هجوم أنقرة يثير مخاوف من ولادة جديدة لـ«داعش»

TT

هجوم أنقرة يثير مخاوف من ولادة جديدة لـ«داعش»

يثير الضوء الأخضر الذي منحته الولايات المتحدة لتركيا من أجل شنّ هجومها في شمال شرقي سوريا، مخاوف كردية وأوروبية من أن يؤدي ذلك إلى انتعاش «تنظيم داعش»، وفق محللين، رغم تأكيد أنقرة التزامها بالحؤول دون ذلك، بحسب تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية من بيروت.
وبدأت واشنطن الاثنين سحب قواتها من مناطق الشريط الحدودي مع تركيا في شمال سوريا، على وقع تهديد أنقرة بهجوم وشيك ضد المقاتلين الأكراد الذين كانوا الشريك الرئيسي لواشنطن في قتال التنظيم المتطرف على مدى سنوات. وأعلنت تركيا الثلاثاء «استكمال» الاستعدادات لشن العملية العسكرية.
وحذّرت قوات سوريا الديمقراطية، وهي تحالف فصائل كردية وعربية تدعمه واشنطن، الاثنين من أن من شأن أي هجوم أن يقوّض الجهود الناجحة التي بذلتها لدحر التنظيم، وسيسمح بعودة قادته المتوارين عن الأنظار.
وعكست سلسلة تصريحات على لسان مسؤولين أوروبيين الخشية من أن يمهد أي هجوم محتمل لعودة ظهور التنظيم الذي ما زال يشكل «تهديداً كبيراً».
ويرى الباحث في مجموعة الأزمات الدولية سام هيلر في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية أن من «مصلحة» قوات سوريا الديمقراطية التحذير من خطر التنظيم في حال اندلاع أي مواجهة مفتوحة مع تركيا.
إلا أنه يشير في الوقت ذاته إلى أن «الواقع هو أن التنظيم لا يزال يشكل تهديداً، وعلى الأرجح سينتشر في حال حوّلت قوات سوريا الديمقراطية اهتمامها ومواردها... لصالح معركة دفاعية ضد تركيا».
ورغم تمكّن قوات سوريا الديمقراطية بدعم من التحالف الدولي بقيادة واشنطن من دحر التنظيم من مناطق واسعة في شمال وشرق سوريا، فإنه لا يزال قادراً على التحرّك عبر خلايا نائمة وفي البادية السورية، حيث يشنّ بين الحين والآخر هجمات دامية ضد قوات النظام السوري.
ويقول رئيس هيئة العلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية الكردية عبد الكريم عمر: «هذه المعركة لم تنته وهناك المئات من الخلايا النائمة في المناطق التي تم تحريرها مؤخراً».
وخاضت قوات سوريا الديمقراطية معارك عدة ضد التنظيم آخرها في شرق سوريا، حيث أعلنت القضاء على مناطق التنظيم التي أعلن سيطرته عليها في سوريا والعراق المجاور في العام 2014.
وتحتجز هذه القوات عشرات الآلاف من مقاتلي التنظيم وأفراد عائلاتهم، وبينهم عدد كبير من الأجانب. وتخشى اليوم أن ينعكس انصرافها إلى قتال القوات التركية سلباً على جهودها في حفظ أمن مراكز الاعتقال والمخيمات.
