«لايك» التواصل الاجتماعي يؤثر في مزاج الشباب

توصية بزيادة الوعي بالأثر النفسي لاستخدام هذه المنصات

لوسائل التواصل دور محوري في تشكيل تجارب الشباب (جمعية علم النفس الأميركية)
لوسائل التواصل دور محوري في تشكيل تجارب الشباب (جمعية علم النفس الأميركية)
TT

«لايك» التواصل الاجتماعي يؤثر في مزاج الشباب

لوسائل التواصل دور محوري في تشكيل تجارب الشباب (جمعية علم النفس الأميركية)
لوسائل التواصل دور محوري في تشكيل تجارب الشباب (جمعية علم النفس الأميركية)

كشفت دراسة أجراها باحثون في جامعة «أمستردام» الهولندية أنّ الشباب أكثر حساسية تجاه ردود الفعل على وسائل التواصل الاجتماعي، مثل الإعجابات (لايك)، مقارنةً بالأكبر سناً، ما يؤثّر مباشرةً في تفاعلهم ومزاجهم.

وأوضحوا أنّ هذه الدراسة هي الأولى التي تستخدم بيانات واقعية من وسائل التواصل الاجتماعي لإثبات هذه الفرضية، ونشرت النتائج، الخميس، في دورية «سينس أدفانسيس».

ويعيش الشباب اليوم في عالم يفيض بوسائل التواصل؛ إذ تلعب التكنولوجيا دوراً محورياً في تشكيل تجاربهم اليومية.

ومع الانتشار السريع لهذه الوسائل، ظهرت مخاوف لدى الآباء والمجتمع بشأن تأثيرها في الصحّة النفسية والاجتماعية للشباب. ويثير هذا القلق تساؤلات حول كيفية تأثير الاستخدام المكثَّف لهذه المنصات في العلاقات الشخصية والرفاهية العامة للجيل الجديد.

وخلال الدراسة، استخدم الباحثون بيانات حقيقية من وسائل التواصل لرصد تأثير التفاعلات، مثل الإعجابات، على مزاج الشباب.

ويُعدُّ زر «لايك» وسيلة تفاعلية تتيح للمستخدمين التعبير عن إعجابهم بمحتوى معيّن، مثل المنشورات والصور والفيديوهات، مما يعزّز التفاعل الاجتماعي ويشجّع على مزيد من المشاركة.

واعتمد الباحثون على نهج ثلاثي لدراسة هذه الظاهرة، فحلّلوا مجموعة بيانات واسعة من منشورات منصة «إنستغرام»، واستخدموا نموذجاً حسابياً لرصد حساسية المستخدمين للإعجابات.

إلى ذلك، أجروا تجربة محاكاة لتفاعلات وسائل التواصل لتتبُّع التغييرات في مزاج الشباب.

وتوصلوا إلى أنّ فترة المراهقة تُعدُّ مرحلة حيوية في حياة الإنسان؛ إذ تتّسم بحساسية عالية تجاه المكافآت والقبول الاجتماعي والرفض، مما قد يؤدّي إلى مفارقة مثيرة. ورغم أنّ الإعجابات قد تُولد شعوراً بالارتباط وتحسّن المزاج، فقد تدفع الشباب إلى الإفراط في استخدام التطبيقات.

في المقابل، قد يتوقّف الشباب عن استخدام هذه المنصات بسرعة أكبر من البالغين في حال عدم تلقّي الإعجابات؛ مما قد يؤدّي إلى تدهور مزاجهم.

وأظهرت الدراسة أن هذه الحساسية تجعل المراهقين أكثر انخراطاً في التفاعل مع المنصات بهدف الحصول على مزيد من الإعجابات؛ مما يزيد من اندفاعيتهم ويرفع من مخاطر ظهور أعراض الاكتئاب.

وبالنظر إلى القلق المتزايد حول تأثير وسائل التواصل الاجتماعي في الصحّة النفسية، أشار الباحثون إلى أنه من الضروري فهم كيفية تفاعل الشباب مع هذه المنصات واستجابتهم لها، مع مراعاة مراحلهم التطورية الفريدة.

