة لصحة المراهق، فإنها ربما تكون غير كافية للإحساس بالشبع، أو الحصول على جميع العناصر الغذائية، بما فيها الأطعمة التي يعلمون جيداً أنها ضارة بالصحة، ولكن جسم المراهق في مرحلة النمو يحتاج إليها.
ونصحت الدراسة بضرورة تغيير كثير من المفاهيم المتعلقة بالوزن، التي تدفع إلى زيادة معدلات البدانة، ومنها على سبيل المثال حينما يكون هناك نسبة وراثة للبدانة في العائلة، فإن الآباء يعتقدون أنه لا داعي للغذاء الصحي لأن الطفل سوف يصبح بديناً على أية حال. ورغم أن الجينات ربما تلعب دوراً في الإصابة بالبدانة، فإنه ليس بالضرورة أن يصبح الابن بديناً لمجرد أن أفراد في عائلته يعانون من البدانة، فضلاً عن أنه حتى الأطفال البدناء لا يجب أن يستمروا في تناول الأغذية الضارة لأنها تؤثر على الصحة، وليس فقط الوزن. وأيضاً من المفاهيم الخاطئة أن الطفل البدين يحتاج إلى كميات أضعاف أقرانه العاديين، وهي معلومة تفتقر إلى الدقة العلمية، والفيصل في الأمر لكمية السعرات التي تحقق النمو المثالي.
وتبعاً لمنظمة الصحة العالمية (WHO)، فإن أطفال الدول الفقيرة لديهم فرصة 30 في المائة أكبر للإصابة بالبدانة من أقرانهم في الدول المتقدمة، مما يهدد تلك الدول بالمشكلات الصحية لاحقاً. وأوصت المنظمة بضرورة الالتزام بالرضاعة الطبيعية في الشهور الستة الأولى من عمر الرضع، كوسيلة حماية أولية ومجانية تحمى الطفل من البدانة. وأكدت المنظمة على ضرورة أن يتم توفير الأطعمة الصحية لجميع الأطفال، وعدم الاعتماد على الأغذية ذات السعرات العالية، والكميات الكبيرة من الدهون والسكريات، في الدول الفقيرة. كما أوصت بضرورة ممارسة الأطفال للتمرينات الرياضية اليومية، وتجنب الحياة الخاملة والألعاب الإلكترونية، خصوصاً أنها تشجع على تناول الأطعمة الضارة في أثناء المشاهدات.
- استشاري طب الأطفال


مقالات ذات صلة

نظام غذائي يحسّن الذاكرة ويقلل خطر الإصابة بالخرف

صحتك امرأة تشتري الخضراوات في إحدى الأسواق في هانوي بفيتنام (إ.ب.أ)

نظام غذائي يحسّن الذاكرة ويقلل خطر الإصابة بالخرف

أصبحت فوائد اتباع النظام الغذائي المتوسطي معروفة جيداً، وتضيف دراسة جديدة أدلة أساسية على أن تناول الطعام الطازج وزيت الزيتون يدعم صحة الدماغ.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك تظهر الخلايا المناعية في الدماغ أو الخلايا الدبقية الصغيرة (الأزرق الفاتح/الأرجواني) وهي تتفاعل مع لويحات الأميلويد (الأحمر) - وهي كتل بروتينية ضارة مرتبطة بمرض ألزهايمر ويسلط الرسم التوضيحي الضوء على دور الخلايا الدبقية الصغيرة في مراقبة صحة الدماغ (جامعة ولاية أريزونا)

فيروس شائع قد يكون سبباً لمرض ألزهايمر لدى بعض الأشخاص

اكتشف الباحثون وجود صلة بين عدوى الأمعاء المزمنة الناجمة عن فيروس شائع وتطور مرض ألزهايمر لدى بعض الأشخاص.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق كم عدد الزيارات السنوية للطبيب حول العالم؟

كم عدد الزيارات السنوية للطبيب حول العالم؟

وفق تصنيف منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية

صحتك أكواب من الحليب النباتي بجانب المكسرات (أرشيفية - إ.ب.أ)

دراسة: النباتيون أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب

تشير دراسة إلى أن النباتيين قد يكونون أكثر عرضة للاكتئاب؛ لأنهم يشربون الحليب النباتي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

فيروس مدروس جيداً لا يثير تهديدات عالمية إلا إذا حدثت طفرات فيه

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

تناول الجبن قد يقلل خطر الإصابة بانقطاع النفس أثناء النوم

قوالب من الجبن الأصفر (رويترز)
قوالب من الجبن الأصفر (رويترز)
TT

تناول الجبن قد يقلل خطر الإصابة بانقطاع النفس أثناء النوم

قوالب من الجبن الأصفر (رويترز)
قوالب من الجبن الأصفر (رويترز)

وجدت نتائج دراسة نُشرت في طبعة ديسمبر (كانون الأول) من مجلة «طب النوم» في بريطانيا، أن تناول مزيد من الجبن قد يكون مرتبطاً بانخفاض احتمالية الإصابة بانقطاع النفس أثناء النوم، وهي حالة طبية خطيرة محتملة يمكن أن تتسبب في توقفك عن التنفس أثناء النوم.

