التمثيل مهنة غير آمنة والنجاح فيها من نصيب القلة

الممثلون الأكثر إيرادا في عام.. دوين جونسون في المركز الأول يليه ليوناردو ديكابريو

ليوناردو ديكابريو في «غاتسبي العظيم»
ليوناردو ديكابريو في «غاتسبي العظيم»
TT

التمثيل مهنة غير آمنة والنجاح فيها من نصيب القلة

ليوناردو ديكابريو في «غاتسبي العظيم»
ليوناردو ديكابريو في «غاتسبي العظيم»

أحد الأسئلة التي كنت أطرحها على بعض الممثلين الناجحين، من أمثال أنطونيو بانديراس، بن كينغسلي، نيكول كيدمان، أنطوني هوبكنز، كان عما إذا كان الفن يختلط جيّدا مع «بزنس» السينما. كان سؤالا مشاغبا إلى حد بعيد، فالممثل لا يريد أن يفتح ثغرة قد تؤدي إلى إبداء رأي يظهره فنانا لا يأبه للمال أو محترفا يعمل لأجل الأجر الذي يناله. كان عليه أن يجد إجابة حذرة بين الحالتين. وأكثر الإجابات حذقا كانت من أنطونيو بانديراس، مباشرة بعد ظهوره في «سوف تقابلين غريبا داكن اللون» لوودي ألن (2010) الذي قال ضاحكا: «تقصد هل الفن تجارة؟ لا. لكن التجارة هي فن».
أنطونيو بانديراس (54 سنة) لا يمكن القول عنه إنه نجم في السينما الأميركية حاليا. نعم مشهور ومحبوب، لكن كلمة النجم بحد ذاتها محددة اليوم، أكثر من أي وقت مضى، بمدى قدرة هذا الممثل أو ذاك، أن يكون السبب في جر قدم المشاهد إلى الشاشة الكبيرة. تلك القدّم تعني الجيب والجيب يعني 15 دولارا يدفعها صاحبه في شباك التذاكر ليشاهد فيلما من بطولة هذا الممثل. بانديراس لا يملك هذه القدرة. كاد أن يفعل في التسعينات عندما لعب أكثر الأدوار على الشاشة تناسبا وشخصيّته، لونا داكنا، وسامة ولكنة إسبانية ومهارة في الحركة مع موهبة في الأداء، وذلك في «قناع زورو» سنة 1998.
بعد ذلك هو عرضة لمشاريع ذات احتمالات نجاح وبعضها حقق هذه الاحتمالات: «جنون في ألاباما» (1999) و«فتى جاسوس» (2001) و«الخطيئة الأصلية» (2002) و«فريدا» (2003)، وصولا إلى «حدث ذات مرّة في المكسيك» (2003) الذي كان تكملة لفيلم «يائس» Desperado لروبرت رودريغيز سنة 1995. بعد ذلك هو في مختلف الأدوار مثل جوكر في ورق اللعب. ليس رخيصا ولا مبتذلا، لكنه منفتح على الأدوار من دون شروط كثيرة.
وهو ليس وحده في هذا الشأن.
المسار هو الذي يتحكم في الممثل أكثر مما يتحكّم الممثل في مساره.
قبل أن تبلغ جسيكا لانغ (65 سنة) الخمسين من العمر وجدت نفسها وقد أصبحت تدعى للاشتراك في أدوار رئيسة لكنها ليست بطولة بعدما كانت تظلل أفلامها، من انطلاقتها في نسخة 1976 من «كينغ كونغ» إلى انتهاجها سبل أفلام ذات مكانة درامية وفنية عالية، مثل «فرنسيس» و«ساعي البريد يدق الباب مرّتين دائما» و«ريف» و«جرائم في القلب» و«شمال بعيد» (وكلها في الثمانينات) سارت بها مهنتها إلى منطقة وسطية بين الأدوار الجيدة وتلك المربحة. اليوم هي وجه من وجوه الأمس تجد في القليل مما يعرض عليها (وآخرها «في السر» في العام الماضي) ما يمكن أن تقرع الطبول ابتهاجا بقدومه.