ويقول عمر: «ليست لدينا معتقلات مضبوطة أمنيا. هي مجرد أبنية تم وضع هؤلاء الدواعش داخلها»،
ويبدي خشيته تحديداً في شأن مصير مخيم الهول، وهو أكبر المخيمات الواقعة تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية ولو أنه يقع في شمال شرقي سوريا على بعد عشرات الكيلومترات من المنطقة العازلة التي ترغب تركيا بإقامتها. ويصفه عبد الكريم عمر بـ«قنبلة موقوتة»، بعدما شهد مؤخراً حوادث اعتداء وفوضى خصوصاً في القسم المخصص لعائلات مقاتلي التنظيم الأجانب.
ويؤوي المخيم المكتظ أكثر من ثلاثة آلاف عائلة من عائلات مقاتلي التنظيم من إجمالي أكثر من 70 ألف شخص، وفق الإدارة الذاتية الكردية.
وحذرت الإدارة الذاتية في تقرير الأحد من أن «المهاجرات»، وهي تسمية تُطلق على زوجات الجهاديين الأجنبيات «لسن أقلّ خطورة من آلاف مقاتلي التنظيم في مراكز التوقيف».
وبحسب تقرير صدر الأسبوع الماضي عن معهد دراسات الحرب، وهي مؤسسة بحثية مقرها واشنطن، فإن مقاتلي التنظيم يقدمون على رشوة حراس السجن وجمع الأموال لتهريب النساء خارج المخيمات، وبينها الهول.
ويرجّح المعهد أن يكون التنظيم «بصدد الإعداد على الأرجح لعمليات أكثر تنظيماً وتنسيقاً لإطلاق سراح عناصره المعتقلين».
ويشكل هذا السيناريو هاجساً لدول أوروبية عدة منضوية في التحالف الدولي بينها فرنسا.
وحذّرت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الفرنسية أنييس فون در مول في بيان الاثنين من «أن (تنظيم داعش) الذي انتقل إلى العمل السري منذ هزيمته على الأرض، يبقى تهديداً كبيراً لأمننا الوطني».
وشددت متحدثة باسم الحكومة الألمانية أولريكه ديمر على أنه «لا ينبغي إضعاف النصر الذي حققه أكراد سوريا بدعم من التحالف» ضد التنظيم.
في مواجهة هذه المخاوف، سارعت تركيا الاثنين على لسان المتحدث باسم الرئاسة إبراهيم كالين إلى التأكيد أنها «ستواصل معركتها ضد (داعش) ولن تسمح له بالعودة بشكل أو بآخر». غير أن محللين يرجّحون أن أنقرة ستسهم من دون تعمّد في إنعاش التنظيم.
ويوضح هيلر «ما يُرجّح حصوله هو أن هذه المنشآت التي تشهد حالات فوضى ومحاولات فرار، وستصبح أكثر هشاشة فيما لو أعادت قوات سوريا الديمقراطية نشر أفرادها الذين يتولون الحراسة لقتال تركيا».
ويضيف «إذا فرّت كوادر التنظيم وسط الفوضى، فباستطاعتهم تحفيز عمليات التنظيم محلياً. وفي حال تمكنوا من الهرب من الساحة السورية، فبمقدورهم زيادة حجم المجموعات المسلحة دولياً».
ويعتبر تشارلز ليستر، مدير معهد الشرق الأوسط، ومقره الولايات المتحدة، أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب عبر بدء سحب القوات الأميركية من الشريط الحدودي «منح التنظيم هدية ولادة جديدة».


