السودان: مرسوم دستوري بوقف إطلاق النار في جميع مناطق الحرب

تأجيل المفاوضات المباشرة بين الحكومة وحركة الحلو 24 ساعة

TT

السودان: مرسوم دستوري بوقف إطلاق النار في جميع مناطق الحرب

أصدر مجلس السيادة الانتقالي السوداني، مرسوماً دستورياً بوقف شامل لإطلاق النار على جميع الجبهات في البلاد، ووجّه السلطات المختصة بالتنفيذ الفوري للمرسوم، وذلك على خلفية الاشتباكات التي حدثت في مناطق الحركة الشعبية بولاية جنوب كردفان.
وأعلنت لجنة الوساطة الأفريقية، تأجيل التفاوض المباشر بين وفد الحكومة السودانية ووفد الحركة الشعبية قطاع الشمال بقيادة عبد العزيز الحلو لمدة 24 ساعة، وكان مقرراً أن يبدأ أمس حسب الجداول المتفق عليها بين الطرفين، لكنه تم إعلان استئناف المفاوضات مساء بعد تجاوز الأزمة الطارئة. وأشار بيان الوساطة إلى أن التأجيل بسبب الاحتجاج الذي تقدمت به الحركة الشعبية ضد الحكومة السودانية، التي تتهمها بخرق وقف إطلاق النار في الأحداث الأخيرة، التي وقعت في منطقة خور الورل في جنوب كردفان. وأوضح البيان أن الوساطة قررت التأجيل لإجراء مزيد من المشاورات بين الطرفين لمعالجة الأمر، وناشدت الطرفين ضبط النفس لإتاحة الفرصة لأجواء السلام والتصالح.
وأعلنت الحركة الشعبية (بقيادة عبد العزيز الحلو) أن قواتها في منطقة جنوب النيل الأزرق تعرضت لهجوم، من قبل الجيش الحكومي، وقوات الدعم السريع، وأكدت في ذات الوقت التزامها بحل النزاع في البلاد عبر الحوار. وأعلن وفد الحكومة إلى مفاوضات السلام، عن تشكيل لجنة تحقيق حول الحادثة.
وقالت تقارير نقلاً عن مصدر عسكري سوداني إن قرار رئيس مجلس السيادة، بوقف النار في كل مناطق الحرب في السودان، يعد بادرة إيجابية، إثر إعلان حركة الحلو تمديد وقف إطلاق النار من جانبها لمدة 6 أشهر. وأضاف أن وقف النار يشمل جميع مناطق العمليات، بما في ذلك دارفور والنيل الأزرق، التي تشهد حرباً أهلية منذ سنوات. وقال إن الخطوة تتسق مع التصريحات التي أعلنها الحلو، أول من أمس، برغبة الحركة التي يقودها في التفاوض كشركاء للحكومة الانتقالية، كما أنه جدد تأكيد جدية حركته في تحقيق السلام.
وتعثرت المفاوضات بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية، التي كان يفترص أن تبدأ صباح أمس في جوبا، بعد اتهام الأخيرة الخرطوم بخرق وقف إطلاق النار، واشترطت عودتها للتفاوض بعد التأكد من وقف إطلاق النار وسحب الوجود العسكري لقوات الدعم السريع في عدد من المناطق في جنوب كردفان.
من جهته، قال السكرتير العام للحركة الشعبية (شمال) رئيس وفدها التفاوضي، عمار آمون دلدوم، في بيان صحافي، إن القوات المسلحة بمساعدة بعض الأفراد من إحدى القبائل ذات الأصول العربية، وقوات من الدعم السريع، مزودة بسيارات ذات الدفع الرباعي، قامت بنصب كمين في الطريق الذي يسلكه المواطنون في المناطق المحررة في «خور ورل»، متهماً القوات بالقبض على 16 من التجار، وأطلقت سراح 3 منهم، واحتفظت بـ13 آخرين مع بضائعهم.
وأعلن دلدوم عن تعليق وفده للمفاوضات المباشرة مع الحكومة، وقال: «لن نباشر التفاوض مع الحكومة قبل التأكد من تنفيذ المطالب، التي تتلخص في إعلان وقف العدائيات، موثق من جانب الحكومة، وإطلاق سراح المواطنين المحتجزين بطرفها، وتسليمهم لسلطات الحركة الشعبية فوراً، والانسحاب الفوري من المناطق التي قامت باحتلالها، ورفع الكمائن التي نصبتها في (خور ورل) والتحقيق في مقتل شيخ قرية الزلطاية»، مؤكداً أن حركته ملتزمة بما أعلنته في «إعلان جوبا» بحل النزاع عبر التفاوض.
من جهة ثانية، أعلن عضو مجلس السيادة الانتقالي في السودان، المتحدث باسم الوفد الحكومي في المفاوضات محمد الحسن التعايشي للصحافيين في جوبا عن تشكيل لجنة تحقيق في أحداث «خور ورل»، وقال إن الأحداث لن تؤثر على العملية السلمية، متعهداً بملاحقة الجناة وتقديمهم إلى العدالة، مؤكداً التزام وفده بمواصلة الحوار باعتباره خياراً استراتيجياً. وأضاف: «لا بديل للسلام إلا السلام».
وقال التعايشي، في مؤتمر صحافي من مقر التفاوض بجوبا، أمس، إن أمام السودان فرصة تاريخية لتحقيق السلام الشامل وطي صفحة الحرب نهائياً.
وأشار التعايشي إلى أن القرار الذي أصدره مجلس السيادة بوقف إطلاق النار في جميع أنحاء البلاد، يؤكد جدية والتزام الحكومة الانتقالية بعملية السلام كخيار استراتيجي، أقرته الوثيقة الدستورية التي تحكم الفترة الانتقالية، مسنوداً بالإرادة الشعبية في البلاد والدعم والمساندة من دول الإقليم.
وحثّ المتحدث باسم الوفد الحكومي المفاوض، وسائط التواصل الاجتماعي بالنأي عن تسميم أجواء السلام في السودان والإقليم، من خلال بثّ الأكاذيب، في إشارة إلى ما تناقلته عن قتال يدور بين القوات المسلحة وقوات الحركة الشعبية، استخدم فيه الطيران الحربي.
ومن جانبه، أكد مستشار رئيس جنوب السودان، رئيس لجنة الوساطة، توت قلواك، في مؤتمر صحافي، مواصلة ملفات التفاوض بين الأطراف السودانية، معلناً بداية جولات التفاوض الرسمية والمباشرة بين الحكومة الانتقالية والحركات المسلحة المنضوية في تحالف «الجبهة الثورية».
وأشاد قلواك بالقرار الذي أصدره مجلس السيادة الانتقالي، بتجديد وقف إطلاق النار في كل أنحاء السودان، الذي يؤكد التزام الحكومة تجاه عملية السلام. وأكد قلواك التزام الوساطة بمواصلة التفاوض بين الأطراف السودانية حتى يتحقق السلام الشامل العادل في السودان.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.