نيكول كيدمان (47 سنة) ليست في وضع بعيد. ما زالت تمثل. ما زالت مشهورة. ما زالت مشغولة، لكنها ليست الاسم الذي يهتف صوبه ملايين المشاهدين لمجرد ظهوره على الملصق أو في مقدّمة الأفلام. آخر أعمالها فيلمان من بطولتها: «غريس موناكو» و«قبل أن أنام». الأول نال حظّه الأكبر على شاشة مهرجان «كان» لكن عروضه الأوروبية لم تشعل النار تحته، والثاني هو حط D‪.‬O‪.‬A (الأحرف الأولى من مصطلح يستخدمه الطوارئ يعني «ميت عند الوصول»). الأمل، كل الأمل، في فيلمها المقبل «ملكة الصحراء» لفيرنر هرتزوغ: دور نوعي آخر، لكن الفيلم لم يحظ بعد بموعد عرض أو موزّع أميركي.
ثم هناك الممثلون الذين يحققون النجاح في منوال واحد، وحال تجربتهم منوالا جديدا، يكتشفون أنهم باتوا يقفون على سطح رقيق من جليد البحيرات قد ينكسر تحته. فيسارع إلى العودة إلى المنوال القديم. ها هو جوني دب يستعجل بدء تصوير الجزء الخامس من «قراصنة الكاريبي» (يبدأ التصوير في الشهر الثاني من العام المقبل عند بعض السواحل الأسترالية) بعد السقوط المدوّي لفيلمه «ذا لون رانجر» في العام الماضي. في الوقت ذاته، فإن أفلام روبرت داوني جونيور المقبلة لا تخلو من «المنتقمون» و«آيرون مان 4» و«شرلوك هولمز 3».
ليست الغاية هي استعراض كل أسماء الممثلين الذين يقفون في المنطقة الرمادية بعدما كانوا نجوما فعليين، لأن هذا فعل يحتاج إلى كتاب لكنها أقرب إلى التمهيد المناسب لطرح السؤال التالي: إذا ما كانت أوضاع الممثلين المعروفين متباينة والمسارات مختلفة والنتائج مرهونة، من هم الذين يقفون على قمّة النجاح من الممثلين هذه الأيام؟ ولماذا؟ والسؤال في ذيله آخر: ما معيار هذا النجاح وكيف يُقاس عندما يجري النظر إلى موقع كل ممثل على حدة، ثم كل ممثل من أولئك الذين يتصدّرون قائمة الأنجح بين ذويهم؟
القاسم المشترك بين كل هؤلاء هو كلمة «النجومية».
طبعا لا يزال جوني دب «نجما» حتى وإن فشل له فيلم أو فيلمان؟ وما زالت نيكول كيدمان نجمة ورد إليها المعجبون بالمئات أو بالملايين. ميريل ستريب ما زالت نجمة وهي فوق الستين. كريغ دانيال نجم على تباعد أفلامه بين كل جيمس بوند وآخر. لكن لهذا السبب جرى ابتداع كلمتي «سوبر نجم» Superstar أي لغاية الفصل بين النجم الذي لا يزال معروفا حول العالم (قياس أرنولد شوارتزنيغر) من دون أن تنجز هذه المعرفة إيراداته السابقة في الثمانينات، وبين النجم الذي تحقق أفلامه نجاحات متواصلة.
الكلمة ذاتها خادعة لأنها مطّاطة، لكنها في كل الحالات تتعلق بالإيرادات وليس بالقدرات والموهبة الأدائية. طبعا هناك قدر كبير من هذه القدرات لدى الممثل وإلا لما كان وصل إلى النجاح الذي حوّله من مجرد ممثل (روبرت داوني جونيور في «تشابلن») إلى «سوبر ستار» (روبرت داوني جونيور في «آيرون مان»)، لكن المقياس القاسي يعتمد على خانتين: الأولى تحسب كم أنجزت أفلام الممثل الأخيرة، والثانية، إلى جوارها، كم بات يتقاضى كأجر ثم ما مجموع أجره عن تلك السنوات.
على هذا الأساس وحده، ومن دون النظر إلى تفاصيل فنية للموهبة التي يكتنزها الممثل أو لنوعية الأفلام التي يقوم بها ومستوياتها والدور الذي ينجزه فيها، تتشكل قائمة الخمسة الأوائل الحالية والفعلية وتأتي على هذا النحو ومع بعض المفاجآت.
