بابا الفاتيكان يواجه رد فعل عنيفاً من المحافظين قبيل قمة الأمازون

بابا الفاتيكان فرنسيس الأول
بابا الفاتيكان فرنسيس الأول
TT

بابا الفاتيكان يواجه رد فعل عنيفاً من المحافظين قبيل قمة الأمازون

بابا الفاتيكان فرنسيس الأول
بابا الفاتيكان فرنسيس الأول

بابا الفاتيكان فرنسيس الأول، الذي يصف نفسه بأنه «كاهن الأحياء الفقيرة»، يريد كنيسة لا تستبد بالعقيدة، وتتكيف مع الظروف المحلية، وترحب حتى بأولئك الذين لا يتوافقون تماما مع تعاليمها. وجعل البابا فرنسيس، وهو أول بابا للكنيسة الكاثوليكية من أميركا اللاتينية، من التغير المناخي والعدالة الاجتماعية قضيتين رئيسيتين منذ تولي منصبه. ويصر البابا فرنسيس على أن اهتمامه بالبيئة ومظاهر الخلل الاجتماعي والاقتصادي، يتوافق تماما مع تعاليم الكنيسة الكاثوليكية.
معارضو البابا غالبا ما يشكلون أقلية يقودها أميركيون، لكنهم يزدادون صخبا على نحو متزايد، لدرجة إثارة البعض لفكرة الانشقاق، أي إنشاء كنيسة انفصالية من جانب المنشقين. ويظل مثل هذا الخيار الراديكالي بعيد المنال، لكن عندما سُئل البابا فرنسيس عن ذلك في مؤتمره الصحافي، قال: «أدعو الرب ألا يحدث الانشقاق، لكنني لا أخاف منهم».
ومرة أخرى يواجه البابا فرنسيس رد فعل عنيفا من التيار المحافظ، وذلك في الوقت الذي يستعد فيه لاستضافة قمة تستمر ثلاثة أسابيع حول منطقة الأمازون مع أساقفة من المنطقة. وجاءت الدعوة إلى الاجتماع، الذي يبدأ اليوم الأحد ويستمر حتى 27 الشهر الحالي، باسم «المجمع الكنسي»، وبهدف التصدي لقضايا محددة تواجه المنطقة، وبينها توافر القساوسة والتصحر، ولكنه قد يخلف تأثيرا على إجمالي 3.‏1 مليار كاثوليكي في أنحاء العالم.
ويصور منتقدو فرنسيس البارزون، مثل الكاردينال الألماني فالتر براندمولر، والكاردينال الأميركي ريموند ليو بورك، الاجتماع على أنه درب من «الهرطقة». ويدور معظم الجدل بشأن مقترحات لمعالجة مشكلة المجتمعات الكاثوليكية المنعزلة في عمق غابات الأمازون، التي لا تستطيع أبدا حضور قداس بسبب عدم وجود قساوسة مقيمين.
واقترحت وثيقة عمل «المجمع الكنسي»، التي نشِرتْ في يونيو (حزيران) الماضي، السماح بترسيم كبار السن الذين يتمتعون بالاحترام في تلك المجتمعات قساوسة، «حتى لو كانت لديهم عائلة قائمة ومستقرة». واقترحت وثيقة العمل أيضا «تحديد نوع الكهنوت الرسمي الذي يمكن منحه للنساء»، وهي مدونة ممكنة للسماح للمرأة بأن تصبح شماسة أو كاهنة مساعدة».
ومن المتوقع أن يناقش الأساقفة المشاركون في الاجتماع التغييرات المقترحة، وأن يجروا تصويتا عليها، لكن القرار النهائي بشأن تطبيقها يعود إلى البابا.
وتنطبق الإصلاحات فقط على منطقة الأمازون. وفي الماضي، عارض فرنسيس بقوة
