القمة غير الرسمية بين زعيمي أكبر بلدين في العالم، من ناحية عدد السكان، والتي بدأت قبل يومين، هي الثانية في غضون عام ضمن جهودها لخفض التوتر حول خلافات حدودية ومنطقة كشمير المتنازع عليها وهيمنة الصين على التجارة بين اقتصاديهما العملاقين. وأعلن رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي أن قمته مع الزعيم الصيني شي جينبينغ سوف تؤذن بـ«حقبة جديدة» بين الجارين الساعيين لتخطي خلافات تثير توترا بينهما. وتضررت العلاقات الثنائية بين البلدين عندما ألغت الهند الوضع الخاص بإقليم كشمير في أغسطس (آب)، ما أغضب باكستان وحليفتها الصين. وقال مسؤولون إن من المتوقع أن يمضي البلدان قدما في اتخاذ سلسلة من إجراءات بناء الثقة على الحدود، بما في ذلك التجارة عبر الحدود والسياحة، وقد يصل الأمر إلى تسيير دوريات عسكرية مشتركة لزيادة الثقة.
وقال الرئيس الصيني شي إنه أجرى نقاشا صريحا مع رئيس الوزراء الهندي، وسيتابع تنفيذ الاقتراحات التي ناقشها الزعيمان لتحسين العلاقات الثنائية. وأجرى شي ومودي محادثات ثنائية استمرت لساعات خلال ثاني قمة سنوية تجمعهما بهدف إنهاء عقود من انعدام الثقة بين البلدين بسبب نزاعات حدودية وعجز تجاري متفاقم وبسبب علاقات الصين العسكرية الوثيقة مع باكستان خصم الهند اللدود. وقال شي في تصريحات مع بدء المحادثات الرسمية بين الزعيمين في وجود وفد من الهند وآخر من الصين: «أجرينا مناقشات صريحة كأصدقاء». وتابع: «أتطلع لإجراء مزيد من النقاشات وربما أتابع الاقتراحات التي خضعت للنقاش بالأمس».
قد أجرى الزعيمان محادثات مباشرة الجمعة، على خلفية معابد صخرية قديمة في بلدة «ماهاباليبورام» بالقرب من مدينة تشيناي جنوب الهند، وهي أحد مواقع التراث العالمي لمنظمة التربية والعلوم والثقافة (يونيسكو). وقال مودي، كما نقلت عنه الصحافة الفرنسية، إن القمة في مدينة ووهان الصينية العام الماضي «أعطت مزيدا من الاستقرار والدفع لعلاقتنا». وأضاف لدى بدء المحادثات: «رؤيتنا في شيناي أطلقت اليوم حقبة جديدة من التعاون بين بلدينا». ولفت مودي إلى اتفاق الجانبين العام الماضي على «إدارة خلافاتنا بحكمة وعدم السماح لها أن تصبح نزاعات». واتفقا على «مراعاة قلق بعضنا البعض» لتكون العلاقة «مصدرا للسلام والاستقرار في العالم. هذه هي إنجازاتنا الكبيرة وتلهمنا لبذل مزيد من الجهود». ولم يذكر مودي المسائل التي تزعج الطرفين، مكتفيا بالقول إنه ناقش مع شي «مسائل ثنائية ودولية مهمة».
وتقربت الهند أكثر من الولايات المتحدة وحلفائها في مواجهة تنامي النفوذ العسكري الصيني المتزايد في منطقة آسيا والمحيط الهادي. وما أثار غضب الهند دعم الصين الدبلوماسي لباكستان التي تسيطر على مساحة كبيرة من كشمير ذات الغالبية المسلمة. وطالما كانت المنطقة الواقعة في الهيمالايا سبب نزاع بين الهند وباكستان. لكن في المحادثات التي أجريت الجمعة أقر الزعيمان بالحرب المشتركة ضد «الإرهاب»، وفق ما ذكر وزير الخارجية الهندي فيجاي غوخالي.