الرقم الوارد في السطر الثاني بعد كل اسم هو لمجمل ما حققه الممثل من عائدات في السنة الممتدة ما بين منتصف العام الماضي ومنتصف هذا العام
* المركز الأول: دوين جونسون (42 سنة)
52 مليون دولار.
لماذا؟: أنجزت أفلام هذا الممثل الأخيرة (باستثناء «هركوليس») مثل «رحلة 2: الجزيرة الغامضة» و«ج. آي. ثأر» ثم «سريع وغاضب 6» نحو 500 مليون دولار داخل الولايات المتحدة ومليار و481 مليون دولار حول العالم، وذلك في مدى العامين الماضيين فقط. «هركوليس» المذكور أنجز 72 مليون دولار محليا لكنه سجل قرابة 200 مليون دولار عالميا. أجر دواين جونسون عن الفيلم الواحد هو 15 مليون دولار‪.‬
* المركز الثاني: ليوناردو ديكابريو (39 سنة)
45 مليون دولار.
لماذا؟: يتقاضى ديكابريو مبلغا ثابتا عن كل فيلم بصرف النظر عن نتائجه، وهو 20 مليون دولار. وهو يحسن اختيار تلك المشاريع الكبيرة مثل «غاتسبي العظيم» (أنجز 145 مليون دولار محليا وقرابة 346 مليون دولار عالميا) و«دجانغو طليقا» (163 مليون دولار محليّا و421 مليون دولار حول العالم) و«ذئب وول ستريت» (117 مليون دولار محليا و392 عالميا).
* المركز الثالث: ليام نيسون (62 سنة)
40 مليون دولار
لماذا؟: أكبر الممثلين في هذه القائمة سنّا اخترق القانون الذي يحيل أمثاله لأدوار ثانوية. هذا بدأ الحدوث سنة 2005 عندما شارك في فيلم الفانتازيا «مفكرة نارنيا» الذي سجل مليار دولار حول العالم (بما في ذلك الولايات المتحدة وكندا) وتعزز عندما لعب بطولة «مخطوفة» Taken (أنجز 369 حول العالم بما فيها 145 أميركيا) ثم واصل الممثل نجاحاته عبر سلسلة من أفلام الأكشن والفانتازيا من بينها «صراع العمالقة» و«فريق أ» و«مخطوفة 2» (مجموع إيراداتها الدولية يتجاور المليون ببضع مئات). قبل عامين لعب دورا بارزا في فيلم باتمان «صعود الفارس الداكن» الذي جمع في الولايات المتحدة وخارجها نحو بليون (مليار) و500 مليون دولار. صحيح أن نجاح الفيلم لا يعود إليه، لكنه يحسب له نصيب في كل الأحوال. أجره عن الفيلم الواحد 20 مليون دولار ونال ذلك في الجزء الثالث المقبل من «مخطوفة» في حين بلغت ميزانية الجزء الأول سنة 2008 25 مليون دولار تقاضى هو أقل من 5 ملايين دولار منها.
* المركزان الرابع والخامس: جنيفر لورنس (24 سنة) وبرادلي كوبر (39 سنة)
35 مليون دولار لكل منهما
ماذا يكون شعورك لو كنت في الرابعة والعشرين من العمر وجمعت في عام واحد 38 مليون دولار كأجر عما قمت بتمثيله من أدوار؟ سيكون هذا هو السؤال الأول عندما نلتقي بجنيفر لورنس عند أبواب عرض «ألعاب الجوع 3». أما الآن فهي صاحبة مبلغ 15 مليون دولار عن الفيلم حاليا. هي التي بدأت بأجر قدره 500 ألف دولار عن دورها في «ألعاب الجوع» الأول. ذلك الفيلم أنجز 693 ملايين دولار حول العالم بما في ذلك 408 ملايين دولار أميركية. حين عادت لتمثيل جزء ثان في العام الماضي رفعت أجرها إلى عشرة ملايين دولار قبل أن ترفعه مجددا بعدما حقق هذا الجزء الثاني 425 مليون دولار في أميركا و440 مليونا خارجها.