إصلاحات كنسية بشأن العزوبية وترسيم النساء قسيسات في أنحاء العالم. وقال الخبير ماسيمو فاجيولي لوكالة الأنباء الألمانية إنه لن يكون هناك «إلغاء لعزوبية الكهنة، والتي ستظل بالتأكيد جزءا من تقاليد الكنيسة الكاثوليكية».
وقال فاجيولي، الذي يُدرِس علم اللاهوت والدراسات الدينية في جامعة فيلانوفا بالولايات المتحدة، إن التغييرات ستكون «مهمة للغاية». وأضاف أن ترسيم الرجال المتزوجين قساوسة، حتى في ظروف خاصة فقط، سيكون «نهاية لوضع العزوبية بوصفه الشرط الأكثر أهمية، على الأقل من الناحية الرمزية، لترسيم الكاهن الكاثوليكي».
ويعتبر التقليديون هذا الأمر لعنة، ويشعرون على نطاق أوسع بالقلق بشأن «المجمع الكنسي» الذي يقود الكنيسة الكاثوليكية إلى ما يعتبرونه سياسة راديكالية. ويرى براندمولر خطر «التدمير الذاتي للكنيسة أو تحولها من الكيان الروحاني للمسيح إلى منظمة علمانية غير حكومية ذات تفويض إيكولوجي - اجتماعي - نفسي».
وكتب الكاردينال في يونيو: «يسأل المرء نفسه: ما علاقة البيئة والاقتصاد والسياسة بمهمة الكنيسة ورسالتها؟». ويعد الاستغلال البيئي والاقتصادي من الموضوعات الرئيسية لاجتماع الفاتيكان بشأن الأمازون، والذي يأتي في أعقاب الحرائق الضخمة والمدمرة في غابات الأمازون بالبرازيل، والتي تردد أنه تم إشعالها عمدا بهدف التخلص من الأشجار، لأغراض التعدين والزراعة، بشكل غير قانوني. وتدعو وثيقة عمل الأساقفة الكنيسة إلى «الانضمام إلى الحركات الاجتماعية الشعبية والإعلان عن أجندة للعدالة الاجتماعية (...) والزراعة العضوية وزراعة الغابات». وتقول إنه يجب الدفاع عن «الأرض الأم» ضد «نموذج اقتصادي للتنمية المفترسة والمخربة للبيئة (...) التي تقتل وتدمر وتطرد وتتجاهل».
وقال البابا في مؤتمر صحافي عقد في سبتمبر (أيلول) الماضي: «الأمور الاجتماعية التي أتحدث عنها هي الأمور نفسها التي رددها (البابا الراحل) يوحنا بولس الثاني، الأشياء نفسها! أقدم نسخة منها. لكنهم يقولون إن البابا شيوعي».
ومع ذلك، ازداد الصدع بين فرنسيس وخصومه المحافظين، خاصة بعد قرار البابا في عام 2016 بتخفيف الحظر على منح القربان المقدس للكاثوليك الذين يتزوجون مجددا بعد الانفصال. وفي ظل الإصلاحات الجديدة المطروحة على الطاولة، قد يؤدي لقاء الأمازون إلى تفاقم الانقسامات العميقة داخل الكنيسة الكاثوليكية بشأن دورها في العالم الحديث. ويريد التقليديون أن تلتزم الكنيسة بمبادئها، حتى في ظل وجود خطر فقدان التواصل مع كثير من الناس العاديين.
وقال إيكوبو سكاراموزي، وهو صحافي وكاتب متخصص في شؤون الفاتيكان، لوكالة الأنباء الألمانية: «إنهم يخشون العدوى، والحداثة، واحتمال تغير الأمور». وأضاف: «يبدو لي كما لو أن هؤلاء الناس يفضلون أن يفصلوا أنفسهم عن العالم الحقيقي».