مقالات ذات صلة

قائد «قسد» يناقش الوضع السوري والعمليات ضد «داعش» مع قائد القيادة المركزية الأميركية

المشرق العربي القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي (رويترز)

قائد «قسد» يناقش الوضع السوري والعمليات ضد «داعش» مع قائد القيادة المركزية الأميركية

قال القائد العام لـ«قسد» مظلوم عبدي، الجمعة، إنه عقد اجتماعاً مهماً مع قائد القيادة المركزية الأميركية مايكل كوريلا لتقييم الوضع في سوريا والعمليات ضد «داعش».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي عبدي لتوحيد الصف الكردي قبل الحوار مع الإدارة السورية

عبدي لتوحيد الصف الكردي قبل الحوار مع الإدارة السورية

عقد مظلوم عبدي، قائد «قسد»، اجتماعاً مع الزعيم الكردي مسعود بارزاني في أربيل، هو الأول من نوعه فرضته التطورات المتسارعة بسوريا.

كمال شيخو (دمشق)
أفريقيا حاكم ولاية بورنو حذر المزارعين من التعامل مع الإرهابيين (صحافة محلية)

«داعش» يحاصر 500 مزارع في نيجيريا

قالت نيجيريا إن الحرب التي يخوضها جيشها ضد مقاتلي «داعش» وجماعة «بوكو حرام»، أسفرت خلال هذا الأسبوع عن مقتل 76 مسلحاً.

الشيخ محمد (نواكشوط )
خاص معتقلون من تنظيم «داعش» في سجن الغويران بالحسكة شمال شرقي سوريا (الشرق الأوسط)

خاص «قسد» ترفض تسليم معتقلي «داعش» لدمشق بلا ضمانات أمنية

نفى قيادي من قوات «قسد» التي تسيطر على مساحات واسعة شمال شرقي سوريا، وجود اتفاق مع الإدارة السورية الجديدة على تسليمها معتقلي تنظيم «داعش».

كمال شيخو (دمشق) حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي امرأة تحمل طفلها تمر من أحد الأنفاق في دمشق ويظهر خلفها بعض الباحثين عن مأوى (أ.ب)

الشيباني يؤكد العمل على دستور شامل لسوريا ويطالب بالضغط على إسرائيل

أكد وزير الخارجية في الإدارة السورية أسعد الشيباني أنه سيتم خلال المرحلة الانتقالية وضع دستور على أساس الحوار الوطني يضمن حقوق جميع السوريين على قدم المساواة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

إسرائيل تعترض صاروخاً حوثياً عشية «هدنة غزة»

عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تعترض صاروخاً حوثياً عشية «هدنة غزة»

عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)

اعترضت إسرائيل صاروخين باليستيين أطلقتهما الجماعة الحوثية في سياق مزاعمها مناصرة الفلسطينيين في غزة، السبت، قبل يوم واحد من بدء سريان الهدنة بين تل أبيب وحركة «حماس» التي ادّعت الجماعة أنها تنسق معها لمواصلة الهجمات في أثناء مراحل تنفيذ الاتفاق في حال حدوث خروق إسرائيلية.

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تشن الجماعة المدعومة من إيران هجمات ضد السفن في البحرين الأحمر والعربي، وتطلق الصواريخ والمسيرات باتجاه إسرائيل، وتهاجم السفن الحربية الأميركية، ضمن مزاعمها لنصرة الفلسطينيين.

وقال المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، يحيى سريع، في بيان متلفز، عصر السبت، بتوقيت صنعاء، إن جماعته نفذت عملية عسكرية نوعية استهدفت وزارة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب بصاروخ باليستي من نوع «ذو الفقار»، وإن الصاروخ وصل إلى هدفه «بدقة عالية وفشلت المنظومات الاعتراضية في التصدي له»، وهي مزاعم لم يؤكدها الجيش الإسرائيلي.

وأضاف المتحدث الحوثي أن قوات جماعته تنسق مع «حماس» للتعامل العسكري المناسب مع أي خروق أو تصعيد عسكري إسرائيلي.

من جهته، أفاد الجيش الإسرائيلي باعتراض الصاروخ الحوثي، ونقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» أن صافرات الإنذار والانفجارات سُمعت فوق القدس قرابة الساعة 10.20 (الساعة 08.20 ت غ). وقبيل ذلك دوّت صافرات الإنذار في وسط إسرائيل رداً على إطلاق مقذوف من اليمن.

وبعد نحو ست ساعات، تحدث الجيش الإسرائيلي عن اعتراض صاروخ آخر قبل دخوله الأجواء، قال إنه أُطلق من اليمن، في حين لم يتبنّ الحوثيون إطلاقه على الفور.