وللتخفيف من هذه الآثار السلبية، تقترح الدراسة ضرورة تغيير هيكل الحوافز على منصات التواصل الاجتماعي، بحيث يُركز على التفاعل الإيجابي والدعم المعنوي بدلاً من الإعجابات.

كما يوصي الباحثون بتعزيز المهارات العاطفية لدى الشباب في البيئة الرقمية، وزيادة الوعي بالأثر النفسي لاستخدام هذه المنصات.


مقالات ذات صلة

ما أسباب تضاعف مرض الكلى المزمن بين النساء عالمياً؟

يوميات الشرق مرض الكلى المزمن قد يؤدي إلى الفشل الكلوي (جامعة ماريلاند)

ما أسباب تضاعف مرض الكلى المزمن بين النساء عالمياً؟

كشفت دراسة تحليلية أن عدد حالات الإصابة بمرض الكلى المزمن بين النساء حول العالم، ازداد بقرابة ثلاثة أضعاف خلال العقود الثلاثة الماضية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق الاختبار يعتمد على أسئلة سلوكية لقياس ميل المرشحين للنرجسية بطريقة غير مباشرة (جامعة ولاية سان فرنسيسكو)

اختبار جديد في مقابلات العمل يكشف «النرجسيين»

طوّر علماء النفس في جامعة ولاية سان فرنسيسكو الأميركية، اختباراً جديداً لكشف «النرجسية» بين المرشحين للوظائف.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
صحتك اللاصقة تعالج العدوى بطريقة خالية من الأدوية (جامعة كاليفورنيا سان دييغو)

لاصقة ذكية تُحارب العدوى البكتيرية على الجلد

طوّر باحثون في جامعتي «شيكاغو» و«كاليفورنيا سان دييغو» بالولايات المتحدة، لاصقة ذكية لمكافحة العدوى البكتيرية الجلدية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق التمارين الهوائية تقلل من مستويات السكر في الدم (جامعة نورث وسترن)

ممارسة الرياضة لنصف ساعة عرضياً تكافح السكري

أظهرت دراسة إيطالية أن الانخراط في جلسة واحدة من التمارين الهوائية لمدة نصف ساعة بشكل عرضي يمكن أن تكافح خطر الإصابة بالنوع الثاني من السكري.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق نظام فهم اللغة بالدماغ قد يكون قادراً على إدراك اللغة بشكل مشابه للمشاهد المرئية (رويترز)

كيف يعالج الدماغ البشري الرسائل القصيرة في غمضة عين؟

اكتشف الفريق البحثي أنه عندما تظهر جملة قصيرة، فإن أدمغتنا تكتشف بنيتها اللغوية الأساسية بسرعة بالغة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

« دبلوماسية الكشري»... الطبق المصري يبني جسوراً للتواصل السياسي

وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي يتناول الكشري خلال زيارته للقاهرة (مطعم أبو طارق)
وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي يتناول الكشري خلال زيارته للقاهرة (مطعم أبو طارق)
TT

« دبلوماسية الكشري»... الطبق المصري يبني جسوراً للتواصل السياسي

وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي يتناول الكشري خلال زيارته للقاهرة (مطعم أبو طارق)
وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي يتناول الكشري خلال زيارته للقاهرة (مطعم أبو طارق)

هنا، في قلب القاهرة، عندما تقصد شارع شامبليون، الذي يحمل اسم مكتشف رموز اللغة الهيروغليفية المصرية، يمكنك التعرف عن قرب على رمزٍ آخر للهوية المصرية، ممثلاً في طبق «الكشري»، لدى مطعم «أبو طارق»، أحد أشهر محال الكُشري في مصر، حيث اكتسب الطبق الشعبي فيه مذاقاً سياسياً، وتحوّل لأداة دبلوماسية، تقرّب المسافات بين الثقافات.