مقالات ذات صلة

الأمم المتحدة قلقة من حظر أوكرانيا الكنيسة الأرثوذكسية الروسية

أوروبا أعضاء فرع الكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية يحضرون اجتماعاً في دير القديس بانتيليمون في كييف يوم 27 مايو 2022 (رويترز)

الأمم المتحدة قلقة من حظر أوكرانيا الكنيسة الأرثوذكسية الروسية

أعلن مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان أنه يدرس حظر كييف للكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية المرتبطة بروسيا، قائلاً إنه يثير مخاوف جدية بشأن حرية المعتقد.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
آسيا البابا فرنسيس أثناء وصوله إلى مطار سوكارنو هاتا الدولي في جاكرتا (أ.ف.ب)

البابا فرنسيس يصل إلى إندونيسيا في مستهل أطول رحلة خارجية خلال ولايته

البابا فرنسيس يصل إلى إندونيسيا في محطة أولى ضمن جولة له على 4 دول. وتتمحور الزيارة بشكل خاص حول الحوار الإسلامي المسيحي.

«الشرق الأوسط» (جاكرتا)
أميركا اللاتينية الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي خلال زيارته إلى القدس 6 فبراير 2024 (أ.ب)

كيف تحول تأييد الرئيس الأرجنتيني لإسرائيل واهتمامه المتزايد باليهودية مصدر قلق لبلاده؟

لقد أظهر الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي، وهو كاثوليكي بالميلاد، اهتماماً عاماً متزايداً باليهودية، بل وأعرب حتى عن نيته في التحوّل إلى اليهودية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
آسيا رجال الشرطة يقفون للحراسة مع وصول المسلمين لأداء صلاة الجمعة في مسجد جيانفابي في فاراناسي 20 مايو 2022 (أ.ف.ب)

الهند: قوانين مقترحة للأحوال الشخصية تثير مخاوف المسلمين

من المقرر أن تطرح ولاية هندية يحكمها حزب رئيس الوزراء ناريندرا مودي قوانين الأحوال الشخصية العامة الجديدة المثيرة للجدل والتي ستطبَّق على جميع الأديان.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)
آسيا رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي خلال حفل الافتتاح (رويترز)

مودي يفتتح معبداً هندوسياً بُني على أنقاض مسجد تاريخي

افتتح رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي اليوم معبداً هندوسياً، بني على أنقاض مسجد تاريخي، في خطوة تكتسي أهمية كبيرة في سياسته القومية المحابية للهندوسية.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)

الكرملين: عقيدتنا النووية المحدَّثة إشارة إلى الغرب

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)
TT

الكرملين: عقيدتنا النووية المحدَّثة إشارة إلى الغرب

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)

قال الكرملين، اليوم الأحد، إن روسيا يجب أن ترد على التصعيد غير المسبوق الذي أثارته الإدارة الأميركية، بسماحها لأوكرانيا باستخدام صواريخ بعيدة المدى يمكن أن تصل إلى قلب روسيا.

وأضاف الكرملين في بيان، أن الولايات المتحدة تتخذ «خطوات متهورة» بشكل مزداد، مما يثير توترات بشأن الصراع في أوكرانيا.

ولوح الكرملين بأن «العقيدة النووية المحدثة لروسيا بمثابة إشارة إلى الغرب».

وفي وقت لاحق اليوم، حذّر نائب رئيس مجلس الأمن الروسي دميتري مدفيديف الولايات المتحدة من أن روسيا ستزود أعداء أميركا بتقنيات نووية إذا أقدمت واشنطن على تزويد كييف بأسلحة نووية. ونقلت وكالة سبوتنيك الروسية للأنباء عن مدفيديف قوله «صاروخ أوريشنيك قادر على إلحاق أضرار بالغة بالعواصم الغربية خلال دقائق، ومن الأفضل لأوروبا التوقف عن الدعم العسكري لأوكرانيا».

وخففت روسيا الأسبوع الماضي، من القيود المفروضة على العقيدة النووية، ليصبح من الممكن اعتبار أي هجوم تقليدي بمساعدة بلد يمتلك قوة نووية، هجوماً مشتركاً على روسيا.

وتعقيباً على ذلك، أعلنت المتحدثة باسم البيت الأبيض أن الولايات المتحدة لا ترى «أيّ سبب» لتعديل عقيدتها النووية.

وقالت كارين جان - بيار: «إنه الخطاب غير المسؤول نفسه الذي نسمعه من جانب روسيا منذ عامين»، بعدما زادت موسكو من احتمال لجوئها إلى السلاح النووي.