كشفت دراسة بريطانية للمرّة الأولى كيفية تأثير الموسيقى في تقليل القلق والاضطراب لدى الأشخاص المصابين بالخرف المتقدِّم.
وأوضح الباحثون من جامعة «أنجليا روسكين» أنّ الدراسة تقدّم حلاً بسيطاً وفعّالاً لتحسين نوعية الحياة للأشخاص المصابين بالخرف ومقدّمي الرعاية لهم. ونُشرت النتائج، الخميس، في دورية «Nature Mental Health».
ويُعدُّ الخرف حالة مرضية تؤثر في الدماغ؛ مما يؤدّي إلى تدهور تدريجي في الوظائف المعرفية، مثل الذاكرة والتفكير، والقدرة على أداء الأنشطة اليومية. ويُقدَّر عدد المصابين به في بريطانيا بمليون شخص، أكثر من نصفهم يعانون مراحل متقدّمة تتطلب رعاية خاصة، وترافقها عادة عوارض مثل التوتّر، والعدوانية، ومقاومة الرعاية.
ورغم عدم توافر علاج نهائي للخرف، يمكن إدارة العوارض وتحسين جودة حياة المرضى من خلال الأدوية والعلاجات الداعمة، مثل العلاج بالموسيقى، إضافة إلى الرعاية المتخصّصة.
ووفق الدراسة، يعتمد العلاج بالموسيقى، الذي يقدّمه معالجون متخصّصون، على الغناء، والعزف أو الاستماع للموسيقى. كما يتعاون المعالجون مع العائلات ومقدّمي الرعاية لتحديد أفضل الطرق لدمج الموسيقى في روتين العناية اليومي لكل مريض.
ويرجع التأثير الإيجابي للموسيقى، وفق نتائج الدراسة، إلى التحفيز الحسي والمعرفي الذي تقدّمه، إذ تُنشّط شبكات عصبية في نصفي الدماغ، ما يتيح استعادة القدرات والذكريات المتبقّية لدى المرضى. كما تساعد على إدارة المشاعر وتحقيق الاسترخاء، فضلاً عن تقليل الضغط الجسدي، لا سيما في الجهاز العصبي اللاإرادي.
ووجدت النتائج أنّ ذكريات الموسيقى التي تُستحضر من خلال الأغنيات المألوفة تكون أكثر وضوحاً وإيجابية، وغالباً ما ترتبط بفترة عمرية مثل الطفولة أو المراهقة أو البلوغ المبكر، تتراوح بين 10 و30 عاماً من عمر المريض.
وأظهرت الدراسة أنّ تصميم العلاج بالموسيقى وفق حاجات الفرد يحقّق تأثيراً مباشراً وقصير المدى في تقليل القلق والتوتّر، إلى جانب تحسين الانتباه والمزاج والانخراط الاجتماعي. كما يمكن للتفاعلات الموسيقية أن تعزّز شعور الأمان والتواصل مع البيئة المحيطة، مما يخفّف مشاعر القلق ويُحسِّن جودة الحياة.
وأشار الفريق إلى أنّ الفوائد تمتدّ إلى مقدّمي الرعاية؛ إذ يمكن أن يسهم العلاج بالموسيقى أيضاً في تقليل مستويات التوتّر لديهم، سواء كانوا من العائلات أو الطواقم الطبية. كما يُتيح العلاج لحظات تواصل مليئة بالمعاني، ويعزّز التعاطف ويُحسِّن التعامل مع المرضى في أوقات الاضطراب.
ودعا الباحثون إلى توفير موارد مثل الآلات الموسيقية وقوائم تشغيل مخصّصة، وتشجيع العائلات على استخدام الموسيقى لدعم أقاربهم.
وأفادوا بأنه مع تزايد أعداد المصابين بالخرف، تُعد الموسيقى وسيلة بسيطة وفعالة لتحسين حياتهم اليومية. ويمكن تصميم برامج موسيقية تُستخدم بانتظام لتخفيف التوتّر وتحسين رفاهية المرضى، تماماً كما يُوصف الدواء بجرعات محدَّدة.