ووفقاً لتقرير نشره موقع «هاف بوست» الأميركي، أشار باحثو الدراسة إلى أنه على الرغم من وجود أبحاث تركز على الفوائد الصحية للجبن، فإن هذه الدراسة تهدف إلى فحص العلاقة المباشرة بين الجبن وانقطاع النفس أثناء النوم.

وأشار المؤلفون إلى أن العناصر الغذائية الأساسية الموجودة في الجبن، بما في ذلك الكالسيوم والبروتين والفيتامينات، يمكن أن تؤثر على الصحة الأيضية والقلبية والأوعية الدموية، وذلك من العوامل المرتبطة بانقطاع النفس أثناء النوم.

ولإجراء الدراسة، قام الباحثون بتحليل البيانات من UK Biobank، وهي قاعدة بيانات طبية حيوية واسعة النطاق في بريطانيا، وFinnGen Biobank، وهو مشروع بحثي يجمع البيانات الصحية من 500 ألف متبرع فنلندي، لتحليل الارتباطات المحتملة بين انقطاع النفس أثناء النوم واستهلاك الجبن.

ورصدت الدراسة معلومات صحية من 400 ألف شخص شاركوا في دراستين طويلتي الأمد من بنكي البيانات، ووجدت أن أولئك الذين تناولوا الجبن كان لديهم خطر أقل بنسبة 28 في المائة للإصابة بانقطاع النفس أثناء النوم من أولئك الذين لم يتناولوه، وفقاً لمجلة «فود آند واين».

وطبق الباحثون طريقة تحليلية في بحثهم تسمى التوزيع العشوائي المندلي، وهي طريقة تراقب الارتباطات السببية بين التعرضات أو عوامل الخطر مع نتائج صحية مختلفة. كما سعوا إلى معرفة ما إذا كان استهلاك الجبن له أي تأثير محتمل على 44 مؤشراً حيوياً مختلفاً. المؤشرات الحيوية هي خصائص قابلة للقياس يتم قياسها في جسم الإنسان، مثل ضغط الدم.

أظهرت النتائج أن استهلاك الجبن أثّر على مستويات 23 مؤشراً حيوياً، حيث لعبت ستة من هذه المؤشرات الحيوية دوراً مباشراً في العلاقة المحتملة بين تناول الجبن، وانخفاض احتمالية الإصابة بانقطاع النفس أثناء النوم.

وكتب الباحثون: «من خلال تطبيق هذه التقنية، تهدف هذه الدراسة إلى توضيح العلاقة بين استهلاك الجبن وانقطاع النفس أثناء النوم، وتحديد المؤشرات الحيوية الوسيطة المحتملة، وتوفير رؤى حول كيفية تأثير تناول الجبن على خطر انقطاع النفس أثناء النوم».

وأضافوا: «تؤكد هذه النتائج على إمكانات التدخلات الغذائية في استراتيجيات الصحة العامة التي تهدف إلى تقليل انتشار انقطاع النفس أثناء النوم والمخاطر الصحية المرتبطة به».

وأخبر الدكتور كيفن شاياني، زميل رئيس في قسم الرئة والعناية الحرجة في مستشفى «نورثويل لينوكس هيل» في مدينة نيويورك، مجلة «فود آند واين» أن نتائج الدراسة تكشف عن بعض الارتباط بين استهلاك الجبن، و«انخفاض الالتهابات والإنزيمات التي ترتفع في انقطاع النفس أثناء النوم».

وذكرت «مايو كلينك» أن الجبن يمكن أن يكون بشكل عام جزءاً من نظام غذائي صحي، ولكن الناس يعدون الجبن قليل الدسم، أفضل للحد من السعرات الحرارية والدهون المشبعة.

ويمكن أن يكون انقطاع النفس أثناء النوم حالة طبية خطيرة محتملة. وقد ارتبط بزيادة مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية. لذلك من المهم أن تكون على دراية بعلامات وأعراض الاضطراب وعلاجه.

ووفقاً لـ«مايو كلينك»، تشمل أنواع انقطاع النفس أثناء النوم انقطاع النفس الانسدادي أثناء النوم، وهو عندما تمنع عضلات الحلق تدفق الهواء إلى الرئتين، وانقطاع النفس المركزي أثناء النوم، وهو عندما لا يرسل دماغك الإشارات المناسبة إلى عضلاتك للتحكم في التنفس.