ومع توقع بدء الهدنة وتنفيذ الاتفاق بين إسرائيل و«حماس»، من غير المعروف إن كان الحوثيون سيتوقفون عن مهاجمة السفن المرتبطة بإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا في البحر الأحمر، وخليج عدن؛ إذ لم تحدد الجماعة موقفاً واضحاً كما هو الحال بخصوص شن الهجمات باتجاه إسرائيل، والتي رهنت استمرارها بالخروق التي تحدث للاتفاق.

1255 صاروخاً ومسيّرة

زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي استعرض، الخميس، في خطبته الأسبوعية إنجازات جماعته و«حزب الله» اللبناني والفصائل العراقية خلال الـ15 شهراً من الحرب في غزة.

وقال الحوثي إنه بعد بدء سريان اتفاق الهدنة، الأحد المقبل، في غزة ستبقى جماعته في حال «مواكبة ورصد لمجريات الوضع ومراحل تنفيذ الاتفاق»، مهدداً باستمرار الهجمات في حال عودة إسرائيل إلى التصعيد العسكري.

جزء من حطام صاروخ حوثي وقع فوق سقف منزل في إسرائيل (أ.ف.ب)

وتوعّد زعيم الجماعة المدعومة من إيران بالاستمرار في تطوير القدرات العسكرية، وقال إن جماعته منذ بدء تصعيدها أطلقت 1255 صاروخاً وطائرة مسيرة، بالإضافة إلى العمليات البحرية، والزوارق الحربية.

وأقر الحوثي بمقتل 106 أشخاص وإصابة 328 آخرين في مناطق سيطرة جماعته، جراء الضربات الغربية والإسرائيلية، منذ بدء التصعيد.

وفي وقت سابق من يوم الجمعة، أعلن المتحدث الحوثي خلال حشد في أكبر ميادين صنعاء، تنفيذ ثلاث عمليات ضد إسرائيل، وعملية رابعة ضد حاملة الطائرات «يو إس إس ترومان» شمال البحر الأحمر، دون حديث إسرائيلي عن هذه المزاعم.

وادعى المتحدث سريع أن قوات جماعته قصفت أهدافاً حيوية إسرائيلية في إيلات بـ4 صواريخ مجنحة، كما قصفت بـ3 مسيرات أهدافاً في تل أبيب، وبمسيرة واحدة هدفاً حيوياً في منطقة عسقلان، مدعياً أن العمليات الثلاث حقّقت أهدافها.

كما زعم أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «ترومان» شمال البحر الأحمر، بعدد من الطائرات المسيرة، وهو الاستهداف السابع منذ قدومها إلى البحر الأحمر.

5 ضربات انتقامية

تلقت الجماعة الحوثية، في 10 يناير (كانون الثاني) 2025، أعنف الضربات الإسرائيلية للمرة الخامسة، بالتزامن مع ضربات أميركية - بريطانية استهدفت مواقع عسكرية في صنعاء وعمران ومحطة كهرباء جنوب صنعاء وميناءين في الحديدة على البحر الأحمر غرباً.

وجاءت الضربات الإسرائيلية الانتقامية على الرغم من التأثير المحدود للمئات من الهجمات الحوثية، حيث قتل شخص واحد فقط في تل أبيب جراء انفجار مسيّرة في شقته يوم 19 يوليو (تموز) 2024.

مطار صنعاء الخاضع للحوثيين تعرض لضربة إسرائيلية انتقامية (أ.ف.ب)

وإلى جانب حالات الذعر المتكررة بسبب صفارات الإنذار وحوادث التدافع في أثناء الهروب للملاجئ، تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ حوثي، في 19 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، كما أصيب نحو 20 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في الـ21 من الشهر نفسه.

واستدعت الهجمات الحوثية أول رد من إسرائيل، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتَي توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

دخان يتصاعد في صنعاء الخاضعة للحوثيين إثر ضربات غربية وإسرائيلية (أ.ف.ب)

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء، ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر 2024، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.