بالنسبة لبرادلي كوبر، فإن سلسلة «آثار السهرة» Hangover هي السبب الذي رفعه إلى هذه اللائحة أساسا. حين مثل الجزء الأول سنة 2009 أصابه الذهول، كما الآخرين، عندما انتشرت الكوميديا حول العالم وأنجزت قرابة نصف مليار دولار (تحديدا 465 مليونا) بينها نجاح أميركي خارق (277 مليونا). بعد ذلك، ومن بين أهم نجاحاته، الجزء الثاني من ذلك الفيلم ثم «كتاب التسالي المطرّز بالفضّة» الذي أثار الاستعجاب أيضا عندما أنجز 234 مليون دولار حول العالم.
أجره الحالي يتراوح ما بين 12 مليون و15 مليون دولار عن الفيلم الواحد.
لكن ماذا عن أسماء «كبيرة» أخرى؟ أين ذهب روبرت داوني جونيور وأين هي ساندرا بولوك وكاميرون داياز وسكارلت جوهانسن؟
أساسا، فإن القائمة التي هي حصيلة معلومات دقيقة وفّرتها مصادر إحصائية ومتابعة وتحليل من لدن هذا الناقد، حددت نفسها بالأجور وليس بالمكافآت الجانبية وبالفترة الزمنية الممتدة من نهاية يونيو (حزيران) السنة الماضية إلى مطلع الشهر ذاته من هذا العام، لو لم تفعل، لكان من الضروري إضافة اسم روبرت داوني جونيور، فالرجل أنجز 75 مليون دولار، لكن ذلك جرى في العام الأسبق وبعدما نص عقده على 7 في المائة من العائدات على أساس ما يسمّى بـFirst Dollar أي من العائدات الأولى قبل الأرباح ومن قبل اقتطاع أي نسبة أخرى.
ساندرا بولوك أنجزت في الصيف الماضي نجاحا كبيرا في «الحرارة» (درّ 231 مليونا حول العالم) لكن عقدها نص على 10 ملايين دولار أجرا و15 في المائة من «الدولار الأول».
المتضررون، من نجاح هذه الفئة كثيرون. كل ممثل ناجح يأخذ من درب رفيقه. لكن الرفيق الناجح، لنقل مثلا ول سميث أو جوليا روبرتس أو مات دامون أو توم كروز، هو فئة معيّنة تستطيع أن تواصل العمل ولديها الفرصة لقلب المعادلات.
الفئة الأكثر تضررا، وحسب إحصاءات «جمعية الممثلين الأميركيين» ذاتها، هم الممثلون الذين يقفون على مقربة من الصف الثالث، أمثال هارفي كايتل وتومي لي جونز وجسيكا لانغ وغلن كلوز ومورغان فريمان، إذ يبلغ معدّل ما ينجزونه من أجر كل عام (من دون أن يعني ذلك أنهم يعملون كل سنة) ما يتراوح بين 60 ألف و80 ألف دولار.
الممثلون الأكثر معاناة هم الذين يقفون اليوم في الصف الثالث وما بعد وهؤلاء بالمئات أو أكثر. حسب مصادر الجمعية المذكورة، فإن هؤلاء (وبينهم نجوم من الأمس أمثال بيرت رينولدز وتشاك نوريس) يحصدون إيرادات موسمية متباعدة إذا ما جرى توزيعها على مراحل سنوية فإن العائد لا يتجاوز كل عام 40 ألف دولار، وما دون.
لهذه الأسباب، كما تشير إحدى الدراسات المنشورة مؤخرا، فإن بعض الممثلين من الصفين الثاني والثالث لم يعد يمانع الظهور في الإعلانات التجارية بصوته أو بصوته وصورته. مورغان فريمان، على سبيل المثال، يتقاضى مليون دولار عن كل إعلان يؤديه لبطاقة «فيزا» المعروفة. وحتى روبرت داوني جونيور دخل المجال بالسعر نفسه عندما قام بالدعاية لسيارات «نيسان». في الوقت ذاته، هناك ممثلون يؤدون الإعلان بما لا يزيد كثيرا على 3000 دولار.



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.


رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».


ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».