فنانون يعتزلون «السوشيال ميديا» هرباً من انتقادات المتابعين

شيرين عبد الوهاب أكدت ابتعادها عنها نهائياً بعد «حرائق لبنان»

الفنانة شيرين عبد الوهاب
الفنانة شيرين عبد الوهاب
TT

فنانون يعتزلون «السوشيال ميديا» هرباً من انتقادات المتابعين

الفنانة شيرين عبد الوهاب
الفنانة شيرين عبد الوهاب

اضطر بعض الفنانين العرب في الآونة الأخيرة إلى اعتزال مواقع «السوشيال ميديا» هرباً من انتقادات المتابعين اللاذعة. وكانت المطربة المصرية شيرين عبد الوهاب آخر هؤلاء، إذ أكدت اعتزالها بشكل نهائي مواقع التواصل الاجتماعي، على خلفية تغريدها على موقع «تويتر» حول «حرائق لبنان»، إذ كتبت: «قلبي يحترق على وطننا الغالي لبنان؛ لكن في مثل هذه المواقف، الكلام ليس كافياً، أنا على أتم الاستعداد لإقامة حفل يكون كل العائد منه مخصصاً للمتضررين من الحريق، وأناشد دولة رئيس الوزراء سعد رفيق الحريري أن يكون تحت رعاية سيادته». وأصدرت في ساعة متأخرة مساء أول من أمس بياناً صحافياً، قالت فيه إنها «تعرضت لهجوم بعد إعلانها عن ذلك»، مؤكدة أنها «ليست طبيبة ولا مهندسة، وأن هذا ما يمكنها المساهمة به». وأضافت أن «الإنسان مهما فعل، يظل هناك أشخاص لا يعجبهم شيء».
كما انتقدت شيرين في بيانها «الشائعات التي تعرضت لها أخيراً». وطلبت من جمهورها عدم الغضب من قرار اعتزالها مواقع «السوشيال ميديا»؛ لأنها «سترتاح وتصبح أكثر فرحاً».
ورغم تأكيد شيرين على اعتزالها مواقع التواصل الاجتماعي بشكل نهائي، فإن بعض المتابعين والنقاد يتوقعون عودتها إلى تلك المواقع مرة أخرى، مثلما حدث من قبل في أكثر من واقعة.
ويرى الناقد الموسيقي المصري مصطفى حمدي، أن «قرار اعتزال شيرين لـ(السوشيال ميديا) ما هو إلا لحظة انفعالية اعتاد الجمهور عليها من المطربة المصرية»، ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «شيرين بطبيعتها سريعة الغضب، وكل قراراتها خارج الفن فجائية، دون حسابات لعواقب ذلك لدى الجمهور».
قرار اعتزال شيرين الأخير لـ«السوشيال ميديا» لم يكن الأول في مسيرتها الفنية، فقبل أربعة أعوام نشرت صورة لها على موقع «إنستغرام» برفقة مدير أعمالها ياسر خليل، وفوجئت ببعض الانتقادات التي دفعتها لإغلاق حسابها، وأعلنت وقتها أسفها لجمهورها كونها تتصرف بتلقائية، بحسب وصفها، وظلت متمسكة بقرارها لفترة حتى عادت إليه بعد أسابيع قليلة.
حالة الغضب المفاجئة التي تنتاب بعض الفنانين جراء النقد الذي يتلقونه من جمهورهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لم تطَل شيرين وحدها، فقد سبقها أكثر من فنان عربي، من بينهم اللبنانية هيفاء وهبي التي أعلنت عن قرار اعتزالها مواقع التواصل في عام 2014، عبر تصريحات وصفها متابعون بـ«العنيفة» و«المهينة».
ويفسر حمدي هروب الفنانين المفاجئ من مواقع التواصل الاجتماعي، بـ«عدم قدرة الفنان على مواجهة جمهوره بأخطائه وعثراته التي تطال كل البشر؛ خصوصاً أن أغلب الغاضبين من نقد متابعيهم هم من أعطوا الفرصة لذلك؛ لأنهم انغمسوا في صفحاتهم، ونشروا كل ما يخص حياتهم الشخصية، حتى خلافاتهم مع زملائهم يكتبونها علناً».
وفي شهر أبريل (نيسان) الماضي، أعلن الممثل الكوميدي أحمد فهمي اعتزاله «السوشيال ميديا» بعد كثير من «التعليقات المستفزة» بحسب وصفه؛ لكن لم يستمر ذلك الابتعاد كثيراً حتى عاد بعد أيام للإعلان عن مسلسله الرمضاني «الواد سيد الشحات». ويعد أحمد فهمي من الفنانين القلائل الذين يواجهون النقد بالرد العنيف أحياناً.
وعلى نقيض الفنانين الذين يتسرعون في إغلاق حساباتهم بمواقع التواصل الاجتماعي، فإن هناك فنانين يتمتعون بالخبرة على غرار عمرو دياب، ومحمد منير، وغيرهما، يتعاملون مع «السوشيال ميديا» بحذر، ويعتبرونها مجرد وسيط سريع للإعلان عن أحدث أعمالهم الفنية، وقياس مدى شعبيتهم من خلال تلقي متابعيهم لذلك الحدث.
ويشير حمدي إلى أن «شيرين وغيرها يعلمون جيداً أن الجمهور العربي يتمتع بالنسيان، وبمجرد طرح تلك المطربة أو غيرها أغنية جيدة سيُمحى ما فعلته على الفور».
ويؤكد محمد عبد الرحمن، المحلل الإعلامي، ورئيس تحرير موقع «في الفن» أن «الفنانين في الماضي كانوا يحافظون على صورتهم أمام جمهورهم، خلال العقود الماضية، ويحذرون من فعل أو قول أي شيء قد يضرهم، أما الآن فغالبية من يعملون في الحقل الفني لا يمتلكون تلك الخبرة، ومن ثم تأتي قراراتهم انفعالية بهذا الشكل». ويضيف عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط»، أن «العيب ليس في (السوشيال ميديا)، وإلا لماذا يكون وقعها جيداً على الفنان في حالة ترويجه لأعماله»، مشيراً إلى أن «الحل يكمن في تخصيص الفنان قدراً يسيراً من المال لبعض خبراء مواقع التواصل الاجتماعي، الذين يملكون خبرة الرد على المتابعين».