فعلى مدار السنوات الماضية، استقبل «أبو طارق» عشرات الوزراء والدبلوماسيين والمسؤولين الأمميين في القاهرة، كان أحدثهم وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، الذي تغزّل في الطبق بعد تناوله، قائلاً إنه «وجبة لذيذة وشهية». ما عدّه مراقبون بأن تناوله للوجبة الشعبية يؤرخ لـ«دبلوماسية الكشري»، في ظل سنوات من جمود العلاقات بين القاهرة وطهران.

على مدار السنوات الماضية، كتب «أبو طارق» فصولاً أخرى من رواية «دبلوماسية الكشري». فالمطعم الشعبي تحوّل إلى ما يشبه نادياً دبلوماسياً غير رسمي في القاهرة، يجمع وزراء ودبلوماسيّي الشرق والغرب، بعد أن جذبتهم مكونات الطبق من الأرز والمعكرونة والعدس والحمص والبصل، ومعها «الدقة والشطة»، في خلطةٍ وضع سرَّها العم يوسف، مؤسس المطعم، منذ عام 1950.

سفير مالي في القاهرة بوبكر ديالو في مطعم «أبو طارق» (مطعم أبو طارق)

أسفل صورة مؤسّس المطعم، تحدثنا إلى نجله طارق يوسف، رئيس مجلس إدارة سلسلة محلات «أبو طارق»، الذي قال لـ«الشرق الأوسط»: «اجتذب مطعمنا نحو 47 سفيراً في مصر، ومرافقيهم من الملاحق والممثلين الدبلوماسيين، وعشرات المسؤولين من دول عدّة لتجربة الكشري»، مشيراً إلى أن مطعمه، الذي صنّفه الموقع العالمي «TasteAtlas» من بين أكثر 100 مطعم متميّز حول العالم في العام الماضي، أطلق مبادرة منذ 4 سنوات، لتنشيط سياحة الطعام وتبادل الثقافات عبر استضافة كثير من السفراء، الذين رحّبوا بالمشاركة، وتناول الكشري وسط الأجواء الشعبية المصرية.

عباس عراقجي أشاد بطبق الكشري (مطعم أبو طارق)

المحلل والصحافي المصري المتخصص في الشؤون الدولية، خالد الشامي، الذي جمعته مائدة كشري «أبو طارق» مع الوزير الإيراني، يقول لـ«الشرق الأوسط»: «اختار عراقجي الكشري تحديداً لأنه حاول إيصال رسالة بتقارب الثقافة والتقاليد المصرية والإيرانية، وحرص بلاده ورغبتها في الانفتاح على التقارب مع مصر».

كان سفير نيوزيلندا السابق، جريج لويس، أول من شارك في مبادرة المطعم، ومن ثمّ توالى حضور سفراء بريطانيا، وأستراليا، وتشيلي، والأرجنتين، والمكسيك، وجورجيا، ومالي، وكولومبيا، وبلجيكا، وهولندا، وأفغانستان، ونيبال، والدنمارك، وبيرو، وكوريا الجنوبية، والبوسنة والهرسك، وغيرهم العشرات.

يقول رئيس مجلس إدارة المطعم: «الأمين العام للجامعة العربية الحالي، أحمد أبو الغيط، عندما كان وزيراً للخارجية المصرية، كان يصطحب ضيوفه من المسؤولين الأجانب لتذوّق الكشري لدينا، وكان يداعبنا بقوله إنه (يقوم بنفسه بعمل الدعاية لنا بين الأوساط الدبلوماسية)».

طبق الكشري الشهير (مطعم أبو طارق)

ويذكر مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير رخا أحمد حسن، لـ«الشرق الأوسط»، أنه أثناء مباحثات مسؤولين مصريين مع نظرائهم الأجانب يتم التطرق أحياناً لبعض الأحاديث الجانبية، للتخفيف من «ثقل» الأحاديث السياسية، قد تكون حول موضوعات ثقافية أو عن العادات والمأكولات الشعبية، وبالتالي يتعرّف الضيف على بعض أنواع الأطعمة الشهيرة، وبعضها تُرشّح له لتذوّقها، وفي الغالب يختار من بينها الكُشري.