ونقل عن مودي وشي القول إن «التطرف يثير قلقهما وإنهما سيواصلان العمل معا حتى لا يؤثر التطرف والإرهاب على نسيج مجتمعاتنا التي تتسم بتعددية ثقافية وإتنية ودينية».
ولم تدل الصين بتصريحات على الفور حول القمة. غير أن وكالة أنباء الصين الجديدة الرسمية، ذكرت صباح السبت أن شي لقي «استقبالا حارا» من مودي، وأنهما اتفقا على «تبادل الاحترام» بين بلديهما وأن «يتعلما من بعضهما للتوصل معا إلى تنمية وازدهار مشتركين». وتعود الخلافات بين الهند والصين، البالغ عدد سكان كل منهما أكثر من 1. 3 مليار نسمة، إلى عقود. وخاضت الدولتان حربا في 1962 على المنطقة المتنازع عليها في الهيمالايا فيما لا تزال خلافات حدودية أخرى قائمة. ووردت أنباء عن حدوث اشتباك ضئيل بين قوات هندية وصينية في منطقة «لاداخ» في كشمير في سبتمبر (أيلول) الماضي، لكن ذكر مسؤولون هنود أنه تم تسويته بشكل سلمي على المستوى الميداني. وتشترك الهند والصين في حدود طولها 3500 كيلومتر، ويتم التنازع على أجزاء منها. وجرت الكثير من جولات المحادثات بشأن الحدود لتسوية الخلافات خلال العقد الماضي.
والدالاي لاما الزعيم الروحي للتيبت، والذي طالما أثار غضب الصين، يقيم في دارمسالا بشمال الهند. واعتقلت الشرطة الهندية طلابا تيبتيين لمنع أي مظاهرات خلال زيارة شي.
وجزء من مشروع بكين الضخم للبنى التحتية، والمعروف بـ«حزام وطريق»، مخطط له أن يمر في الجزء الخاضع لإدارة باكستان من كشمير. وعقد شي محادثات مع رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان في بكين قبل يومين فقط على قمته مع مودي. وعندما قال شي إنه يدعم «الحقوق المشروعة» لباكستان، عبرت وزارة الخارجية الهندية عن الغضب وقالت: «لا يمكن لدول أخرى التعليق على الشؤون الداخلية للهند». وفي ملف التجارة تواجه كل من الهند والصين حمائية أميركية وتريدان وصولا أكبر إلى أسواق بعضهما البعض. وتشعر الهند بشكل خاص بالقلق إزاء الفائض البالغ 57 مليار دولار لصالح الصين في مبادلاتهما التجارية.
وقال غوخالي إن الزعيمين ناقشا تعزيز التجارة والاستثمار، «وهذا بالطبع يشمل مسألة العجز التجاري».
وبدورها تريد الصين من الهند أن تتجاهل المخاوف الأمنية الغربية إزاء مجموعة الاتصالات العملاقة هواوي، هي بالفعل لاعب كبير في قطاع الهواتف الجوالة في الهند كي تتمكن من أن تصبح لاعبا رئيسيا في تحول الهند إلى جيل الاتصالات الخامس.
وقالت وزارة الخارجية الهندية في وقت سابق هذا الأسبوع إن «إسهام هواوي في التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الهند واضح للجميع»، داعية لاتخاذ «قرارات وأحكام مستقلة وموضوعية». وذكر دبلوماسيون، للوكالة الألمانية، أنه من غير المتوقع أن تنتهي القمة غير الرسمية بين الزعيمين بأي اتفاقيات أو إعلانات.
وسيتوجه شي إلى نيبال اليوم السبت، حيث من المنتظر أن يدفع في سبيل تعزيز دور الصين في تطوير البنية الأساسية هناك في إطار مبادرة الحزام والطريق لدفع روابط التجارة والنقل في قارة آسيا.
مودي وشي: يجب إدارة خلافاتنا بحكمة وعدم السماح لها أن تصبح نزاعات
رئيس الوزراء الهندي والرئيس الصيني يعلنان عن «حقبة جديدة»
مودي وشي: يجب إدارة خلافاتنا بحكمة وعدم السماح لها أن تصبح نزاعات
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة