الإعدام غيابياً لستة متشددين قتلوا 4 قضاة قبل 20 عاماً

TT

الإعدام غيابياً لستة متشددين قتلوا 4 قضاة قبل 20 عاماً

دعا الرئيس اللبناني ميشال عون أمس إلى العمل على إدخال تعديلات على قانون أصول المحاكمات الجزائية لتسهيل مسار الدعاوى كي لا يتأخر صدور الأحكام فيها، وذلك بعد ترحيبه بصدور قرار قضائي غيابي عن المجلس العدلي قضى بإعدام ستة متهمين فارين من العدالة بجريمة اغتيال أربعة قضاة في صيدا بجنوب لبنان قبل عشرين عاماً.
وجرت محاكمة هؤلاء المتشددين الستة غيابياً لتواريهم عن الأنظار في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في صيدا. وكان مسلحون مجهولون أطلقوا النار، في العام 1999، على هيئة محكمة الجنايات في جنوب لبنان اثناء انعقادها داخل قصر العدل في صيدا، ما أدى إلى مقتل رئيس المحكمة القاضي حسن عثمان، ومستشاريه القاضيين وليد هرموش وعماد شهاب، والمدعي العام القاضي عاصم أبو ضاهر، وإصابة المحامي سالم سليم. وبعد 19 عاماً على ارتكاب الجريمة، جرى توقيف الفلسطيني وسام طحيبش، الذي اعترف بأن اجتماعاً عقد برئاسة أحمد عبد الكريم السعدي «أبو محجن» وهو زعيم «تنظيم عصبة الأنصار» المتشدد، وحضور المحكوم عليهم الآخرين، داخل مخيّم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين، حيث خططوا لجريمة اغتيال القضاة.
وكان القضاء اللبناني قد اتهم في أكتوبر (تشرين الأول) 2017 زعيم «عصبة الأنصار» الفلسطيني المتشدد «أبو محجن» وخمسة من رفاقه بـ «إقدامهم عمداً وعن سابق تصور وتصميم (...) على قتل القضاة الأربعة».
وتسلل المسلحون إلى قاعة المحكمة من النافذة، مستغلين ثغرات أمنية وقلة عدد عناصر الحماية في المكان. وتمكنوا بعد اطلاق الرصاص على القضاة من الهرب إلى مخيم عين الحلوة المجاور لمدينة صيدا.
وأصدر المجلس العدلي، وهو واحد من أعلى السلطات القضائية اللبنانية والتي لا تقبل أحكامها الاستئناف، حكمه في قضية اغتيال القضاة الأربعة في العام 1999، وقضى الحكم بإنزال عقوبة الإعدام بحق المتهمين الفارين من العدالة، أحمد السعدي الملقب بـ «أبي محجن»، وإبراهيم لطفي، ومحمود مصطفى، وحسين شاهين وجهاد السواركة (جميعهم فلسطينيون)، وقررت إلزامهم بالتكافل والتضامن بدفع مبلغ رمزي قدره ألف ليرة لبنانية للجهة المدعية (عائلات القضاة الأربعة) وللدولة اللبنانية، ومبلغ 500 مليون ليرة (ما يعادل 350 ألف دولار أميركي) للمحامي سالم سليم الذي أصيب في الجريمة.
وأعلن المجلس العدلي أمس براءة الموقوف الوحيد في هذه القضية الفلسطيني وسام طحيبش، لعدم كفاية الدليل على تورطه في الجريمة، وإطلاق سراحه فوراً ما لم يكن موقوفاً لداعٍ آخر.
ورحب الرئيس عون، أمس، بصدور الحكم، واعتبر انه باصدار المجلس العدلي ليلة أول من أمس «احكامه في حق المتهمين في جريمة اغتيال القضاة الأربعة على قوس محكمة جنايات صيدا قبل 20 عاماً، تكون العدالة قد تحققت وإن اتت متأخرة». وقال: «هذه الجريمة التي هزت لبنان بأسره والجسم القضائي وذهب ضحيتها أربعة من خيرة رجال العدالة في لبنان، كان يفترض أن يُدان مرتكبوها قبل أمس، وهذا ما يفرض علينا العمل على ادخال تعديلات على قانون أصول المحاكمات الجزائية لتسهيل مسار الدعاوى كي لا يتأخر صدور الأحكام فيها».
وجدد عون تعزية أفراد عائلات القضاة الأربعة، مؤكداً تضامنه معهم.
وعلى أثر صدور الحكم، غرّد رئيس الحكومة سعد الحريري قائلاً: «العدالة تتحقق ولو بعد حين. تحية للمجلس العدلي الذي أصدر حكمه في قضية اغتيال القضاة الأربعة، وأصدق مشاعر التضامن في هذا اليوم مع عائلات القضاة الشهداء». وتعتبر «عصبة الأنصار» أحد أقوى الفصائل في مخيم عين الحلوة، ويعرف عنها استقطابها وايواؤها لعدد كبير من المطلوبين للأجهزة الأمنية اللبنانية في جرائم اغتيال وتفجيرات عدة، بحسب ما ذكرت «وكالة الصحافة الفرنسية».