مقالات ذات صلة

إيلون ماسك ينتقد مقترح أستراليا بحظر منصات التواصل الاجتماعي على الأطفال

العالم إيلون ماسك خلال مؤتمر في فندق بيفرلي هيلتون في بيفرلي هيلز - كاليفورنيا بالولايات المتحدة 6 مايو 2024 (رويترز)

إيلون ماسك ينتقد مقترح أستراليا بحظر منصات التواصل الاجتماعي على الأطفال

انتقد الملياردير الأميركي إيلون ماسك، مالك منصة «إكس»، قانوناً مُقترَحاً في أستراليا لحجب وسائل التواصل الاجتماعي للأطفال دون 16 عاماً.

«الشرق الأوسط» (سيدني)
إعلام تمديد «ميتا» لقيود الإعلانات... هل يحُدّ من «المعلومات المضلّلة»؟

تمديد «ميتا» لقيود الإعلانات... هل يحُدّ من «المعلومات المضلّلة»؟

أثار إعلان شركة «ميتا» تمديد فترة تقييد الإعلانات المتعلقة بالقضايا الاجتماعية أو السياسية لما بعد انتخابات الرئاسة الأميركية، من دون أن تحدّد الشركة وقتاً ...

إيمان مبروك (القاهرة)
يوميات الشرق لوسائل التواصل دور محوري في تشكيل تجارب الشباب (جمعية علم النفس الأميركية)

«لايك» التواصل الاجتماعي يؤثر في مزاج الشباب

كشفت دراسة أن الشباب أكثر حساسية تجاه ردود الفعل على وسائل التواصل الاجتماعي، مثل الإعجابات (لايك)، مقارنةً بالبالغين... ماذا في التفاصيل؟

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
مذاقات الشيف دواش يرى أنه لا يحق للبلوغرز إعطاء آرائهم من دون خلفية علمية (انستغرام)

من يخول بلوغرز الطعام إدلاء ملاحظاتهم السلبية والإيجابية؟

فوضى عارمة تجتاح وسائل التواصل التي تعجّ بأشخاصٍ يدّعون المعرفة من دون أسس علمية، فيطلّون عبر الـ«تيك توك» و«إنستغرام» في منشورات إلكترونية ينتقدون أو ينصحون...

فيفيان حداد (بيروت)
مبنى لجنة التجارة الفيدرالية في واشنطن - 4 مارس 2012 (رويترز)

لجنة التجارة الفيدرالية الأميركية تتهم وسائل التواصل الاجتماعي العملاقة ﺑ«مراقبة المستخدمين»

أفادت لجنة التجارة الفيدرالية الأميركية بأن وسائل التواصل الاجتماعي العملاقة انخرطت في «عملية مراقبة واسعة النطاق» لكسب المال من المعلومات الشخصية للأشخاص.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».