سفير البوسنة والهرسك بالقاهرة ثابت سوباشيتش ومساعدة وزير الخارجية البوسنية عايدة هودزيك يتناولان الكشري (مطعم أبو طارق)

«لماذا يجتذب الكشري تحديداً الأجانب؟»، تجيب أستاذة العلاقات الدولية في جامعة القاهرة، الدكتورة نورهان الشيخ، «الشرق الأوسط»، قائلة: «الكشري هو الوجبة الوحيدة التي لا تقدّمها دولة أخرى، وبالتالي تحمل خصوصية شعبية، إلى جانب مرونة تجهيز مكوناتها بالزيادة والنقصان، ما يجعله يقدم بتفضيلات كثيرة، وبالتالي مناسبته لثقافات السفراء المختلفة».

في حين تقول الدكتورة سهير عثمان، أستاذة الإعلام بجامعة القاهرة، لـ«الشرق الأوسط»: «ينال الكشري شهرة كبيرة مع اسمه القائم على فكرة المزج بين مكوناته، وهي الفكرة نفسها التي تقوم عليها الدبلوماسية، والتي تحاول المزج بين الدول وثقافاتها».

سفير هولندا السابق بالقاهرة يتناول الكشري في المطعم برفقة ممثلة منظمة الصحة العالمية السابقة في مصر نعيمة القصير (مطعم أبو طارق)

عودة إلى السفير رخا، الذي يروي واقعة طريفة عندما كان سفيراً لمصر في زيمبابوي، قائلاً: «مع تنظيم السفارة سنوياً حفل العيد الوطني المصري، كان يتم الاحتفاء بتقديم بعض المأكولات الشعبية المصرية لضيوف الحفل، ومنها الكشري، الذي كان يروق كثيراً لممثل دولة الفاتيكان، الذي أخبرني أنه ينتظر الحفل المصري سنوياً ليتذوّق الكشري، وفي مناسبات عديدة كان دائم الإشادة به».

الإشادة نفسها تمتد مع تناول دبلوماسيين أجانب الكشري في القاهرة، وفي مقدمتهم سفير الاتحاد الأوروبي في القاهرة، كريستيان برجر، الذي أكد أن «الكشري من الوجبات المفضلة له»، بجانب وزير خارجية سويسرا، إيجنازيو كاسيس، والمساعدة السابقة لوزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى بالإنابة، يائل لامبرت. كما أبدى سفير تشيلي، بابلو أرياران، إعجابه الشديد بـ«الكشري» ورأى أنه يستحق نشره في دول العالم وتعلم طهيه. بينما قال سفير جورجيا، ألكسندر نالبندوف، إن «دبلوماسية الطعام تُعدّ أفضل دبلوماسية».

مطعم «أبو طارق» أشهر محال الكشري في مصر (مطعم أبو طارق)

يُظهر نجل مؤسس «أبو طارق» أن كلّ سفير يحاول أن يوثق تجربته في تناول الكشري لديهم عبر الكلمات والصور ومقاطع الفيديو ونشرها بمنصات التواصل الاجتماعي، مُبيناً أنه أصبح هناك تنافس بين السفراء في عدد المشاهدات التي ستجلبها هذه المقاطع، قائلاً إن خوان راتاناك، سفير كمبوديا السابق، حقّق فيديو مشاركته أكثر من مليون ونصف مليون مشاهدة.

هنا، تلفت أستاذة الإعلام إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي هي الأساس الذي يروج لجميع الأطعمة الشعبية التي تشتهر بها مصر، حيث منحت «الفوود بلوغرز» الأجانب فرصة الترويج لها، وسمحت بانتشار صفحات تهدف للتأريخ للمطبخ المصري، كما استخدمتها المطاعم، وعلى رأسها كشري «أبو طارق»، لإبراز استقباله للسفراء والمشاهير، وبالتالي كانت هي السبب الأول لتقديم فكرة «دبلوماسية الكشري».