مقالات ذات صلة

تركيا متمسكة بالتحرك ضد «قسد»... ومحاولات أميركية لمنعها

المشرق العربي عناصر من الفصائل الموالية لتركية تشارك في الاشتباكات مع «قسد» بشرق حلب (أ.ف.ب)

تركيا متمسكة بالتحرك ضد «قسد»... ومحاولات أميركية لمنعها

اتهمت تركيا «قسد» باستخدام المدنيين دروعاً بشرية في «قسد» وأكدت تمسكها بعملية عسكرية في شمال سوريا وسط مساعٍ أميركية لمنعها.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية إردوغان ملوحاً بالتحية لمواطنين في أثناء استقبال بهشلي له أمام منزله في أنقرة الخميس (الرئاسة التركية)

تركيا: لقاء بين إردوغان وبهشلي وسط جدل حول الحوار مع أوجلان

تشهد تركيا حراكاً مكثفاً حول عملية لحل المشكلة الكردية عبر الحوار مع زعيم حزب «العمال الكردستاني» السجين عبد الله أوجلان، وانقساماً حول مسألة العفو عنه.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أفريقيا محمد ديبي ورث حكم تشاد من والده وتمت ترقيته مؤخراً إلى رتبة ماريشال (صحافة محلية)

تحت تأثير الكحول والمخدرات... 24 شخصاً هاجموا القصر الرئاسي في تشاد

استبعدت تشاد أن يكون الهجوم على القصر الرئاسي ليل الأربعاء/الخميس، له أي طابع «إرهابي»، مشيرة إلى أن من نفذوه كانوا مجموعة من الأشخاص في حالة سكر ومسلحين.

الشيخ محمد (نواكشوط )
أوروبا جنود بريطانيون عائدون من أفغانستان خلال احتفال في اسكوتلندا عام 2013 (غيتي)

تحقيقات: القوات الخاصة البريطانية سُمح لها بـ«التملص من القتل» في أفغانستان

الأدلة التي نشرتها لجنة تحقيق رسمية في جرائم الحرب المزعومة ترسم صورة مزعجة لقوة قتالية نخبوية اعتادت ثقافة الإفلات من العقاب في أفغانستان.

«الشرق الأوسط» (لندن - واشنطن ) «الشرق الأوسط» (لندن - واشنطن )
آسيا أفراد من الجيش الباكستاني (أرشيفية)

مقتل 3 جنود و19 إرهابياً بعملية أمنية شمال غربي باكستان

قُتل 3 جنود من رجال الأمن الباكستاني، كما قُضي على 19 مسلحاً من العناصر الإرهابية خلال عمليات أمنية واشتباكات وقعت في المناطق الشمالية من باكستان.

«الشرق الأوسط» ( إسلام آباد)

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.